■ كتب: حسن حافظ أمام الأباطيل الصهيونية التي يروج لها قادة دولة الاحتلال الإسرائيلي، للتوسع على مزيد من بلاد العرب، لم يكن هناك أفضل من حقائق التاريخ وأدلة الآثار لدفع البطلان الإسرائيلى وكشف عواره أمام الناس، لفضح الأكاذيب التي تنامت سريعا لاختراع فكرة (إسرائيل الكبرى) الاستعمارية لتبرير التوسع الاستيطاني على حساب الأراضى العربية، وهى الدعاية الصهيونية النشطة فى الآونة الأخيرة على وقع احتلال إسرائيل لأراضٍ فلسطينية جديدة بالإضافة إلى أخرى في لبنان وسوريا باستغلال الوضع السيئ الذى تمر به المنطقة العربية، لكن الأدلة الأثرية المدعومة بالشواهد الأثرية تضع الأمور في نصابها وترد الحق إلى أصحابه، وتثبت أن الأرض عربية رغم غارة المحتلين ومحاولات سرقة المزورين. ◄ بقايا سور حصن مصري بغزة يعود ل3200 قبل الميلاد.. وعملات أثرية تنتصر لفلسطين ◄ محمد عبدالحميد: المصادر تكشف معلومات تفضح محاولات الصهيونية قراءة التوراة بشكل خاطئ الحكايات الإسرائيلية التى تستند إليها الحركة الصهيونية للترويج لفكرة إسرائيل الكبرى التى تمتد على كامل الأراضي الفلسطينية وبعض الأراضى اللبنانية والسورية والأردنية، معلقة فى الفراغ فلا توجد أى أدلة تاريخية أو أثرية تثبت ما تردده الدعاية الصهيونية الاستعمارية، وهو ما يمكن تفنيده بالأدلة والوثائق التاريخية، فمحمد عبد الحميد، الباحث الأثرى والمتخصص فى المسكوكات الفلسطينية، فند الأوهام الإسرائيلية قائلا ل«آخر ساعة»، إن «الكثير من المراجع الإسرائيلية والعربية وقعت فى خطأ اعتماد مثل هذه الخرائط غير الصحيحة، والتى لا تستند إلى أى أدلة أثرية أو تاريخية، فالخطأ الأساسي هو اعتبار كل ما جاء فى التوراة مادة تاريخية، وهذا أمر غير علمى، لأن التوراة كتاب إيمان ومقدس عند اليهود فقط، ولا يمكن أن نستلهم منه مادة تاريخية تتفق مع جرى على أرض الواقع بالفعل وترك خلفه وقائع تاريخية وأثرية لا يمكن تكذيبها، فدراسة تاريخ فلسطين وبلاد الشام عامة تنطلق من المصادر التاريخية والأثرية على وجه الحصر، والتى تكشف لنا عن معلومات لا يمكن تكذيبها، وهى تفضح محاولات الصهيونية لقراءة التوراة بشكل خاطئ واستخراج مادة تاريخية مغلوطة ومزورة منها». ◄ خرائط مزورة وأضاف عبد الحميد: «ليس هناك أى دليل أثرى على كلام الحركة الصهيونية وخرائطها المزورة، فبداية ليس هناك مملكة موحدة عظيمة لبنى إسرائيل كما يحاولون الزعم، فما هو مسجل أن مملكة إسرائيل كانت بشكل عام لا تتجاوز فكرة المدينة الدولة، أى القدس وما حولها فى أقصى اتساع لهذه المملكة التى لم تكن إلا تجمعا قبليا محليا لم يكن مؤثرا فى تاريخ المنطقة التى كانت تابعة معظم الفترات التاريخية للقوى العظمى فى العالم وقتذاك أى مصر القديمة والدول العراقية المتعاقبة من البابليين والآشوريين ثم الفرس واليونان والرومان، فهذا هو تاريخ المنطقة المسجل والتى كانت تابعة وتصنف أنها قوى محلية ومحدودة فى تأثيرها على مجرى الأحداث التاريخية للمنطقة فى كل فلسطين بل الشام أيضًا، فالنظام