ترك الواجب فى مواقف تتطلب يد العون أو المساعدة والاكتفاء بالتصوير، مشاهد مرفوضة تدل على انحدار فى الإنسانية وتدنٍ فى الشهامة وتخلٍ عن الواجب، بل هو جريمة مضاعفة،عن ذلك يقول د. عصمت رضوان وكيل كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر: ما أكثرَ ما نرى فى أيامنا هذه من مشاهد تُلتقط فى لحظات خاطفة لحوادث أو مواقف تُثير الرأى العام، وتكشف الجرائم، وتُعين على تحقيق العدالة. ويضيف أن توثيق الحوادث بالتصوير لهو من أعظم الأدوات التى أتاحها التطور التكنولوجى فى يد العامة، فرب صورة واحدة تُغيّر مجرى قضية، أو تحفظ حقًّا، أو تفضح ظلمًا، وما أكثر ما أنصفَت العدسة مظلومًا، أو كشفت فسادًا، أو أرّخت لحظة فارقة فى حياة مجتمع، فالتصوير فى بعض الأحيان قد يكون شهادة أمام التاريخ، ومسئولية أمام الضمير،غير أن هذا الفعل، مهما بدا بسيطًا، لا يخلو من ضوابطٍ يجب مراعاتها؛ فليس كل ما يُرى يُنشر، ولا كل ما يُوثّق يُذاع، إذ ينبغى على من يصوّر أن يراعى حرمة الإنسان، وخصوصيته، ومشاعر ذويه، وأثر نشر الصورة على الأمن المجتمعي. اقرأ أيضًا | «ظلام» مشروع تخرج لطلاب إعلام الأزهر لمواجهة التنمر الإلكتروني ويشدد على أن واجب اللحظة قد لا يكون فى رفع الهاتف للتصوير، بل فى مدّ يد العون، أو الاتصال بالإسعاف، أو الحيلولة دون تفاقم الخطر، ويشير إلى أن للتصوير رسالة، لا شكّ فى ذلك، لكنها رسالة ينبغى أن تكون نبيلة: وهى إيقاظ الضمير المجتمعي، وحثّ الناس على التفاعل الإيجابي. ويضيف د. عصام المغربى خبير علم النفس والاجتماع أنه انتشر فى مجتمعنا ظاهرة الهوس بالتصوير بسبب انتشار الهواتف المحمولة المزودة بكاميرات فبات أمرًا معتادًا فنجد الكثير يصورون بهواتفهم المحمولة فى أماكن عامة وفى المستشفيات والطرق وفى كل مكان يرون لزوم التوثيق موقف ما أو صور ما ونشرها على وسائل التواصل الاجتماعى دون ما يؤول ذلك التصرف من آثار سلبية والذى قد يكون فيه تعدٍ على حقوق الآخرين أو خصوص حياتهم وله الكثير من السلبيات التى تهدد المجتمع من استخدام التصوير فى أعمال التنمر الإلكترونى وأيضا تشمل انتهاك الخصوصية لتشمل آثارًا نفسية واجتماعية عميقة على الأفراد والمجتمعات وهو الشعور الدائم بالمراقبة. ويؤكد الشيخ أحمد المراغى من علماء وزارة الأوقاف أن التصوير يجب أن يكون على قدر المسئولية ويقظة الضمير الأخلاقى، فليس من حق أحد أن ينتهك حق غيره من الناس أو أنه يتعدى على خصوصية غيره من الناس، ولابد أن يكون هناك ضابط أخلاقى نابع من ضمير مستخدم هذه الآلة، فلا يستخدمها إلا فيما يرضى الله تعالى بعيدًا عن معصيته، ولابد أن يدرك أن هذه مسئولية أمام الله وأمام المجتمع، مسئولية كالكلمة بل كالشهادة التى تغير المسار، ويجب أن يكون الإنسان على أعلى درجات الإيجابية التى تراعى حقوق الغير وتراعى وتراقب الله تعالى، وأن يكون مصدر خير وسعادة لغيره من خلال ما يقدمه ويصوره ويساعد فى إظهار ما يكون فيه مصلحة للفرد والمجتمع على حد سواء، لا أن يكون مصدر هم وإزعاج وقلق لغيره بانتهاكه حقوق الناس.