هل يمكن أن تخطئ جماعة الإخوان المسلمين فى بعض قراراتها؟ وإذا أخطأت هل تعترف بالخطأ أم ترى أنها لا تخطئ؟ وإذا اعترفت هل تقبل النصيحة؟! أنا واحد من الناس الذين لا يتمنون فشل جماعة «الإخوان المسلمين» فى تجربتهم السياسية، ليس لأنهم ظُلموا سنوات طوالا، أو دفعوا أثماناً باهظة لمشروعهم السياسى، أو لأنى مقتنع ببرامجهم السياسية أو مرجعيتهم. المسألة ببساطة أنى مرعوب من فشلهم؛ لأن هذا الفشل قد يقلب مصر إلى جحيم ندفع جميعاً ثمنه لسنوات طوال ونعود إلى الخلف بدلاً من استغلال ثورة يناير فى التقدم للأمام! المشكلة الكبرى الآن أن الإخوان لا يثقون فى أحد سوى أنفسهم، يشعرون أن الكل يتآمر عليهم؛ المجلس العسكرى، الإعلام، الليبراليون، الاشتراكيون، السلفيون، الصوفيون، والنظام السابق بفلوله. هذا الإحساس جعلهم ينفردون بآرائهم، يلقون الاتهامات على الآخرين، ينظرون إليهم بريبة، يتوقعون ضربة قادمة لا محالة، يرصدون من يحاول سرقة مصر منهم، بعد أن دانت لهم أو أوشكت، خطوة واحدة يرونها ويرسمون ما بعدها، لذا فهم يسارعون الخطى، يقفزون بالقوانين فهم لا يملكون إلا البرلمان، السلطة التنفيذية فى يد المجلس العسكرى، هو الخطر الحقيقى الأكبر عليهم، لم يهنأوا بدفئه لأنهم لا يصدقون أنه سيترك لهم مصر يحكمونها بكل سهولة، وأن قياداته ستؤدى لهم التحية، والحكومة لم تنم بعد فى مقر الجماعة بالمقطم، والرئيس الذى رُشّح متأخراً على كف الانتخابات والعفريت يطل لهم من وجوه أبوالفتوح وموسى وشفيق الذى فشلوا فى إقصائه. ليس أمامهم إلا القوانين، واحد للعزل السياسى، وآخر للمحكمة الدستورية انتقاماً من رئيسها ورئيس اللجنة العليا للانتخابات التى أبعدت خيرت الشاطر وحتى لا يكون لأحكامها أى تأثير على استمرار مجلسهم، وثالث يعد لاستيعاب الجماعة بتركيبتها التى لا تخضع -ويرفضون خضوعها- لأى قانون حالى. وقبل ذلك مأساة اللجنة التأسيسية متعثرة الولادة، وبين كل ذلك قرار مفاجئ لرئيس مجلس الشورى بتعيين صحفيى صحيفتين خاصتين كانتا تابعتين للإخوان فى الصحف القومية مما دفع رؤساء مجالس إدارات صحف الأهرام والأخبار والجمهورية لتقديم استقالاتهم. الإخوان متسرعون يحاولون الحصول على أكبر قدر من المكاسب فى أقل وقت ممكن وكأنهم راحلون بعد قليل، المسألة ليست غنائم، والشعب ليس فرقا، وكان بين أيديكم بعد الثورة.. كان الرهان على قدرتكم فى استيعاب الآخرين الذين استقبلوكم وتوجوكم فى الثورة وبعدها. الفرصة لم تفت بعد، فرصيدكم فى الثورة باقٍ، ولا أحد يمكنه إنكار إنجازات أخرى لكم فى مجلس الشعب، أو التشكيك فى وطنيتكم، ولكن لن يرضى الكثيرون عن أن تكون المكاسب للإخوان لا مصر، لفصيل من الشعب لا الشعب كله، لا تغضبوا ممن يشبهكم أحياناً بالحزب الوطنى، فالمتعوس كان يرى أنه الصواب الدائم، وأن من يهاجمه مغرض يغار منه ويحاول هدمه، ولو سمع ما انكسر ولا اندثر. ما أخشاه هو الإصرار على وضع الأصابع فى الآذان، حتى تتباعد المسافات وتصبح المواجهة هى الخيار الذى قد يُفرض عليكم، وتكون الثورة الثانية للجيش وسيكون معه الكثير من فئات الشعب، وقتها سيُراق الدم على جوانب الحلم وتدفع مصر بمن فيها الثمن.. فهل نتصالح ونصحو قبل الموت الذى يطرق الأبواب؟!