كشفت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية اليوم الأحد أنه بينما كانت إسرائيل والولاياتالمتحدة تقصفان المواقع النووية الإيرانية، برزت ساحة معركة أخرى خلف الكواليس: وهي تتعلق بالبنية التحتية المالية التي تبقي طهران على اتصال بالعالم. وقالت الصحيفة - في تقرير أوردته اليوم - إن السلطات الإسرائيلية، ومجموعة قرصنة موالية لإسرائيل تدعى "بريداتوري سبارو"، استهدفت مؤسسات مالية يستخدمها الإيرانيون لنقل الأموال في محاولة للتعامل مع الحصار الاقتصادي الذي تقوده الولاياتالمتحدة، وذلك وفقا لمسؤولين إسرائيليين وأشخاص آخرين مطلعين على هذه الجهود .. وتهدف العقوبات الأمريكية، التي فرضت بشكل متقطع لعقود بسبب برنامج طهران النووي، إلى عزل إيران عن النظام المالي الدولي. وبحسب الصحيفة فقد أعلنت شركة القرصنة "بريداتوري سبارو" - التي تعمل بشكل مجهول وتنشر تحديثات عن أنشطتها على موقع X، للتواصل الاجتماعي الأسبوع الماضي - أنها شلت عمل بنك "سبه" الإيراني الحكومي، الذي يخدم القوات المسلحة الإيرانية ويساعدها في دفع مستحقات الموردين في الخارج، الأمر الذي أدى إلى تعطيل خدماته المصرفية عبر الإنترنت وأجهزة الصراف الآلي .. وأقرت وسائل الإعلام الحكومية الإيرانية بالضرر. وأضافت الصحيفة أن الشركة اخترقت أيضا منصة "نوبيتكس"، أكبر بورصة عملات رقمية في إيران والتي تحظى بشعبية لدى السكان المحليين لتحويل الأموال إلى الخارج، واستولى المخترقون على حوالي 100 مليون دولار من الأموال وأجبروا المنصة على الإغلاق، وفقا للبورصة. وأشارت وول ستريت جورنال إلى أن الحكومة الإيرانية أوقفت معظم الأنشطة الإلكترونية في البلاد لمنع المزيد من الهجمات وكبح جماح المعارضة. وحجبت المواقع الإلكترونية غير الإيرانية، وتم تحذير المواطنين من استخدام الهواتف أو منصات المراسلة الأجنبية التي يتردد أنها قد تجمع بيانات الصوت والموقع الجغرافي لصالح جواسيس إسرائيليين .. ومنع المسؤولون الحكوميون من استخدام أجهزة الكمبيوتر المحمولة والساعات الذكية. وأعلنت شركة "بريداتوري سبارو" أن عمليتي الاختراق استهدفتا "شريان الحياة المالي" للحرس الثوري الإيراني، وهو أقوى فصيل في الجيش الإيراني والذي يسيطر أيضا على قطاعات واسعة من الاقتصاد. ونوهت الصحيفة بأن شركة القرصنة لم تفصح عما إذا كانت تعمل نيابة عن السلطات الإسرائيلية، وصرح ديدي لافيد، الرئيس التنفيذي لشركة سايفرز، وهي شركة أمن سيبراني مقرها إسرائيل، قائلا: "إن تطور المجموعة واختيار أهدافها ورسائلها الجيوسياسية تتناسب مع صورة جهة فاعلة سيبرانية متحالفة مع إسرائيل وترعاها دولة"، في حين لم تستجب شركة بريداتوري سبارو لطلبات التعليق الموجهة إلى مدير مجموعة تيليجرام الخاصة بها. ورغم تأكيد إسرائيل وقف إطلاق النار مع إيران يوم الثلاثاء الماضي، إلا أن خبراء الأمن السيبراني والمسؤولين الإسرائيليين يتوقعون استمرار الحرب السيبرانية .. وقال لافيد: "من المرجح أن تواصل إسرائيل شن هجمات سيبرانية دقيقة ضد مراكز القوة في النظام". ونسبت الصحيفة إلى مسؤولين إسرائيليين قولهم إنهم لا يملكون معلومات عن وجود صلات بين "بريداتوري سبارو" والسلطات الإسرائيلية .. وأضافوا أن إسرائيل تستهدف على نطاق واسع البنية التحتية الاقتصادية التي سمحت لإيران بتمويل جيشها ووكلائها. من جانبها ردت الجماعات السيبرانية الموالية لإيران، مستهدفة مواقع الحكومة الإسرائيلية بهجمات لحجب الخدمة، حيث يهدف المتسللون إلى إغراق أجهزة الكمبيوتر التي توجه حركة مرور الإنترنت بسيل من الطلبات، وإرسال رسائل تصيد احتيالي إلى الإسرائيليين في محاولة لاختراق هواتفهم .. فيما قالت الهيئة الإسرائيلية للأمن السيبراني إن الهجمات الإلكترونية الإيرانية لم تسبب أي أضرار خلال الأسابيع الأخيرة. وقال أمير راد، الرئيس التنفيذي لشركة نوبيتكس، في مقطع فيديو نُشر على قناتها على تيليجرام: "كان لهذا الهجوم دوافع سياسية لإحداث ضائقة نفسية وإلحاق الضرر بممتلكات الشعب الإيراني". ومضت الصحيفة الأمريكية تقول إنه كما هو الحال في روسيا ودول أخرى معزولة عن التمويل الدولي، برزت العملات المشفرة لاسيما العملات المستقرة المرتبطة بالدولار مثل تيثر، كحل بديل حيوي في إيران، إذ وفرت وسيلة يمكن للمستخدمين من خلالها تحويل الأموال بين البنوك المحلية والأجنبية.. ويستخدم عملاء نوبيتكس، البالغ عددهم 11 مليون عميل، المنصة لاستبدال الريال الإيراني بعملة تيثر، والتي يمكنهم تحويلها إلى عملات تقليدية أخرى في الخارج. اقرأأيضا :خبير أمني: ثغرات بالمنظومة الأمنية الإيرانية سمحت باختراقات عميقة داخل أراضيها وأشارت الصحيفة إلى أن مجموعة "بريداتوري سبارو" قد أثارت الفوضى في إيران منذ عام 2021 على الأقل .. وفي عمليات اختراق سابقة، عطلت المجموعة أنظمة دفع محطات الوقود في جميع أنحاء البلاد وأشعلت حريقا في مصنع للصلب الإيراني. وأوضح راد أن التحقيق الأولي الذي أجرته شركة "نوبيتكس" في الاختراق أشار إلى أن الحكومة الإسرائيلية دعمته على الأرجح .. وقال إن "نوبيتكس" شركة خاصة ومستقلة لا علاقة لها بالدولة الإيرانية، بما في ذلك الحرس الثوري .