وزيرة التخطيط تلتقي المديرة التنفيذية لمركز التجارة الدولية التابع للأمم المتحدة    الاتحاد الأوروبي مستعد للرد برسوم على السلع الأمريكية التي تبلغ قميتها 109 مليارات دولار إذا فشلت المحادثات    البرازيل تعتزم الانضمام لدعوى الإبادة ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية    السيطرة على حريق وحدة سكنية في العاشر من رمضان    بالفيديو.. الأرصاد تحذر: موجة شديدة الحرارة تضرب البلاد وتستمر حتى الثلاثاء المقبل    ضبط تجار مخدرات بحوزتهم مواد تقدر ب26 مليون جنيه في عدة محافظات    وزير الثقافة يلتقي نظيره الأردني لبحث التعاون في مجالات التراث والموسيقى والمسرح    مهرجان الغردقة لسينما الشباب يطلق مسابقة للفيلم السياحي    مقتل 11 مدنيًا في معارك مسلحة بين تايلاند وكمبوديا    مصر و9 دول: لا سيادة لإسرائيل على الأراضي الفلسطينية المحتلة    تفاصيل عملية دهس قرب بيت ليد.. تسعة مصابين واستنفار إسرائيلي واسع    إيران تتمسك بتخصيب اليورانيوم وسط تهديدات أمريكية بضربات جديدة    إيكيتيكي ينضم لمعسكر ليفربول في هونج كونج    "لم أر سوى الخير من جماهير الزمالك".. مصطفى شلبي يعلن نهاية رحلته مع القلعة البيضاء    أول نتائج عمل لجنة المحترفين.. ثلاثي ليفربول وأرسنال وأوكسير في معسكر منتخب 20 عاما    فيريرا: هدفنا هو نفس هدف جماهير الزمالك.. ونتحسن يوما بعد يوم    رئيس جامعة أسيوط يعلن فتح باب التقديم الإلكتروني للمدن الجامعية لعام 2025/2026    إقبال على العنب والموز.. ارتفاع أسعار الفاكهة بالمنوفية اليوم الخميس 24 يوليو 2025    جامعة القاهرة تطلق مؤتمرها الأول للذكاء الاصطناعي في أكتوبر القادم    إصابة رئيس محكمة و3 من أفراد أسرته في حادث انقلاب سيارة بطريق أسيوط الغربي    ضبط صاحب مكتبة بتهمة بيع وتوزيع كتب دراسية خارجيه بدون تصريح    ضبط 5 أشخاص بعد مشاجرة بسبب خلافات الجيرة في مدينة بدر    «التضامن» و«ويل سبرنج» تنظمان يومًا ترفيهيًا وتوعويًا لفتيات مؤسسة العجوزة    17 شهيدا بنيران وقصف الاحتلال بينهم 3 من منتظري المساعدات منذ فجر اليوم    «تطوير التعليم بالوزراء» وأكاديمية الفنون يطلقان مبادرة لاكتشاف وتحويل المواهب إلى مسارات مهنية    هيئة الرعاية الصحية: تعاون مع شركة Abbott لنقل أحدث تقنيات علاج أمراض القلب    تعليم الغربية: لا إجبار في اختيار نظام الثانوية العامة والبكالوريا اختيارية    "الجبهة الوطنية" يعقد أول لقاء جماهيري بالإسماعيلية لدعم مرشحته داليا سعد    استقرار أسعار العملات الأجنبية في بداية تعاملات اليوم 24 يوليو 2025    محافظ الغربية: التعليم الفني قادر على تخريج أجيال تنهض بالمجتمع    وزير الري يبحث حالة المنظومة المائية وموقف المرحلة الثانية من تطهيرات الترع    رئيس اقتصادية قناة السويس يوقع 3 عقود صناعية جديدة مع شركات صينية    رئيس الوزراء يستعرض جهود وزارة الأوقاف في مواجهة الشائعات وبناء الوعي المجتمعي    غدا.. تامر حسني والشامي يشعلان ثاني حفلات مهرجان العلمين    حسين فهمي ضيف شرف الدورة الثانية من جوائز الباندا الذهبية بالصين    الدفاع الجوي الروسي يدمر 39 مسيرة أوكرانية    حملة «100 يوم صحة» تقدم 12 مليون و821 ألف خدمة طبية مجانية خلال 8 أيام    من اكتئاب الشتاء إلى حرارة الصيف.. ما السر في تفضيل بعض الأشخاص لفصل عن الآخر؟    