حينما تحتفل مصر والمصريون بذكرى ثورة 30 يونيو المجيدة وذكرى بيان 3 يوليو العظيم، ونسترجع معًا مشاهد وتفاصيل وكواليس الخلاص من حكم جماعة الإخوان الإرهابية لمصر، لابد وأن نستقى المعلومات الصحيحة من أصحاب الفضل فى الوصول لثورة ملايين المصريين ضد حكم الجماعة.. لهذا كان لزامًا أن نذهب لمحمود بدر مؤسس حركة تمرد، الذى استطاع هو ورفاقه فى الحركة حشد ملايين المواطنين على قلب رجلٍ واحد عبر استمارة تمرد؛ لإجهاض مشروع أخونة الدولة المصرية قبل 12 عامًا، هاتفين: «يسقط يسقط حكم المرشد».. وهو ما حدث بالفعل بعد ثلاثة أيام، حينما اجتمعت رموز القوى الوطنية فى مقر القيادة المشتركة، بدعوة من القوات المسلحة، واتفق جميع المجتمعين فى 3 يوليو على عزل نظام الإخوان، وألقوا البيان العظيم الذى رسم خارطة طريق لملامح جمهورية جديدة، بعيدة عن أخونة الدولة المصرية. الرئيس رفض مكالمة من «كيرى» فى يوم البيان وقال: «ليستمع إلى التليفزيون» طلبت إضافة جملة «قرر المجتمعون» لبيان 3 يوليو حتى نتحمل جميعًا المسئولية تفاصيل أول اتصال من القوات المسلحة وهذا دور ياسر رزق فى الأحداث «العصار» تواصل هاتفيًا مع «الكتاتنى» لمدة 20 دقيقة.. والجماعة رفضت الحضور فى الذكرى الثانية عشرة لبيان 3 يوليو، يسترجع محمود بدر مع «الأخبار» تفاصيل ما حدث فى هذا اليوم السامى، وما قبله، وما بعده، كاشفًا كواليس جديدة لم يتحدث عنها أحد من قبل. يؤكد «بدر» أن ملايين المصريين التفوا حول حملة تمرد الشعبية ؛ لرفضهم مساعى الجماعة ونظامها لأخونة الدولة، ومن ثم المطالبة بسحب الثقة من الرئيس الإخوانى محمد مرسى والدعوة إلى انتخابات رئاسية مُبكرة.. والتقف المصريون دعوة حركة تمرد، التى انتشرت كالنار فى الهشيم بكل مدن وقرى ونجوع مصر الرافضة لحكم الجماعة، ورأوا فى تمرد استجابة تاريخية لضرورة القضاء على حكم هذه العصابة بعد عام من توليها، لهذا احتشد المواطنون بالملايين فى كافة الميادين يوم 30 يونيو للتعبير عن غضبهم الكبير من حكم الجماعة. وتتسلسل الأحداث بعد ذلك، يضيف محمود بدر ل «الأخبار» أنه فى يوم 1 يوليو 2013 وبعد صدور بيان القوات المسلحة الذى تضمن مهلة ال 48 ساعة للحل - تواصل مع الأستاذين محمد حسنين هيكل وياسر رزق - رحمهما الله - وطلب منهما النصيحة بكيفية الرد على بيان القوات المسلحة، ونصحاه بعقد مؤتمر صحفى للترحيب بدعوة القوات المسلحة للحل والترحيب بأى شكلٍ من أشكال الحوار تحت رعاية القوات المسلحة فقط لا غير، إلى جانب تثمين البيان الذى تحدث بشكل إيجابى جدًا عن الشعب الذى لم يجد من يحنو عليه، وعن شباب الوطن.. وبالفعل تم الاتفاق مع «رزق» على عقد المؤتمر الصحفى فى مقر جريدة المصرى اليوم التى كان يترأسها فى ذلك التوقيت. ويقول محمود بدر: «ذهبنا لمقر الجريدة فى يوم 1 يوليو، وعقدنا المؤتمر الصحفى، وأعلنّا يومها تأييدنا لبيان القوات المسلحة المصرية الذى دعا جميع القوى السياسية للحل وأعطى مهلة 48 ساعة، وأكدنا أننا مستعدون لأى حوار تحت رعاية القوات المسلحة». أول اتصال من القوات المسلحة فى يوم 2 يوليو، اشتدت تصريحات السفيرة الأمريكية بالقاهرة آن باترسون - وقتها- الداعمة بقوة لجماعة الإخوان ونظامها، والمُناهضة بشكل غريب لتحركات المصريين، ويقول محمود بدر: «بناءً على تلك التصريحات المُستفزة، عقدنا مؤتمر صحفى صبيحة يوم 3 يوليو فى مقر جريدة الوطن التى كان يترأسها فى ذلك التوقيت الأستاذ مجدى الجلاد، وأعلنّا رفضنا القاطع لكل التصريحات الأمريكية والتدخلات فى شئون وإرادة ملايين المصريين».. ويضيف «بدر» : «أثناء هذا المؤتمر الصحفى جاءنى اتصال هاتفى من العقيد أحمد