"دينية النواب": إقرار قانون "تنظيم الفتوى" خطوة نحو خطاب ديني موحد    الفاتورة شرط أساسي.. متحدث "البترول": تعويضات لمتضررين من أزمة البنزين "كاش"    رويترز عن مصدر: سيتم الإفراج عن الأسير ألكسندر عيدان يوم الثلاثاء    رئيسة الحزب الاشتراكي الألماني تعلن اعتزامها عدم الترشح مجددا لهذا المنصب    على أمل تعثر نابولي... إنتر ميلان يتجاوز تورينو بثنائية في الدوري الإيطالي    بعد تعادل ليفربول وأرسنال.. جدول ترتيب الدوري الإنجليزي    استدعاء فنان شهير للتحقيق في واقعة دهس موظف بكرداسة    "سيكو سيكو" في المقدمة.. تركي آل الشيخ يكشف آخر إحصائيات شباك التذاكر السعودي    وفاة سيدة في عملية ولادة قيصرية بعيادة خاصة والنيابة تنتدب الطب الشرعي بسوهاج    البرلمان العربي يوجّه رسائل عاجلة للأمم المتحدة وحقوق الإنسان واليونسيف لإنقاذ أطفال غزة    «بيانولا» «نوستالجيا» «ابن مين» حركة مسرحية ساخنة منتصف العام    محمد توفيق: قابلت صنع الله إبراهيم بعد رفضه جائزة ال100 ألف جنيه.. وتعلمت منه كيف تدفع ثمن أفكارك    ترامب: سأعلن الخبر الأكثر أهمية بعد قليل    أول تعليق من هانز فليك بعد اكتساح برشلونة نظيره ريال مدريد في الدوري الإسباني    تنطلق 22 مايو.. جدول امتحانات الصف الأول الإعدادي الترم الثاني 2025 محافظة أسيوط    مركز السينما العربية يمنح جائزة الإنجاز النقدي للناقد العراقي عرفان رشيد والقبرصي نينوس ميكيليدس    أمينة الفتوى: لا حرج في استخدام «الكُحل والشامبو الخالي من العطر» في الحج.. والحناء مكروهة لكن غير محرّمة    الاعتماد والرقابة الصحية: القيادة السياسية تضع تطوير القطاع الصحي بسيناء ضمن أولوياتها    البترول تنفي وجود تسريب غاز بطريق الواحات.. لا خطر في موقع الحادث السابق    القبانى يُظهر «العين الحمرا»..وتساؤل عواد يثير الجدل فى السوشيال ميديا    بث مباشر.. مدبولي يستقبل 150 شابًا من 80 دولة ضمن النسخة الخامسة من "منحة ناصر"    وزير الخارجية والهجرة يلتقي قيادات وأعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي    جيش الاحتلال: نقل لواء المظليين من الجبهة السورية إلى غزة لتوسيع الهجوم    النائب محمد طارق يكشف كواليس إقرار قانون تنظيم الفتوى    قريباً.. «الأوابك» تصدر تقريرها الربع سنوي حول تحليلات وبيانات وتوقعات السوق العالمي    الإفتاء توضح كيف يكون قصر الصلاة في الحج    هل هناك حياة أخرى بعد الموت والحساب؟.. أمين الفتوى يُجيب    إصابة طالبة سقطت من الطابق الثالث داخل مدرسة فى بشتيل بالجيزة    محافظ شمال سيناء يستقبل رئيس الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية    محافظ الغربية: إطلاق أكبر قافلة طبية علاجية بمركز قطور    محامية: نشوز الزوج يمثل خطرًا كبيرًا على تماسك الأسرة    وزير الخارجية الفرنسي: العلاقات مع الجزائر «مجمدة تمامًا»    حملات مكثفة لإزالة الإشغالات والتعديات بمدينة العاشر من رمضان    فرص مفاجئة.. اعرف حظ برج الجوزاء في النصف الثاني من مايو 2025    سقوط مسجل شقى خطر بحوزته 25 كيس أستروكس معدة لتوزيعها بالفيوم    تفاصيل ضبط المتهم بالتعدي على الكلاب الضالة في البحيرة    نقيب الصحفيين الفلسطينيين: إسرائيل تشن ضدنا حرب إبادة إعلامية    محافظ أسوان يوجه للإسراع بإستكمال المشروعات المدرجة ضمن خطة الرصف بنسبة 98 %    الصور الأولى من فيلم هيبتا: المناظرة الأخيرة    الرياضية: النصر يقترب من الموافقة على رحيل لابورت    طرح 3 شواطئ بالإسكندرية للإيجار في مزاد علني| التفاصيل والمواعيد    جنى يسري تتألق وتحرز برونزية بطولة العالم للتايكوندو للناشئين تحت 14 سنة    السكرتير العام المساعد لبني سويف يتابع سير منظومة العمل بملف التصالح بالمركز التكنولوجي في الواسطى    فتح باب التسجيل للتدريبات الصيفية بمكاتب المحاماة الدولية والبنوك لطلبة جامعة حلوان    خلف الزناتي: تنظيم دورات تدريبية للمعلمين العرب في مصر    انطلاق قافلة دعوية مشتركة بين الأزهر الشريف والأوقاف    رئيس ائتلاف ملاك الإيجارات القديمة يرفض مشروع قانون الحكومة    محافظ الشرقية يشهد حفل قسم لأعضاء جدد بنقابة الأطباء بالزقازيق    الأحوال المدنية تستخرج 32 ألف بطاقة رقم قومي للمواطنين بمحل إقامتهم    هل يجبُ عليَّ الحجُّ بمجرد استطاعتي، أم يجوزُ لي تأجيلُه؟.. الأزهر للفتوى يوضح    وزير الخارجية يؤكد على موقف مصر الداعي لضرورة إصلاح مجلس الأمن    تأجيل محاكمة 41 متهم ب "لجان العمليات النوعية بالنزهة" استهدفوا محكمة مصر الجديدة    خبر في الجول - عمر خضر يقترب من الغياب أمام غانا بسبب الإصابة    ارتفاع كميات القمح المحلي الموردة للشون والصوامع بأسيوط إلى 89 ألف طن    محافظ الدقهلية يحيل مدير مستشفى التأمين الصحي بجديلة ونائبه للتحقيق    ماذا يحدث للشرايين والقلب في ارتفاع الحرارة وطرق الوقاية    عاجل- البترول تعلن نتائج تحليل شكاوى البنزين: 5 عينات غير مطابقة وصرف تعويضات للمتضررين    الدوري الفرنسي.. مارسيليا وموناكو يتأهلان إلى دوري أبطال أوروبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سيناء في قبضة الإهمال:
طابا حلم ينتظر التحقق
نشر في آخر ساعة يوم 11 - 06 - 2013

رحلة جديدة إلي جنوب سيناء، حيث العبور إلي أجمل بقاع الوطن فرض عين علي كل من شهد أنه مصري، وأن آباءه دفعوا دمهم ثمنا لتحرير هذه الأرض. رحلة في فترة حرجة من تاريخ الوطن حيث التاريخ برسوخه، والجغرافيا في سرمديتها علي محك المحن والمؤامرات. لكن لا شيء قادر علي منعنا من عبور وعبور، وأن نغني ونتغني بجمال لا مثيل له. هذه المرة إلي طابا لؤلؤة خليج العقبة، وفص الماس علي هامته. رحلة ممتعة بين بحر وجبال. حيث فنادق في كامل زينتها تنتظر السائحين، وأخري توقفت بفعل فاعل متآمر علي اقتصاد الوطن وأمنه القومي. حيث رحلات سفاري تجلب المتعة وسط جبال موسومة بإيواء الإرهاب. وحيث المتعة بالجمال لا تمنعنا من أن نتصارح حول ما يحدث هناك تحت السطح منذ سنوات وما زال. وأيضا لنحيي جهودا تبذل رغم كل شيء .. تحية للأرض والناس، من بشر مخلصين يحبون هذا الوطن.
طابا حلم ينتظر التحقق
من رحلات الغوص إلي فنادق الفن والتاريخ:
سحر الألوان في طابا
مياه صافية تري الأسماك فيها وأنت علي الشاطئ، وبحر هادئ كبحيرة تري حدودها في أربع دول بالعين وأنت تجلس مكانك، وجبال خلابة بحضور طاغ تحيط بك من جميع الاتجاهات حتي خلف البحر متدرجة الألوان ومتقلبة الدرجات عبر ساعات النهار. تلك هي طابا لأول وهلة. لكن المزيد في انتظارك، فعبر ممرات هذه الجبال متعة أخري بلا حدود في أودية وممرات وتكوينات جيولوجية وحياة برية، هي قبلة محبي رحلات السفاري من جميع أنحاء العالم.، وتحت المياه الصافية جنات ملونة تضج بأنواع من الشعاب المرجانية والأسماك الملونة. وهواء منعش يجعل من الاسترخاء متعة ويجلب لك نشاطا غير عادي ونوما عميقا في المساء.
