"عقل واحد، ولسانين"، تعامل بهم المجلس العسكري "إلكترونيا" مع متصفحي موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، على مدار عام ونصف العام تقريبا، من خلال صفحتين، إحداهما رسمية، باسم المجلس العسكري للقوات المسلحة، ظهرت أولا في فبراير من العام الماضي، والثانية "نصف رسمية" إن جاز التعبير، باسم أدمن الصفحة الرسمية للقوات المسلحة. الأولى تستخدم لغة مقتضبة بصيغة بيانات رسمية، فيما تستخدم الثانية لغة أقرب لمستخدمي "فيسبوك" يغلب عليها التعصب للمجلس العسكري، وتبرير كل قراراته، ولو بلهجة تحدٍ مستفزة لبعض التيارات السياسية التي ترفض الحكم العسكري من الأساس. ظهر أول البيانات الإلكترونية على صفحة المجلس العسكري، في مارس 2012، تحت عنوان "رؤية حول التعديلات الدستورية"، دعا من خلالها المجلس، جموع المواطنين للتصويت بكل حرية سواء برفض أو قبول تعديلات الدستور المعطل لعام 1971. وفي 27 من سبتمبر من العام الماضي، ظهر "لسان الكتروني" جديد للمجلس العسكري على فيسبوك، باسم "أدمن الصفحة االرسمية للمجلس العسكري"، لكنها لم تحظ بنسبة المشاركة المرتفعة التي حظيت بها الصفحة الرسمية منذ لحظتها الأولى. وكان التبرير الأول للأدمن، لصالح المشير طنطاوي، حين ظهر الرجل في شوارع وسط المدينة، ليلا، مرتديا بدلة مدنية، على خلاف المعتاد، وهو ما أثار جدلا حينها، حول نوايا الرجل في الاستمرار في السلطة، على عكس ما فسره الأدمن "العسكري" على أنه رسالة طمأنة للشعب بإدارك المجلس العسكري ضرورة الحفاظ على مدنية الدولة. وبدعوى التواصل مع كافة القوى والاتجاهات السياسية، كرر أدمن المجلس العسكري لأكثر من مرة تأكيده على ترحيبه بكافة تعليقات أعضاء الصفحة، على اختلاف توجهاتهم، متعهدا بعدم حذف أي تعليق أو مستخدم. وكان لأحداث ماسبيرو التي وقعت في أكتوبر من العام الماضي، نصيب من "تبريرات" الأدمن الذي حاول توطيد علاقته بمن وصفهم بأنهم "شباب الثورة"، فأطلق من أجل ذلك صفحة شخصية جديدة، لتسهيل "إرسال رسائل خاصة للأدمن لتقديم أي مجهود للحفاظ على النسيج الوطني" حسب قوله. وكان تأكيده على ثقته في وعود المشير طنطاوي وتسليمه السلطة في موعدها المعلن، أكثر الأمور تكرارا على الصفحة. ومع مرور عام على ثورة 25 يناير، اختلفت لغة ولهجة الرسائل التي سجلها الأدمن على صفحته، بعيدا عن الصفحة الرسمية للمجلس العسكري، تجنبا لتوريط المجلس في أي اتهامات بالعداء السياسي لأي جماعات أو أحزاب بشكل مباشر، حيث كتب الأدمن على سبيل المثال، متساءلا: هل تعتبر الجامعة الأمريكية في القاهرة أحد أدوات الإدارة الأمريكية وأجهزتها الأمنية لإسقاط مصر؟. وتكرر الأمر حين هاجم نائب مجلس الشعب السابق زياد العليمي، المشير طنطاوي، حيث دافع الأدمن عن "مشيره" وكتب رسالة مطولة،ومتسائلا فيها: "أزمة أخلاق أم أزمة تربية؟"، وقال فيها: لا عتاب عليك.. والثورة بريئة منك ومن أمثالك، فأنت لم توجه السباب لرئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة وهو أكبر من أن تصل إليه، "لو طلع العيب من أهل العيب ميبقاش عيب"، وهي لغة قد لا تليق بقيادة عسكرية رسمية، لذلك لجأ الأدمن إلى نشر تلك "الشرشحة السياسية"، بحسب ما وصفها بعض مستخدمي فيسبوك، على الصفحة غير الرسمية، تجنبا لأي صدام سياسيى أو قانوني. ومن أبرز رسائل "الأدمن" خلال سباق الانتخابات الرئاسية، سؤاله: "هل اختارت مصر رئيسها؟، حيث قال إن شمس مصر أشرقت، حتى ترددت أنباء عن أن الرئيس المنتخب "وشمس مصر المشرقة" وضعت المشير طنطاوي والفريق سامي عنان قيد الإقامة الجبرية، فكتب الأدمن رسالة عنونها بسؤال أيضا: "متى يهدأ المغرضون؟".