انتقد رشدي الخياط نقيب أطباء أسيوط عدم تقديم الدعم والمساندة للأطباء في المناطق الحدودية والنائية أو تشجيعهم ماديا كي يستمروا في أماكن عملهم بالوحدات الطبية المجمعة أو الوحدات الصحية، وعدم وضع خطة لتوزيع الأطباء والأخصائيين الاستشاريين - الذين يتواجد معظمهم في المستشفيات المركزية بعواصم المحافظات- بطريقة عادلة. وأضاف: محافظة أسيوط تشهد تكدسا من الأخصائيين في جميع التخصصات، أما المراكز الأخري والنجوع التابعة لها مثل مركز الغنايم، فمن النادر أن نجد أطباء متخصصين، لاسيما في مجال الجراحات المعقدة مثل جراحة المخ والقلب والصدر. وطالب رشدي بإعادة توزيع الأعداد المتوافرة بطريقة صحيحة عبر تنمية التخصصات التي يوجد بها عجز لتلبية حاجة القري المصرية عامة والنائية خاصة من الخدمة الطبية علي وجه كاف، وعدم قصر الاهتمام بتخصصات معينة مثل النساء والتوليد، وتشجيع العمل بالتخصصات النادرة التي يوجد بها عجز مثل التخدير والأشعة والمخ عبر سرعة إنهاء درجة الماجستير للأطباء الراغبين في دخول تلك التخصصات. ويري د. حمدي حسين عميد كلية الطب بجامعة جنوب الوادي أن مشكلة العجز في أعداد الأطباء علي مستوي الجمهورية تكمن في نقص سبل الإقامة الكاملة للطبيب في مكان عمله، فقد تم إرسال قوافل طبية إلي حلايب وشلاتين، ليفاجأ المشاركون بها بغياب أبسط وسائل الإعاشة الأساسية للأطباء هناك، وهو ما أثر في مجمله علي نسبة الأطباء المتواجدين التي بلغت طبيب لكل 20 ألف مواطن. وأشار إلي أن النقص في التخصصات المطلوبة في المناطق النائية يعود إلي سوء التخطيط من جانب وزارة الصحة، فهناك تخصصات تشهد زيادة كبيرة في عدد الأطباء المسجلين بها مثل الأطفال أو الأمراض الجلدية، ونقص حاد في التخصصات الأخري مثل التخدير والمخ والأعصاب والأوعية الدموية والحروق، موضحا أنه يجب أن تشترط الوزارة أن تكون للتخصصات النادرة في المناطق الحدودية أولوية في التسجيل وفي إعطاء الحوافز المالية. وألمح إلي أن وزارة التعليم والمستشفيات الجامعية تقوم بإرسال بعثات الأطباء إلي الخارج لعمل دراسات عليا في التخصصات الطبية النادرة من أجل الاستفادة من خبراتهم بعد إنهاء دراساتهم، ولكن أكثر من 40% منهم يفضلون البقاء في الخارج لأسباب خارجة عن إرادتهم، تتمثل في نقص الإمكانيات وقلة الدعم المادي، أو لأن الطبيب لايجد نفس المستوي من التقدم سواء علي مستوي الأجهزة أو المنظومة المثالية في العمل لتطبيق ماتعلمه بالخارج. لتتلقفه بعد ذلك الهيئات العالمية اعتمادا علي تفوقه العلمي ومايمتلكه من خبرات، وهو ما يشكل علامة استفهام كبيرة للمنظومة الطبية، فكيف يتم التخلي عن تلك الكفاءات العلمية وعدم توفير بيئة مناسبة لها وهي التي من المفترض أنها ستعمل علي رفع مستوي المؤسسات العلاجية مستقبلا وستساهم في تخريج أجيال من الأطباء المهرة ترتقي بالمنظومة الصحية. وعن نظام التعليم الطبي في الجامعات الخاصة، وإمكانية مساهمته في سد العجز في أعداد الأطباء أوضح أن تلك الجامعات تكاد تكون مثالية من حيث عدد الطلاب ، وتوافر الإمكانيات المتاحة لها من معامل مجهزة ومكتبات طبية وأطباء متخصصين، وأن المشكلة الأساسية تتمثل في عدم ممارسة التطبيق العملي أو مايعرف بالتقنية اليدوية في التعامل مع المرضي، فهذه الجامعات لايوجد مستشفيات تابعة لها مثل "عين شمس" أو "القاهرة" للتدريب، وهي إما تتعاقد مع مستشفيات استثمارية يوجد بها عدد أقل من المستشفيات الجامعية، أو تستخدم تقنية التعليم عبر (الفيديوكونفرانس)، وهو مايؤثر علي تطوير المنظومة الطبية الإكلينيكية لديها وبالتالي علي كفاءة الطلاب المتخرجين. وقد نفي الزعيم إسماعيل نقيب أطباء المنيا، أن