أيام قلائل ويطل علينا شهر رمضان المعظم بنفحاته العاطرة وروحانياته الفياضة ليغسل أرواحنا وينظف نفوسنا وقلوبنا ويطهرنا من أمراض المادة وطغيان الشهوات، فينزل علي قلوبنا كحبات الندي النقية علي صفحات تلك القلوب التي لوّثها ركام المادة والشهوات، أيام قلائل وسنري هلال رمضان وستهتف أرواحنا قبل ألسنتنا: اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام.. فها هو رمضان سيقبل بنوره وعطره وبخيره وطهره.. قادم ليربي في الناس قوة الإرادة ورباطه الجأش.. ويربي فيهم ملكة الصبر ويعوِّدهم احتمال الشدائد والجلد أمام العقبات ومصائب الحياة - فيه تزدحم بيوت الله ليلا ونهارا بالراكعين الساجدين والقائمين والذاكرين، وفيه تفيض قلوب المؤمنين رحمة وحنانا وبرا وإحسانا إلي الفقير والمساكين واليتيم، وابن السبيل، وفيه أنزل الله القرآن هدي للناس وبينات من الهدي والفرقان، وفيه تتنزل الرحمات وتُستجاب الدعوات، وحتي نتنسم عبير رمضان في بيوتنا أقول لكل أم وأب، ليكن رمضان فرصة لكِ أيتها الأم لتربية الأبناء في رحاب المسجد ودفعهم إليه دفعا حتي تقر بهم عينك يوم القيامة، وأنت أيها الأب لا تفرِّط في تفقد أحوال أسرتك في الالتزام بأخلاق الصيام، واصحب أولادك إلي صلاة القيام وتفقد أحوالهم مع القرآن وركِّز علي دخولهم في مراتب الطاعة والإيمان وبخاصة الصلاة . فنحن المسلمين مأمورون بأن نعظِّم شعائر الله ونعظِّم حرمات الله ومن تعظيم حرمات الشهر الكريم ألا نترك أبناءنا يضيِّعون فيه صلاة الجماعة. ومن تعظيم حرمات الشهر أيضا ألا نحوله من شهر إمساك إلي شهر استهلاك، ومن موسم ذكر وصلوات إلي موسم غفلة وشهوات، ويمكنك أيها الأب أن تجعل الثلاثين يوما مخيما منزليا تتعهد فيه أحوال أسرتك، فرمضان فرصة سانحة لإعادة تقويم حال بيوتنا مع الله والناس.. ولا ننسي أيضا أن مسئولية الآباء نحو الأهل والأبناء في رمضان ليست التوسعة عليهم فحسب فقد نادانا الله بنداء الإيمان في رمضان وغير رمضان فليكن رمضان وسيلتنا لتقويم الأخلاق وتعديل السلوك والتدرب علي الصفاء البدني والسمو الروحي، والعزم النفسي بما يخدم الأمة فيقربها إلي البر والتقوي، ويجنبها الإثم والعدوان.