تُعد «طائفة البهرة» إحدى الطوائف الإسلامية ذات الطابع المذهبي الخاص، وهي فرع من الشيعة الإسماعيلية المستعلية، تتخذ من العقيدة الفاطمية أساسًا لمرجعيتها الفكرية والدينية، وتنتشر بشكل رئيسي في الهند وباكستان واليمن وشرق إفريقيا، إلا أن قيادتها الدينية تُقيم حاليًا في الهند، وتتمثل في الداعي المطلق، وهو أعلى سلطة دينية لدى البهرة. في السنوات الأخيرة، برز اسم طائفة البهرة في مصر بشكل ملحوظ، خاصة فيما يتعلق بإعادة ترميم وتطوير العديد من مساجد ومزارات آل البيت في القاهرة التاريخية، وتأتي هذه الجهود ضمن علاقة ودية تربط الطائفة بالحكومة المصرية، حيث حظيت قيادات البهرة باستقبال رسمي من الرئيس عبد الفتاح السيسي في أكثر من مناسبة، ما يعكس نوعًا من التفاهم والتعاون بين الجانبين. ◄ تقديس أئمة آل البيت يرتكز اهتمام «البهرة» بمساجد آل البيت في مصر على مكانة هذه الشخصيات في العقيدة الفاطمية الإسماعيلية، إذ يقدس البهرة أئمة آل البيت ويرون في تراثهم الديني والتاريخي جزءًا من هويتهم الروحية، ومن هذا المنطلق، جاءت مبادراتهم في ترميم المقامات والمساجد المرتبطة بهم، ومنها مسجد السيدة زينب، والسيدة نفيسة، والحسين بن علي رضي الله عنهم. اقرأ أيضا| أصل الحكاية| «البهرة»: إرث لا ينسى وتاريخ يتجدد وتتم عمليات الترميم بدقة وعناية، تحاكي الطراز الفاطمي الذي يعكس روح العصر الذهبي للدولة الفاطمية التي أسست القاهرة في القرن العاشر الميلادي، وتُستخدم في أعمال الترميم مواد وأساليب فنية عالية الجودة، مع الحفاظ على الطابع الأثري والمعماري الأصيل للمكان، وهو ما جعل بعض المشروعات تحظى بإشادة من الأوساط الثقافية والأثرية في مصر. ◄ هوية القاهرة الإسلامية هذه الجهود لا تقتصر فقط على البناء والترميم، بل تتعداها إلى المساهمة في التنمية المجتمعية عبر تقديم منح ومساعدات للفقراء، ودعم مبادرات الصحة والتعليم، في إطار ما يعرف ب«الاقتصاد الخيري»، وهي فلسفة اجتماعية يعتمدها البهرة في البلدان التي يتواجدون بها. وتمثل «طائفة البهرة» نموذجًا مثيرًا للاهتمام في التفاعل بين الدين والثقافة والسياسة، حيث توظف مواردها المادية ومرجعيتها الروحية لإحياء تراث آل البيت، في تناغم نسبي مع توجهات الدولة المصرية الساعية إلى الحفاظ على هوية القاهرة الإسلامية، وبذلك تترك الطائفة بصمة واضحة على المشهد الديني والثقافي في مصر، وهنا يبرز دور الطوائف الدينية في حفظ التراث الإسلامي وإعادة تشكيل الذاكرة التاريخية للشعوب. ◄ العلاقات التاريخية بين مصر وطائفة البهرة كان، السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، قد استقبل اليوم الإثنين، السلطان الدكتور مفضل سيف الدين، سلطان طائفة البهرة بالهند، وأنجاله الأمير جعفر الصادق عماد الدين، والأمير طه نجم الدين، والأمير حسين برهان الدين، وذلك بحضور مفضل محمد، ممثل السلطان بالقاهرة. وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، أن الرئيس السيسي، استهلّ اللقاء بالترحيب بالسلطان مفضل سيف الدين، الذي يحل ضيفًا عزيزًا على مصر، مشيدًا بعمق العلاقات التاريخية التي تجمع مصر بطائفة البهرة، كما أثنى على الجهود المقدّرة التي تضطلع بها الطائفة في ترميم وتجديد مقامات آل البيت وعدد من المساجد المصرية التاريخية، وهي جهود تتكامل مع مساعي الدولة المصرية في تحقيق التنمية وتطوير القاهرة التاريخية. وأشاد السيد الرئيس كذلك بالمشروعات التنموية والخيرية التي تقوم بها الطائفة في مصر، بالمشاركة مع صندوق «تحيا مصر». ◄ دور مصر في تعزيز السلام وأشار السفير محمد الشناوي، المتحدث الرسمي، إلى أن السلطان مفضل أعرب من جانبه عن بالغ امتنانه لحفاوة الاستقبال التي يحظى بها خلال زياراته إلى مصر، مؤكّدًا تقديره الخاص للرئيس السيسي، الذي يحرص دومًا على استقباله، مثنياً على ما تشهده مصر من جهود تنموية متواصلة ونهضة شاملة في مختلف المجالات، بالتوازي مع ترسيخ مبادئ المواطنة والتسامح. وأضاف المتحدث الرسمي أن السلطان مفضل ثمّن الدور القيادي الذي تضطلع به مصر في المنطقة لتعزيز السلام والأمن والاستقرار، منوهًا بمساعيها الحثيثة لتهدئة الأوضاع في دول المنطقة، وعلى رأسها جهودها في التوصل إلى إتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة.