دون سابق إنذار تقدم وزير التربية والتعليم محمد عبداللطيف، بمقترح إلى مجلس الوزراء تضمن تطوير شهادة الثانوية العامة وتغيير مسماها إلى شهادة «البكالوريا المصرية»، ليبدأ تطبيقها على طلاب الصف الأول الثانوي العام المقبل، ورغم أن مجلس الوزراء تحدث عن إطلاق حوار مجتمعي لمناقشة المقترح بشكل تفصيلي فإن الأيام الماضية شهدت ضجيجًا بين مؤيد ومعارض للمنظومة الجديدة التي تأتي ضمن محاولات ومقترحات عديدة تكون بمثابة قنبلة تقضي على «بعبع» الثانوية العامة ولم يخرج المقترح في مجمله عن آخر مماثل إلى درجة كبيرة قدمه الوزير السابق رضا حجازي قبل رحيله. ■ وزير التعليم محمد عبداللطيف ◄ معلمون: مهمة.. والأهم التأني في التطبيق في هذا الملف نستطلع آراء أطراف المنظومة التعليمية في تطوير شهادة الثانوية العامة، ونطرح عدة تساؤلات أبرزها: هل نحتاج إلى نظام جديد للشهادة الثانوية أم لضبط منظومة الامتحانات؟ وهل يحقق النظام الجديد الهدف الرئيسي المتمثل فى القضاء على بعبع الثانوية؟ وهل لدينا الإمكانيات التى تساعد على إضافة مواد وتخصصات جديدة مع بدء تنفيذ المنظومة مطلع العام الدراسى المقبل؟ وهل تشبه المنظومة الجديدة أنظمة الدبلومة الأمريكية وشهادة الآي جي البريطانية؟ يؤكد الدكتور علاء الجندي، معلم وخبير تربوى، أن المنظومة الجديدة في ظاهرها تهدف إلى تخفيف العبء النفسى على طلاب الثانوية العامة من خلال إتاحة محاولات عديدة لدخول الامتحان، إلى جانب تحسين جودة المعرفة مع وجود مسارات وتخصصات جديدة تتواكب مع تطورات نظم التعليم حول العالم، بجانب هدف ثالث يتمثل فى القضاء على الدروس الخصوصية مع القضاء على فكرة الفرصة الواحدة للحصول على المجموع للوصول إلى الجامعة. ويوضح الجندى رؤيته كمعلم للنظام الجديد بأنه سوف يساعد بالفعل فى تقليل الاعتماد على الدروس الخصوصية، كما أن الطالب سوف يستفيد من فكرة تحديد مسارات مختلفة على حسب ميوله والأهم من ذلك وجود تخصصات تواكب احتياجات سوق العمل في العصر الحالى، وأن سلبياته تتلخص فى كون وزارة التربية والتعليم ستكون بحاجة لمعلمين أكفاء لإنجاح هذه المنظومة ولديهم القدرة على تقديم المنهج بالطريقة التي تواكب تطورات نظم التعليم وقد يكون ذلك صعبًا في ظل مشكلات عجز المدرسين وضيق الوقت. ويتابع: الواقع يشير إلى معاناة المدارس من إيجاد معلمين لتدريس الدين الإسلامى والمسيحى ومع دخول المادة للمجموع لن يكون من المجدى إسناد تدريس المادة لمعلم اللغة العربية بالنسبة للدين الإسلامى وكذلك لمعلم الرياضيات أو أى مادة أخرى بالنسبة للدين المسيحى، وأن ضم الدين للمجموع مرة واحدة فى الصف الثالث الثانوى يشكل عاملا سلبيا ولا بد أن يكون هناك تدرج فى الموضوع وتأنٍ فى التطبيق. فيما تؤكد فاطمة عبدالعليم، معلمة ومدربة في نظام التعليم الجديد (2.0)، أن العبرة بالتنفيذ الجيد للمنظومة الجديدة، فهى جيدة من حيث الشكل وأن العودة لنظام التحسين أمر إيجابى مع تخفيف عدد المواد وتقسيمها على أكثر من سنة واحدة لتخفيف الضغط على الطالب، وإن كانت الأسرة ستتحمل أعباء أكثر مع وجود عامين لشهادة الثانوية العامة وليس عاما واحدا. وتشير إلى أن المنظومة الجديدة بحاجة لمزيد من الوقت ومن المستحيل بدء تطبيقها مع بداية العام الجديد، كما أنه ليس من المنطقى أن نعلن عن منظومة جديدة بشكل مفاجئ دون نقاش مستفيض حولها. ◄ اقرأ أيضًا | د. أيمن بهاء الدين نائب وزير التعليم ل «أخبار اليوم» :البكالوريا «طوق نجاة» ◄ أولياء أمور: نخشى أن يكون أبناؤنا «فئران تجارب» قال مصدر مطلع بمجلس الأمناء والآباء والمعلمين، إن وزارة التربية والتعليم لم تستطلع آراءهم قبل الإعلان عن مقترح البكالوريا المصرية، وأنهم لا يعلمون كثيرا عن تفاصيل المنظومة الجديدة وسيدعون إلى انعقاد للمجلس الأعلى للآباء والأمناء بحضور وزير التربية والتعليم للتعرف أكثر على تفاصيل المقترح، كما