بقلم :د.عبد الله الثقافى البلنورى أهمية بالغة للمؤتمر العالمى العاشر للإفتاء الذى يعقد تحت عنوان: «صناعة المفتى الرشيد فى عصر الذكاء الاصطناعى»، فى القاهرة خلال أيام.. حيث أثار الذكاء الاصطناعى، ثورة عظيمة فى جميع الأصعدة البشرية، خاصة فى جمع المعلومات وترتيبها. يناقش مؤتمر الإفتاء فى مصر الجوانب الإيجابية والسلبية للذكاء الاصطناعى فى مجال الإفتاء والحقيقة أن هذا ليس جديدًا فى عالم الإفتاء، فقد جمع العلماء كثيرًا من الفتاوى وصنفوها تيسيرًا للأمة وفى العصر الرقمى، تم تحويلها إلى صيغ رقمية باستخدام الذكاء الاصطناعى فمثلاً، إذا سُجّلت جميع الفتاوى القديمة والحديثة فى نظام ذكاء اصطناعى، وكان استخدامها مضبوطًا، فسيكون ذلك تيسيرًا كبيرًا للأمة والعلماء.. ولكن، إذا جُعل الذكاء الاصطناعى مرجعًا للإفتاء وهو فى حالة عدم ضبط أو استعمال ترفيهى، فسيكون هذا من قبيل: «إذا وُسِّد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة». والله أعلم، فهذا هو حال كثير من الباحثين والدارسين اليوم.. ولا يُعتبر الرجوع إلى الوسائل الميسِّرة أمرًا ممنوعًا فى الإسلام، فقد روى الإمام مسلم (1478) عن جابر بن عبد الله، عن رسول الله قال: «إن الله لم يبعثنى معنتًا، ولا متعنتًا، ولكن بعثنى معلمًا ميسِّرًا».. والتيسير من الرسول له أنواع، ومنها الأساليب السهلة، والتمثيل، والتصوير، والخطوط المختلفة من الوسائل المتوفرة فى ذلك الزمن. ومن أشكال تطبيق الذكاء الاصطناعى فى الإفتاء: أولًا: إدخال الفتاوى الصادرة بتأييد العلماء على نظام خاص من أجل حفظها وتثبيتها ضمن منظومة علمية دقيقة، كما تقوم به دائرة الإفتاء العام الأردنية، حيث حوسبت أكثر من مئة ألف فتوى تقريبًا. وقد أُدخِلت جميع هذه الفتاوى والمنشورات والدراسات وقرارات مجلس الإفتاء فى تطبيق الذكاء الاصطناعى، كمقدمة للحصول على فتوى موثوقة، بحيث يسهل الرجوع إليها فى أى وقت. لكن المجالات التقنية والرقمية تتعرض فى كل وقت لأيادٍ سوداء، لذلك لا بد من الحذر والمراجعة المستمرة من قبل العلماء. نتقدم بخالص الشكر وعظيم التقدير إلى سماحة مفتى جمهورية مصر العربية على تولّيه هذه الأمانة العظيمة، وعلى ما أظهره من حرص وجهد مبارك فى عقد مؤتمر الإفتاء، الذى يجسد الدور الريادى لدار الإفتاء المصرية فى ترسيخ منهجية الاعتدال، وتعزيز التنسيق بين المؤسسات الدينية فى العالم الإسلامى. كما نتوجه بالشكر إلى د. إبراهيم نجم، مستشار فضيلة المفتى، على دوره البارز وجهوده المشكورة فى إنجاح هذا المؤتمر المبارك.. سائلين الله تعالى أن يوفقه لما فيه خير الإسلام والمسلمين، وأن يبارك فى علمه وعطائه.