وزير الخارجية والهجرة يلتقى الجالية المصرية فى مالى    سيناء في «قلب جهود التنمية»    «لولا الإهمال لما وقع الانفجار القاتل».. حيثيات حكم تأييد حبس المتهمين ب واقعة خط الغاز بالواحات    أحد الزملاء يخفي معلومات مهمة عنك.. حظ برج الدلو اليوم 24 يوليو    «كتالوج»... الأبوة والأمومة    مدنية الأحكام وتفاعلها مجتمعيًّا وسياسيًّا    «صفقة قادمة».. شوبير يشوّق جماهير الأهلي حول المهاجم الجديد    أرخص الجامعات الأهلية في مصر 2026.. المصروفات الكاملة وطرق التقديم (القائمة المعتمدة)    إصابة 4 عمال إثر سقوط مظلة بموقف نجع حمادي في قنا.. وتوجيه عاجل من المحافظ- صور    علي أبو جريشة: عصر ابن النادي انتهى    نهاية سعيدة لمسلسل "فات الميعاد".. تفاصيل الحلقة الأخيرة    حسام موافي لطلاب الثانوية: الطب ليست كلية القمة فقط    شوبير يكشف حقيقة اهتمام الأهلي بضم أحمد فتوح    تصرف مفاجئ من وسام أبوعلي تجاه جماهير الأهلي.. الشعار والاسم حاضران    92 % صافي تعاملات المصريين بالبورصة خلال آخر جلسات الأسبوع    أعراض برد الصيف وأسبابه ومخاطره وطرق الوقاية منه    هل يجوز أخذ مكافأة على مال عثر عليه في الشارع؟.. أمين الفتوى يجيب    محفظ قرآن بقنا يهدي طالبة ثانوية عامة رحلة عمرة    الإفتاء توضح كيفية إتمام الصفوف في صلاة الجماعة    دار الإفتاء المصرية توضح حكم تشريح جثة الميت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مقالات عبد الله السناوى : عبد الله السناوى يكتب : السيسى وأسلافه
نشر في أخبار النهاردة يوم 02 - 04 - 2014

وهو يترشح لرئاسة الجمهورية، ربما استعادت ذاكرته شيئا من صور أسلافه على المقعد الذى يتطلع أن يجلس عليه.
تصدر المشهد التاريخى اللواء «محمد نجيب» كأول رئيس مصرى بعد إنهاء النظام الملكى. ساعد تصدر «نجيب» التغيير الكبير فى 23 يوليو برتبته الرفيعة وشعبيته فى الثكنات على تماسك المؤسسة العسكرية، وتمكن «الضباط الأحرار» من الإمساك بمفاصل السلطة دون عناء كبير. لم يكن قائد الثورة ولكنه لم يكن مجرد واجهة.
كان تصدره هو لتغيير كبير آخر فى ظروف مختلفة من موقعه على رأس القوات المسلحة وبشعبيته داخلها داعيا إلى نهوضها بدورها فى 3 يوليو 2013 بأقل تكاليف ممكنة.
فى الحالتين، فإن التغيير كان محتما ب«نجيب» أو بغيره، فقد فكر «جمال عبدالناصر» ورفاقه فى أسماء أخرى من جنرالات الجيش لديهم صفات مماثلة للعب الدور نفسه.. وبه هو أو بغيره فإنه لم يكن ممكنا أن يصمت الجيش طويلا على التفكيك المنهجى للدولة ودخول البلاد فى فوضى ضاربة واحتراب أهلى.
كلاهما تحمل مسئولية الموقف فى لحظة حسم تاريخية ثمن الإخفاق فيها الحياة نفسها.. أولهما انتدب للقيادة، والآخر كان يمسك دفتها.
كلاهما بدأ حياته السياسية فى الخمسينيات من عمره والسياسة بطبيعتها فعل تراكمى لا يكتسب حسها بين يوم وليلة، وهذه مشكلة اعترضت «نجيب» بقسوة وقد تدفعه هو لمنزلقات فى غنى عنها.
لم تكن ل«نجيب» رؤى معروفة سبقت رئاسته تتعدى التزاماته الوطنية فى طلب جلاء قوات الاحتلال البريطانى عن مصر.
لم يكن مقتنعا بالاندفاع الثورى للضباط الشبان الأصغر سنا وقائدهم «عبدالناصر» فى الرابعة والثلاثين من عمره، وبدا أقرب إلى القوى التقليدية وتحالف بدرجة ما مع جماعة الإخوان المسلمين تحت ضغوط الصراعات الداخلية فى مجلس قيادة الثورة. فى الصراع خسر «نجيب» كل شىء رغم نوازعه الوطنية التى لا شك فيها وشعبيته الكبيرة التى لم يصن أسبابها.
من أول تحدياته أن يصون الشعبية التى حازها والتى قد تتعرض للتآكل التدريجى، ومن أول اختباراته ألا يتصادم مع أسبابها ورهانات الفئات الاكثر فقرا عليه فى طلب العدل الاجتماعى.
يصبو إلى شيء من الرئيس الثانى زعيم يوليو ويراه مثله الأعلى لكن لكل خيار تكاليفه واختباراته. إذا كان تساؤله: «ماذا أفعل لكى أكون امتدادا لجمال عبدالناصر فى عصر جديد؟»، فإن من أول تحدياته أن يعرف أين يقف وإلى أى قوى اجتماعية ينحاز؟
لا توجد «كاريزما» تعيش فى الفراغ أو تصطنعها الدعايات وحدها. عاش «عبدالناصر» فى المخيلة العامة بانحيازاته وإنجازاته ومعاركه، انتصر وانهزم، لكن شعبه كان يصدقه وهو يصدق نفسه.
الحقائق وحدها هى ما تعيش فى هذا البلد أو فى أى بلد آخر، وأخطر ما قد ينزلق إليه أن يستجيب لرجال أعمال يطرحون عليه برامج وتصورات تناسب مصالحهم وما يتصورونه عن خيارات الرئاسة المقبلة لا لنداء المقهورين والمعوزين الذين منحوه مشاعرهم بلا حدود ودافعوا عنه بلا تردد.
الاختبار الحقيقى للشعبية يتلخص فى قضية واحدة عنوانها رفع الظلم عن قوى اجتماعية سحقت فى هذا البلد على مدى عقود.
وسؤال التاريخ : هل يكون الرجل الذى رفع الظلم عن المنسحقين فى شعبه أم الذى خذل رهاناتهم عليه؟
هناك فارق جوهرى بين استنساخ تجربة «عبدالناصر» وبين استلهامها. الاستنساخ ضد العصر والتاريخ والاستلهام مسألة تتعلق بالخيارات الكبرى مثل العدل الاجتماعى واستقلال القرار الوطنى دون أن يكون مدعوا لاحتذاء بنيتها التعبوية العامة. ففى التنظيم الحزبى والإعلام ما كان ملهما فى عصر فقد مبرراته فى آخر.
فى عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية سادت حركات التحرير الوطنى نظرية الحزب الواحد الأقرب إلى الجبهات الوطنية الواسعة التى تخوض حربا ضارية ضد استعمار شرس أو تحولا جذريا فى البنية الطبقية، وهذا لم يعد واردا على النحو الذى كان جاريا فى عصور سبقت.
بتلخيص ما فإن ما يتبقى من «عبدالناصر» مشروعه وأحلامه وهو مطالب بأن يتسق مع عصره فى طلب الديمقراطية وحقوق الإنسان وإنفاذ القيم الدستورية.
وبصورة ما، فإن صورة الرئيس الثالث «أنور السادات» ماثلة أمامه دون أن يكون واضحا إلى أى حد قد تؤثر فى تصرفاته وانحيازاته إذا ما قدر له تقلد المنصب الرئاسى.
كلاهما لديه قدرة خاصة على التواصل الإنسانى، وقدرة أخرى على التحمل التكتيكى مكنت «السادات» من كسب الصراع على السلطة فى مايو 1971 ومن مباغتة مجتمعه وعالمه بحرب أكتوبر 1973.. غير أنه فى سبتمبر 1981 فقد أعصابه وصبره ثم خسر حياته نفسها فى حادث المنصة. وتمكن هو بذات قدرة التحمل من أن يبادر بحسم سؤال السلطة وعزل الرئيس السابق بثبات أعصاب دون أن يكون الطرف الآخر متأكدا مما سوف يفعله فى اللحظة التالية.
كأى صراعات وصدامات أخرى، فإن القدرة على المناورة لها حدودها. وقد أفضى ولع «السادات» ب«المناورات» إلى رهانات كلفته حياته. راهن على الإخوان لتحجيم نفوذ التيارين الناصرى والماركسى وخسر الرهان فى النهاية، وراهن على أن كل أوراق اللعبة فى يد الولايات المتحدة فرهن البلد كلها لتبعية حقائقها ماثلة حتى الآن فى بنية الدولة.
الكلام الخافت عن أنه خليط بين «عبدالناصر» و«السادات» أقرب أن يكون تزييفا كاملا للوعى والوقوع فى براثنه يعنى بالضبط أن تكون صورته فى التاريخ ملفقة.
فالخيارات متناقضة بفداحة، والثانى مضى على خط الأول ب«أستيكة» على ما قالت نكتة شعبية مصرية، فإما أن يكون هنا أو يكون هناك.
إذا ما ذهب للفقراء والمعوزين فهو امتداد طبيعى ل«عبدالناصر» وإذا ما ذهب للأثرياء الجدد فإنه امتداد جديد ل«السادات» الذى التزم الرئيس الرابع «حسنى مبارك» بخياراته الأساسية وتوسع فيها إلى حد أفضى لإطاحته من حكم بقى عليه ثلاثين سنة متصلة.
ورغم أنه يرى فى خليفة «السادات» رجلا «بليدا» غير أنه قد يقع فى فخ العودة للخيارات الاجتماعية التى هدمت ما جرى بناؤه ونهبت ما جرى تراكمه وأذلت كرامة شعبه.
بحسب معلومات مدققة فإن هناك تسابقا محموما من وجوه تنتسب لهذه الخيارات إلى أبواب القادم الجديد.
معنى التسابق نفسه أن هناك خيارات لم تحسم وتوجهات لم يبت فيها وسياسات قديمة قد تستنسخ بوجوه جديدة.
هو رجل حائر، وفى الحيرة نبل، غير أنها إن طالت بأكثر مما هو محتمل فقد يجد شعبيته وقد تآكلت وصورته وقد تقوضت.
أما الرئيس الخامس «محمد مرسى» الذى لم يدم على مقعده سوى عام واحد فإن صورته تعنى بالضبط أسباب إطاحته، فرط فى هيبة الرئاسة ورهن صلاحياتها لدولة موازية مقرها فوق جبل المقطم وقوض الأمن القومى ووضع البلد على حافة احتراب أهلى.
صورته فى التاريخ تشغله أكثر من أسلافه، ف«نجيب» لم يتح أمامه وقت لبناء صورة أكثر رسوخا، و«عبدالناصر» كان يصنع التاريخ فى قلب معاركه وتحولاته الكبرى، و«السادات» خاض جولات فيه وبدا منشغلا بصورته التى تلخصها جملة واحدة: «أنا آخر الفراعنة»، و«مبارك» لم يكن يعنيه التاريخ ولا صورته ف«لا أريد أن أدخل الجغرافيا ولا التاريخ» على ما استمعت إليه بنفسى ونشرته فى عز سلطته، و«مرسى» لا يطلب شيئا لا يعرفه، فالتاريخ عنده غامض والجماعة حاضرة.
صورته فى التاريخ تصنعها فى النهاية السياسات التى سيتبعها والانحيازات التى تحكم قراراته والحكم عليه يقرره هو بنفسه قبل أى أحد آخر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.