يعرف الجميع اسم طابا كآخر جزء تم استرداده من سيناء بعد سبع سنوات من جهود دبلوماسية وقانونية انتهت بالحكم لصالح مصر. كان الخلاف علي كيلو متر مربع من الأرض تمثل آخر حدود مصر الشرقية علي رأس خليج العقبة. في ذلك الموقع الفريد حيث تري بالعين الأراضي السعودية في الجهة المقابلة للخليج، وإلي جوارها العقبة في الأردن وبجانبها إيلات ثم طابا والشريط الساحلي المصري الذي يمتد حتي نويبع. ومما يزيد المكان جمالا كثرة الخلجان والمنعطفات والتداخلات بين الجبال والمياه مما يرسم تكوينات طبيعية بديعية تمتد عبر شاطئ طويل يحمل اسم طابا ويصل إلي شاطئ ممتد لنويبع أيضا يشكلان معا واحدة من أروع المناطق علي مستوي العالم. ويزين البحر والشاطئ أثر هام وهو قلعة صلاح الدين الأيوبي القائم علي جزيرة فرعون.
وعندما تزور طابا وعلي قدر جمالها وروعة منشآتها السياحية التي لا توحي بغير السلام والنماء إلا أنك لا تستطيع أن تتجاهل ذكري ثلاث حروب ومعاهدة سلام احتلت الأرض في أولاها ودوفع عنها في الثانية وأثبتت الجدارة في الثالثة ثم كانت المعاهدة التي أعادت الأرض ثم النضال القانوني لاسترداد طابا التي علي صغرها ظلت رمزا لمكانة الأراضي المصرية وعدم قابليتها للتفريط. حدث ذلك في عهود لها ما لها وعليها ما عليها، لكن الثابت والمؤكد أن مصر لا تفرط في شبر من أرضها ومن يقول أو ينوه أو يتكاسل في الرد علي أي دعاوي تتعلق بالتنازل عن أراض مصرية هنا او هناك لعدو أو صديق فهو خائن لن يرحمه المصريون ذاهب حتما إلي مزبلة التاريخ. ورغم أن منطقة نويبع طابا هي جنة حقيقية ومستقبل مؤجل لمصر، لكن هذا المستقبل بات يحتاج إلي إنقاذ عاجل.
تتنوع الخدمات السياحية في طابا حيث توجد مجموعة من سلاسل الفنادق العالمية كما يوجد ميناء لليخوت وفي نفس الوقت تشتهر المنطقة بسياحة المخيمات أو (الكامبات) وهي عبارة عن غرف مبنية بالغاب والخشب وتتميز بالبساطة وتبدأ أسعار المبيت فيها من 35 جنيها بدون إفطار وتصل إلي 150 جنيها مع وجبتين. وبعضها تحتوي علي حمامات خاصة بالغرف، وأخري بحمامات مشتركة، وكما أن بعض الكامبات لديها غرف مبنبة من أحجار ومواد الطبيعة وبعضها مزود باجهزة تكييف. ويحاول كل كامب اجتذاب زبائنه من خلال طابع مميز. أحد هذه الكامبات يجعلك تحصل علي ما تريد من طعام وأن تقوم بطهوه إن أردت علي أن تسجل ما حصلت عليه في ورقة ويتم الحساب في نهاية إقامتك. مكان آخر يجتذب الفنانين ويقوم بأنشطة موسيقية، ومكان ثالث يقدم خدمات التأمل واليوجا، وهكذا. لكن جميع هذه الأماكن تأثرت بشدة بسبب الكساد السياحي وبعضها أغلق أبوابه وبعضها ينتظر علي الأعياد وشم النسيم.
كما توجد فنادق مصرية مميزة وأجمل من سلاسل الفنادق العالمية وقد دخلت أحدها وهو من فئة الأربعة نجوم وكل ركن فيه بمثابة متحف للفنون المصرية والشرقية والعالمية. حيث تم تنفيذ أشهر اللوحات العالمية ولوحات المستشرقين بطريقة النسيج اليدوي في فوة وبدقة متناهية. بالإضافة إلي ركن البيانو ومطاعم مميزة كلها مزينة بالأعمال الفنية كذلك الغرف والشاطئ. وهو يدل علي حب حقيقي للمكان من أصحابه المصريين. هذا الحب المدعوم بجمال طبيعة لا مثيل لها لكنه يفتقد إلي اهتمام الدولة وهو ما سنعرضه لاحقا ضمن هذا الملف.
ويمكنك خلال إقامتك في طابا القيام بالعديد من الرحلات سواء رحلات السفاري أو الغوص وحتي الرحلات الثقافية كزيارة قلعة صلاح الدين.
تقع القلعة علي جزيرة فرعون وهي من الجزر المرجانية وقد أنشأها صاحبها في نهاية القرن الثاني عشر لصد الغزوات وتأمين طرق التجارة والحج. أقيمت علي نتوءين بارزين بالجزيرة وهي عبارة عن أسوار وأبراج للحماية والمراقبة وتحتوي علي مخازن للطعام والسلاح وحمام ومسجد وخزان للمياه وأبراج للحمام الزاجل الذي كان يستخدم في المراسلات الحربية. ومن أعلي نقطة في القلعة يمكنك مشاهدة حدود الدول الأربعة المطلة علي رأس الخليج.
المنطقة بحق تعتبر أرضا للأحلام. وطوال الطريق الواصل بين طابا ونويبع تشعر أن كل متر يصلح لإقامة مشروع سياحي كبير أو صغير ضمن فسيفساء كان يمكنها أن تتفوق علي شرم الشيخ. البعض نفذ بالفعل مشروعات وأفكارا مختلفة. علي جانب الطريق صعد أحدهم فوق الجبل وأقام بناء حجريا وصنع مكانا من الطبيعة. حوض سباحة ممتلئا بماء البحر يرتفع فوق الجبل وتشاهد البحر من أعلي بينما تأكل أشهي الوجبات البدوية أو مأكولات البحر وإن كانت أسعارها مرتفعة بعض الشيء بالنسبة لأسعار المنطقة، ولكن يبدو أنها سياسة مقصودة للحفاظ علي طابع معين للمكان واجتذاب فئة بعينها.
كما تضم طابا محمية طبيعية تمثل طبيعة جبلية فريدة تحتوي علي تكوينات جيولوجية وكهوف وحياة برية ونباتات. وتبلغ مساحتها حوالي 3500 كم وتضم أماكن مثل وادي وتير والزلجة والصوانة. وتعتبر طابا أيضا مقصدا هاما لمحبي رياضات الغوص ومشاهدة الأسماك الملونة والشعاب المرجانية.وهناك مكان مخصص للمحترفين فقط في منطقة الوادي ويتم الغوص فيه علي عمق 40 مترا، أما منطقة مجابيللا الكبير فيتم الغوص فيها علي عمق 18 مترا ويمكن مشاهدة أسماك البراكودا والخفاش. وبالنسبة لمنطقة مجابيللا الصغيرة وهي مناسبة للغوص الضحل الذي لا يزيد علي 16 مترا ويمكن مشاهدة الشعاب المرجانية والأسماك. كما توجد منطقتان للغوص بالمضيق الطبيعي هما حفرة المضيق وموزة المضيق. ويوجد أيضا منتجعات لممارسة الرياضات المختلفة ومنها الجولف حيث يوجد ملعب بالمقاييس العالمية. . محمد غريب رئيس اتحاد المرشدين السياحيين العرب. يري أن منطقة طابا منطقة جاذبة ومؤهلة للاستثمار السياحي إذا تم الاهتمام بها وخرجت من الإهمال غير المبرر من قبل الدولة. ويضيف: طابا فيها عناصر جذب سياحي بالإضافة لجبالها ومواردها الطبيعية ومحمياتها الطبيعية وبها مطار يحتاج لاستغلال أفضل. الفنادق الموجودة تعاني الآن لكنها كانت في وقت من الأوقات كاملة الإشغال. هناك أيضا تنوع في المنتج السياحي من المخيمات إلي الخمس نجوم. هناك اندماج بين البدو والمستثمرين. بعض قري المخيمات يملكها البدو والذين يعملون أيضا كأدلة لرحلات السفاري. ميناء طابا يعمل ويأتي عبره سائحون من روسيا وأوكرانيا بالذات. وهناك رحلات من القدس إلي سانت كاترين عبر هذا الميناء.
ويشكو محمد غريب من وقوف وزارة السياحة أمام مشروع هام كان يهدف إلي دمج أهالي سيناء بصورة أكبر في النشاط السياحي من خلال العمل كمرشدين سياحيين بعد امتحان شفوي وقرار من الوزير يخوله له القانون. ويضيف: فتحنا المجال لفرص عمل لأهالي سيناء كمرشدين سياحيين وتقدمنا بالمشروع ولكن الأستاذ محفوظ علي مدير مكتب وزير السياحة رفضه بشدة ولا أدري السبب.
