لدىَّ ارتباط خاص بدا الكتب المصرية، لا سيما فى مكانها بباب الخلق، الذى يبعد خطوات قليلة عن «بيت طفولتى وشبابى»؛ إذ تمثل لى المخرج دائما فى فترة الصيف، فى قضاء الأوقات بين جدرانها والاطلاع على ما تحتويه من نفائس الكتب، وظل هذا الارتباط حتى هذه اللحظة، رغم تعدد أماكنها من باب الخلق إلى كورنيش النيل، وتغير صفتى من «قارئ» فقط إلى محرر ثقافى. طارق الطاهر من هنا دائما ما تشغلنى هذه الدار العريقة، بما تمتلكه من كنوز معرفية يصعب وجودها فى أى وقت وزمان خارج وطننا، وقد رأسها أساتذة كبار من أدباء ومثقفين ومتخصصين فى الدراسات الأدبية والنقدية والمكتبات، حتى جاء «شاب» يمتلك أدوات العصر فى علم المكتبات والمعلومات، ليجلس على هذا المقعد «رئيس دار الكتب»، هذه المكتبة الوطنية الخالدة، والمعبرة دائما ودوما على المكانة الرفيعة لهذا الوطن، هذا الشاب هو د. مينا رمزى، الذى قرر د. أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة، بالتشاور مع الأثرى البارز الأستاذ الدكتور أسامة طلعت رئيس مجلس إدارة دار الكتب والوثائق القومية، أن يستمر د. مينا فى عمله الذى بدأه من ثلاث سنوات بكفاءة نادرة. هذا الشاب الذى أتوقف فى هذا المقال، ليس عند إنجازاته فى دار الكتب، بل عند تكوينه العلمى المذهل، الذى جعله يحصل بفارق زمنى ثمانى سنوات فقط، على الدكتوراة، بعدما اجتاز مرحلة الليسانس بتقدير جيد جدا عام 2008، والماجستير 2012 والدكتوراة 2014، بتقدير مرتبة الشرف الأولى مع التوصية بتبادل الرسالتين مع الجامعات الأخرى.. يضاف لذلك أبحاثه الرائدة فى مجال علم المعلومات، والمتابعة لأحدث ما وصل إليه العلم فى هذا المجال، وكذلك مشاركاته فى المؤتمرات العلمية التخصصية داخل وخارج مصر، وأبحاثه المحكمة دوليا فى موضوعات غاية فى الأهمية فيما يخص علم المكتبات وحقوق الملكية الفكرية، كل ذلك أهله لنيل العديد من الجوائز والتكريمات، منها جائزة الأستاذ الدكتور شوقى محمود سالم فى مجال إدارة المعرفة والمعلوماتية لعام 2020 من أكاديمية البحث العلمى. وهذا يؤكد أن مصر مليئة بالشباب الذين يمتلكون الطموح والمهارة معا، ويستغلونها فى بناء وطنهم وحماية مؤسساتهم التى يعملون بها.