رئيس جامعة الأزهر: نسعى لتخريج جيل متميز في شتى مجالات العلوم    انطلاق فعاليات لقاء الجمعة للأطفال في أسيوط -صور    ارتفاع أسعار الذهب في التعاملات المسائية وهذا العيار يسجل 5650 جنيها    المجلس الأعلى للجامعات يكرم الطلاب الفائزين في مسابقة إبداع مستدام بهيئة الطاقة الجديدة والمتجددة    محمد مصطفى: لوكسمبورج تعتزم الاعتراف بدولة فلسطين الاثنين المقبل    وزير المالية الألماني: برلين تتابع أزمة الديون الفرنسية بقلق    الجزيري يقترب من التواجد في قائمة الزمالك أمام الجونة    فتح باب حجز تذاكر مباريات الجولة الثامنة للدوري    غدا، محاكمة المتهم بالاعتداء على الطفل ياسين    حاول إخفاء إصابة قدمه، تامر حسني يصل البحرين لإحياء حفله الليلة (فيديو)    مهرجان ميدفست.. صدمات الطفولة وأهمية التعافي نقاش سينمائي مفتوح في أولى عروض الأفلام    القاهرة الإخبارية: نتنياهو أمر الجيش بهدم مدينة غزة حتى جذورها    وكيل صحة شمال سيناء يتابع تجهيز وحدات الخروبة وقبر عمير والشلاق وأبو طويلة بالشيخ زويد    وزارة الصحة تطلق خطة شاملة لتعزيز الصحة المدرسية بالتعاون مع التعليم والأزهر الشريف    دعم متواصل للعمالة المصرية بالداخل والخارج ..أبرز حصاد العمل في إسبوع|صور    دمج ذوي الهمم في بطولة الشركات لأول مرة    ضبط 10 تجار سجائر بالغربية يقومون بالبيع بأزيد من التسعيرة الرسمية    موعد صلاة المغرب.. ودعاء عند ختم الصلاة    تقرير برتغالي: فيتوريا قد يعود لمصر من بوابة الأهلي    افتتاح مسجد الرحمن في بني سويف بعد إحلاله وتجديده بالجهود الذاتية    وزير الدفاع الإسرائيلي ل زعيم الحوثيين: سيأتي دورك    لم يُنزّل من السماء كتاب أهدى منه.. إمام المسجد النبوي: القرآن أعظم الكتب وأكملها    خلل صادم في كاميرا آيفون 17 يثير الجدل.. والشركة تكشف سر الصور المشوّهة    صلاح عبد العاطي: واشنطن شريكة في الإبادة الجماعية بغزة عبر استخدام متكرر للفيتو    نتنياهو: نوجه لحماس ضربات قوية ولن نتوقف    الليلة.. لحظة الحسم في نهائي بطولة CIB المفتوحة للإسكواش 2025    اليوم.. استئناف الجولة الخامسة بدوري المحترفين    صورة جديدة للزعيم عادل إمام تشعل السوشيال ميديا    أميرة أديب تطلق أغنية "أحمد" من ألبومها الجديد    وفاة شقيقة الفنان أحمد صيام    هل فكرت عائشة بن أحمد في اعتزال التمثيل؟.. الفنانة تجيب    بدء اجتماعات مصرية كورية لإنشاء مركز محاكاة متكامل للتدريب وإدارة المخلفات    محافظ البحيرة تشهد إيقاد الشعلة إيذاناً ببدء إحتفالات العيد القومي    خطيب المسجد الحرام يدعو للتحصّن بالقرآن والسنة: قول لا إله إلا الله مفتاح الجنة    بالصور - جامعة أسوان تُكرم 200 حافظًا للقرآن الكريم في احتفالية روحانية    الأمم المتحدة: قوات الدعم السريع شنت عمليات قتل بحق المدنيين في الفاشر    البلوجر علياء قمرون أمام قاضي المعارضات بتهمة نشر الفسق| غدا    مديرية أمن الشرقية تنظم حملة للتبرع بالدم لصالح المرضى    استشاري نفسي: تغير الفصول قد يسبب الاكتئاب الموسمي    الداخلية تضبط عنصرًا جنائيًا بالمنوفية غسل 12 مليون جنيه من نشاط الهجرة غير الشرعية    تعليم القاهرة: انتهاء كافة الترتيبات لاستقبال 2.596.355 طالبا وطالبة بالعام الدراسي الجديد 2025- 2026    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من الجامع الأزهر    الأنبا مكسيموس يترأس مؤتمر خدام إيبارشية بنها    رسمياً.. إعلان نتائج تنسيق الشهادات المعادلة العربية والأجنبية    ارتفاع عالمي جديد.. سعر الذهب اليوم الجمعة 19-9-2025 وعيار 21 بالمصنعية الآن    مجدي عبدالغني: سأظل وفيًّا للأهلي مهما كانت حدة الانتقادات    كومبانى: هوفنهايم منافس خطير.. لكننا فى حالة جيدة    الداخلية: ضبط 98665 مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    الداخلية توضح حقيقة فيديو ادعاء اختطاف طفل بالقاهرة: مجرد تصادم بين سيارتين    نائب وزير الصحة يتفقد مستشفيات كفر الشيخ ويوجه بإصلاحات عاجلة    تشجيعاً لممارسة الرياضة.. نائب محافظ سوهاج يُطلق ماراثون "دراجو سوهاج" بمشاركة 200 شاب وفتاة    أسعار المستلزمات المدرسية في قنا 2025: الكراسات واللانش بوكس تتصدر قائمة احتياجات الطلاب    "نور بين الجمعتين" كيف تستثمر يوم الجمعة بقراءة سورة الكهف والأدعية المباركة؟    