لم تعد الصحافة كما كانت، ولم يعد الخبر وليد القلم وحده، بل أصبح نتاج منظومة متكاملة من الخوارزميات والبيانات الذكية التي تعيد تشكيل المشهد الإعلامي. وفي ظل هذه التحولات، صدر عن الكاتب محمد ناصر فرغل، الصحفي بجريدة «الأخبار» والمحاضر الجامعي، كتابه الجديد "الذكاء الاصطناعي في الصحافة: حقبة جديدة من صناعة الأخبار". ويعد الكتاب بمثابة أول دراسة أكاديمية متخصصة تتناول بعمق الذكاء الاصطناعي في الصحافة، متجاوزًا الطرح النظري إلى استكشاف التطبيقات العملية، والتحديات الأخلاقية، والتأثيرات المحتملة على مستقبل المهنة. يضع الكتاب بين يدي القارئ خريطة شاملة لمجالات توظيف الذكاء الاصطناعي في الصحافة، بدءًا من تحليل البيانات الضخمة، وإنتاج المحتوى الآلي، والتحقق من الأخبار المزيفة، وصولًا إلى محركات التوصية وأدوات التحرير الذكية. لكنه لا يقتصر على الإمكانيات التقنية. بل يغوص في التداعيات التي يفرضها هذا التحول: هل يعزز الذكاء الاصطناعي جودة العمل الصحفي أم يهدد استقلاليته؟ وهل يصبح الصحفي أكثر تحررًا بفضل الأدوات الذكية أم يقع فريسة لهيمنة الخوارزميات؟ وفي قلب هذا النقاش، يبرز البعد الأخلاقي كحجر زاوية لا يمكن تجاهله، إذ يناقش الكتاب قضايا الدقة، والتحيز الخوارزمي، والخصوصية، وحدود تدخل الذكاء الاصطناعي في صناعة الرأي العام. إنه ليس مجرد استعراض للتكنولوجيا، بل محاولة لفهم كيف يمكن للصحافة أن تحافظ على جوهرها الإنساني في عصر تحكمه الآلات. "الذكاء الاصطناعي في الصحافة" ليس فقط مرجعًا للباحثين، بل هو دليل عملي للصحفيين الذين يسعون إلى استيعاب الثورة الرقمية وتسخيرها لصالح المهنة، وليس على حسابها. إنه رؤية جديدة لعصر جديد، حيث لا يُمحى دور الإنسان، بل يُعاد تشكيله بحكمة ومسؤولية.