ماجري من صدامات في ميدان التحرير بعد تبرئة المتهمين فيما سمي إعلاميا بموقعة الجمل وتصاعد مشكلة النائب العام وماجري قبلها من وقائع تخص البورصة واضطرابها صعودا وهبوطا والنغمة التي ترددت عبر الكثير من وسائل الإعلام عن ثورة قادمة للجياع وتفزيع المستثمرين لايمكن لهذه الوقائع أن تكون محض صدفة وألا يكون بينها هدف ورابط، الهدف عند من يقفون وراء هذه الوقائع والأحداث هو زعزعة استقرار البلاد وإفشال الرئاسة لأنها لم تحقق شيئا في مائة يوم وكأن الرؤساء عندما لايوفون بوعودهم الانتخابية في تلك الفترة يتم المطالبة بعزلهم ورحيلهم عن الحكم مبكرا، أما عن الرابط فهو ما تحدث عنه الرئيس عدة مرات هو ومستشاروه عن فتح ملفات الفساد التي ستطول رءوسا كبيرة وكذلك لجنة تقصي الحقائق وتوصلها لأدلة جديدة حول جرائم قتل الثوار، أي أننا أمام ثورة مضادة من مجموعة من المشتبه بفسادهم وآخرين بتورطهم في قضايا القتل في ميادين الثورة سيقدمون للعدالة قريبا ليواجهوا لحظة الحقيقة فبدأوا في إرباك المشهد السياسي من أحداث العنف حول السفارة الأمريكية ثم تقلبات البورصة فأحداث التحرير والدفاع عن النائب العام في حين أن المناداة بعزله وتطهير القضاء كانت مطلبا ثوريا فإذا بهؤلاء يرون ماحدث عدوانا سافرا علي القضاء وفي عودته انتصارا للمبادئ لأن هناك مئات القضايا التي تتعلق بفساد وجرائم يمكن أن تطالهم مازالت في الأدراج، وهؤلاء لهم رجالهم في الإعلام والأحزاب والائتلافات التي لاتضم سوي مؤسسيها ووسط الحشود خاصة إذا كانت في حالة صدام كما حدث في جمعة كشف الحساب بميدان التحرير !! هناك من يريدون هدم المعبد فوق الرؤوس ودفع البلاد نحو المجهول أسميناهم في المرحلة السابقة بالطرف الثالث أو اللهو الخفي لكنهم الآن بدأوا يظهرون علي السطح متضامنين مع أقطاب النظام القديم الذين احتفلوا عدة مرات بمهرجان البراءة للجميع في معظم قضايا قتل الثوار ثم احتفالهم الأخير ببراءة متهمي قضية موقعة الجمل بل إن البعض بدأ يشكك في مشروعية تنحي مبارك وأن من حقه العودة للحكم وكأنه لا ثورة قامت ولاشهداء سقطوا ولا حرية حصلنا عليها بعد زمن طويل من القهر ولا شيء ! المشتبه بفسادهم والقتلة المحتملون للثوار هم أصحاب أحدث ائتلاف يظهر علي السطح يريدون إعادة البلاد لعهد يكرهه المصريون لفساده واستبداده وهما سببان كانا كافيين لثورة الناس عليه وإسقاطه تساندهم آلة إعلامية تنشط هذه الأيام لتشويه وتحطيم كل شيء في طريقها يمول أغلبها أصحاب ثروات بدأوا تحقيقها تحت ظلال ورعاية العهد السابق وعبر بوابات القصر والأسرة الكريمة، إضافة للتوغل في العديد من أجهزة الدولة من فلول النظام القديم وقد حدث تقدم في التخلص من القيادات القديمة خاصة في الأجهزة الرقابية إلا أن المحليات والعديد من الأجهزة ماتزال تعمل بأساليب وآليات ذلك العهد، الشرطة لم تتعاف بشكل كامل من طرقها وأساليبها القديمة لكن تقدما كبيرا قد حدث علي يد الوزير أحمد جمال الدين لايمكن إنكاره. ومع طرح المسألتين معا فتح ملفات الفاسدين وإعادة التحقيق في الجرائم التي ارتكبت خلال الثورة فإن هذا الائتلاف بدأ هجومه المضاد بكل الوسائل والطرق وبما يملكه من أموال ومرتزقة لإحداث فوضي عارمة وإرباك للنظام السياسي الحالي، ولذا لايمكن استبعاد دور هذا الائتلاف وراء الاحتجاجات الفئوية وقطع الطرق رغم أحقية العديد منها في المطالب ولكن التصعيد يشير لوجود أيدي هؤلاء وراءها، ومايحدث من هجمة شرسة من الكائنات الفضائية يشير إلي اقتراب يد العدالة من بعض ممولي القنوات عبر فتح ملفات ثرواتهم ومن أين اكتسبوها، وكذلك أصحاب الصحف المستقلة، كما يمتد الأمر لبعض القيادات السابقة بالصحف القومية! نحن إذن أمام مواجهة حاسمة وشرسة للفساد بكل صوره ولو لم يفعل الرئيس شيئا آخر غير تطهير البلاد من ذلك الفساد الوبائي الذي استشري وتغول في عهد مبارك لكفاه ذلك لأنه سيعيد أموال وموارد الشعب المنهوبة لأبنائه لتنشأ منظومة لها مناعة وحصانة ضد عودة هذا الوباء تطمئن المواطن علي حقوقه والمستثمر علي أمواله ويعيد للاقتصاد حيويته وانتعاشه. قرار تعيين النائب العام سفيرا شابه التسرع واتخذ بناء علي موافقة شفهية منه ولا أحد يعلم ما الذي جري بين موافقته وتراجعه وتحديه للقرار ولمن أصدره، الرجل يشغل منصبه منذ سبع سنوات كان يعمل خلالها بقوانين سنها نظام مبارك وبعد الثورة لم تقدم قضية واحدة متكاملة الأركان للمحاكم فتوالت أحكام البراءة للجميع، هذا غير القضايا حبيسة الأدراج، وظل الرجل هدفا للهجوم من كل القوي المطالبة بعزله، ولكن فجأة ومع قرار تكليفه بمهمة سفير كانت أسرع عملية تحول للعديد من القوي في الانتفاض لكرامة القضاء والقضاة، والسؤال هنا : هل كان أحد يجرؤ علي نقد أي قرار لمبارك ومن سبقه، ألم يقم عبدالناصر بنقل ثلاثة نواب عامين وأقال السادات نائبا عاما وعزله ومبارك نقل آخر ولم يعترض أحد وماذا عن مذبحة القضاة عام 69 وسحل بعضهم في الشوارع أيام مبارك ؟! في مشهد التحرير الكاشف كانت الأخطاء من الجانبين، الذين خرجوا من أجل كشف الحساب ومن جماعة الإخوان الذين كانوا يعلمون جيدا إمكانية الصدام مع دخول بعض البلطجية ممن يستغلون المشهد لحساب أطراف أخري وقد كان، الجميع أخطأوا ولكن هناك من لايريد لهذا البلد أن ينهض ويقف علي قدميه ومفتاح الخروج من بوابة الأزمة اجتثاث الفساد والقصاص للشهداء وإعادة بناء مصر من جديد.