خدعة كاميرات المراقبة.. أبرز حيل سرقة الأسورة الذهبية من داخل المتحف    أسعار الدولار في البنوك المصرية اليوم الجمعة 19 سبتمبر 2025    عمرو يوسف: مؤلف «درويش» عرض عليّ الفكرة ليعطيها لممثل آخر فتمسكت بها    زلزال بقوة 7.8 درجة يهز منطقة كامتشاتكا الروسية    سعر الفراخ البيضاء والبلدي وطبق البيض بالأسواق اليوم الجمعة 19 سبتمبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



روحانيات : فوائد منتقاة من قوله تعالى " وإنّك لعلى خُلِقٍ عظيم
نشر في أخبار النهاردة يوم 07 - 09 - 2013

الحمد لله وصلى الله وسلم وبارك على نبينا وحبيبنا وقائدنا وقرة عيوننا، محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
اتصف نبينا عليه الصلاة والسلام بمكارم الأخلاق ومحاسن الصفات، كيف لا وقد كان خُلقه القرآن، كما أخبرت بذلك أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، إذ بعثه الله رحمة للعالمين وقدوة للمستقيمين، بشيرا للصالحين ونذيرا للمعاندين، فقد اكتمل أدبه مع رب السموات والأرضين، وأهل بيته الطيبين، وصحابته الميامين، بل حتى مع الكفار المعاندين، حتى زكّاه الله في كل شيء وجمع له خصال الخير بقوله تعالى( وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ )[1].
يا من له الأخلاق ما تهوى العلا *** منها وما يتعشق الكبراء
زانتك في الخلق العظيم شمائل *** يغرى بهن ويولع الكرماء
صلى عليك الله ما صحب الدجى *** حاد وحنت بالفلاء وجناء
فهذه فوائد منتقاة وفرائد مستقاة، من كلمات العلماء والمفسرين، لتقوي عزيمتنا وتنير طريقنا، وتزيد من تمسكنا واتباعنا ومحبتنا لنبينا صلى الله عليه وآله وسلم.
قيل: سمى الله خُلقه عظيمًا لأنه امتثل تأديب الله إياه بقوله: "خذ العفو" (الأعراف-198) الآية[2].
وقال جنيد: سمي خلقه عظيماً لأنّه لم يكن له همّة سوى الله[3].
والعظيم: الرفيع القدر، الجليل الشأن، السامي المنزلة[4].
إذ ماذا يمكن للبشر أن يقولوا فيه بعد قول الله تبارك وتعالى هذا؟ وما قيمة أي كلام يقولونه أمام شهادة الله تعالى هذه؟ وإن أعظم مدح له أن تقول فيه ما قال ربنا عز وجل: إنه عبد له ورسوله، فتلك أكبر تزكية له[5].
جبل الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم على كل خلق فاضل كريم قال تعالى: ( وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) فخلقه بأكرم السجايا، وجميل الأخلاق، وحسن الطوية وصفات الخير جميعها، كما نزهه عن كل ما يحط من قدره وينقص من منزلته[6].
فمن كان الله عز وجل متوليه بالأخلاق الشريفة، فليس بعده ولا قبله مثله في شرف الأخلاق[7].
يتميّز الأنبياء عادة بالاتّصاف بأكرم الصفات وأسمى الآداب والأخلاق، لينشروا دين اللّه ودعوة التوحيد في الأرض، ويتحمّلوا صنوف المواجهة والمعارضة، ويحلموا على الناس ويتوسّعوا فيهم، ونبيّنا صلّى اللّه عليه وسلّم هو في قمة الخلق والأدب، وصفوة الناس في مكارم الأخلاق والآداب، لأنه خاتم النّبيين، والرسول إلى الناس كافة وإلى العرب خاصة، وسمة هؤلاء: القسوة والجفاء، والشدة والغلظة، والنجاح في الدعوة إلى اللّه يتطلب إلانة القلوب القاسية، وإزالة جفاء النفوس، لذا وصف اللّه تعالى نبيّه محمدا صلّى اللّه عليه وسلّم بالخلق العظيم[8].
