أقرأ كثيراً عن مواعيد أيام عالمية اعتمدتها منظمة الأممالمتحدة للاحتفال بها، آخرها اليوم العالمى للتسامح فى السادس عشر من نوفمبر، تقريباً لا يمر شهر إلا وبه خمسة عشر يوماً للاحتفال بيوم عالمى، ويبدو الأمر أكبر من طاقتى على الاستيعاب، لأن كثيراً من هذه الأيام لا تتحقق على الأرض، كيف مثلاً يكون لدينا يوم للاحتفال بالمساواة، بينما قضايا كثيرة يناقشها مجلس الأمن تنتهى إلى لا شيء، بسبب نظام المجلس نفسه، الذى به حق الفيتو للولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين، اعتراض على ما تتفق عليه بقية الدول مهما كانت أغلبية المتفقين، وجاء هذا الحق تحت مظلة ضمان موافقة القوى الكبرى على القرارات المهمة، وحفظ التوازن الدولى، فكيف لا تساوى الأممالمتحدة بين أعضائها وهى التى تعتمد اليوم العالمى للمساواة ؟ شاهدنا أكثر من مرة الفيتو الأمريكى على أى قرار إدانة لإسرائيل، وأى عاقل يدرك أن الاعتراض الأمريكى ليس لحفظ التوازن الدولى، تبريراً لحق الفيتو، لكنه رضوخ فى السياسة الأمريكية لتأثير اللوبى الصهيونى بالولايات المتحدة. لن أتحدث عن أيام عالمية مثل: اليوم العالمى للمرأة، أو الطفولة، أو التعايش السلمى وغيرها، التى تجعلنى أسأل نفسى، فى أى البلاد يكون الاحتفال بهذه الأيام ونحن نرى ما يحدث فى العالم من حروب، حتى فى الغرب لا يمكن أن نصدق المساواة مع المرأة بشكل مُطلق ولا حقوق الأطفال، قرأنا وعرفنا مثلاً ما اشُتهر بفضيحة «جزيرة المتعة» التى كان وراءها الملياردير الأمريكى جيفرى إبستين المتهم بإدارة شبكة للدعارة، واستغلال منازله وجزيرة كان يملكها، لارتكاب جرائم جنسية ضد فتياتٍ قاصرات وأطفال وتجنيد أخريات لتوسيع شبكته. ظهرت القضية أول مرة عام 2005 وتم الكشف عن وثائق أثبتت تورط شخصياتٍ سياسية وفنية أمريكية وعالمية، ورغم انتحاره عقب اعتقاله للمرة الثانية عام 2019، فإن القضية بقيت متفاعلة بعده، وأحدثت ضجة فى المجتمع الأمريكى والعالم، فكانت هناك أسماء شهيرة بعضها لا يزال يمارس حياته السياسية. بل بعضهم لا يزال يتحكم فى سياسة العالم، وسأترك هذا كله وأقف عند اليوم العالمى لمحرقة اليهود على يد هتلر، المحدد له السابع والعشرون من يناير كيوم عالمى لإحياء ذكرى المحرقة ! ولم نسمع عن يوم عالمى يحمل اسم مجزرة من المجازر التى أقامتها إسرائيل للفلسطينيين منذ النصف الأول من القرن الماضى وبعده، مثل مجزرة قلقيلية وكفر قاسم وخان يونس وغيرها كثير قبل وبعد!. ننسى ذلك كله ونتذكر غزة، ألا يستحق ما جرى فى غزة أن يكون هناك يوم لإحياء ذكرى الإبادة الجماعية التى فاق ضحاياها المائة وخمسين ألفاً وجرحاها مئات الألوف، وغير ذلك من تجويع وغيره، وهل يتم اعتبار ما حدث فى غزة مسألة طبيعية كرد فعل على ما جرى من حماس فى السابع من أكتوبر 2023، وكأن هناك جيشين قاما بالحرب معاً، بينما ما جرى أحد مظاهر المقاومة الوطنية!. فهل فشل إسرائيل فى الوصول إلى جنود حماس مبرر كافٍ للإبادة الجماعية لأهل غزة من نساء وأطفال وكبار السن، ولماذا لا تعتمد الأممالمتحدة هذا اليوم أو حتى اليوم الثالث عشر من أكتوبر تاريخ اجتماع قمة شرم الشيخ، التى حضرها قيادات لها قيمتها من العالم، ولا تزال إسرائيل تماطل بعدها وتقوم بالغارات والتجويع!. فهل يوجد اعتبار عالمى لهذا اليوم؟! نقلاً عن جريدة (الشرق)