محمد على المتحدث الرسمى باسم القوات المسلحة وقتها، وقال لى: إن الفريق أول عبدالفتاح السيسى يرغب فى لقائك، فوافقت طبعًا وطلبت منه أن يكون برفقتى محمد عبدالعزيز، للتحدث باسم تمرد سويًا، وبعد قليل اتصل بى العقيد أحمد مرة أخرى، وأبلغنى بالموافقة على وجود عبدالعزيز».. ويستطرد: «ذهبت أنا ومحمد عبدالعزيز إلى مقر القيادة المشتركة، بسيارة الأستاذ مجدى الجلاد، بعد انتهائنا من المؤتمر الصحفى، ولم نكن نعلم ماذا سيحدث؟». وبالنسبة لتفاصيل يوم 3 يوليو، يفتح محمود بدر قلبه ل «الأخبار» كاشفًا كافة تفاصيل وكواليس ذلك اليوم، ويقول: «وصلنا مقر القيادة المشتركة للمخابرات الحربية، واستقبلنا العقيد أحمد محمد على، بعدها رأينا الدكتور كمال الجنزورى وسلمنا عليه، ثم قابلنا الفريق محمد العصار ورحب بنا واقترح علينا وقتها حضور محمد سعد الكتاتنى رئيس البرلمان فى ذلك التوقيت، ورفضنا تمامًا حضور الكتاتنى، ثم جاء لنا محمد البرادعى ليُقنعنا بضرورة حضور الكتاتنى، بعدها وافقنا.. ثم تواصل الفريق العصار مع الكتاتنى واستمرت مكالمتهما حوالى 20 دقيقة، محاولًا إقناعه بأهمية حضوره اجتماع القوى الوطنية للوصول إلى حلول، وأبلغه الفريق العصار أن كل القوى الوطنية موجودة، ممثلين عن الأزهر والكنيسة ومجلس القضاء الأعلى، وأيضًا ممثلون عن الشباب والمرأة وحزب النور، وغيرهم من الرموز الوطنية الأخرى.. ورغم محاولات الفريق العصار، إلا أن الكتاتنى رفض الحضور، وأبلغه أن جماعة الإخوان ونظامها لن يعترفوا بأى شىء يصدر عن هذا الاجتماع». ويضيف «بدر» : «تجمعت كافة القوى الوطنية فى اجتماع 3 يوليو، فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، وقداسة البابا تواضروس بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، والأستاذة سكينة فؤاد ممثلة عن المرأة المصرية، وأنا ومحمد عبدالعزيز ممثلين عن «تمرد» والشباب، والمهندس جلال مُرة ممثلًا لحزب النور، أيضًا شارك رئيس مجلس القضاء الأعلى، كما تواجد رؤساء الهيئات والأفرع الرئيسية للقوات المسلحة وقتها، الفريق أسامة الجندى قائد القوات البحرية.. والفريق يونس المصرى قائد القوات الجوية.. والفريق عبدالمنعم التراس قائد قوات الدفاع الجوى.. وبدأ الاجتماع حينما دخل الفريق أول عبدالفتاح السيسى القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربى، والفريق صدقى صبحى رئيس أركان حرب القوات المسلحة». استعراض شامل وحول كواليس اجتماع يوم 3 يوليو وقبل إلقاء البيان العظيم، يقول محمود بدر: «استمر اجتماع القوى الوطنية لحوالى 4 ساعات، وبدأ باستعراض شامل من الفريق أول عبدالفتاح السيسى بكل أمانة وشفافية، لمجهودات القوات المسلحة وتواصلها مع النظام وقتها، لمطالبته بتجنب الصدام مع المصريين، وبضرورة الاستماع لنداء الشعب، وإجراء حوار مع القوى الوطنية والسياسية، لتفادى ما حدث.. ولكن واصل النظام الإخوانى مراوغته ولم يقبل بالحوار والاستجابة لمطالب جموع الشعب المصرى.. ثم سأل الفريق أول السيسى الحضور، عن رؤيتهم للمستقبل، وماذا بعد؟». ويضيف «بدر» : «كانت رؤيتنا فى الاجتماع كحركة تمرد، أن يتم إجراء انتخابات رئاسية مُبكرة فى أسرع وقت، وطرح حزب النور إرسال وفد لمحمد مرسى للحديث معه ودعوته للحضور والموافقة على إجراء انتخابات رئاسية مُبكرة، وقُوبل مقترح حزب النور بالرفض منا ومن كل حضور الاجتماع، وما عزز هذا الرفض الاتصال الذى دار مع الكتاتنى ورفضه حضور الاجتماع، وإصرار الإخوان على موقفهم.. كما كان هناك رأى آخر يطالب بالاستفتاء على بقاء الحكم، ولكن رفضت هذه الفكرة، لأنها كانت ستؤدى إلى الانقسام بين أطياف جبهة 