فرضت إدارة دونالد ترامب عقوبات مالية على أربعة من كبار قضاة المحكمة الجنائية الدولية، في خطوة أثارت إدانة أوروبية واسعة واتهامات بمحاولة تقويض استقلالية القضاء الدولي، بينما دافعت المحكمة عن نفسها ورفضت التراجع عن قراراتها القضائية. واشنطن تبرر العقوبات بانتهاك السيادة أعلن وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو عبر منصة "إكس" فرض العقوبات، مبرراً القرار بزعم انتهاك هؤلاء القضاة لسيادة الولاياتالمتحدة وحليفتها إسرائيل. ووجه روبيو انتقادات حادة للمحكمة متهماً إياها ب"الاستهداف اللاأساسي والمسيس" لواشنطن وتل أبيب. وفصّل المسؤول الأمريكي طبيعة الاتهامات الموجهة للقضاة المعاقبين، مشيراً إلى أن اثنين منهم سمحا بإجراء "تحقيق لا أساس له" ضد موظفين أمريكيين في أفغانستان، بينما أصدر الآخران "أمر اعتقال غير شرعي" بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف جالانت. أوروبا تقف في وجه الضغوط الأمريكية رد الاتحاد الأوروبي بقوة على القرار الأمريكي، حيث أعلن رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا الجمعة عبر منصة "إكس" دعم الاتحاد المطلق للمحكمة، واصفاً إياها ب"حجر الزاوية بالنسبة للعدالة الدولية". وشدد كوستا على أن "المحكمة الجنائية الدولية لا تقف ضد الدول، بل ضد الإفلات من العقاب"، مؤكداً ضرورة "حماية استقلالها ونزاهتها" وأن "يسود حكم القانون على حكم القوة". من جانبها، أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين عبر منصة "إكس" أن "المفوضية الأوروبية تدعم المحكمة الجنائية الدولية ومسؤوليها بشكل كامل". وأضافت أن المحكمة "تحاسب مرتكبي أخطر الجرائم في العالم، وتعطي الضحايا صوتاً"، مشددة على أنها "يجب أن تكون حرة في التصرف دون ضغوط" وأن أوروبا "ستدافع دائماً عن العدالة العالمية واحترام القانون الدولي". المحكمة ترفض التراجع وتؤكد الاستمرار ردت المحكمة الجنائية الدولية بحزم على العقوبات الأمريكية، حيث أصدرت بياناً رسمياً اعتبرت فيه هذه الإجراءات "محاولة واضحة لتقويض استقلال مؤسسة قضائية دولية"ن مؤكدة في بيانها أنها "تدعم أفرادها دعماً كاملاً، وستواصل عملها بلا توقف"، رافضة بذلك الانصياع للضغوط الأمريكية. الخلفية القانونية للأزمة تعود جذور هذه الأزمة إلى قرارين قضائيين مثيرين للجدل: الأول يتعلق بإصدار المحكمة الجنائية الدولية في نوفمبر 2024 مذكرة اعتقال بحق نتنياهو وجالانت بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة. والثاني يخص قرار سابق بفتح تحقيق في مزاعم ارتكاب القوات الأمريكية "جرائم حرب" في أفغانستان. هذه التطورات تأتي في سياق الصراع المستمر في غزة منذ 7 أكتوبر 2023، والذي تصفه مصادر فلسطينية ودولية بأنه إبادة جماعية ترتكبها إسرائيل بدعم أمريكي مطلق، تشمل قتلاً وتجويعاً وتدميراً وتهجيراً، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية بوقفها. وقد خلف هذا الصراع حسب المصادر الفلسطينية أكثر من 180 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة واسعة ودمار شامل.