طابا حلم ينتظر التحقق
مغامرة مثيرة لآخر ساعة في (الوايت كانيون)
رحلة مميزة بين جبال سيناء وواحاتها
في رحلات السفاري القصيرة والتي تبدأ وتنتهي في نفس اليوم، نادرا ما تشعر بالإشباع. ربما لأن جمال الطبيعة الصحراوية وثراءها يثير لديك الرغبة في البقاء لفترة أطول. نفس المتعة تشعر بها في الوايت كانيون بصحراء جنوب سيناء. بل إنك تمر ببعض المناطق التي تتمني لو أنك أقمت خيمتك فيها لعدة أيام، ولكنك في هذا المكان بالذات تشعر بالإشباع، ربما لطول الممر الضيق في قلب الجبل والذي يستغرق وقتا لعبوره، وربما لكثرة العقبات وصعوبتها علي طول الطريق، وأيضا لتنوعها ولتعدد المراحل التي تمر بها. حتي أنك تكتشف في نهاية الممر واحة خضراء، ثم تعاود المسير، هذه المرة للصعود إلي أعلي حيث تكون السيارة في انتظارك علي الجانب الآخر.
سبق لي أن خرجت في رحلات سفاري عديدة في الصحاري المصرية، ولكل متعتها وجمالها. لكن الوايت كانيون من الأماكن التي تعطيك الشعور بالقوة والثقة. تتحرك بك السيارة من طابا علي طريق نويبع، ومنه إلي طريق كاترين. حوالي ثلاثين كيلومترا أو يزيد، ثم تنحرف يمينا وبشكل مفاجئ إلي رمال الصحراء في منطقة رملية. الرمال تجبر سائقنا السيناوي المدرب علي السرعة لتجاوزها وتجنب الغرز فيها، وفي نفس الوقت تدفع بالمقود يمينا ويسارا مما يضطره للإمساك به بقوة بكلتا يديه. بداية مثيرة حيث يضطر سائق سيارة الدفع الرباعي إلي الانحراف يمينا ويسارا مع سرعته لتفادي الأحجار الملقاة هنا وهناك في قلب الرمال. عشر دقائق تقريبا ثم يدخل في منطقة أكثر صلابة لكنها تهز السيارة بقوة. وتبدأ في دخول المنطقة الجبلية حيث تبحث الأيدي عن الكاميرات لتلتقط الصور البديعة للتكوينات الصخرية رغم اهتزاز السيارة وتحركها بسرعة في كل الاتجاهات. هكذا تدخل عالم الصحراء مشدوها وتسلم نفسك لسحرها. الجبال هنا متوسطة الارتفاع وتبدو ذات فجوات بعضها أشبه بالكهوف وبعضها صغير ومتلاصق بحيث يعطي الحجر الجيري الأبيض والمصفر ملمحا إسفنجيا. هي الصحراء إذن تمارس غوايتها وتمنحك علي مهل بعضا من جمالها وتعدك بالمزيد كلما توغلت. الصحراء التي هي أشبه بامرأة قوية وجميلة ساحرة ولديها المزيد لكنها صارمة وقاسية ولا تقبل المزاح. الخطأ معها أو الجهل أو عدم احترام قوانينها قد يكون ثمنه الحياة. لكن مع رحلات منظمة وأدلة مدربين لا يبقي أمامك سوي أن تفتح صدرك للهواء النقي وتطلق روحك تحلق في جمال وإبداعات الطبيعة.
درجة الحرارة معقولة في صباح باكر من بدايات يونيو. في الصيف يجب أن تبدأ الرحلة مبكرا قدر الإمكان. مع أول ضوء أو لحظة الشروق حيث يكون بإمكانك الاستمتاع لفترة أطول قبل اشتداد الحرارة. وحيث تتجنب الكثير من مشقة الطريق تحت الشمس المباشرة بحيث تنهي الرحلة في وقت مناسب خصوصا لمن لم يعتادوا الشمس. لكن للحق فإن سحر المكان دفع حتي من يدخلون الصحراء لأول مرة إلي المغامرة واكتشاف طاقات لم يكونوا علي علم بها. ورغم أننا نبدأ رحلتنا في الصباح الباكر إلا أن الصحراء بكامل إضاءتها. وعلي البعد تلمح استراحة معلنة بداية رحلة التشويق والإثارة. لننزل من السيارة عند بداية الكانيون. نرتب متاعنا ونأخذ منه الضروري حتي تخف الحمولة. والضروري هنا هو المياه، لكل واحد زجاجة كبيرة أو زجاجتان، وبعض المأكولات الجافة والمغلفة، والقليل من مستلزمات الإسعافات الأولية. يفضل الكثيرون ارتداء البنطلون القصير (الشورت) وهو وإن كان مناسبا لبعض رحلات السفاري إلا أنه في رحلات التسلق وتجاوز العقبات يفضل الجينز لحماية الساقين من الاحتكاكات والانزلاقات.
عندما تخرج إلي سفاري في (الوايت كانيون) فإنك لا بد أن تتذكر رحلة سابقة إلي (الكلر كانيون) وهي رحلة أيضا ممتعة ومبهرة. الفارق الأول هو في طبيعة الجبال التي تمر عبرها فهي هنا بيضاء وهناك ملونة بألوان تتدرج من الأصفر والبرتقالي حتي البني والأحمر في تداخلات وتكوينات بديعة. وهناك كانت البداية عبر نزول إلي منطقة متسعة عبر طريق ثعباني متدرج. لكن هنا وعلي عكس (الكانيون الملون) جاءت البداية صعبة ومثيرة. هنا مطلوب منك الهبوط إلي عمق كبير وشديد الانحدار حتي أنه يستحيل أن تقوم به من دون حبال. قام دليلنا الصغير عبد الرحمن ابن قبيلة المزينة وذو الأحد عشر عاما بالهبوط أمامنا ممسكا بالحبل وضاغطا بساقيه علي المنحدر وهبط لمسافة تقدر بخمسة أمتار قبل أن يواصل مستخدما الدرج لمسافة أكبر ثم الانحدار معتمدا علي يديه لباقي العمق. بدت المهمة صعبة علي البعض بينما تشجع آخرون. وفضلت البقاء للنهاية لتصوير الجميع وهم يهبطون. ورغم الصعوبات إلا أن الجميع استطاعوا اجتياز أول المصاعب بنجاح. فما أن تمسك بالحبل وتبدأ بالهبوط حتي تكتشف أنك تستطيع. أمسكت بالحبل وكان الأمر في بدايته صعبا لحفظ التوازن بحيث لا تنزلق القدم، وبدأت النزول، وسرعان ما تشعر بالاطمئنان. خصوصا أن لديك مساحة مستوية أسفل لالتقاط الأنفاس قبل مواصلة الهبوط إلي قاع الوادي الضيق.
الكانيون في اللغة الإنجليزية هو الوادي الضيق والوايت هو الأبيض تمييزا له عن الكلر كانيون الذي هو الوادي الملون. ولكل منهما سحره الخاص بحيث لا تغني زيارة أحدهما عن الآخر لكنني أنصح بالبدء بالكانيون الملون لأسباب متعددة منها أنه يعتبر تدريبا علي صعاب الوايت كانيون، وهو أقصر منه وأقل إنهاكا.
كان واضحا أننا ندخل شقا في قلب الجبل ربما كان صدعا قديما سارت فيه المياه لكنه ظل غير منتظم يضيق كثيرا في بعض المناطق حتي أنك لا تستطيع أن تمر إلا بجانبك. وتتنوع العوائق فتجد نفسك مرة مضطرا للسير علي حافة ضيقة وأسفلك حفرة أشبه ببئر عميقة وبكل حذر خشية الانزلاق، وفي مرة تجد أمامك صخرة تسد الشق يكون عليك تسلقها ثم الهبوط من الناحية الأخري، وفي مرة أخري يميل الشق بحيث يجب أن تمر منحنيا بطريقة معينة، وطوال الطريق تتغير المشاهد والمناظر، فتارة تجد نفسك في عمق سحيق ضيق بالكاد يصلك الضوء ومرة تمر بكهوف صغيرة لا تستطيع مقاومة وضع جسمك فيها كجنين معلق في رحم الجبل. ومرة يتسع الشق ويمتلئ بأحجار الجرانيت الوردي والبازلت الأسود، وهما من الصخور النارية التي تتكون في درجات حرارة مرتفعة للغاية تقدر بالآلاف حيث تكون عبارة عن معادن منصهرة تأخذ في التجمد مع البرودة وهو ما يفسر تعدد ألوانها وتوزيعها. وهي تختلف في أشكالها عن الصخور الرسوبية التي تتكون عبر آلاف أو ملايين السنين كالحجر الجيري والحجر الرملي بألوانه المتعددة وطبقاته المتراصة فوق بعضها البعض والتي ترسم خارطة تاريخية للمكان وما مر به من تغيرات وكائنات، حيث تكون الكائنات الأقدم في الطبقات السفلي والكائنات الأحدث في الطبقات العليا. هذه الصخور الرسوبية التي كانت أحد أدلة داروين في نظريته الشهيرة عن التطور قبل أن يحل محل هذه الادلة الأحفورية خارطة جينات دقيقة ترسم العلاقة بين الكائنات.
