محمد أمين محمد الموجي موسيقار مصري مجدد حمل على عاتقه مهمة الحفاظ على الموسيقى العربية وتطويرها، جامعًا بين الأصالة والمعاصرة ورؤية فنية تستشرف آفاق الغد، ولد فى 4 مارس 1923 بمدينة "بيلا" بمحافظة "كفر الشيخ" لأسرة تهوى الفن، تعلم العزف على العود على يد والده وعمه، وأجاده على يد مدرس الموسيقى إبراهيم الشال، وحصل على دبلوم المدارس الثانوية الزراعية عام 1944، وطغت موهبته على شخصيته فلم يستقر فى عمله ككاتب بالمعسكرات البريطانية ومعاون وناظر للزراعة بإيتاى البارود، وفى عام 1949 نزح إلى القاهرة ليبدأ حياته كمطربٍ وملحن، وساعده متعهد الحفلات "سعيد الموجي" على الغناء فى صالة "الكواكب" و"فرقة صفية حلمي" و"فرقة عبد العزيز محمود" وتقدم إلى اختبارات الإذاعة وتمت إجازته كملحن، ومن خلال ما عرف ب "الأركان الشعبية" حمل صوت المطربة "فاطمة علي" أول ألحانه "يا موج البحر" إلى المستمعين، من كلمات شقيقته "نادرة أمين" كما عمل عازفًا للعود بفرقة "عطية شرارة". فى مبنى الإذاعة التقى "عبد الحليم حافظ" فى مكتب "حافظ عبدالوهاب" مسؤول الغناء والموسيقى، ونشأت بينهما صداقة إنسانية وفنية نادرة، وشقا معًا طريق الكفاح وبلغا قمة الإبداع الفنى، وتفوق الموجى على أقرانه من الملحنين فلحن لحليم 80 لحنًا من خلاصة الفن العربى، ويرجع إليه فضل اكتشاف نخبة من المطربين والمطربات، من بينهم: "كمال حسنى، ماهر العطار، عبد اللطيف التلبانى، محرم فؤاد، مها صبرى، هانى شاكر، أميرة سالم، أحمد إبراهيم" ولنجاحه الكبير تلقفت الإذاعة والتليفزيون أعماله الفنية من موسيقى وألحان بالعديد من المسلسلات والأوبريتات، كما وضع موسيقى العديد من المسرحيات، والموسيقى التصويرية والألحان للعديد من الأفلام السينمائية، ولغزارة إنتاجه وأهمية منجزه الموسيقى استحق التكريم فى مصر وخارجها لأكثر من مرة، فحصل على الميدالية البرونزية من الرئيس جمال عبد الناصر عام 1965، ووسام العلم، ووسام الاستحقاق من الرئيس السادات، وشهادات تقدير من الرئيس حسنى مبارك، كما حصل على أوسمة ونياشين من أغلب ملوك ورؤساء الدول العربية، بالإضافة إلى الميدالية الفضية من جمعية المؤلفين والملحنين بباريس، وتولى رئاسة جمعية المؤلفين والملحنين المصرية عام 1991 خلفًا للموسيقار محمد عبد الوهاب. برز محمد الموجى فى مستهل مشواره من خلال الشاشة الفضية ومثل ثلاثة أفلام هي: "رحلة غرامية، أنا وقلبي" 1957 "العزاب الثلاثة" 1964، وبلغت أعماله أكثر من 1500 عمل فنى، من أبرزها ما تغنت به كوكب الشرق: "أنشودة الجلاء، بالسلام احنا بدينا، محلاك يا مصرى، يا صوت بلدنا، يا سلام على الأمة، حانة الأقدار، أوقدوا الشموس، للصبر حدود، اسأل روحك" ومن أبرز ألحانه للفنانة شادية: "مين قال لك تسكن فى حارتنا، نو يا جونى، شباكنا ستايره حرير، يا قلبى سيبك، غاب القمر، كلنا عرب، يا عزيز عينى، عاشق الموال، بلد الأحرار، أقول له والا لأ، أمانة عليك أمانة، مصر نعمة ربنا، بوست القمر، مخاصمنى بقاله مدة، إحنا وياك يا ريس، قالى الوداع، عربى فى كلامه، على شط النيل، أحلى الكلام" ووفدت الفنانة فايزة أحمد من سوريا الشقيقة بحثًا عن ألحانه: "أنا قلبى إليك ميّال، يا أمه القمر ع الباب، بيت العز، حيران، يا حبيبى واحشنى، يا