من شروط الحرية والديمقراطية أن ينتهج كل إنسان التوجه الذي يؤمن به، لذلك تصبح تجمعات مؤيدي الرئيس السابق حسني مبارك وهم بالتأكيد ممن انتفعوا وانتشوا في عصره أحد مظاهر الديمقراطية التي تحتوي الأضداد بصورة متحضرة غابت عن سلوك أنصار مبارك الذين تحرشوا بالسيارات التي قطعوا طريق سيرها ورشوا راكبيها بالماء!! هذا مافعلته إحدي المحبات لمبارك في زوجة أخي وطفلها حيث فوجئت بزجاجات الماء تنسكب عليهما من نافذة السيارة التي كانت المظاهرة تجبرها علي السير البطيء!! والمثير أن يستعيد أنصار مبارك نشاطهم التظاهري مع توالي أخبار صديقه حسين سالم الذي يعتقد أنه غطاء لثروات مبارك الخفية!! ويبدو أن مرحلة كمون الثورة وانشغال التيارات السياسية بالخلافات المحتدمة حول الدستور والانتخابات البرلمانية قد أغرت خبثاء الثورة المضادة بالانتفاض والتشويش بسيرة مبارك وأيامه، رغم أن كل عثراتنا الحالية في الاقتصاد والسياسة الداخلية والخارجية وحتي الخلل الأمني.. كلها توابع الكبوة المباركية والفساد الشنيع الذي أربكنا ولايزال!! وفي ظل محاولات استمالة الشعب للتعاطف مع الرئيس السابق، تنساب الأخبار المتفرقة عن لسان محاميه الأستاذ فريد الديب حول خطورة حالته الصحية، وإصابته بالسرطان منذ عام وإخفاء الأمر عن الشعب، يعني الرجل كان يحكمنا حوالي عام كامل وهو شديد المرض!! والكل يعرف طبعا أنه كان قد ترك للجنة السياسات ومؤسسها »الفلتة« ولده جمال تسيير أمور البلاد وتسكين المقربين من رجال الأعمال والمنتفعين في المناصب الحساسة التي عادت علي ذلك الابن وأخيه علاء وأصهاره بالثروة الوحشية!! وقد ظهر السيد فريد الديب محامي مبارك في برنامج مصر الجديدة مع مقدمه معتز الدمرداش لينفي عن مبارك الأب ضلوعه أو موافقته علي خطة التوريث!! وفات المذيع المخضرم معتز الدمرداش أن يشير إلي المادة المعيبة في الدستور السابق وهي المادة 67 التي كانت تضع شروطا تعجيزية أمام أي مرشح وتكاد تكون مفصلة علي مقاييس جمال مبارك وقد تم وضعها بواسطة من عرفوا بترزية القوانين آنذاك مثل د. مفيد شهاب وأجازها الرئيس السابق مبارك بوصفه رئيس الجمهورية وقتها وكان يعلم علم اليقين أن هذه المادة مصممة خصيصا لتلائم مواصفات ابنه جمال الذي قال مبارك الأب مرارا في حوارات صحفية أجنبية ردا علي أسئلة تستفسر عن دور جمال السياسي بقوله السافر: »ابني وبيساعدني!! وكل ابن في أي مجال من حقه وحق أبوه إنه يساعده«!! يعني أجيزت المادة 67 سيئة السمعة من الدستور القديم بموافقة حسني مبارك وعلمه التام بأنها أول خطوة في خطة تهيئة جمال ابنه للحكم بعده! فكيف ينفي المحامي الكبير المخضرم تهمة توريث الحكم لجمال عن موكله مبارك الأب؟!! فهذه المادة الفاحشة والفاضحة هي وثيقة إدانة رسمية ضد مبارك الأب والابن الذي نعرف جميعا كيف كان هو ووالدته سوزان ثابت يدفعان الأمور باتجاه استلام جمال للحكم من أبيه بواسطة مسرحية هزلية انتخابية تتأسس علي المادة 67 التي تعتبر دلالة تاريخية غير مسبوقة علي الفساد السياسي الذي مارسه الابن جمال والأم سوزان باجتراء واسع وتجاوز لدور الأب الرئيسي وصلاحياته خاصة في الخمس سنوات الأخيرة وبوصول شركاء جمال مبارك للحزب الوطني المنحل والحكومة. والمثير أن المحامي الكبير فريد الديب نفي أن يكون لحسني مبارك أي أرصدة خارجية واعترف في نفس البرنامج بأن ابنيه جمال وعلاء أكثر ثراءا منه!! وباعتبارهما موكليه أيضا فقد حاول أن يبرر هذا الثراء بأنه اجتهاد وشطارة!! وأنا أسأل السيد المحامي المحترم: ألم يكن بإمكان ابن الرئيس السادات جمال أن يمارس هذه الشطارة في حياة أبيه ويمتلك العقارات والمليارات وكلها شطارة وفهلوة؟! من المعروف أن جمال السادات كان مهندسا شابا عندما استشهد والده الرئيس الأسبق وكان متزوجا من زوجة أولي من أبناء الطبقة البرجوازية وله أبناء ويعيش حياة عادية كأي شاب مصري، وقد ظهر المهندس المحترم جمال السادات علي الشاشة ليدين بالفضل إلي المهندس الراحل عثمان أحمد عثمان والد المهندس محمود عثمان زوج السيدة جيهان الابنة الصغري للرئيس السادات فقد ذكر جمال، الابن الوحيد للرئيس السادات، أنهم ساندوه بعد وفاة والده.. إذن ابن السادات لم يستغل اسم أبيه لا في حياته ولا بعد مماته لتكوين أي ثروة وهو الآن ميسور الحال بجهده وعمله كرئيس مجلس إدارة إحدي شركات المحمول! كذلك أبناء الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، فقد عاشوا معه وبعده حياة عادية كأقرانهم، وبعد رحيله عمل أبناؤه في تخصصاتهم المهنية ولم يتجه أحدهم للعبة تكوين الثروات المشبوهة باستخدام اسم الزعيم جمال عبد الناصر الذي مازال له من التأثير والأثر والمحبة والاحترام الكثير في دول عربية وأفريقية، حتي أن المهندس عبد الحكيم عبد الناصر ذهب مع الوفد الشعبي الثوري إلي أثيوبيا لاستعادة العلاقات وبحث ملف ماء النيل الذي أهمله نظام مبارك، فاستقبله الناس هناك بترحاب ومحبة وإجلال يليق به وبوالده عبد الناصر. فهل يزعم السيد المحامي الكبير فريد الديب أن أبناء عبدالناصر والسادات أغبياء والشطارة من نصيب ابني مبارك الشرهين للسلطة والمال؟! أما قضية الشهداء، فأشكر للسيد فريد الديب مشاعره نحوهم ونحو شهداء الشرطة الذين يري ضرورة التذكير بهم وهو في ذلك محق ولكن هناك فارق جوهري بين القاتل والمقتول فشهيد الشرطة يحمل بالتأكيد سلاحا. أما الشهداء الثوار فلا يحمل أحد منهم سلاحا!!! وربما يكون شهيد الشرطة مقتولا بنيران صديقة أو طلقة طائشة من زميل له.. أو ضربا بعصي البلطجية الذين يستأجرهم رؤساؤه في الداخلية لقمع المتظاهرين.. أو بقذيفة مولوتوف من مرتزقة النظام السابق .. لكن الثوار المسالمين لا يؤذون ولا يقتلون.. هي كلها أفعال خبيثة للنظام السابق الذي يقود الثورة المضادة ويجد من يؤيده بين المنتفعين!!