ويتنوع محيطنا الطبيعي فنجد الكثبان الرملية كشلال يهبط من أعلي إلي منطقة صخور تبدو سابحة في الرمال المتحركة، ولم يبخل علينا دليلنا بممارسة بعض الرياضات أمامنا كالتزحلق والشقلبة في الهواء والسقوط علي الكثبان الرملية. وفي المناطق متوسطة الاتساع تلمح تلك التماثيل العملاقة التي نحتتها الطبيعة وعوامل التعرية علي هيئة حكماء معممين يطلون عليك من ناحية السماء أو محاربين ضخام في أوقات راحتهم يتشاغلون عنك بلحظات تأمل. وطبعا تشد الأعين تلك النباتات الصحراوية الزاهية الألوان وهي تنبت من قلب الصخور. وتتنوع أشكالها وأحجامها. ويتسع الوادي حتي تعتقد أنك خرجت من الكانيون وفجأة تجد نفسك تدخل من جديد ممرا ضيقا. هذه المرة يكون عليك أن تصعد وتدخل في فتحة ضيقة بجانبك لكن الممر هذه المرة ينفتح علي السماء حيث تصل إلي قمة قد تسلمك إلي ممر مرتفع تم ينزل بك إلي منطقة مثيرة تحتوي علي عدة تكوينات بديعة وعميقة أشبه بآبار سحيقة وواسعة تحيط بها بعض الارتفاعات المغرية للجلوس فوقها وأخذ صور ومن تحتك هذه الهوة العميقة. ومن جديد تخرج إلي منطقة أوسع وأكثر غني بنباتات الصحراء وبقطع من الصخر الملون وبشذرات تذكرك بالكلر كانيون ثم تلوح علي البعد واحة عين حضرة بنخيلها وأشجارها في نهاية الوادي الذي اتسع قليلا . وتحتار بين الإسراع لإدراكها أو الصعود فوق الجبل لالتقاط صورة كاشفة لها. وعندما تصل يكون عليك السير علي حافة الجبل يسارا لتهبط إليها عبر منحدر صغير. تجد بعض الإنشاءات الحجرية البسيطة والتي تمثل أماكن استراحة لسياح السفاري وزائري الواحة، وتجد حمامات وبعض الخيام البدوية التي تتسع لأعداد معقولة، لكنها جميعا خاوية بسبب الكساد السياحي. جلسنا في إحدي الخيام وأخرجنا الطعام والعصائر والمياه التي شربنا نصفها في الطريق. كانت جلسة للراحة والتأمل والتقاط الصور بصحبة رفقاء الرحلة. الواحة بها سكان لكنهم في الناحية الأخري ولم نر أحدا منهم. ولم يكن علينا الاستسلام للإحساس بالراحة بعد الإرهاق لذلك كان علينا النهوض من جديد بعد أن استعرضنا بعض الصور التي التقطت خلال الساعات الماضية. أما المفاجأة فكانت أن الجزء الأكثر إرهاقا من الرحلة لم يبدأ بعد. أدركنا ذلك عندما سبقنا دليلنا عبد الرحمن بمسافات كبيرة حتي أننا كنا بالكاد نميزه كنقطة حمراء وهو يسير في واد متسع بدا مغلقا بجبل. كانت النقطة الحمراء تصعد الجبل ونحن نحاول الإسراع للحاق بها. أما طريق الصعود الشاق فقد اتخذ شكلا ثعبانيا يروح ويجيء للتحايل علي الارتفاع لكنه يضاعف المسافة عدة مرات. ولم يمنع الإرهاق من أجواء مرحة والتقاط للصور. بالنسبة لي امتلأ كارت الذاكرة الخاص بالكاميرا واضطررت للتخلص من بعض الصور المكررة لإحلال صور جديدة مكانها. وهي المرة الأولي التي تمتلئ فيها الذاكرة بالصور في فترة زمنية مماثلة. فقد كانت الرحلة مثيرة بحق وتحتاج لتسجيل كل لحظة فيها. وأخيرا وصلنا إلي القمة حيث ظهرت الأرض شبه المستوية بالأعلي وودعنا المنخفض ووجدنا سيارة الدفع الرباعي في انتظارنا علي الجانب الآخر في واحدة من أجمل رحلات سفاري اليوم الواحد وأكثرها إثارة.
طابا حلم ينتظر التحقق
مغامرة مثيرة لآخر ساعة في (الوايت كانيون)
في رحلات السفاري القصيرة والتي تبدأ وتنتهي في نفس اليوم، نادرا ما تشعر بالإشباع. ربما لأن جمال الطبيعة الصحراوية وثراءها يثير لديك الرغبة في البقاء لفترة أطول. نفس المتعة تشعر بها في الوايت كانيون بصحراء جنوب سيناء. بل إنك تمر ببعض المناطق التي تتمني لو أنك أقمت خيمتك فيها لعدة أيام، ولكنك في هذا المكان بالذات تشعر بالإشباع، ربما لطول الممر الضيق في قلب الجبل والذي يستغرق وقتا لعبوره، وربما لكثرة العقبات وصعوبتها علي طول الطريق، وأيضا لتنوعها ولتعدد المراحل التي تمر بها. حتي أنك تكتشف في نهاية الممر واحة خضراء، ثم تعاود المسير، هذه المرة للصعود إلي أعلي حيث تكون السيارة في انتظارك علي الجانب الآخر.
سبق لي أن خرجت في رحلات سفاري عديدة في الصحاري المصرية، ولكل متعتها وجمالها. لكن الوايت كانيون من الأماكن التي تعطيك الشعور بالقوة والثقة. تتحرك بك السيارة من طابا علي طريق نويبع، ومنه إلي طريق كاترين. حوالي ثلاثين كيلومترا أو يزيد، ثم تنحرف يمينا وبشكل مفاجئ إلي رمال الصحراء في منطقة رملية. الرمال تجبر سائقنا السيناوي المدرب علي السرعة لتجاوزها وتجنب الغرز فيها، وفي نفس الوقت تدفع بالمقود يمينا ويسارا مما يضطره للإمساك به بقوة بكلتا يديه. بداية مثيرة حيث يضطر سائق سيارة الدفع الرباعي إلي الانحراف يمينا ويسارا مع سرعته لتفادي الأحجار الملقاة هنا وهناك في قلب الرمال. عشر دقائق تقريبا ثم يدخل في منطقة أكثر صلابة لكنها تهز السيارة بقوة. وتبدأ في دخول المنطقة الجبلية حيث تبحث الأيدي عن الكاميرات لتلتقط الصور البديعة للتكوينات الصخرية رغم اهتزاز السيارة وتحركها بسرعة في كل الاتجاهات. هكذا تدخل عالم الصحراء مشدوها وتسلم نفسك لسحرها. الجبال هنا متوسطة الارتفاع وتبدو ذات فجوات بعضها أشبه بالكهوف وبعضها صغير ومتلاصق بحيث يعطي الحجر الجيري الأبيض والمصفر ملمحا إسفنجيا. هي الصحراء إذن تمارس غوايتها وتمنحك علي مهل بعضا من جمالها وتعدك بالمزيد كلما توغلت. الصحراء التي هي أشبه بامرأة قوية وجميلة ساحرة ولديها المزيد لكنها صارمة وقاسية ولا تقبل المزاح. الخطأ معها أو الجهل أو عدم احترام قوانينها قد يكون ثمنه الحياة. لكن مع رحلات منظمة وأدلة مدربين لا يبقي أمامك سوي أن تفتح صدرك للهواء النقي وتطلق روحك تحلق في جمال وإبداعات الطبيعة.
درجة الحرارة معقولة في صباح باكر من بدايات يونيو. في الصيف يجب أن تبدأ الرحلة مبكرا قدر الإمكان. مع أول ضوء أو لحظة الشروق حيث يكون بإمكانك الاستمتاع لفترة أطول قبل اشتداد الحرارة. وحيث تتجنب الكثير من مشقة الطريق تحت الشمس المباشرة بحيث تنهي الرحلة في وقت مناسب خصوصا لمن لم يعتادوا الشمس. لكن للحق فإن سحر المكان دفع حتي من يدخلون الصحراء لأول مرة إلي المغامرة واكتشاف طاقات لم يكونوا علي علم بها. ورغم أننا نبدأ رحلتنا في الصباح الباكر إلا أن الصحراء بكامل إضاءتها. وعلي البعد تلمح استراحة معلنة بداية رحلة التشويق والإثارة. لننزل من السيارة عند بداية الكانيون. نرتب متاعنا ونأخذ منه الضروري حتي تخف الحمولة. والضروري هنا هو المياه، لكل واحد زجاجة كبيرة أو زجاجتان، وبعض المأكولات الجافة والمغلفة، والقليل من مستلزمات الإسعافات الأولية. يفضل الكثيرون ارتداء البنطلون القصير (الشورت) وهو وإن كان مناسبا لبعض رحلات السفاري إلا أنه في رحلات التسلق وتجاوز العقبات يفضل الجينز لحماية الساقين من الاحتكاكات والانزلاقات.