المتبع هو المدينة الدولة أى مدينة كبيرة نسبيا تشرف على كامل الإقليم التابع، وهو نظام بدأ مع الفينيقيين أساسا ثم تطور مع اليونان والرومان الذين أعادوا تطبيقه على بلاد فلسطين، فتجمع اليهود لم يكن مستقلا وكان تابعًا للقوى العالمية التى تسيطر على بلاد فلسطين، أى أنهم فى حكم الحكم المحلى أو الإدارة الذاتية التابعة للقوى العظمى المهيمنة». ■ كل الآثار تكشف كذب الادعاءات الإسرائيلية ◄ اقرأ أيضًا | أكذوبة إسرائيل الكبرى.. حقائق التاريخ تبدد أوهام خرائط الصهيونية الملفقة ◄ المفاجأة وتابع الباحث الأثرى: «الأدلة الأثرية التى تعود إلى القرن السابع قبل الميلاد، تثبت أن سكان القدس/ أورشليم، لم يتجاوزوا خمسة آلاف نسمة، وهو عدد محدود جدًا، ولا يعكس ما تصوره الكتابات الدينية اليهودية عن عظمة مملكة يهوذا الإسرائيلية، وهو رقم يصعب أن يوصف بالمملكة القوية فى ظل كيانات سياسية شديدة الضخامة فى ذلك العصر، بل إن المفاجأة أن التاريخ ينصف المدن الفلسطينية التى سيطرت على الساحل فى مقابلة تجمع اليهود العبرانيين فى مملكة يهوذا، إذ إن العملات المكتشفة تكشف عن أن مركز الثقل السياسى والاقتصادى والاجتماعى والسكانى كان فى مدن الساحل الفلسطيني وهى غزة وعسقلان وأشدود، وليس فى أورشليم ومدن الداخل التى سيطر عليها العبرانيون، وهو أمر مثبت بالأدلة الأثرية فتم الكشف عن 22 إصدارا من العملة المضروبة فى أورشليم، بينما تم العثور على 350 إصدارا من العملة المضروبة فى مدينة غزة فى نفس الفترة، فلك أن تتخيل حجم الفارق فى النشاط الاقتصادى والكثافة السكانية فى غزةالفلسطينية، وحتى السامرة عاصمة مملكة الشمال اليهودية المزعومة فلم يصدر عنها إلا 110 إصدارات من العملة، أى أن المنطقة التى يقول اليهود إنها كانت مملكة بنى إسرائيل الموحدة لم يصدر عنها إلا أقل من نصف إصدار المنطقة الفلسطينية الساحلية التى كانت مركز النشاط السياسى والاقتصادى والسكانى». ■ العملات الأثرية الكشفية تكشف حقيقة التاريخ ◄ مملكة حبيسة وكشف الباحث الأثرى عن مفاجأة من العيار الثقيل، إذ أكد أن الأمر الآخر المبنى على أكذوبة هو ما يتعلق بوصول مملكة إسرائيل أى المملكة الشمالية بعد انقسام المملكة الموحدة، إلى شواطئ البحر المتوسط كما هو موضح بالخريطة المزورة، «فالثابت تاريخيًا وأثريًا أن مملكة السامرة أو إسرائيل لم تصل إلى شواطئ البحر المتوسط فى عصر عظمتها المتخيلة، بل كانت مملكة بلا شواطئ وحبيسة الداخل، والفترة الوحيدة التى وصلت فيها إلى الساحل كانت فى عهد الحاكم هيرودس وهو كما نعلم جميعا كان حاكمًا رومانيًا، والثابت أن الساحل الفلسطينى كان يخضع إما للمدن الفينيقية أو الفلسطينية، وغير ذلك فهو كلام غير علمى يصل إلى مرحلة الهذيان، وهو ما أكده العالم الأثرى الفرنسى جان باتيست هامبرت، والذى أجرى الكثير من الحفريات فى غزة، وكشف عن بقايا سور لحصن مصرى يعود إلى 3200 سنة قبل الميلاد أى عصر الدولة القديمة، وتم الكشف عنه فى منطقة تل السكن الأثرى جنوب مدينة غزة، وهو ما