«كعك العيد».. عادات اجتماعية رسّخها المصريين القدماء

عيد الفطر المبارك ليس مجرد مناسبة دينية في مصر، بل هو احتفال اجتماعي وثقافي له جذور تاريخية تعود إلى مصر الفرعونية، ومن أقدم التقاليد المرتبطة به صناعة الكعك، الذي ظل رمزًا للفرحة والاحتفال منذ عهد الفراعنة وحتى يومنا هذا.
فكيف كان يحتفل المصريون القدماء بالأعياد؟ وكيف ظهر تقليد إعداد الكعك في العصور القديمة؟ هذا ما نستعرضه في هذا التقرير الشامل.
أولًا: الأعياد في مصر القديمة.. كيف كان المصريون يحتفلون؟
اشتهر المصريون القدماء بإقامتهم للاحتفالات الدينية والاجتماعية، وكان لديهم العديد من الأعياد التي يجتمعون فيها للعبادة والاحتفال بالطعام والرقص والموسيقى.
ومن بين أهم هذه الأعياد:
◄ عيد «الوفاء للنيل» الذي كان يتم فيه تقديم القرابين للإله حابي «إله النيل» احتفالًا بفيضان النهر.
◄ عيد «أوبت» الذي كان يحتفل فيه المصريون القدماء بمسيرة تمثال الإله آمون من معبد الكرنك إلى معبد الأقصر.
◄ عيد رأس السنة المصرية القديمة، حيث كانت العائلات تقدم الأطعمة والهدايا لبعضها البعض، وهو ما يشبه إلى حد كبير احتفالات العيد اليوم.
ومع دخول الإسلام إلى مصر، أصبح عيد الفطر هو الاحتفال الرسمي الذي يجمع بين الطابع الديني والاجتماعي، لكنه احتفظ بالكثير من الطقوس التي كانت تمارس منذ العصور الفرعونية.
ثانيًا: عيد الكعك في مصر القديمة.. من القرابين إلى الاحتفال
يُعتقد أن المصريين القدماء هم أول من اخترعوا الكعك، حيث كان يُعد ضمن القرابين التي تُقدم للآلهة في المعابد، وقد عُثر في مقابر طيبة ومنطقة هرم سقارة على نقوش ورسومات تصور الكعك بأشكال متعددة، مما يدل على أنه كان جزءًا أساسيًا من الاحتفالات.
◄ أدلة على وجود الكعك في مصر القديمة
* نقوش ورسومات فرعونية:
في مقبرة الوزير «رخمي رع» من عصر الدولة الحديثة، توجد مناظر تظهر عمال المخابز وهم يعدّون الكعك المستدير ويقدمونه للملوك والكهنة.
في معابد الكرنك والأقصر، هناك مشاهد طقسية يظهر فيها الكهنة وهم يحملون صواني مليئة بالكعك كجزء من الطقوس الدينية.
◄ اكتشافات أثرية
تم العثور على قوالب حجرية استخدمها المصريون القدماء لصنع كعك بأشكال متنوعة، منها الورود، النجوم، والحلقات، وهي أشكال لا تزال تُستخدم حتى اليوم في مصر.
وجدت بعض الكتابات الهيروغليفية التي تشير إلى أن الكعك كان يسمى «كحك» أو «كاهكا»، وهو قريب جدًا من الاسم المستخدم اليوم.
اقرأ أيضا| في عيد الفطر.. طريقة تحضير الكعك بسهولة
كان المصريون القدماء يصنعون الكعك باستخدام الدقيق، العسل، والسمن الطبيعي، ثم يضيفون إليه التمر أو الجوز، وهو ما يشبه وصفات الكعك الحديثة إلى حد كبير.
◄ الكعك وسيلة للمكافآت والتكريم
كان الفراعنة يقدمون الكعك كقرابين في المعابد، ثم أصبح جزءًا من ولائم الاحتفالات.
في العصر الفاطمي، تحوّل الكعك إلى عادة اجتماعية، حيث كان يُوزع على الفقراء والمحتاجين خلال العيد، وهو تقليد ما زال مستمرًا إلى اليوم.
◄ ثالثًا: كيف كان المصريون القدماء يحتفلون بالعيد؟
رغم أن عيد الفطر بصورته الحالية لم يكن موجودًا في مصر القديمة، إلا أن هناك تشابهًا كبيرًا بين الاحتفالات القديمة والاحتفالات الحديثة، حيث كان المصريون القدماء يقيمون المهرجانات بطريقة مشابهة لما يحدث في العيد اليوم:
◄ إعداد الأطعمة الخاصة بالاحتفال
كان المصريون القدماء يحضّرون الكعك والخبز الحلو والفطائر، تمامًا كما نفعل اليوم مع كعك العيد والبسكويت.
◄ التجمعات العائلية
كانت العائلات تجتمع لتبادل الهدايا والطعام، وهو تقليد لا يزال مستمرًا في العيد.
◄ الاحتفالات العامة
كانت المدن المصرية القديمة تشهد مهرجانات موسيقية ورقصات احتفالية، تشبه الفعاليات التي تُقام اليوم خلال العيد.
◄ زيارة المعابد والمقابر
اعتاد المصريون القدماء على زيارة مقابر أجدادهم وتقديم الطعام لهم كنوع من البركة، وهو ما يوازي زيارات المقابر التي يقوم بها بعض المصريين في أول أيام العيد حتى اليوم.
عيد الفطر وعادة تناول الكعك في مصر لهما جذور عميقة تمتد إلى آلاف السنين، حيث كان المصريون القدماء يحتفلون بالمناسبات الدينية والاجتماعية بتناول الحلويات وإقامة الولائم العائلية.
ورغم مرور الزمن، فإن هذه التقاليد لا تزال جزءًا من الثقافة المصرية، مما يعكس استمرارية وتأثير الحضارة الفرعونية في حياة المصريين حتى اليوم.