مَحَاسِنُ أَصْنَافِ النَّبِيِّينِ جَمَّةُ *** وَمَا قَصَبَاتُ السَّبْقِ إِلا لأَحْمَد
كان صلى الله عليه وسلم سهلا لينا، قريبًا من الناس، مجيبًا لدعوة من دعاه، قاضيًا لحاجة من استقضاه، جابرًا لقلب من سأله، لا يحرمه، ولا يرده خائبًا، وإذا أراد أصحابه منه أمرًا وافقهم عليه، وتابعهم فيه إذا لم يكن فيه محذور، وإن عزم على أمر لم يستبد به دونهم، بل يشاورهم ويؤامرهم، وكان يقبل من محسنهم، ويعفو عن مسيئهم، ولم يكن يعاشر جليسًا له إلا أتم عشرة وأحسنها، فكان لا يعبس في وجهه، ولا يغلظ عليه في مقاله، ولا يطوي عنه بشره، ولا يمسك عليه فلتات لسانه، ولا يؤاخذه بما يصدر منه من جفوة، بل يحسن إلى عشيره غاية الإحسان، ويحتمله غاية الاحتمال صلى الله عليه وسلم[9].
رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع كل فضيلة، وحاز كل خصلة جميلة، فمن ذلك شرف النسب ووفور العقل وصحة الفهم، وكثرة العلم ، وشدّة الحياء، وكثرة العبادة والسخاء والصدق والشجاعة والصبر والشكر والمروءة والتودد والاقتصاد والزهد والتواضع والشفقة والعدل والعفو وكظم الغيظ وصلة الرحم وحسن المعاشرة وحسن التدبير وفصاحة اللسان وقوة الحواس وحسن الصورة وغير ذلك[10].
وهذه اكبرُ شهادة من عند ربّ العالمين . وهل هناك أعظمُ من هذه الشهادة للرسول الأمين الذي طُبع على الحياء والكرم والشجاعة والصفْح والحِلم وكل خلُق كريم[11].
قال قتادة: هو ما كان يأتمر به من أمر الله وينتهي عنه من نهي الله، والمعنى إنك على الخلق الذي أمرك الله به في القرآن[12].
يقول مهاتما غاندي عن النبي صلى الله عليه وسلم: أردت أن أعرف صفات الرجل الذي يملك بدون نزاع قلوب ملايين البشر .. لقد أصبحت مقتنعا كل الاقتناع أن السيف لم يكن الوسيلة التي من خلالها اكتسب الإسلام مكانته، بل كان ذلك من خلال بساطة الرسول، مع دقته وصدقه في الوعود، وتفانيه وإخلاصه لأصدقائه وأتباعه وشجاعته، مع ثقته المطلقة في ربه وفي رسالته.
شَهِدَ الأَنَامُ بِفضْلِهِ حتى الْعِدَا *** وَالْفَضْلُ مَا شَهِدَتْ به الأَعْدَاءُ
فمن أوتي الخلق الحسن فقد أوتي أعظم المقامات، لأن ما دونه من المقامات ارتباط بالعامة، والخلق الحسن ارتباط بالصفات والنعوت[13].
ويقال:( على خلق عظيم ): لا بالبلاءِ تنحرف، ولا بالعطاءِ تنصِرف؛ احتمل صلوات الله عليه في الأذى شَجَّ رأسِه وثَغْرِه، وكان يقول:
« اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون » وغداً كلٌّ يقول: نفسي نفسي وهو صلوات الله عليه يقول : « أمتي أمتي »[14].
يا له من شرف رفيع، وقدر منيع؛ لم يخطر على قلب بشر، ولم يطمح لإدراكه إنسان، ولم يدرك شأوه مخلوق: رب العزة يصف محمد بن عبد الله بأنه على خلق عظيم فأي فضل شمل الله تعالى به نبيه وأي مقام رفع إليه عبده، ورسوله، وصفيه وخليله؟
وقد كان من خلقه: العلم، والحلم، والعدل، والصبر، والشكر، والزهد، والعفو، والتواضع، والعفة، والجود، والشجاعة، والحياء، والمروءة، والرحمة، والوقار، وحسن الأدب والمعاشرة؛ إلى ما لا حد له من الأخلاق المرضية، والخلال العلية؛ التي اختصه بها خالقه جل شأنه، وحقاً إن المادحين مهما وصفوا وبالغوا في مدح الرسول؛ صلوات الله تعالى وسلامه عليه؛ فلن يصلوا إلى بعض ما بلغه من شرف مدح الله تعالى له[15].
وكيف يستطيع الواصف أن يصف أخلاق من آذاه قومه بأقسى ضروب الإيذاء، وابتلوه بأشنع أنواع الابتلاء؛ فلم يقابل أذاهم بالدعاء عليهم؛ بل بالدعاء لهم:«اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون» وقديماً أصيب نوح عليه السلام ببعض ما أصيب به محمد، فقال: ( رَّبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً) فتبارك من خصنا ببعثته، وشرفنا برسالته[16].
فهديه- عليه الصلاة والسلام- في التعبدات أكمل الهدي, وهديه في الأخلاق أكمل الهدي, وهديه في الدعوة أكمل الهدي, وهديه في التعامل مع المخالف والموآلف أكمل الهدي, وهديه مع أهله وأصحابه أكمل الهدي, وهديه في التعليم أكمل الهدي, وهديه في الجهاد أكمل الهدي, وهديه في الأمر والنهي أكمل الهدي[17].
اللهم صلّ وسلم وزد وبارك وأنعم على قرة عيوننا وشفيعنا وسيدنا وحبيبنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.