من هنا لابد أن نستشعر الخطر بعد أن وضح كل شيء وبدأ الصندوق الأسود يخرج منه أسرار ما كان في العهد الماضي. وكنا نعيش في أسر هذا الصندوق الأسود العداء لشعب مصر عداء متأصلا» لأن مصر إذا نهضت نهض العالم الإسلام كله. وأعداء هذه الأمة لا يريدونها أبداً أن تقوم وتنهض. لأن مصالحهم كثيرة. وإذا قضوا علي هويتهم وعلي أخلاقهم. فأموالهم وأرضهم تكون متاحة لهم. من هنا كان علي كل عاقل في مصر أن يسعي إلي مضاعفة العمل وليس إلي الاضراب عن العمل. إن الدول المتحضرة حينما جاءتها المحن كاليابان. وألمانيا» ضاعفت من ساعات العمل لتنهض أمتها من جديد. ولكن هؤلاء المنافقين يريدون لنا أن تنتهي كل عوامل البقاء. وعوامل النهضة. يريدون إسقاط اقتصادنا مع أن الله عز وجل عقد بين الأمن والإيمان. وعقد بين الأمن والطعام فقال سبحانه وتعالي: "الذين آمنوا ولم يلبثوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتون" الأنعام: 82. هذا هو العنصر الأول لتحقيق الأمن والاستقرار في مصر. ثم هناك الطعام الذي قال الله عز وجل فيه وهو يمتن علي قريش "لإيلاف قريش. إيلافهم رحلة الشتاء والصيف. فليعبدوا رب هذا البيت. الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف" قريش: 14. إنهم خرجوا للتجارة في الصيف والشتاء. للإطعام ولتحقيق الضرورات الأربع التي كانت مضمونة لأبينا آدم في الجنة "إن لك ألا تجوع فيها ولا تعري. وأنك لا تظمؤا فيها ولا تضحي" طه: 118119. ثم قال: "فلا يخرجنكما من الجنة فتشقي" طه: 117. لابد من العمل والشقاء وتحقيق هذه الضرورات أولاً. ثم يأتي الأمن ثانياً. إن سيدنا يوسف عليه الصلاة والسلام ما كان له أن يدعو أهله أن يدخلوا مصر آمنين» إلا بعد أن نفذ مشروعه الاقتصادي الذي استغرق خمسة عشر عاماً. ثم بعدها قال "اخلوا مصر إن شاء الله آمنين" يوسف: 99. إن أعدائنا لا يريدون لنا أن نسخرج خيرات بلادنا. ولا أن نكتفي ذاتياً بما نحتاج إليه» لنمد أيدينا إليهم مع أن الإسلام يريدنا أعزة كراماً. وقد منحنا الله من الخيرات في أرض مصر ما جعل يوسف عليه السلام يقول: "اجعلني علي حزائن الأرض" يوسف: 55 ولم يقل علي خزائن مصر. وكأن الخيرات التي يتضمنها شعب مصر وأرض مصر تكفي العالم كله. لا يريدون لنا ذلك. ونحن مطلوب منا الان أهم شيء أن نكتفي ذاتياً. وأن نخرج طاقتنا في البذل والعمل. والعمل الدائم في ثقة وفي أمل بنصر الله عز وجل وفي أمل بوعد الله "يريدون ليطفئوا نور الله والله متم نوره ولو كره الكافرون. هو الذي أرسل رسوله بالهدي ودين الحق ليظهره علي الدين كله ولو كره المشركون" الصف: 89 إن نبينا صلي الله عليه وسلم ونحن في ذكراه يقول لنا: "إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو أو قل طعام عيالهم بالمدينة جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد ثم اقتسموه في إناء واحد بالسوية فهم مني وأنا منهم" صحيح مسلم. التعاون في درء الخطر. التعاون بين المؤمنين وبين الأثرياء والضعفاء مبدأ إسلامي عظيم. لقد تحمل نبينا صلي الله عليه وسلم في سنوات كثيرة من الحصار الاقتصادي. ثلاث سنوات حتي أكل هو وأصحابه ورق الشجر. وكان صلي الله عليه وسلم يربط الحجر علي بطنه الشريف. إننا في هذه الآونة التي نبني فيها مصر العزيزة. مصر الكريمة. مصر التي تأبي أن تخضع لغيرها ولأعدائها. مطلوب منا البذل وكثرة العمل. وليس كما يدعي هؤلاء المنافقون والمرجفون» بأن لابد من تحقيق كل المصالح الشخصية في أيام معدودة. مع أن هذا ضد كل الفطر الإنسانية والتاريخ الإنساني العام. لابد إذن من الصبر. والمثابرة. ولابد من الصمود لتحقيق كل ما يتطلبه البناء النهضوي لعظيم الذي نتمناه لأمتنا» حتي تتبوأ مكانتها اللائقة بها بين الأمم.. اتقوا الله. واجتمعوا حول كتاب الله. وسُنَّة رول الله صلي الله عليه وسلم واقتبسوا من سيرة نبيكم ما يخرجكم من هذه الأزمة الطارئة. والله وليكم "ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين".