هو يوم محورى فى تاريخ «مصر» الحديث عندما اتجهت الدبابات البريطانية إلى قصر «عابدين»، وتقدم المندوب السامى البريطانى «لورد «كيلرن» إلى الملك «فاروق» بإنذاره الشهير، مطالباً تكليف «النحاس باشا» بتشكيل الحكومة قبل السادسة مساءً من ذلك اليوم، وإلا تحمل الملك النتائج المنتظرة، واصطحب المندوب السامى البريطانى معه قائد القوات البريطانية فى «مصر» فى محاولة لإرهاب العرش، والجالس عليه، وتخويف القصر ومن فيه، ورفع المندوب السامى يومها شعاراً لا علاقة له بالحقيقة وهو أنهم يفعلون ذلك لإعادة الديمقراطية للبلاد، لتشكيل حكومة من حزب الأغلبية، ولم يكن الأمر كذلك، فلقد كانت مخاوف البريطانيين من تفوق دول «المحور» أمام قوات «الحلفاء» فى ميادين القتال، بصورة تقلب المائدة عليهم، حيث كانوا يتشككون كثيراً فى ولاء الملك «فاروق» لهم، وكانت شخصية «أحمد حسنين باشا» رئيس الديوان الملكى تثير شكوكهم، وتزيد مخاوفهم، خصوصاً وأن ذلك الرجل كان شخصية أسطورية غامضة بمعايير عصره، وقد استجاب الملك مكرهاً للإنذار البريطانى، ورفض «النحاس باشا» تشكيل حكومة إئتلاف وطنى، وأصر على أن تكون حكومة وفدية خالصة، وهذا لا يقلل من قيمة حقيقة نعترف بها، وهى أن «مصطفى النحاس» واحد من أكثر الشخصيات صلابة فى تاريخنا الوطنى كله، قال له «أحمد ماهر باشا» يومها، كيف تقبل أن تأتى إلى الحكم من فوق الدبابات البريطانية فرد «النحاس»، بل عدت إليه تجسيداً لإرادة الشعب، إننى أكتب ذلك لكى أقول نعم، كان «فاروق» فاسداً، لكنه كان معادياً لقوة الاحتلال.