وضع الإسلام مجموعة متكاملة من الوسائل العملية الجادة لمعالجة آثار الفقر علي مستوي الفرد والأسرة والدولة منها علي سبيل المثال: أولا: العمل الجاد والضرب في الأرض ابتغاء الرزق الطيب الحلال. وفي هذا يقول الله - عز وجل - "فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون" "الجمعة: 10". ويقول رسول الله - صلي الله عليه وسلم - "إن أشرف الكسب كسب الرجل من يده". ويقول - صلي الله عليه وسلم - "ما أكل أحد طعاما قط خيرا من أن يأكل من عمل يده وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده" "رواه البخاري". فالعمل في الإسلام من موجبات الحصول علي الرزق الحلال الطيب ولا يجوز للفرد أن يعيش عالة حتي لا يفقد حريته وعزته ورأيه. فقد قال الشيخ محمد متولي الشعراوي: "من لم يملك فأسه لا يملك رأسه". ثانيا: الهجرة والضرب في الأرض ابتغاء الرزق الحلال الطيب. ولقد أمرنا الله بذلك فقال: "ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة" "النساء: 100". ويقول رسول الله - صلي الله عليه وسلم - "سافروا تستغنوا" "رواه الطبراني". ويقول عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - "ما من حال يأتيني عليها الموت بعد الجهاد في سبيل الله أحب إلي من أن يأتيني وأنا ألتمس من فضل الله" وأساس ذلك قول الله - تبارك وتعالي -: "وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله وآخرون يقاتلون في سبيل الله" "سورة المزمل: 20". ويلاحظ أن الأمة الإسلامية مليئة بالخيرات والطيبات. فلماذا لا يهاجر المسلم الفقير من بلد إلي بلد للعمل وابتغاء الرزق الحلال الطيب لمعالجة فقره بدلا من أن يعيش عالة علي الناس أعطوه أو منعوه. ثالثا: التعاون بين الأقطار الإسلامية في الاستخدام الرشيد للموارد الطبيعية ولا يجوز أن يكون هناك أنانية وتسلط من دولة إسلامية غنية وتكون هناك دول إسلامية فقيرة. وأساس ذلك قول الله - تبارك وتعالي -: "وتعاونوا علي البر والتقوي ولا تعاونوا علي الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب" "المائدة: 2". ويقول رسول الله - صلي الله عليه وسلم -: "ليس بمؤمن من بات شبعان وجاره إلي جنبه جائع وهو يعلم" "رواه الطبراني والبيهقي وإسناده حسن". كما يقول كذلك: "مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم. كمثل الجسد الواحد إذا اشتكي منه عضو تداعي له سائل الجسد بالحمي والسهر" "أحمد". ولننظر الآن ماذا يحدث لو أن الدول الغنية تعاونت مع الدول الفقيرة في كافة المجالات لعولجت مشكلة الفقر ولتحققت العزة الإسلامية. رابعا: نظم زكاة المال والصدقات التطوعية والجارية ونظام الوقف الخيري والأهلي ونظام التكافل الاجتماعي الإسلامي من أهم الأساليب لمعالجة الفقر وكافة الأمراض والأوجاع والأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية فيقول الله - عز وجل -: "إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم" "التوبة: 60". ويقول رسول الله - صلي الله عليه وسلم - لمعاذ بن جبل حين بعثه الله إلي اليمن: "فأخبرهم أن الله قد افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وتعطي لفقرائهم" "رواه الجماعة عن ابن عباس". كما يقول علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: "إن الله فرض علي أغنياء المسلمين في أموالهم بالقدر الذي يسع فقراءهم. ولن يجهد الفقراء إذا جاعوا أو عروا إلا بما يصنع أغنياؤهم. ألا وأن الله يحاسبهم حسابا شديدا أو يعذبهم عذابا أليما". كما أن نظام الصدقات والكفارات ونظام التكافل الاجتماعي من أبرز سمات المنهج الإسلامي لمعالجة الفقر علاجا كريما طيبا والذي طبق في صدر الدولة الإسلامية وحقق حد الكفاية للمسلمين. والنموذج العملي لذلك ما حدث في عهد الخليفة عمر بن عبدالعزيز عندما طبق نظام ظم التكافل الاجتماعي تطبيقا شاملا عولجت مشكلة الفقر ولم يجدوا فقيرا ولا مسكينا ليعطوه الزكاة. فأمر الخليفة عمر بأن ينادي المنادي في الناس: "أين الناكحون؟ أين الغارمون؟". خامسا: توجيه الاستثمارات إلي المشروعات الإنتاجية في مجال الضروريات والحاجيات التي تخدم أكبر طبقة من الفقراء لتوفير الحاجات المعيشية لهم من الطعام والشراب والملبس والمأوي والعلاج والتعليم ونحو ذلك. كما أنها تساهم في تشغيل أكبر عدد من العاطلين الفقراء وتحولهم إلي ثروة قادرة علي الكسب الحلال الطيب.