فى الثالث من مايو كل عام، نحتفل باليوم العالمى لحرية الصحافة، لكن كلمة «احتفال» تبدو غريبة فى عالمٍ تدفن فيه الحقيقة مع ضحاياها، فبحسب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أكثر من 400 صحفى لقوا مصرعهم خلال السنوات الخمس الماضية فقط بسبب إصرارهم على نقل الحقيقة. وفى قلب هذه المأساة، يقف صحفيو فلسطين والأراضى المحتلة فى الصفوف الأمامية، بصدور عارية وصوتهم وأقلامهم فى مواجهة محتل مزور يحاول طمس الحقائق بقتل حراسها، لكن دماءهم تصرخ: «الحقيقة لا تقتل!» فى عالم تتصاعد فيه النزاعات والتزييف، لم تعد الصحافة مجرد نقل أخبار، بل تحولت إلى مقاومة يومية مقاومة للاحتلال، للأكاذيب، للخوف، وللتكنولوجيا ذات الوجهين. فالذكاء الاصطناعى، الذى كان من المفترض أن يكون دعماً للصحفى، يصبح أحيانًا سلاحًا للتضليل: أخبار مفبركة، صور «ديب فيك»، وأصوات مُزيفة تفبرك وتُحارب الحقيقة. فى معظم أنحاء العالم، تواجه الصحافة الورقية تحديات وجودية، صحف توقفت عن الطباعة، مؤسسات عريقة انتقلت إلى العالم الرقمى، وجيل كامل يتعامل من خلال الموبايل فقط، اختفى بائعو الصحف من الشوارع، وفقد كثير من الصحفيين وظائفهم، واضطر آخرون إلى التحول للصحافة الرقمية دون أدوات كافية أو تدريب رغم كل شىء، لا يزال الأمل موجوداً فى مؤسسات تجدد أدواتها وتطور واقعها، وصحفيون يتمسكون بالكلمة كسلاح أخير، مؤمنين بأنهم حراس الحقيقة وعيونها التى لا تنام. نحتاج تشريعات تحمى الصحفيين، لا تكبل أقلامهم والحمد لله فى مصر يتوفر الايمان بدور الصحافة والدعم المادى للقيام بدورها وانتخاب نقابى حر ونزيه كما يتوفر الدعم التقنى بنص القانون الذى يُعيد إحياء المهنة ،ووعى مجتمعى بأن الصحافة ليست عدوًا، بل حارساً أميناً للديمقراطية. فموت الصحافة يعنى انتصار الظلام.. فهل نترك النور ينطفئ؟ .