الصداقة مهمة في الحياة، والحياة بلا صداقة تصبح حياة جافة بلا معني، فالصديق هو الذي تحتاج إليه لتبوح له بأسرارك، وهو الذي يقف إلي جانبك إذا اشتدت الخطوب والأحداث، وهو الذي تحس أنك هو وأنه أنت، فيصبح للحياة معني ويصبح للوجود هدف. ولكن الصداقة عملة نادرة، أو كما يقول الشاعر : وما أكثر الإخوان حين تعدهم ولكنهم في النائبات قليل وأيضا يتداعي إلي أذهاننا ماقاله أحد الشعراء: أيقنت أن المستحيل ثلاثة الغول والعنقاء والخِلّ الوفي فالشاعر يريد أن يقول إن وجود الصديق.. أو الخِلّ الوفي صعب المنال، وأن خرافة الصداقة كخرافة وجود الغول والعنقاء، فالغول والعنقاء من أوهام الناس، ولا حقيقة لوجودهما في دنيا الناس، ويبدو أن تجارب العمر في مختلف الأجيال، جعلت الناس تعتقد أنه من الصعب أن تجد الصديق الذي يقف معك في الشدة والعسر، عندما تبتسم لك الأيام، وعندما تدير ظهرها لك، ومن هنا نري الإمام الشافعي يقول عن الصداقة: صديق ليس ينفع يوم بؤس قريب من عدو في القياس ومايبقي الصديق بكل عصر ولا الإخوان إلا للتأسي ومع ذلك فالإمام الشافعي، وقد تحدث عن أهمية الصداقة، وينكر غدر الأصدقاء، كان يري أن الصداقة مهمة في حياة كل إنسان، فهو القائل: سلام علي الدنيا إذا لم يكن بها صديق صدوق صادق الوعد منصفا وهناك تعريفات كثيرة عن الصديق.. وأهمية أن يعيش الإنسان بالأصدقاء، وقد قيل إن أرسطو سئل من الصديق؟ قال: إنسان هو أنت إلا أنه بالشخص غيرك. ويروي لنا الكاتب الأديب يوسف الشاروني في كتابه (دراسات في الحب) أن علقمة العطاردي أوصي ابنه عندما حضرته الوفاة.. قال: يا بُنَيّ إن نزعتك إلي صحبة الرجال حاجة ، فاصحب مَنْ إذا خدمته صانك ، وإنْ صحبته زانك ، وإنْ عرتك به مؤونة أعانك ، أصحب مَنْ إذا مددت يدك بخير مدها ، وإنْ رأي منك حسنة عَدَّها ، وإنْ رأي سيئةً سَدَّها ، اصحب من إذا سألتَهُ أعطاك ، وإنْ سكت ابتداك ، وإنْ نزلت بك نازلة واساك ، اصحب مَنْ إذا قلت صَدَّقَ قولك ، وإنْ حاولتما أمراً أمرك ، وإنْ تنازعتما آثرك. قال ابن أكثم.. قال المأمون: فأين هذا؟ فقيل أتدري لما أوصي بذلك؟ قال: لا..(قال لأنه أراد ألا يصحب أحدا..! وقال بعض العلماء: لا تصحب إلا أحد رجلين.. رجل تتعلم منه شيئا في أمر دينك فينفعك، أو رجل تعلمه شيئا في أمر دينك فيقبل منك، والثالث اهرب منه.