من قبيل الصدفة البحتة أن يتشابه موضوع الفيلم المصري »أسماء« الذي أخرجه عمرو سلامة وعرض مؤخرا في مهرجان أبو ظبي ، مع أحداث الفيلم الأمريكي »عدوي« للمخرج ستيفين سوديلبيرج الذي عرض في مهرجان فينيسيا ، في شهر سبتمبر وسوف تستقبله دور سينما القاهرة هذا الأسبوع، تدور أحداث كل من الفيلمين حول حالة الرعب التي تصيب المجتمع من العدوي من مرض يقضي علي ضحاياه بلارحمة بعد أن ينهك أجسادهم ويحولهم إلي حطام، والأهم من ذلك هو علاقة المريض بمن حوله، حيث يتجنبه الجميع ويفرون منه، بكل السبل، خوفا علي حياتهم! ولكن »أسماء« التي لعبت دورها هند صبري في الفيلم المصري تنتمي إلي طبقه فقيرة، ومرضها الإيدز تصاحبه سمعة سيئة أيضا، حيث إنه ينتقل عن طريق الممارسات الجنسية، أو هذا هو الشائع عنه، ويتجاهل المجتمع الاعتراف بأنه ينتقل أيضا عن طريق نقل دم ملوث للمريض! ولكن يبقي الاحتمال الأول بمثابة تهمة مخلة بالشرف تلاحق المريض وتمنع عنه أي نوع من التعاطف أو الشفقة! فيصبح منبوذا يعاني من آلام المرض وآلام نظرة المجتمع له! أما الفيلم الأمريكي contagion"" أو عدوي فهو يفترض أن فيروسا سريع الانتشار، ينتقل بين الناس بسرعة مرعبة ويقضي عليهم خلال عدة ساعات، ولايترك لضحاياه فرصة استيعاب ماحدث لهم، ولايركز الفيلم علي ضحية واحدة ولكن عدة ضحايا يصل عددهم للمئات يتزايدون في متتالية حسابية حتي يبلغ عددهم مئات الآلاف في أيام قليلة! تبدأ أحداث الفيلم من مطار هونج كونج حيث تنتظر المواطنة الأمريكية بيث إيمهوف أو جوانيث بالترو موعد إقلاع طائرتها، وتستغل هذا الوقت في الحديث إلي زوجها"مات ديمون"، ونلحظ عليها أعراض أنفلونزا، رشح وارتفاع في درجة الحرارة وسعال خفيف، وشحوب في الوجه، وبعد أن تدخل الطائرة تزداد حالتها سوءا، وبمجرد أن تصل إلي منزلها في شيكاغو، تسقط أمام أعين زوجها، الذي ينقلها بسرعة إلي المستشفي، وبعد دقائق، يخبره الطبيب في خجل واعتذار أن زوجته قد فارقت الحياة! وتعقد الصدمة لسان الرجل ويعجز عن التعليق فهو لم يستوعب ماحدث، ولم يبلغه الطبيب بسبب الوفاة، لأنه ببساطه لايعرفه، وعن طريق النقلات السريعة، يقدم المخرج ستيفن سوديلبيرج، حال كل من لامستهم السيدة الأمريكية، أو اقتربت منهم أو صافحتهم خلال رحلتها، وكل من لمس بيده شيئا سبق لها أن لمسته، ليدرك المشاهد أن الفيروس الذي أصاب الزوجة وأدي إلي وفاتها قد انتقل لعشرات غيرها، وأن هؤلاء العشرات نقلوه بدورهم إلي مئات، انتشروا في جميع أنحاء العالم! ولأن الأمر خلال عدة أيام أصبح يشكل كارثه إنسانية، فإن معامل الأبحاث في أمريكا، رفعت درجه الاستعداد لدراسة أسباب الوفاة لمعرفة نوع الفيروس وملاحقته أو محاولة اختراع فاكسين أو مصل ينقذ المصابين من الموت المحتم، وخلال أيام يسقط المزيد من الضحايا، ويرسل معمل الأبحاث طبيبة شابة كيت وينسليت إلي الأماكن التي شهدت الحالات الأولي للإصابة لتسجيل ملاحظاتها، ولكنها هي نفسها تصاب بالعدوي، وتستغل الساعات