عندما تخرج إلي سفاري في (الوايت كانيون) فإنك لا بد أن تتذكر رحلة سابقة إلي (الكلر كانيون) وهي رحلة أيضا ممتعة ومبهرة. الفارق الأول هو في طبيعة الجبال التي تمر عبرها فهي هنا بيضاء وهناك ملونة بألوان تتدرج من الأصفر والبرتقالي حتي البني والأحمر في تداخلات وتكوينات بديعة. وهناك كانت البداية عبر نزول إلي منطقة متسعة عبر طريق ثعباني متدرج. لكن هنا وعلي عكس (الكانيون الملون) جاءت البداية صعبة ومثيرة. هنا مطلوب منك الهبوط إلي عمق كبير وشديد الانحدار حتي أنه يستحيل أن تقوم به من دون حبال. قام دليلنا الصغير عبد الرحمن ابن قبيلة المزينة وذو الأحد عشر عاما بالهبوط أمامنا ممسكا بالحبل وضاغطا بساقيه علي المنحدر وهبط لمسافة تقدر بخمسة أمتار قبل أن يواصل مستخدما الدرج لمسافة أكبر ثم الانحدار معتمدا علي يديه لباقي العمق. بدت المهمة صعبة علي البعض بينما تشجع آخرون. وفضلت البقاء للنهاية لتصوير الجميع وهم يهبطون. ورغم الصعوبات إلا أن الجميع استطاعوا اجتياز أول المصاعب بنجاح. فما أن تمسك بالحبل وتبدأ بالهبوط حتي تكتشف أنك تستطيع. أمسكت بالحبل وكان الأمر في بدايته صعبا لحفظ التوازن بحيث لا تنزلق القدم، وبدأت النزول، وسرعان ما تشعر بالاطمئنان. خصوصا أن لديك مساحة مستوية أسفل لالتقاط الأنفاس قبل مواصلة الهبوط إلي قاع الوادي الضيق.
الكانيون في اللغة الإنجليزية هو الوادي الضيق والوايت هو الأبيض تمييزا له عن الكلر كانيون الذي هو الوادي الملون. ولكل منهما سحره الخاص بحيث لا تغني زيارة أحدهما عن الآخر لكنني أنصح بالبدء بالكانيون الملون لأسباب متعددة منها أنه يعتبر تدريبا علي صعاب الوايت كانيون، وهو أقصر منه وأقل إنهاكا.
كان واضحا أننا ندخل شقا في قلب الجبل ربما كان صدعا قديما سارت فيه المياه لكنه ظل غير منتظم يضيق كثيرا في بعض المناطق حتي أنك لا تستطيع أن تمر إلا بجانبك. وتتنوع العوائق فتجد نفسك مرة مضطرا للسير علي حافة ضيقة وأسفلك حفرة أشبه ببئر عميقة وبكل حذر خشية الانزلاق، وفي مرة تجد أمامك صخرة تسد الشق يكون عليك تسلقها ثم الهبوط من الناحية الأخري، وفي مرة أخري يميل الشق بحيث يجب أن تمر منحنيا بطريقة معينة، وطوال الطريق تتغير المشاهد والمناظر، فتارة تجد نفسك في عمق سحيق ضيق بالكاد يصلك الضوء ومرة تمر بكهوف صغيرة لا تستطيع مقاومة وضع جسمك فيها كجنين معلق في رحم الجبل. ومرة يتسع الشق ويمتلئ بأحجار الجرانيت الوردي والبازلت الأسود، وهما من الصخور النارية التي تتكون في درجات حرارة مرتفعة للغاية تقدر بالآلاف حيث تكون عبارة عن معادن منصهرة تأخذ في التجمد مع البرودة وهو ما يفسر تعدد ألوانها وتوزيعها. وهي تختلف في أشكالها عن الصخور الرسوبية التي تتكون عبر آلاف أو ملايين السنين كالحجر الجيري والحجر الرملي بألوانه المتعددة وطبقاته المتراصة فوق بعضها البعض والتي ترسم خارطة تاريخية للمكان وما مر به من تغيرات وكائنات، حيث تكون الكائنات الأقدم في الطبقات السفلي والكائنات الأحدث في الطبقات العليا. هذه الصخور الرسوبية التي كانت أحد أدلة داروين في نظريته الشهيرة عن التطور قبل أن يحل محل هذه الادلة الأحفورية خارطة جينات دقيقة ترسم العلاقة بين الكائنات.
ويتنوع محيطنا الطبيعي فنجد الكثبان الرملية كشلال يهبط من أعلي إلي منطقة صخور تبدو سابحة في الرمال المتحركة، ولم يبخل علينا دليلنا بممارسة بعض الرياضات أمامنا كالتزحلق والشقلبة في الهواء والسقوط علي الكثبان الرملية. وفي المناطق متوسطة الاتساع تلمح تلك التماثيل العملاقة التي نحتتها الطبيعة وعوامل التعرية علي هيئة حكماء معممين يطلون عليك من ناحية السماء أو محاربين ضخام في أوقات راحتهم يتشاغلون عنك بلحظات تأمل. وطبعا تشد الأعين تلك النباتات الصحراوية الزاهية الألوان وهي تنبت من قلب الصخور. وتتنوع أشكالها وأحجامها. ويتسع الوادي حتي تعتقد أنك خرجت من الكانيون وفجأة تجد نفسك تدخل من جديد ممرا ضيقا. هذه المرة يكون عليك أن تصعد وتدخل في فتحة ضيقة بجانبك لكن الممر هذه المرة ينفتح علي السماء حيث تصل إلي قمة قد تسلمك إلي ممر مرتفع تم ينزل بك إلي منطقة مثيرة تحتوي علي عدة تكوينات بديعة وعميقة أشبه بآبار سحيقة وواسعة تحيط بها بعض الارتفاعات المغرية للجلوس فوقها وأخذ صور ومن تحتك هذه الهوة العميقة. ومن جديد تخرج إلي منطقة أوسع وأكثر غني بنباتات الصحراء وبقطع من الصخر الملون وبشذرات تذكرك بالكلر كانيون ثم تلوح علي البعد واحة عين حضرة بنخيلها وأشجارها في نهاية الوادي الذي اتسع قليلا . وتحتار بين الإسراع لإدراكها أو الصعود فوق الجبل لالتقاط صورة كاشفة لها. وعندما تصل يكون عليك السير علي حافة الجبل يسارا لتهبط إليها عبر منحدر صغير. تجد بعض الإنشاءات الحجرية البسيطة والتي تمثل أماكن استراحة لسياح السفاري وزائري الواحة، وتجد حمامات وبعض الخيام البدوية التي تتسع لأعداد معقولة، لكنها جميعا خاوية بسبب الكساد السياحي. جلسنا في إحدي الخيام وأخرجنا الطعام والعصائر والمياه التي شربنا نصفها في الطريق. كانت جلسة للراحة والتأمل والتقاط الصور بصحبة رفقاء الرحلة. الواحة بها سكان لكنهم في الناحية الأخري ولم نر أحدا منهم. ولم يكن علينا الاستسلام للإحساس بالراحة بعد الإرهاق لذلك كان علينا النهوض من جديد بعد أن استعرضنا بعض الصور التي التقطت خلال الساعات الماضية. أما المفاجأة فكانت أن الجزء الأكثر إرهاقا من الرحلة لم يبدأ بعد. أدركنا ذلك عندما سبقنا دليلنا عبد الرحمن بمسافات كبيرة حتي أننا كنا بالكاد نميزه كنقطة حمراء وهو يسير في واد متسع بدا مغلقا بجبل. كانت النقطة الحمراء تصعد الجبل ونحن نحاول الإسراع للحاق بها. أما طريق الصعود الشاق فقد اتخذ شكلا ثعبانيا يروح ويجيء للتحايل علي الارتفاع لكنه يضاعف المسافة عدة مرات. ولم يمنع الإرهاق من أجواء مرحة والتقاط للصور. بالنسبة لي امتلأ كارت الذاكرة الخاص بالكاميرا واضطررت للتخلص من بعض الصور المكررة لإحلال صور جديدة مكانها. وهي المرة الأولي التي تمتلئ فيها الذاكرة بالصور في فترة زمنية مماثلة. فقد كانت الرحلة مثيرة بحق وتحتاج لتسجيل كل لحظة فيها. وأخيرا وصلنا إلي القمة حيث ظهرت الأرض شبه المستوية بالأعلي وودعنا المنخفض ووجدنا سيارة الدفع الرباعي في انتظارنا علي الجانب الآخر في واحدة من أجمل رحلات سفاري اليوم الواحد وأكثرها إثارة.
طابا حلم ينتظر التحقق
إهمال طابا ونويبع بفعل فاعل..
من يحرر سيناء من المؤامرات؟
صدق أو لا تصدق. في ظل انعدام السياحة في منطقة نويبع طابا تطالب الدولة بعض المخيمات بمبلغ 15 مليون جنيه كضرائب. كوميديا سوداء ليست سوي الحلقة الأخيرة من مسلسل مأساوي يفضح مؤامرة تلبس ثوب الإهمال. أكثر من خمسة عشر مليار جنيه تم تجميدها في هيئة أسمنت وطوب علي الشواطئ. غير مسموح باستكمالها لتصبح فنادق، ولا هناك إمكانية لبيعها واسترداد ما دفع فيها. ليس هذا كل شيء. فالإهمال وانعدام الخدمات والتطفيش الواضح للمستثمرين واستمرار كل ذلك حكومة بعد حكومة ونظاما بعد نظام يؤكد أن هناك طابورا خامساً أقوي من كل الأنظمة وأعمق من كل الأجهزة ماضياً في تنفيذ مخطط تخريب سيناء وإخلائها. ليس هذا استنتاجا ولكنه واقع يؤكده الأهالي والمستثمرون في منطقة نويبع طابا.
عندما تسير علي الخط الساحلي من طابا إلي نويبع ستلمح التناقض الصارخ بين ما حبته الطبيعة لهذا المكان الذي يعتبر من أجمل الأماكن علي مستوي العالم، وبين الإهمال المتبجح الذي ترك المنطقة نهبا للعشوائية والمعوقات وانعدام الرؤية. انعدام للخدمات وإرهاق للمستثمرين في ظل ظروف أمنية صعبة. انقطعت السياحة عن المنطقة إلا فيما ندر. هناك غضب مكتوم لمسته لدي أهالي المنطقة من أهلنا السيناوية. بعضهم لديه مخيمات ومشروعات صغيرة ومحملون بأعباء ضخمة من مياه محلاة ووقود وأجور، وهو ما دفع معظمهم لإغلاق المشاريع وتركها فريسة للعطب والنهب. ورغم ذلك يفاجأون بالدولة بدلا من أن تمد لهم يد العون وتحاول تحفيزهم للبقاء وتحمل الظروف، إذا بها تطالبهم بالملايين كضرائب. حالة من العبث تؤجج الغيظ، وتشي بتحلل الدولة إلي جزر منعزلة تعمل ضد بعضها. وعلي طول الطريق تفاجأ بمشروعات سياحية كانت في يوم من الأيام واعدة وهي الآن عبارة عن مبان نهب كل ما كان فيها من أبواب وشبابيك وأجهزة تكييف وغيرها. بدأت الكارثة في أعقاب تفجيرات طابا. وبدلا من أن تبدع الدولة حلولا استثنائية لدفع المنطقة لتجاوز الأزمة فوجئ المستثمرون بوقف تمويل البنوك الوطنية للمشروعات بحجة توقف السياحة. مع استمرار الفوائد التي وصلت إلي أضعاف مضاعفة. وحماية لنفسها رفعت البنوك الوطنية قضايا علي المستثمرين المتعثرين رغما عنهم وكسبت أحكاما ببيع المنشآت في المزاد، ولتكتمل الكوميديا السوداء لم يتقدم أحد للشراء. يأتي هذا علي خلفية انفلات أمني وتوقف السياحة وانعدام لحوافز الاستثمار كلها ملامح غياب للدولة وإهمال جسيم في نظر البعض، لكن عندما يتعلق الأمر بسيناء فإننا نستبعد مصادفة الإهمال من الجميع بحيث تكون النتيجة تطفيش المستثمرين وتخريب المنطقة. ما يحدث لا يمكن أن يكون مصادفة وهو خطة محكمة معروف المستفيدون منها. لكن السؤال من الذي ينفذ تلك الخطة من داخل مؤسسات الدولة وإلي أي مدي تنتشر هذه الشبكة التي تعمل بدأب علي تفريغ سيناء من الناس. إن إحباط الاستثمار السياحي يعني بوضوح إخلاء المنطقة من البشر. نزوح عشرات الآلاف من العاملين في مجال السياحة وغيرها من سيناء. وفي نفس الوقت إشعال الغضب في نفوس أهل سيناء وحنقهم علي الدولة. الأمور كلها تبدو مصنوعة. وزارة السياحة ولماذا لم يتم التنسيق مع اتحاد البنوك لإيجاد حلول للمستثمرين؟ أسئلة عديدة يطرحها بعض من ضحايا الكارثة من رجال وسيدات أعمال وضعوا ثرواتهم في منطقة هامة لمصر اقتصاديا وأمنيا ولكنهم الآن نادمون.
نادية شلبي سيدة أعمال قامت بتصفية أعمالها في الخارج وقررت الاستثمار في طابا التي رأتها أجمل مكان في الدنيا. اقترضت من البنك 13 ونصف مليون جنيه لتكملة فندقها الذي جعلته أشبه بمتحف للفنون. لكن السياحة توقفت لأسباب أمنية. وتكمل هي الحكاية قائلة: لم أستطع التسديد فرفع البنك دعوي لبيع الفندق فقمت برفع دعوي للحساب استمرت ثلاث سنوات ولما خسرتها فوجئت بالمحكمة الاقتصادية تطالبني بخمسة ونصف مليون جنيه مصروفات قضائية. هل هذا معقول. في الوقت الذي لا أستطيع سداد الدين الأصلي وفوائده التي قاربت الثمانين مليونا أطالب بمبلغ كهذا وقاموا بالحجز علي الفندق وقاموا بحصر كل ما به وعينوني حارسة عليه. وهذا الحجز غير قانوني لأننا نخضع لقانون الاستثمار حيث لا حجز علي الفنادق كما أن الفندق مرهون تجاريا للبنك. لقد أنفقت الكثير علي الفندق لأجعله معبرا عن حضارة ورقي مصر وفنونها. أنفقت أكثر كثيرا من الدين الذي تضخم. نحن نعاقب لأننا قررنا الاستثمار هنا هذا واضح. لقد بعت نصف أرضي التي ورثتها عن أبي للحفاظ علي الفندق. أدفع مرتبات العاملين معي من مالي الخاص وإذا تأخرت في فاتورة مياه يقومون بعمل محضر. أقضي وقتي مطاردة في محاضر. هذا يحدث في طابا، لكن علي بعد 2 كيلو متر منا وعلي الجانب الآخر من لديه أرض فقط تعطيه الحكومة هناك التمويل بالكامل ولو بني الفندق ترفع عنه 60٪ مما اقترضه لتشجيع السياحة. الإشغال لديهم 100٪ طوال العام في إيلات. نحن هنا نتسول السائحين من الشركات. السائح ينزل إيلات أو العقبة ب300 دولار في الليلة وعندنا ب 20 دولارا و15 دولارا ولا أجد. يساوموننا علي 12 دولارا لليلة. كيف أطعم الناس وكيف أدفع فواتير الكهرباء والماء والرواتب؟ الغالبية يعانون هنا. وتضيف: ولاد صديقتي الصغار عبروا إلي إيلات فقالوا لأمهم: كيف عبرنا إلي أوربا بدون طائرة. ما الذي يحدث. لماذا يريدون المنطقة بهذا السوء. الناس يقارنون والفارق واضح والسبب الدولة وإهمالها. نحن مصر لماذا يريدون لنا هذا المظهر أمام سياح العالم الذين يقارنون بمجرد عبور البوابة. المجندات هناك يتحدثن لغات ويتعاملن بأناقة مع السائحين. وعندما تنتقل إلي هنا علي رجلك تجد الوضع مختلفا. وهذا يقول لك عايز حاجة حلوة وكل سنة وانت طيب. مرة ذهبت، وقلت لهم مستعدون كأصحاب فنادق أن نتكفل بزي مناسب. لا مجيب. السلوكيات مختلفة والمعاملة مختلفة. عشرين جنيها أو تقف في طابور. أين الأجهزة الرقابية؟ لماذا يصرون علي أن يكون هذا حال مصر في منطقة حدودية يقارن فيها السائحون الذين يلاحظون الفرق بمجرد عبور عدة أمتار؟ ألا يوجد من يحبون هذا البلد ويخافون علي صورته؟ سأكون محظوظة لو جاءني مشتر وسددت البنك وأعتبر أن عمري ضاع.وخلاص. اقترضت من البنك 13 مليونا ونصف المليون والآن أنا مطالبة ب 80 مليونا.
أما رجل الاعمال هاني جاويش صاحب أحد الفنادق بالمنطقة فيقول: نعيش الآن حالة غير مسبوقة تنذر بالخطر ليس فقط فيما يتعلق باستثماراتنا ولكن البلد كله. وما يحدث مع مستثمري نويبع وطابا يدعو للتساؤل: ما المطلوب؟ هل تريدون أن نقوم بإخلاء المنطقة؟ لقد دفع الشعب المصري من دمائه لتحرير هذه الأرض فلماذا تترك مهملة بهذه الصورة؟ لماذا يتم تطفيش المستثمرين؟ البنك يطالبنا بخمسة أضعاف ما اقترضناه رغم توقف السياحة لأسباب خارجة عن إرادتنا ويعلمها الجميع. والبنك يفعل ذلك مجبرا ويرفع القضايا ليخلي مسئوليته أمام الجهات الرقابية فأين الدولة؟ نفس السيناريو يتكرر يرفعون القضية ويعينون وكيلا عقاريا للبيع بالمزاد ولا يتقدم أحد للشراء لأن أحدا لن يتقدم للشراء في منطقة مهملة وفي هذه الظروف، ومع ما يعانيه أصحاب الفنادق من تطفيش. المنطقة بلا أي تنمية منذ سنوات. حتي ما أنفق علي بعض البنية الأساسية يعتبر أموالا مهدرة لعدم استغلال ما أنفق بالصورة المطلوبة. والآن مع الانفلات تزحف العشوائية علي المكان لتشوهه. نبيع بعشرين دولارا لليلة في حين تباع الليلة بثلاثمائة دولار في إيلات. والشركات تفضل شرم الشيخ بسبب تكلفة النقل الإضافية إلي نويبع. نتحمل غلاء المعيشة وفواتير الكهرباء والماء والتأمينات والدفاع المدني والصيانة والإهلاكات. لا شيء تغير من النظام القديم إلي الآن. هناك شيء مريب يحدث. من الواضح أنهم لا يريدون استثمارات في المنطقة. وقد عرضنا عروضا غير تقليدية لحل المشكلات لأن المنطقة مرت بظروف خاصة منذ حادث طابا وتأثرت بتفجيرات شرم الشيخ وما زالت إلي الآن. نطالب المسئولين فقط بتنفيذ وعودهم. شبعنا مؤتمرات وندوات و15 سنة من الوعود. هذه المنطقة ستفقد إلي الأبد إذا استمر الوضع علي ما هو عليه. ورغم جمال هذه البقعة من الأرض إلا أنني نادم علي الاستثمار فيها. كنا من كبار رجال الأعمال والآن حالنا جميعا لا يسر، ومن استثمروا في الشقق في القاهرة أصبحوا من كبار رجال الأعمال. والآن نقول للمسئولين: نريد أن نبيع. خذوا المشاريع وأريحونا.
ويتفق رجل الأعمال أحمد هاني صاحب أحد الفنادق في المنطقة مع ما قيل ويضيف: المنطقة معرضة للدمار ومليارات الجنيهات ألقيت علي الأرض دون اهتمام من أحد. البنوك توقفت تماما عن تمويل المشروعات. لأنه لا يوجد تنسيق بين أجهزة الدولة واتحاد البنوك. كل وزارة تعمل في جزيرة منعزلة. السياحة تريد بناء فنادق والمالية توقف الاستثمارت. رئاسة الوزراء تنفق علي الكهرباء والبنوك توقف التمويل. لا يوجد اتفاق علي أن هذه المنطقة يجب أن تنمي وأن تزال كل المعوقات. الآن زحفت العشوائيات ولا توجد دولة والفنادق المتوقفة نهبت. من الواضح أن هناك مؤامرة لتطفيش الناس. هناك من يعمل علي إخلاء المنطقة من المصريين. سأقولها بصراحة: هناك من يعمل لصالح إسرائيل ولا يريد للمنطقة أن تعمر. ما يحدث بحق سيناء ومنطقة نويبع طابا هو خيانة عظمي. أن تبقي المنطقة خربة ومصدرا ومرتعا للمجرمين والإرهابيين هو خيانة بحق الوطن. وما يحدث ليس وليد اليوم فهو من ميراث النظام السابق لكنه ما زال موجودا بل زاد استفحالا ويزيد يوما بعد يوم.
وتضيف سيدة الأعمال صفاء الحلواني صاحبة أحد الفنادق: المشكلة وصلت إلي قمة المأساة. نحن نغرق والبلد تغرق والسياحة وكل شيء. ولا توجد بادرة أمل حتي الآن. منذ عام 95 ونحن نسمع شعارات وكلاما. لكن منطقة نويبع طابا منسية وساقطة من حسابات جميع الحكومات التي تعاقبت علي مصر. كنا نعيش علي ما يفيض عن حاجة شرم الشيخ، والآن لا يوجد أي شيء. نحن نادمون علي ما أنفقناه من أموالنا وأعمارنا في هذه المنطقة. رغم حبنا لها ورغم أنها من أجمل الأماكن في العالم. لكنها مدينة أشباح بسبب الإهمال والتطفيش للمستثمرين ومعاقبة كل من يريد أن يقدم شيئا جادا في هذا المكان. الآن نحن مستعدون للاستسلام. خذوا مشاريعنا وأعطونا فلوسنا. لا توجد بادرة أمل. لم يبنوا حتي فرن بلدي في المنطقة. هناك قوة خفية لا تريد تعمير سيناء. لصالح من؟ الله أعلم. فليأخذوها ويريحونا. نريد أن نعيش في سلام ما تبقي لنا. أعطوها لحماس أو لإسرائيل إن شئتم وأعطونا فلوسنا التي ألقيناها في الرمال. لا يوجد مسئول واحد يمكن أن تفهم منه ماذا يحدث أو ماذا ينتظر المنطقة. وزارة السياحة يقولون لنا اكتبوا مشاكلكم، وقد كتبناها عشرات المرات، ولم يكلفوا خاطرهم بالرد. منذ عام 97 نكتب ولا مجيب. لم يعد لدينا عمر ولا صحة لنكتب من جديد أو لنأخذ وعودا. لقد عشنا 30 سنة في ظل جمهورية شرم وقد زالت. كنا نحسب أنها من يعطلنا لكن الآن ماذا يحدث؟ هناك من يريدها أن تصبح امتدادا للشمال وما يحدث هناك. أحذر من غضب مكتوم هنا. أهالي سيناء متأثرون بشدة من غياب السياحة.
سامي سليمان رئيس جمعية مستثمري نويبع طابا عقب قائلا: رغم كل المشكلات التي تعاني منها المنطقة فإن الحلول متاحة إذا توافرت النية. نحتاج فقط إلي قرارات لن تكلف الدولة شيئا. قرارات بديهية تتعلق بإنقاذ المنطقة. تحدثنا في موضوع المنطقة الحرة منذ عام 2002 فالعقبة وإيلات مناطق حرة مجاورة استطاعت أن تجذب السياحة وأن تبيع منتجاتها كأنها قامت بالتصدير وتحصل علي العملة الصعبة. تحدثت مع المسئولين طوال الفترات الماضية ودائما كنا نتلقي الوعود. لكن يبقي دائما الإهمال والعقبات. حتي الأموال التي أنفقت علي البنية الأساسية أعتبرها الآن أموالا مهدرة لأنه لا يتم استغلالها. لدينا كهرباء تصدر للأردن وهنا مطار لا يعمل داخليا وخط الغاز يمر بجانب الطريق في طابا ونويبع ودهب ولا تستفيد منه الفنادق. لماذا لا يقومون بعمل محطة لتموين السيارات بالغاز لتشجيع الناس هنا علي تحويل سياراتهم وتوفير البنزين والسولار؟
وبالنسبة للمشاريع المتعثرة، الدولة تعرف أن الظروف الأمنية خارجة عن إرادة الجميع. وكان عليها أن تضع حلولا بدلا من تراكم الفوائد ورفع القضايا. جلست مع كبار رجال البنوك وتوصلنا إلي حلول ثلاثة: خمسمائة مليون كمرحلة أولي لاستكمال المشروعات. الفندق الذي يعمل ويريد أن يستكمل يمكن أن يدخل البنك ويرفع عنه الفوائد. والحل الثاني أن يدخل البنك كشريك برأس المال وتكملة الفندق وعندما يريد البنك الخروج يعاد تقييم القيمة السوقية ويحصل البنك علي ما دفعه وفوائده. الحل الثالث في ظل التكاليف الكبيرة ورغبة بعض المستثمرين في الخلاص وكثرة المشكلات أن يقوم البنك بشراء المشروعات. نحن في منطقة ج وممنوع امتلاك الأجانب للمشاريع. نحن حريصون علي المنطقة أكثر من أي أحد. لكن نحتاج إلي التفات الدولة. هناك حالة احتقان بين أهالي سيناء لأن غياب السياحة أثر عليهم بشكل مباشر. حوافز الاستثمار ضرورة. إعفاء العشر سنوات ضاع منهم علي البعض سبع سنوات في الأحداث والتوقف. كيف نعمل ونحن بلا أمن ولا خدمات؟ الناس خائفة من الاستثمار. ليس لدينا مستشفيات مناسبة ولا طرق. نحتاج لقرار جريء بحوافز استثمار. إعفاءات لعشرين عاما وحوافز لمن يفتح مشروعه خلال ثلاث سنوات بتوصيل الغاز وتقسيط التكلفة حتي تستفيد الدولة من بيع الغاز وحتي لا تصبح المليارات التي أنفقت علي خط الأنابيب والمحطة مهدرة. وهذا سيوفر السولار. يجب أن يعمل الجميع معا. الدولة مع البنوك. لماذا تتأخر الدولة في تنفيذ سد وتير؟ كل عام ينزل الماء إلي البحر ونحن بحاجة إليه. كل عام تتكسر الطرق بسبب السيل وينفق عليها الملايين. لصالح من هذا الإهدار؟ تكاليف السد ستوفر تكاليف إعادة رصف الطرق. وسنستفيد بمياه حلوة للشرب والزراعة وستعود الغزلان إلي الجبل. في إيلات المجاورة الغزلان كالماعز لأنهم استقطبوها بزراعة الجبل. اقترحت عمل شركة أمن لحماية سيناء يشارك فيها غرفة السياحة والبترول والبنوك والتعدين والموانئ ووزارة السياحة والبيئة وشيوخ القبائل مع الجيش والشرطة ويوظف فيها شباب البدو مقابل 1500 جنيه في الشهر ووجبات، والبدو يعرفون المنطقة جيدا والبدوي لا يهاجم بدويا. برأس مال كبير بالمشاركة. بين كل هذه الجهات ويدربون علي الأمن والتعامل مع السائح. هذا سيؤمن سيناء كاملة ويحل المشكلة من جذورها. لدينا أفكار لإفادة البدو بأفضل صورة من السياحة. بح صوتنا في تقديم المقترحات ولا أحد يستمع. الناس فاض بها ولن تصبر أكثر من ذلك.
طابا حلم ينتظر التحقق
ألف شجرة مثمرة لأهالي نويبع وقريبا أربع مزارع سمكية
أقيم مؤخرا أسبوع للبيئة والتشجير بمنطقة نويبع تم خلاله توزيع الدفعة الأولي من الأشجار المثمرة علي الأهالي. كما أقيم علي هامشه عدد من الورش الفنية في مجالات الرسم والنحت والخزف والأورجامي. حيث قام عدد من الفنانين التشكيليين بتدريب الأطفال والشباب علي الفنون المختلفة. وهو ما يأتي ضمن خطة مستمرة وطموحة للتواصل المجتمعي تقوم بها جمعية سياحة مصر وتنمية البيئة بالتعاون مع عدد من وزارات الدولة.
تم توزيع الدفعة الأولي من الأشجار المثمرة علي الأهالي في نويبع والمناطق المجاورة، وهو مشروع يهدف إلي تنمية المجتمع والبيئة يعتبر مقدمة لأفكار أكبر تتعلق بالبيئة في المنطقة الممتدة من نويبع إلي طابا.
وعلي هامش أسبوع التشجير أقيمت مجموعة من الفعاليات الفنية والثقافية. سعادة كبيرة لمسناها لدي الأطفال والشباب المشاركين في ورش العمل. قام بالتدريب الفنانون حسام عبد الله وهيام عبد الباقي وأماني سعد خليل وداليا قنديل. وعلي مدي عدة أيام داخل بعض المدارس وقصر الثقافة وقصر ثقافة المرأة تم عمل ورش لفنون الرسم بالألوان المختلفة وكذلك لفنون النحت ومبادئ صنع الخزف. كما شهدت ورش الأورجامي إقبالا واهتماما كبيرين لجاذبية الأعمال الورقية قدمها الفنان والمدرب حسام عبد الله. وقد عبر الفنانون المتطوعون عن سعادتهم ورغبتهم في القيام بأعمال مماثلة لخدمة المجتمع خصوصا في المناطق المحرومة من الخدمات الثقافية. كما قام الفنانون باكتشاف عدد من المواهب بين الأطفال والشباب. وأقامت الجمعية معرضا تشكيليا للفنانين المتطوعين وتم عرض أعمال الأطفال والشباب إلي جوارها. وتلقي جمعية سياحة مصر دعم عدد من الوزارات حيث نجحت عدة فعاليات قامت بها الجمعية علي مدار الشهور القليلة الماضية كما قدمت عدة خدمات في مجال الرعاية الصحية منها عمليات قلب مفتوح. وطبعا تواجه الجمعية الكثير من العراقيل من حزب أعداء النجاح كالعادة ولكننا نؤكد علي أهمية دعمها في تلك الفترة الحرجة التي تحتاج فيها سيناء إلي كل جهد والتي يعز فيها الجهد الحقيقي.
وقد أكد سيد الدمرداش رئيس الجمعية مواصلة العمل علي مدي الشهور القادمة من خلال برامج بيئية وثقافية وصحية وتوعوية بهدف تفعيل التواصل المجتمعي. مؤكدا أنه تم عقد عدة جلسات مع أهالي المنطقة وشبابها وأنه يتم توصيل صوتهم أولا بأول.وأكد انه رغم كل العراقيل سيستمر في العمل لما لمسه من تجاوب الأهالي وسعادة جيل جديد من أبناء المنطقة بالتواصل وترحيبهم بالجهد المقدم.
أما محمد سرحان أخصائي إعلام وتوعية بجهاز شئون البيئة فقد أكد أن مشروع التشجير يأتي ضمن جهود جهاز شئون البيئة في المنطقة ولما لمنطقة نويبع من أهمية سياحية. تمت الموافقة علي ألف شجرة مثمرة بالإضافة لحملة نظافة. ومن الأشجار المثمرة التوت والزيتون والتين. عدد الشجر هذه المرة ثلاثمائة والشهر القادم سيتم نقل باقي الكمية. قمنا بتسليمها للأهالي وسيتم تخصيص منطقة للزيتون لعمل مزرعة مخصصة للعصر. والأستاذ محمد زايد من الغرفة التجارية قال إنه سيتبرع بمعصرة زيتون بحيث يخرج الإنتاج من هنا إلي فنادق شرم الشيخ. هناك مشاريع كثيرة سنقوم بها في نويبع الفترة القادمة منها حماية الشاطئ وإنشاء أربع مزارع سمكية بالإضافة لحل عدد من المشاكل التي تحدث عنها الأهالي في الزيارة السابقة ومنها مشكلة الصرف والقمامة التي تطيح بها الريح إلي الشواطئ. كل هذه المشكلات تم وضعها أمام المسئولين والمختصين في الجهاز وجاري اتخاذ قرار بشان إيجاد حلول لها.
عبد الحميد السبكي مدير الإدارة الاجتماعية بنويبع قال: نتعامل مع جمعيات عديدة وكنت مشغولا بالعمل الفعلي الملموس لأن المجتمع شبع من الكلام. نتعاون مع جمعية سياحة مصر عندما لمسنا أنهم يعملون بجدية وإخلاص. المجتمع التف حول الجمعية من خلال مدرسة بلال بن رباح ومدرسة الترابين ومدرسة المزينة. كنا حريصين علي تقديم الخدمة للجميع. وقد حققت الأنشطة نجاحا من خلال برنامج فني ثقافي الشهر قبل الماضي. والناس شعرت بالإيجابية من خلال ورش العمل. وكان لنا بعض الطلبات منها الأشجار المثمرة وكان هذا فكر الشباب والأطفال وقد بدأ يتحقق من خلال الجمعية وجهاز شئون البيئة. نتمني أن يساهم كل من يستطيع لزراعة النخيل والزيتون والموالح والنبق التفاحي، فلدينا مساحة بين محمية أبو جالون وطابا يمكن زراعة مليون نخلة. وهو نبات محب للبيئة ومناسب وتقوم عليه صناعات عديدة.
بقي أن نقول إن سيناء بحاجة إلي كل جهد الآن لتقديم الخدمات. وقد رأينا بأعيننا مدي التجاوب والفائدة الكبيرة التي تعود علي المجتمع من هذه الأنشطة الشهرية. المجتمع السيناوي متعطش للثقافة والفنون والتنمية وملئ بالمواهب والأفكار. لمسنا ذلك من خلال جلسات استماع للشباب. ومن خلال تفاعلهم في الورش. ونكرر أن علي جميع الوزارات دعم هذا الجهد، وكل جهد مخلص يقوم بمبادرات ما أحوجنا إليها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.