على أيامنا الخوالى، كان السؤال: تحب تطلع إيه؟! وكانت الإجابة تلقائيًا: دكتور.. وكاتب هذه السطور كان مرشحًا من مكتب التنسيق للقب دكتور، ولكنه عمد إلى تحويل المسار إلى مهنة البحث عن المتاعب، ووجع القلب، وصار فى حاجة إلى «كونسلتو» لعلاج آلامه المبرحة! وأيام الجائحة، الله لا يعودها، والناس تتخفى من الموت فى قعور البيوت، وقف الطبيب المصرى على خطوط المواجهة الأمامية، ألوف من شيوخ وشباب الأطباء ظلوا مرابطين يكافحون الوباء ما استطاعوا.. لم يطلبوا جزاء ولا شكورًا، وبعد انقشاع الغمة، عادوا سيرتهم الأولى يطببون المرضى، ويخففون الآلام، ولا يتبعون جميل صنيعهم منا ولا أذى. الحكى البغيض عن الأطباء، والتهوين من أقدارهم، والتجاوز فى حقوقهم، والتقتير عليهم، نوع من الإنكار والتنكر لجميل صنيعهم. فى المستشفيات والعيادات والمستوصفات وعلى مدار الساعة، شرفاء يجاهدون بشرف، يؤدون واجبًا إنسانيًا عظيمًا، فى مهمة مقدسة. الطبيب المصرى رغم ضعف الإمكانيات، وقسوة الظروف فى النوبتشيات، وكثافة الحالات، وعصبية الشارع، والاتهامات الجزافية، والتعديات أحيانًا، واقفون على طولهم، بكل تواضع قانعون يودون الرسالة التى يحملونها، لا يطلبون الكثير، يكفيهم الدعاء، وابتسامة على الشفاة تتمتم بحمد الله على الشفاء. ورغم المعاناة لا يزالون قابضين على الجمر، يعملون فى صمت، ويرسمون إبتسامة تطمن القلوب، يخشى الطبيب على مريضه ربما أكثر من بعض أهله. وعجبًا، تحسبهم أغنياء من التعفف، ما تقرره الحكومة من رواتب ليس بالكثير الذى يغنى عن السؤال، وواجب مستوجب جزل العطاء، ومهما كانت الكلفة رعاية الأطباء وراحتهم فرض عين، إذا ارتاح الطبيب ارتاح مرضاه، ومطلوب توفير أسباب الراحة المادية والمعنوية للأطباء.. وهذا ليس بكثير على وطن تخرج فيه أعظم الأطباء، وبين ظهرانينا أعلام من الأطباء، وجداول دار الحكمة تحوى جيشًا أبيض نذر أرواحه فداء، وحرص الرئيس السيسى على تكريم شهداء الأطباء فى يوم الشهيد ضمن صحبة الورد من شهداء المحروسة خليق بالتدبر. شتان، رأس الدولة يكرم الأطباء، وللأسف بعض المنصات والمنابر تبتدرهم كراهية ليس لها محل من الإعراب المجتمعى. الأطباء ثروة قومية، يوزنون بالذهب الخالص، وكل فقد بالهجرة يكلفنا ما لا طاقة لنا به، يصعب تعويضه، لا نملك رفاهية هجرة الأطباء، ونحن فى أمس الحاجة لطبيب حديث التخرج يتمنى خدمة ناسه وأهله. حال الأطباء يستحق نظرة حكيمة، إنصاف، وتقدير، ورعاية، فضلًا عن الحماية من الهجمات المرتدة عليهم من بعض شذاذ الأفاق. التحريض على الأطباء بغرض الفتنة المجتمعية فى توقيت جد عصيب على الوطن، افتعال مستهجن، وسلوك مرفوض، اللى عنده كلمة حلوة فى حق الأطباء يقولها، ومن فى قلبه مرض يكفينا صمته، الأطباء جواهر التاج، ومكانتهم فوق الرءوس، ومستوجب تلبية احتياجاتهم، وتمكينهم من خدمة أهلهم. غير صحيح أن الأطباء يسعون إلى الهجرة ما استطاعوا، «إيه اللى رماك على المر قالوا اللى أمر منه» وبالمثل «إيه اللى رماك على طلب الهجرة قالوا اللى أمر منه،.. الجحود والنكران».