يكشف عن أن غزة كانت قاعدة أمامية لمصر منذ فجر التاريخ، كما أثبت من خلال حفرياته أنه لا وجود أثريا لما يطلق عليه الحضارة اليهودية، وأن حتى اللغة اليهودية القديمة هى اللغة الآرامية، وأن كل ما ينسب إلى الحضارة اليهودية بفعل الدعاية الصهيونية فى حقيقتها مكونات محلية لثقافات مختلفة، فحتى معبودهم يهوه، يعد أحد تجليات الإله أيل المرتبط بالكنعانيين وحضارات ما بين النهرين، وأورشليم فى حقيقتها تعنى مدينة شالم أو سالم وهو إله محلى، وأصول التسميات اليهودية تعود كلها إلى الكنعانية باعتبارها الثقافة المهيمنة على المنطقة ككل». ■ الخريطة المزورة لمملكة يهوذا وإسرائيل بعد الانقسام ◄ آثار مزيفة الحقائق التاريخية التى يستند إليها محمد عبد الحميد وغيره من الباحثين الأثريين أمثال جان باتيست تثبت بأن العبرانيين لم يكونوا القوة المهيمنة على كل فلسطين فى أى وقت من الأوقات، وكانوا أحد أجزاء فسيفساء ضخمة تشمل العديد من الثقافات المختلفة وفى مقدمتها الكنعانية، وأن الثابت أن الشعب العبراني دخل إلى فلسطين فى منتصف الألفية الثانية قبل الميلاد، فى نفس لحظة وصول شعوب البحر إلى المنطقة، وهناك ملاحظة مهمة وهى أن المدن الفلسطينيةغزة وعسقلان وأشدود استخدمت الحديد بشكل مبكر، وكانت بها صناعة متقدمة للسلاح، بصورة تجعل فكرة خضوعها للعبرانيين الذين يستخدمون النحاس شبه مستحيلة، الأمر الذي يجعل علمي التاريخ والآثار فى عداء مع الأكاذيب والأباطيل الصهيونية التى تحاول تزوير الأدلة الأثرية لكى تثبت التاريخ القديم المزعوم للإسرائيليين، وإذا جاءت الأدلة لتؤكد على الوجود الفلسطيني، فإنه يتم تأويلها بشكل متعسف من قبل من يطلق عليهم بمؤرخى التوراة، الذين أنتجوا فى الحقيقة علم آثار زائفا، قائما على تغليب الأيديولوجية على حساب حقائق التاريخ والآثار، بحسب محمد عبد الحميد. ◄ إبادة بالذاكرة ولا تقتصر آليات الإبادة الإسرائيلية على الفعل المادى، بل تعمل على إبادة الذاكرة الجمعية الفلسطينية، بحسب عصام سخنينى، المؤرخ الفلسطيني الذى يرصد فى كتاب (الجريمة المقدسة: الإبادة الجماعية من أيديولوجيا الكتاب العبرى إلى المشروع الصهيونى)، سلسلة من الفضائح العلمية الدولية التى وقع فيها من ينتمى إلى الحركة الصهيونية فى سعيهم للتنقيب عن أى آثار يهودية فى فلسطين، ومحاولة ربطها بما جاء من قصص التوراة، لكن بلا جدوى، فرغم عمليات التنقيب المحمومة على مدار سبعين سنة، لم يتم العثور على أى أدلة أثرية عن الوجود اليهودى المزعوم فى فلسطين، وهنا لجأ الصهاينة إلى فبركة التاريخ من ناحية، وسرقة التراث الفلسطيني العربي ونسبته إلى إسرائيل ظلما وعدوانا، أمام حقائق التاريخ الصلبة اعترف زئيف هيرتزوج، الأستاذ فى دائرة علم الآثار ودراسات الشرق الأدنى القديم فى جامعة تل أبيب، بالحقيقة قائلا: «بعد سبعين سنة من عمليات التنقيب المكثفة فى أرض إسرائيل، توصل علماء الآثار إلى ما يلى: إن حكايات وقصص الآباء جميعا أسطورية، غير أن إسرائيل شعب عنيد ولا يريد أن يسمع عنها شيئا».