الباقية في حياتها لكتابة تقارير، طبية عن تطور الإحساس بالمرض والأعراض التي تشعر بها، حتي يستفيد معمل الأبحاث بهذا التقرير، وعلي جانب آخر تنطلق واحدة من فريق العلماء "ماريون كوتيلار" ولكن بعض أهالي المرضي في إحدي المناطق الآسيوية يختطفونها، لإجبار الجهة العلمية التي تعمل لحسابها بإرسال المصل الذي توصلوا إليه لوقف انتشار الفيروس وملاحقته قبل أن يقضي علي ذويهم، ويتم إرسال العينات الأولي من المصل، الذي لم يكن حتي هذه اللحظة قد ثبت تأثيره وفاعليته، تدور الأحداث في إطار من التشويق والإثارة، فالصراع في الفيلم يدور بين فيروس قاتل ينتشر بسرعة مخيفة وبين فريق من العلماء يجاهد لملاحقته، وإنقاذ البشرية منه، وتقوم أجهزه الإعلام بدورها في تنبيه الجماهير لهذا الخطر الداهم مع التنبيه علي الناس بالبقاء في منازلهم وعدم التواجد في أماكن الزحام مثل المطارات ووسائل النقل، والفنادق والأسواق باختصار أصبح كل مواطن سجينا داخل جدران منزله خوفا من الإصابة بالمرض، بل قامت السلطات بمنع التنقل بين الولايات المختلفة خوفا من انتقال الفيروس من مكان لآخر، وقبل فرض إخلاء المدينة تماما يتم التوصل إلي المصل الواقي من المرض قبل انقضاء شهر علي بداية ظهوره! أما زوج الضحية الأولي فهو يظل في حالة عذاب وحيرة، وهو يسأل نفسه عن الطريقة التي يمكن أن تكون زوجته الراحلة قد التقطت هذا الفيروس وتأخذه الظنون أنها ربما التقت برحلتها في هونج كونج برجل دخلت معه في مغامرة انتهت بإصابتها بالفيروس ولكنه بعد أن يحصل علي متعلقاتها الشخصية، يبدأ في فحص تليفونها المحمول الذي سجلت عليه كل دقائق رحلتها المشؤومة، يدرك الزوج والجمهور معا الطريقة التي وصل بها المرض إلي الزوجة! ويقدم الفيلم رحلة سريعة في شكل شبه تسجيلي، ولكنه مشوق للغاية عن أحد الطيور المصابة بالفيروس يقترب من غابة كثيفة الأشجار، ويقترب الطائر من أحد القرود، الذي يقفز هنا وهناك، وينقل الفيروس إلي قطيع من الخنازير، وتنتقل بعض هذا القطيع إلي مدينة هونج كونج، حيث يتم ذبحها، ويذهب بعض منها إلي الفندق الذي كانت تقيم به الزوجة، وفي مطبخ الفندق يقوم واحد من كبار الطهاة، بتنظيف الخنزير وإعداده للطهي وتنتقل له العدوي، وفي بهو الفندق تلتقي الزوجة بكبير الطهاة وتلتقط معه بعض الصور، فينتقل لها الفيروس الذي قضي عليها خلال عدة ساعات! الفيلم شارك في بطولته خمسة من النجوم الحاصلين علي الأوسكار بينهم مات ديمون، وجوانيث بالترو بطلة شكسبير عاشقا، وماريون كوتيلار بطلة "الحياة وردية الذي جسدت من خلاله شخصية المطربة الفرنسية الأسطورة "إديث بياف" وحصلت عنه علي الأوسكار، وكيت وينسليت التي حصلت علي الأوسكار عن فيلم القارئ والممثل الإنجليزي" جود لو"المرشح مرتين للأوسكار عن جبل الجليد، ومستر ريبلاي الموهوب أما المخرج "ستيفين سوديلبيرج"فقد حصل علي ترشيحين للأوسكار عن فيلمين "جنس وأكاذيب وفيديو تيب" و"إيرين بروكوفيتش" وحصل عليه عن فيلم "ترافيك"!