خسائر حادة سجلتها البورصة المصرية خلال تعاملات الأسبوعين الماضيين.. وسط ضبابية الأوضاع السياسية التي تشهدها البلاد في المرحلة الحالية، دفعت بالعديد من المستثمرين إلي البيع المكثف، كما فضل البعض الخروج من السوق انتظارا لاتضاح الرؤية بشأن المستقبل. ويؤكد هذه الخسائر التقرير الأسبوعي للبورصة المصرية، حينما سجل خسائر رأسمال السوقي للشركات المقيدة ب 22.8 مليار جنيه ليبلغ 339.9 مليار جنيه مقابل 362.7 مليار جنيه في تعاملات الأسبوع السابق له بنسبة تراجع بلغت 6.3٪ يدعم ذلك الهبوط الجماعي الذي سجلته مؤشرات السوق الرئيسية والثانوية.. حيث أنهي مؤشر البورصة المصرية الرئيسي »أي جي اكس« 03 تعاملات الأسبوع الماضي علي تراجع بلغت نسبته 2.8٪ بمايعادل 390.47 نقطة ليغلق عند مستوي 7.4634 نقطة. كما دفعت مبيعات المستثمرين الأفراد بمؤشر الأسهم الصغيرة والمتوسطة »أي جي أكس« 07 ليفقد حوالي 5.8٪ من قيمته، ونال التراجع من أي جي أكس 001 الأوسع نطاقا ليخسر هو الآخر مانسبته 8.7٪ نقطة. المسلسل قاد لخسائر وصلت إلي 32 مليار جنيه، ويصاحبه تراجع جماعي، واتجاه هبوطي لجميع مؤشرات الأوراق المالية بالبورصة.. وسط توقعات باستمرار الأداء السلبي للبورصة، بسبب تجمع الأحداث والضغوط سواء الداخلية أو الخارجية علي البورصة المصرية. مسلسل الهبوط الجماعي بدأ الأسبوع قبل الماضي حيث تراجعت البورصة نتيجة التوترات السياسية التي أعقبت أحداث السفارة وجمعة تصحيح المسار، وقرار هيئة الرقابة المالية بإنهاء العمل بنظام »الكريدت« أي اقتراض العملاء من شركات السمسرة، والتي أعقبته عمليات بيعية قوية من العملاء لسداد مديونياتهم لشركات السمسرة. اقترن ذلك بالأحكام القضائية التي صدرت مؤخرا ضد رجل الأعمال أحمد عز، فبمجرد صدور الحكم بالسجن 10 سنوات في قضية رخصة الحديد .. أثر ذلك بشكل سلبي جدا علي سهم حديد عز وأسهمه الأخري.. مما أدي إلي تفاقم حجم خسائر البورصة في وقتها 7 مليارات جنيه، ليضاعف حجم الخسائر من 16 مليار جنيه إلي 23 مليار جنيه بنسبة هبوط بلغت 8.2٪. العامل الثاني هو الوقفة الاحتجاجية التي نظمها عشرات من المستثمرين بالبورصة اعتراضا علي تعيين الدكتور محمد عمران رئيسا لمجلس الإدارة واصفين إياه بفلول النظام السابق، وبأنه متشبع من فكر وسياسات النظام، لكونه كان يعمل نائبا لماجد شوقي الرئيس الأسبق للبورصة خلال الفترة التي شهدت أكبر انهيارين للبورصة في عقدها الأخير، كما شهدت أكبر تلاعبات في الأسهم لصالح رجال الدولة الكبار وعلي رأسهم علاء وجمال مبارك، وعلي رأسهم سهم بيفرلي هيلز، حيث مازال مستثمرو البورصة يتذكرون مكسب علاء مبارك في يوم واحد من هذا السهم بأكثر من 30 مليون جنيه! وهو ما أدي إلي حدوث تراجع جماعي للمؤشرات.. حيث أغلق المؤشر الرئيسي للبورصة أي جي أكي 03 يوم الخميس الماضي علي انخفاض بلغ 12.2٪، بينما تراجع مؤشر الشركات الصغيرة والمتوسطة بنحو 8.2٪ فيما أغلق أي جي أكس 001 متراجعا بنحو 5.2٪. التراجع الحاد للبورصة اقترن أيضا بتراجعات الأسواق العالمية الأمريكية والأوروبية وهو مادفع اللون الأحمر للاستخواذ علي شاشات التداول ليصل عدد الشركات الخاسرة إلي 651 شركة في مقابل بصيص ضعيف من اللون الأخضر ل 81 شركة فقط، محققا خسائر يوم الخميس فقط بحوالي 9.5 مليار جنيه، صاحبته عمليات بيعيه مكثفة للمستثمرين العرب والأجانب متأثرة بالتراجعات التي شهدتها الأسواق العالمية، خاصة عقب تصريحات البنك المركزي الأمريكي بأن النمو الاقتصادي للولايات المتحدة سيبقي ضعيفا في الوقت الراهن. وأداء السوق كما يري محسن عادل المحلل المالي ما هو إلا امتداد للتراجعات التي تشهدها الأسواق العالمية وعدم اتضاح الرؤية بشأن مستقبل مصر السياسي، وهو مايستدعي من جانب رئيس البورصة الجديد اتخاذ حزمة من الإجراءات لتنشيط السوق، ومنها تفعيل بعض الأدوات المالية التي تساعد علي زيادة إحجام التداول، كما أن هبوط المؤشرات الأمريكية والأوروبية كانت أحد الأسباب الهامة وراء تراجعات مؤشرات البورصة نظرا لارتباط السوق بالتعاملات الخارجية، مؤكدا علي ضرورة إعطاء الإدارة الجديدة فرصة لتحديد أهم متطلبات السوق الحالية ومن ثم البدء في معالجتها بشكل سريع في ظل هذه المرحلة الحرجة. وبالتالي فمن المتوقع أن يسيطر علي أداء المستثمرين حالة من الترقب والانتظار للإجراءات التي ستتخذ لإعادة الثقة والسيولة إلي البورصة فالوضع يزداد سوءا بسبب ضغوط نقص السيولة، فهو عنصر هام جدا لتعديل مسار سوق المال في مصر، فيجب أن يكون هناك شكل من الأشكال لحماية سوق المال في مصر.. فقد شهدنا الأسبوع الماضي عمليات في البورصة ترقي إلي مرحلة الكوارث الفترة الحالية تتطلب وضع أدوات استثنائية، وهو أمر ليس بدعة، فالأسواق العالمية تقوم بهذا الأمر وهذا يتطلب إنشاء صندوق استثمار سيادي لدعم البورصة، وهو ما نتحدث عنه منذ فترة ما قبل عودة السوق بعد الثورة، وإذا أردنا سحب بعض الاستثمار من أذون الخزانة الأمريكية أن يعاد ضخ جزء من السيولة في سوق المال في مصر.