قال المهندس عمرو صبحي، خبير أمن المعلومات والتحول الرقمي، في تصريحات وتحليل خاص لبوابة أخبار اليوم، إن المنطقة تشهد تصعيداً نوعياً غير مسبوق في الصراع بين إسرائيل وإيران، بعد أن انتقلت المواجهة من ساحة المعارك التقليدية إلى الفضاء السيبراني بشكل مكثف، مما يجعل الحرب الرقمية اليوم جزءاً لا يتجزأ من المواجهة الشاملة بين الجانبين. اقرأ أيضا | خطورة تخزين الصور على الموبايلات الشخصية| فيديو وأوضح خبير الأمن السيبراني، أن هذا التصعيد بدأ بعد سلسلة من الهجمات المتبادلة، بدءاً من إعلان إسرائيل حرباً مفتوحة على إيران في 13 يونيو، ورد طهران بإطلاق صواريخ باليستية على أراضٍ إسرائيلية، مما كشف عن هشاشة البنى التحتية الرقمية والعسكرية لكلا الطرفين. إيران تعزل نفسها رقمياً هذا وأكد المهندس عمرو صبحي، على أن إيران أقدمت على خطوة غير مسبوقة بفصل شبكتها عن الإنترنت العالمي، في محاولة للحد من النفوذ السيبراني الخارجي. وأضاف أن هذه الخطوة، التي أعلنتها السلطات الإيرانية بحلول مساء الثلاثاء 19 يونيو، تهدف إلى صد هجمات سيبرانية منسوبة لإسرائيل. وأشار إلى أن المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية، فاطمة مهاجراني، أعلنت أن تقليص سرعة الإنترنت هو "إجراء مؤقت وموجه وتحت السيطرة"، مشددة على أنه يندرج ضمن الاستراتيجيات الدفاعية ضد الهجمات السيبرانية. تصعيد غير مسبوق في الهجمات السيبرانية الإيرانية ولفت صبحي، إلى أن شركة "رادوير" الإسرائيلية المتخصصة في الأمن السيبراني كشفت عن ارتفاع بنسبة 700% في عدد الهجمات الرقمية التي تستهدف إسرائيل منذ بدء الحملة العسكرية ضد إيران، وهي زيادة غير مسبوقة تعود إلى عمليات انتقامية تنفذها مجموعات سيبرانية تابعة للدولة الإيرانية وأخرى موالية لها. وأكد أن أكثر من 150 مجموعة قرصنة شاركت في هذه الهجمات، نحو 100 منها استهدفت منشآت إسرائيلية بشكل مباشر، وكان من أبرزها: مجموعة "هندالة" التي زعمت اختراق وسرقة أكثر من 2 تيرابايت من بيانات شركات مثل "ديليك" للطاقة و"واي. جي. نيو إيدان" للإنشاءات، بالإضافة إلى اختراق شركة اتصالات إسرائيلية وتحذير عملائها من هجمات صاروخية وهمية. مجموعة "السيد حمزة " التي أعلنت عن تنفيذ هجمات على مواقع إلكترونية لشركات دفاعية في إسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، واستهدفت الموقع الرسمي للجيش الإسرائيلي. الحرب النفسية ضمن الأدوات السيبرانية وأوضح صبحي، أن التصعيد لم يقتصر على الهجمات الرقمية المباشرة، بل شمل أيضاً حرباً نفسية ممنهجة ضد المدنيين الإسرائيليين، تمثلت في: رسائل نصية مزيفة تحمل توقيع الجبهة الداخلية وتحذر من تهديدات وهمية داخل الملاجئ. أكثر من 2000 رسالة بريد إلكتروني تهديدية تم رصدها من قبل شركة Check Point، تحتوي على عبارات صادمة مثل "استعدوا لموت مرير". مكالمات هاتفية مزيفة تنتحل صفة تحذيرات رسمية. ضربة نوعية لمجمع "غاف يام" السيبراني وكشف المهندس عمرو صبحي، عن أن صاروخاً باليستياً إيرانياً استهدف فجر الجمعة 22 يونيو قاعدة عسكرية إسرائيلية متخصصة في الحرب السيبرانية في بئر السبع، تُعرف باسم مجمع "غاف يام" أو "حرم كريات هاتكشوف". وأضاف خبير الأمن السيبراني، أن المجمع يعد مركزاً لتقنيات القيادة والسيطرة والاتصالات والاستخبارات (C4I)، ويضم منشآت عسكرية وشركات تكنولوجية عالمية مثل Microsoft، Amazon، IBM، Apple، وPhilips، بالإضافة إلى Rafael وElbit Systems. وأشار إلى أن التعتيم الإعلامي الإسرائيلي حاول تصوير الموقع ك"مبانٍ سكنية"، رغم أن صوراً مسربة أظهرت حجم الدمار واستهداف منشآت سيبرانية حيوية. الرد الإسرائيلي عبر "العصفور المفترس" وتابع صبحي، أن مجموعات اختراق مؤيدة لإسرائيل ردّت بقوة، حيث نفذت مجموعة "العصفور المفترس" (Predatory Sparrow) هجوماً سيبرانياً واسعاً استهدف بورصة "نوبتكس" الإيرانية للعملات الرقمية، وتمت سرقة 90 مليون دولار من العملات المشفرة، قبل أن تُحرق عبر تحويلها إلى محافظ غير قابلة للاسترجاع، في خطوة رمزية تستهدف الحرس الثوري الإيراني. وأشار أيضاً إلى أن المجموعة نفسها استهدفت "بنك سبه" الإيراني، ما أدى إلى توقف خدماته، وهو البنك الذي تتهمه المجموعة بتمويل الأنشطة العسكرية الإيرانية. ضرب مركز "فتا" وقطع الإنترنت في طهران كما لفت المهندس عمرو صبحي، إلى أن الهجمات الإسرائيلية طالت أيضاً مقر شرطة الفضاء السيبراني "فتا" في طهران، ضمن خطة لتعطيل قدرة النظام الإيراني على السيطرة على وسائل الإعلام والاتصال الداخلي. وأكد على أن هذه الضربات ترافقت مع انقطاع واسع للإنترنت في العاصمة الإيرانية، ما تسبب بحالة من الشلل والارتباك، قبل أن تعود الخدمة جزئياً بفضل تدخل "ستارلينك". تحليل وتوقعات مستقبلية واختتم المهندس عمرو صبحي تحليله، بالقول إن الحرب السيبرانية بين إسرائيل وإيران لم تعد مجرد هجمات متفرقة، بل تحولت إلى جبهة حاسمة في الصراع، حيث تتداخل فيها أدوات الحرب النفسية، والتجسس، والتعطيل الاقتصادي، واستهداف البنى التحتية الحيوية. وأضاف، أن الخطوة الإيرانية بعزل شبكتها تؤكد إدراك طهران لخطورة هذه المواجهة الرقمية، وقدرتها على شل الدولة بالكامل، و توقع أن تمتد هذه الهجمات إلى قطاعات حساسة أخرى تشمل المصارف، الاتصالات، وشبكات المياه والكهرباء، مما يعزز أهمية الأمن السيبراني كعنصر مركزي في الأمن القومي الحديث.