الاسمرانى، ليه يا قلبى ليه، قلبى عليك يا خى، تعالالى يابا، يا تمر حنة، م الباب للشبّاك، غلطة واحدة" وغير ذلك الكثير، فيما تغنت الفنانة صباح من ألحانه بعشرات الأعمال، أبرزها: "الراجل ده ح يجننى، الجلابية، الدوامة، ب فتحة بحبك، سلموا لى على مصر، ملحق طبعة جديدة، لأ، قولِّى أيوه، الغاوى، الحليوة فين، قال إيه بيحب، وحياة عينيا دول، الحلو ليه تقلان، أسمر أسمر، أنا شفت جمال، زى العسل، "طعميتك سكر، والله واتجمعنا، ع الجسر العالي" وكانت رائعته "يا أغلى اسم فى الوجود" درة تاج "نجاح سلام" ومن أبرز ألحانه لنجاة: "مر هذا اليوم، فرحة وتحية، ما استغناش عنك، الليلة دى، أما براوة، إيه هوه ده، حبيبى لولا السهر، عيون القلب، بتقوللى بحبك من إمتى، فيما كان الأسبق إلى التلحين للشيخ سيد النقشبندى عام 1967 بلحنه "يا نور الحق". أسماء بنات الموجى "ألحان وغنوة وأنغام" تعكس ولعه بالموسيقى، فضلًا عن اضطلاع "غنوة" بدراسات موسيقية عليا عن موسيقى الموجى، أما أولاده الذكور فهم: أمين ويعمل بالمحاسبة وله حس فنى، والملحن الشهير الموجى الصغير، وعازف الكمان والموزع القدير يحيى الموجى الذى خص "أخبار السيارات" بنبذة عن السيارات التى امتلكها والده خلال مسيرته الفنية الطويلة، لافتًا إلى أولى هذه السيارات كانت من طراز "أوبل" 1970، وشهدت وقوع حادث سير له أدى إلى تحطم زجاجها وتناثره فوق جسده وملابسه، فخرج منها وركنها بالشارع وقام بتنفيض ملابسه، واستقل سيارة أجرة وعاد إلى المنزل يحمد الله على خفى ألطافه، فيما كانت سيارته الثانية شيفروليه "كمارو" وعهد بقيادتها إلى سائق، كانت إحدى مهامه توصيل يحيى إلى معهد الموسيقى، وذات مرة قام يحيى بإنزال السائق وقادها بمفرده، ولسوء حظه اصطدم بسيارة "لوري" وغلبه الخوف من ردة فعل والده، ولكنه آثر الصدق فقص عليه ما حدث دون تحريف، وفوجيء به يقول: "برافو عليك يا يحيى.. أنت كده واضح وصريح وجريء.. وفداك العربية"، كما امتلك الموجى سيارتين طراز "فيات" 132، 2000"، وسيارتين "مرسيدس" 180 S، عيون" والأخيرة ركبها مرة واحدة، وباعتها الأسرة بعد رحيله فى الأول من يوليو عام 1995 من باب التشاؤم. يقول الموسيقار عمار الشريعي: "وددت لو لحنت أغنية "جبار" لعبد الحليم حافظ على النحو الذى قام به الموجى حتى لو لم ألحن بعد هذا اللحن العبقرى، كان ذلك يكفينى ليقال إننى من عظماء التلحين فى المشرق العربي" ولا ينسى الموجى كيف انتهره العندليب بشدة حين قال له أنه أسمع عبد الوهاب جملة موسيقية وفوجيء بها فى لحنه الجديد "أحبك وأنت فاكرني" يومها قال حليم: "قلت لك ألف مرة ما تسمعهوش حاجة، فهو ينسى أى شيء إلا الموسيقى" ولأن عبد الوهاب ظل المثل الأعلى والأب الروحى للموجى تقبل عتابه مداعبًا "وفيها إيه لما الأب يعجبه "كرافت" ابنه فيستعيره منه" وللحقيقة فإن عبد الوهاب لم يكن يخفى دهشته وانبهاره بألحان الموجى، من ذلك قوله بأنه كلما استمع إلى لحن "لايق عليك الخال" يردد تلقائيًا "الله الله يا موجى، لو لم تلحن سوى "قفلة" هذا اللحن لكفاك فخرًا ومجدًا" كما أشاد بعبقريته فى لحن "رسالة من تحت الماء" وعمق المقدمة، فمن خلال أربع جمل موسيقية عصرية شديدة التكثيف مهَّد للغناء فى وقت شاعت فيه المقدمات الطويلة وزحام الإيقاعات".