في حين كان العالم كله يتابع قرارات ترامب الأخيرة بفرض حظر وتعقيدات علي دخول العرب والمسلمين من 7 دول شرق أوسطية، وبالتحديد دول عربية وإسلامية، كان جزء غير قليل من ذات العالم يتابع وباهتمام لا يقل عن اهتمامه بما حدث في أمريكا، لما تعرض له مسجد كندي من اعتداء أودي بحياة 6 أشخاص وأصاب نحو 20 آخرين، وعلي الفور ربط الكثيرون ما حدث في أمريكا بأحداث كيبيكالمدينة الكندية، التي جاءت بعد ترحيب رئيس الوزراء الكندي »چاستين ترودو» بالمهاجرين في بلده بعد الحظر الأمريكي، وجاءت أيضا كردود فعل متوالية منذ مجيء الرجل لرئاسة الوزراء الكندية ومواقفه الشخصية والسياسية والعامة تجاه مسلمي كندا. وعلي عكس ترامب الأمريكي ومواقفه تجاه المسلمين حول العالم، جاء رئيس الوزراء الكندي الشاب: »چاستين ترودو» ليؤكد أن كندا ترحب بالمهاجرين بعد الحظر الأمريكي وقرارات ترامب التي لاقت الكثير من الهجوم والاستنكار داخل وخارج أمريكا »بلد الأحلام لكل مهاجري العالم».. وقال الرجل إن ما يحدث وحدث وسيحدث من أعمال إرهابية تجاه مسلمي كندا حسب شبكة ال »NN الأمريكية يجعلنا في حداد علي الذين قُتِلوا وندين بشدة الهجوم الإرهابي علي مركز للعبادة وملجأ لكل المستضعفين.. وتصريحات ترودو جاءت أيضا بعد ترحيبه علي صفحته ب»تويتر» بقوله: »إلي أولئك الذين فروا من الاضطهاد والإرهاب والحرب، الكنديون يرحبون بكم بغض النظر عن عقيدتكم، قوتنا - ككنديين - في تنوعنا، مرحبا بكم في كندا». وتصريحات ترودو.. جاءت بعد تصاعد الحملات المعادية للمسلمين في كندا منذ شهر يونيو الماضي، حيث تعرض الكثير من المساجد والمراكز الإسلامية في العاصمة مونتريال أو في بعض المدن الكندية الكبري ومنها مقاطعة: كيبيك، وألقي مجهولون عبوات حارقة علي بعض المساجد، ومنذ شهور قليلة تم العثور علي رأس خنزير أمام باب المركز الإسلامي بالعاصمة.. ومن قبل كل ذلك فتحت السلطات تحقيقا في العام 2013، بعدما لُطِّخ أحد جدران المساجد في كيبيك بدم خنزير، واشتعلت النيران عن عمد في مسجد بمقاطعة أونتاريو منذ نحو عام ونصف العام بالتزامن مع هجمات باريس الانتحارية التي اتُهم فيها متشددون إسلاميون. ويقف ترودو.. ضد كل تلك الأحداث مسلحا بشعبيته الجارفة كسياسي شاب »43عاما»، وبصفاته التي قالت عنها - صحيفة واشنطن بوست الأمريكية - بأنها خليط من التواضع الإنساني والتسامح تجاه كل العقائد المتنوعة في كندا، ومن هنا ذاعت صوره وهو يجوب الميادين بالعاصمة ويلقي التحية لكل شخص يقابله بصرف النظر عن توجهاته وديانته، وهو علي متن دراجته أحيانا.. وهو شخص اجتماعي محب للأطفال ودائم الزيارة لمراكز الرعاية الاجتماعية ودور رعاية الأطفال والمرضي والحالات الطارئة، ويشارك بصفة مستمرة في بعض الأعمال التطوعية. »وترودو».. الأب ل3 أطفال والمحب للرياضة حتي وصفته الصحف الكندية بأنه منافس قوي كرياضي، للسياسي الروسي بوتين، متسامح دينيا بطبعه وهي صفة نادرة عند كل من السياسيين الأمريكيين والكنديين علي حد سواء، وكثيرا ما يزور المراكز الإسلامية والمساجد في العاصمة وفي المقاطعات الكندية الكبري، حتي وصفه أحد أئمة المساجد بأنه »نجاشي العصر الحديث»، في إشارة لإمبراطور الحبشة النجاشي وتسامحه مع المسلمين.. وهو.. زعيم للحزب الليبرالي الكندي وأصبح رئيسا للوزراء منذ 4 نوفمبر الماضي، وتستقبل بلاده منذ توليه منصبه الآلاف من المهاجرين من شتي أرجاء العالم، منهم نحو عشرة آلاف سوري يقيمون كمواطنين كنديين في العاصمة وبعض المدن الكبري وعلي الحدود مع الولاياتالمتحدةالأمريكية التي أصدرت القيود الأخيرة علي المهاجرين سواء القادمين إليها أو المقيمين بالفعل علي أراضيها. والرجل.. الذي يكافح العنصرية في بلده في أقصي قارة أمريكا الشمالية.. يعتبر المسلمين جزءا مهما في المجتمع الكندي، بل ويدعو بعد كل عملية عنصرية ضد مسلمي كندا، بفتح الكنائس الكندية للمسلمين ليقيموا صلواتهم فيها، وبأن تساهم في جمع التبرعات لإعادة بناء ما تهدم من المساجد أو المراكز أو المنشآت الإسلامية. وترودو هو نجل رئيس الوزراء الأسبق »بيار إليوت ترودو» وهو ملاكم محترف، ورغم ذلك فهو يحرص - كما تقول وكالة الأنباء الفرنسية - علي تحسين صورة بلده كندا حول العالم، عن طريق تقديم صورة جديدة له كرئيس وزراء لدولة تسعي لجمع الكنديين في بلد يشهد تجاذبا واستقطابا كبيرا بين كل كتله السياسية والحزبية ما بين اليسار واليمين والمتشددين أو المعاداة لكل ما هو إسلامي. وهو.. حاصل علي دبلوم في الأدب الإنجليزي وفي التربية، وفي شبابه عمل كعامل في أحد المطاعم، ليتمكن من زيارة عدة بلدان بالعالم، ورغم أنه كان لا يريد خوض غمار السياسة إلا أنه دخلها منذ 9 سنوات وترشح عن العاصمة مونتريال لكن طلبه رُفِض، ولكنه انتُخب عن مقاطعة أخري أقل غني وأكثر فقرا في العام التالي، وفي أبريل 2013 أصبح زعيما لليبراليين ليعيد بناء الحزب ويفوز بالانتخابات تحت مظلة التسامح.