30 يونيو الذين طالبوا بانتخابات رئاسية مُبكرة». ويستطرد محمود بدر: «كان النقاش الرئيسى فى اجتماع 3 يوليو يدور حول فكرة إجراء الانتخابات الرئاسية المُبكرة، وأصررنا على هذه الفكرة.. واستمع الفريق أول عبدالفتاح السيسى لنا بكل حرية وديمقراطية، وتناقش معنا فى فكرة الدعوة للانتخابات الرئاسية وناقش الحضور فيها، حتى استقرينا عليها بموافقة الأغلبية العظمى من حضور اجتماع القوى الوطنية.. بعد ذلك تم الإعداد لبيان 3 يوليو العظيم، وأصررت على إضافة جملة (وقد قرر المجتمعون) حتى نتحمل جميعًا كرموز للقوى الوطنية مسئولية قرارات الاجتماع ومُخرجاته، واستجابت القوات المسلحة لكتابة هذه الجملة فى البيان». وحول بيان 3 يوليو، يقول محمود بدر: «بعد اجتماع القوى الوطنية والمدنية وفى القلب منها : القوات المسلحة، الكلمات التى ألقيناها فى يوم 3 يوليو كتبناها بكل حرية ولم يتدخل فيها أحد.. وتم تسجيل جميع الكلمات، قبل إذاعتها على الهواء.. وحينما تمت إذاعة بيان 3 يوليو بالكلمات المتعاقبة، وشاهدنا ردود فعل جموع المصريين عليه وسعادة الملايين به، بكيت من شدة فرحتى، وكأننى أشاهده لأول مرة، وشعرت وقتها أن مصر انتصرت ورجعت لينا تانى، ورهاننا على القوات المسلحة وثقتنا فيها كانت فى محلها، ودعمها لإرادة ملايين المصريين كان أكيدًا، لأنها لن تترك المصريين فى مواجهة عصابة وميليشيات جماعة الإخوان». اتصال جون كيرى ويضيف محمود بدر : «أثناء اجتماع القوى الوطنية مع قادة القوات المسلحة فى 3 يوليو وقبل إذاعة البيان، جاء اتصال هاتفى من جون كيرى وزير الخارجية الأمريكى وقتها، يطلب محادثة الفريق أول عبدالفتاح السيسى، إلا أن الفريق أول السيسى رفض مكالمة كيرى، وقال: (بعد انتهاء الاجتماع، ليستمع إلى البيان على التليفزيون)، وكان هذا دليلًا واضحًا على ثقتنا الكبيرة والطمأنينة فى موقف قواتنا المسلحة والفريق أول السيسى.. كما طلب الفريق صدقى صبحى من ممثل حزب النور فى الاجتماع، إبلاغ جماعة الإخوان بأن القوات المسلحة لن تسمح بالاعتداء على المصريين، قولًا واحدًا، وتحذيرهم من مغبة أى اعتداءٍ على أفراد القوات المسلحة أو على المواطنين المصريين». وبعد ما حدث عقب يوم 3 يوليو، يؤكد محمود بدر: «القوات المسلحة والشرطة والشعب المصرى، هذا الثلاثى المقدس، هو ما تبنى طرد جماعة الإخوان، ورفض إرهابها، وقرر مواجهة الإخوان.. وكان هناك تفويض شعبى حقيقى للقائد العام للقوات المسلحة الفريق أول عبدالفتاح السيسى، بضرورة مواجهة إرهاب الجماعة والفوضى التى قاموا بها بعد يوم 3 يوليو.. وأتذكر أنه بعد انتهاء اجتماع القوى الوطنية قال لنا الفريق أول السيسى: (قفوا بجوار القوات المسلحة، وثقوا فيها)». رمز المشروع الوطنى كما يؤكد محمود بدر: «لولا 30 يونيو و3 يوليو، ما كان هناك مشروع وطنى يبحث عن استعادة الدولة المصرية ومكانتها، ورمز هذا المشروع الوطنى هو الرئيس عبدالفتاح السيسى.. فالرئيس السيسى هو رمز لمشروع 30 يونيو الذى هدف لاستعادة الدولة المصرية، ومؤسساتها، واستقلالها الوطنى».. ويشدد بقوله: «الرئيس السيسى أعاد بناء الدولة المصرية من نقطة الصفر تقريبًا، لتصل إلى المكانة العظمى الحالية، خارجيًا وداخليًا.. وما حدث من تنمية وتطوير وإنجازاتٍ فى مصر خلال السنوات العشر الماضية، لم يتم خلال الأربعين عامًا السابقة.. واللى ميشوفش من الغربال، أعمى بعيون إخوانية».. ويضيف: «مصر اليوم، أصبحت دولة فاعلة فى كل الملفات الإقليمية، وربما الدولية أيضًا.. وهذا جزء من عظمة وإنجاز الجمهورية الجديدة، ويعود الفضل فى ذلك إلى الرئيس عبدالفتاح السيسى رمز المشروع الوطنى لثورة 30 يونيو».