عندما يسكن العشق عقل الفنان يتحول إلي راهب في محراب عشقه، وعندما يكون العشق للمكان يكون قادراً علي أن يحول المباني والشوارع والأماكن إلي نغمة موسيقية تنبض بالحياة لتحكي قصة الإنسان، وهو ما فعلته الدكتورة سهير حواس أستاذة العمارة ونائب رئيس الجهاز القومي للتنسيق الحضاري، وصاحبة أشهر موسوعة عن القاهرة الخديوية، التي كان يحلم بصدورها والدها الدكتور زكي حواس أستاذ العمارة ونجحت هي في تحقيقه. يزين أركان منزلها ثلاثة تماثيل، لم تضعها لأجل الديكور فقط بل كانت حالة وجدانية خالصة فهذه التماثيل ترمز إلي فترة تاريخية مهمة في تاريخ مصر ارتبطت بالتطورالحضاري والمعماري والثقافي، وعندما وقفت أمام تمثال محمد علي باشا أشارت إليه وتحدثت عنه بأن مصر كانت ستكون مختلفة تماما بدون ذلك الرجل الذي أخرج الحملة الفرنسية منها، ووضع حدا للأطماع الأجنبية، وعرف أن المدخل للقوة أدواته العلم والحضارة والنهضة في كل المجالات وليس الإنجازات الحربية وحدها. وقالت حواس: أعد الآن كتابا موثقا عن شارع محمد علي وعلاقته بالعمران، وانتقلت بجانب تمثال الخديو إسماعيل لتقول عنه : هذا الرجل تعرض لظلم شديد ، ولكنه لم يستمر فالحقيقة لا يمكن أن تختفي طوال الوقت فهو كان عاشقا لمصر ومنبهرا بباريس وقاده طموحه لبناء القاهرة كصورة مصرية من العاصمة الفرنسية، ويذكر له أنه كان أول حاكم ينقل مقر الحكم من القلعة العالية لنفس مستوي المحكومين في تصميم يتسم بالفخامة والأناقة التي لها تأثير علي السلوك الإنساني والحضاري حتي أنه راعي في تصميم شوارع القاهرة الخديوية أن تكون مهيأة لحركة السيارات التي لم تكن قد دخلت مصر وقتها ليتزامن ذلك مع التطور العالمي. أما تمثال عباس حلمي الثاني فكانت له قصة مختلفه فهو من قام ببناء العمارات الخديوية في وسط البلد وكانت هدية لزوجته وكان حاكما يقدر العمارة والفن والجمال، فن العمارة الذي لابد أن نحافظ عليه ليس بدهان الواجهات فقط ، فلابد من حماية المباني من الأنشطة الخطرة داخل العمارات ومن أجهزة التكييف والكابلات التي تشوه المباني ومن ديكور المحلات التي لاتناسب تصميم المباني وهو التطوير الذي نسعي إليه حتي يشعر المواطن بوظيفة ممرات وسط البلد وشوارعها وعمارتها التاريخية. قبل أن أنهي لقائي مع سهير حواس طلبت منها نصائح لديكور المنزل بأقل التكلفة، كانت "البساطة" هي الإجابة مع التوافق وعدم المبالغة في التكلفة وبذل الجهد في الحصول علي قطع من الأثاث ترتبط بشخصية صاحبة المنزل ،ومن المهم أن توضع كل قطعة في مكانها الصحيح فتنسيق المنزل يقوم إما علي التوافق في الألوان وطراز الأثاث وإما علي التضاد الذي يخلق أحيانا الجمال، واختيار عناصر الأثاث يرتبط في المقام الأول بشخصية صاحبة المنزل وروحها.