يكون هناك عجز في عدد الأطباء علي مستوي الجمهورية وأرجع الأزمة إلي سوء توزيعهم علي المحافظات، خاصة الصعيد الذي يعاني عجزا في بعض التخصصات مثل التخدير والتحاليل الطبية والعظام. وقال: لا توجد مشكلة في العدد الكلي للأطباء ولكن عندما يتم استدعاء الأطباء لأداء الخدمة العسكرية، يحدث نقص عارض في الكوادر العاملة بالوحدات الصحية، وهذا الأمر يتم تعويضه من خريجي الدفعات التالية، وطالب بتحديد أعداد المقبولين في كليات الطب، إذ إن هناك نسبا كبيرة في أعداد الأطباء المقيدين بالنقابة تتعدي 260 ألف طبيب علي مستوي الجمهورية وهو ما يتطلب إعادة توزيعهم بشكل مناسب خاصة علي بعض التخصصات النادرة. وأوضح أن الأسباب التي تدفع الكثير من الأطباء إلي الهجرة هي أسباب مادية في المقام الأول ، فالطبيب بعد إنهائه لفترة دراسته التي تستمر 6 سنوات يعمل كطبيب في الوحدات الصحية ، و يكون دوره الأساسي بها دور طبي وقائي ، بمعني أنه يعمل في البداية كممارس عام في الفترة التي يتم تكليفه بها وبعد حوالي سنة من فترة التكليف يقوم بتقديم مايسمي بنيابة التخصص للالتحاق بأي مستشفي، ومع ذلك لايتعدي راتبه الإجمالي 1500جنيه فقط. وشدد علي ضرورة حصر أعداد كافة الوحدات الصحية في المناطق النائية والمحافظات الحدودية والصعيد، ودراسة احتياجاتها من الأطباء بشكل متكامل، واتخاذ عدة إجراءات بالتوازي مع تلك الدراسة لإيجاد نوع من التوازن في طرق التوزيع علي المحافظات وذلك عن طريق اتخاذ وزارة الصحة وإدارات التكليف المتعددة خطوات واضحة فيما يتعلق بالمنظومة الطبية ، وكذلك منح الأطباء بالصعيد والمناطق الحدودية حقهم المادي كاملا، عبر إقرار كادر عادل للأطباء ورفع نسبة الحوافز لهم. وأكد إيهاب الطاهر أمين عام نقابة أطباء القاهرة أن ثلث عدد الأطباء في مصر متواجد في القاهرة وحدها نتيجة عدم استجابة الحكومة إلي المقترحات التي تم تقديمها لهم من طرف النقابة، فهناك مشكلة حقيقة تتمثل في التخطيط للقطاع الصحي بدون رؤية كاملة من جميع الأطراف، فمايحدث علي أرض الواقع هو أن الأجهزة المختصة تضع حلولا عامة لمشاكل الأطباء لا تؤخذ في الاعتبار التحذيرات أن هذه الحلول خاطئة وستضر بالمنظومة الصحية وذلك في نوع من العناد والإصرار علي الخطأ. وأضاف أن مصر أصبحت من الدول الطاردة للأطباء خارجيا وداخليا، فالهجرة الخارجية تكون إلي الدول العربية والأوروبية، ويتم فقدان تلك الكفاءات الطبية لصالح هذه الدول، أما الهجرة الداخلية فتتمثل في ترك المناطق النائية لعدم وجود حافز يشجع الأطباء علي البقاء والعمل بها. وتابع: حل مشاكل الأطباء في مصر يبدأ بأن يكون لدي المسئولين نية حقيقية في الإصلاح والتغيير للأفضل، جنباَ إلي جنب مع زيادة المخصصات المادية للمنظومة الطبية، ولابد أن يتم زيادة الإنفاق علي الأجور والمستلزمات العلاجية والأجهزة، وألا يتم الاعتماد فقط علي الإمكانيات المتاحة حاليا لدي الدولة. ولفت إلي أن أولي خطوات الإصلاح لعلاج مشكلة عجز الأطباء تبدأ بتطبيق المادة رقم 18 من الدستور الذي تم الاستفتاء عليه، والتي تنص علي ألا تقل موازنة القطاع الصحي عن 3% من الناتج القومي الإجمالي أي ما يقارب ضعف الميزانية الحالية علي الأقل، ووضع خطة عامة لمدة 5 سنوات قادمة بحيث يتم إنجازها تدريجيا بنسبة 20% سنويا. بحيث يتم تخصيصها لجزء محدد من القطاع الصحي كل عام مع الأخذ في الاعتبار زيادة التخصصات النادرة وعدد التخصصات العليا. وتقسيم هذه التخصصات علي حسب الأولوية لتكون الأفضلية لأقسام الطوارئ والرعاية المركزة، وأقسام الغسيل الكلوي والحضانات، ووضع خطة لتدريب أعداد أكبر من الأطباء والموظفين مع إقرار الميزانية الخاصة بها.