أن المجلس ينتظر المشاركة فى الحوار الوطنى حال جرى طرح المنظومة عليه، رافضًا التعليق على النظام الجديد لحين التعرف على كيفية تنفيذ المقترح على أرض الواقع. وأكدت فاطمة فتحي، أدمن جروب التعليم بلا حدود على موقع «فيسبوك»، وهى ولية أمر لطلاب فى مراحل التعليم المختلفة، أن المنظومة الجديدة تعبر عن خطة حكومية للقضاء على بعبع الثانوية العامة والفكرة التى طرحها الوزير محمد عبداللطيف جرى الحديث عنها مرات عديدة قبل سنوات، لكن ما لم يكن إيجابيا هو مداعبة خيالات أولياء الأمور بوجود سبع مواد فى شهادة الثانوية العامة بينها ثلاث فقط فى الصف الثالث الثانوى ومع وجود عيوب عديدة بينها دخول الدين كمادة أساسية مضافة للمجموع، إلى جانب إدخال تعديل على الشهادة الثانوية بعد أشهر قليلة من إدخال تعديل آخر. وأضافت أن تطبيق منظومة جديدة للثانوية يتطلب استعداداً، على مستوى المدارس والمعلمين، وهذا لا يتوافر الآن كما أن الوزارة تتحدث عن أن مواد المستوى الرفيع أضحت مواد أساسية دون أن يعرف أحد هوية هذه المناهج، ولا يمكن مفاجأة الطلاب بمناهج جديدة بعد بدء العام الدراسى، وليس هناك ما يستدعى الاستعجال بخاصة أننا سنكون بعد أشهر قليلة أمام مجلس وطنى للتعليم والبحث والابتكار. وأكدت أن أولياء الأمور بحاجة لمن يستمع إلى رؤيتهم فهم الأكثر ارتباطا بما يحدث فى الميدان وهناك مخاوف من أن يصبح الطلاب فئران تجارب فى حال فشل تطبيق المنظومة إذا لم يكن هناك استعداد جيد لها، مشيرة إلى أن حيتان الدروس الخصوصية هم من سيسعون إلى إفشال أى منظومة لا تكون فى صالحهم، بخاصة أن مادة اللغة العربية لم يعد لها وجود فى الصف الثالث الثانوى وهى مادة رئيسية كانت تستحوذ على العدد الأكبر من الطلاب الراغبين فى الحصول على دروس خصوصية. وفى وجهة نظر فاطمة فتحى فإن المنظومة الجديدة سوف تضاعف الأعباء على أولياء الأمور لأن كثيرا من الأسر لديها أبناء فى مراحل متتالية، بمعنى أن البيت الواحد قد يكون به طفلان فى الثانوية العامة وهو ما يشكل ضغطا كبيرا، كما أن مبلغ 500 جنيه الذى خصصته الوزارة لدخول المحاولات المتعددة لا يناسب جميع الأسر ويخلق حالة من عدم المساواة، وكذلك كان من الممكن إتاحة الفرصة للطلاب أمام تحديد أكثر من مسار خلال الصف الثالث الثانوى بدل الانتظار من الانتهاء بشكل كامل من المسار ثم تحديد آخر ويمكن أن يدرس الطالب فى العامين 9 مواد بدلا من 7. وتساءلت عن مصير التابلت وامتحانات البابل شيت مع تطبيق المنظومة الجديدة وهل من المتوقع الاستمرار بهما أم لا؟ والأهم أن يتم إعداد جميع احتياجات المنظومة الجديدة من مواد ومناهج ومعلمين مدربين قبل بدء تطبيقها لكى يساعد ذلك على بث الطمأنينة فى نفوس أولياء الأمور. ◄ خبراء يحذرون من التغيير المفاجئ وإضافة الدين للمجموع الدكتورة عزة فتحي أستاذة مناهج علم الاجتماع بجامعة عين شمس، قالت إن تطورات التعليم حول العالم تفرض بناء منظومة جديدة للشهادة الثانوية خاصة في ظل خطط التنمية المستدامة التى تتبناها الدولة المصرية ما يجعلنا بحاجة لمواطن ذى سمات خاصة، والتعديل يجب أن يطول منظومة الثانوية وكذلك الامتحانات وشكلها لكى لا تستمر حالة الرعب التى يعانيها الطلاب، لافتة إلى أهمية قياس الوزن التعليمى للطالب للتعرف على المهارات التى اكتسبها قبل دخوله الشهادة الثانوية وعقب التخرج، مع أهمية عقد اختبارات لقياس اتجاهات الطلاب وسلوكياتهم إلى جانب إضافة مادة توعيهم بحقوقهم وواجباتهم المدنية من خلال استحداث مادة التربية المدنية. وأوضحت أن الهوية المصرية تغيب عن النظام الجديد مع عدم الحديث عن مادة القيم فى حين أن مادة الدين أصبحت فى المجموع، بالتالى سيتحول إلى مادة يتم حفظها بغرض النجاح وليس بهدف تعديل سلوكيات الطلاب، مع ضرورة عودة المواد التى تنمى إبداعات الطلاب مثل الرسم والتربية الفنية والتدبير المنزلى وغيرها على أن يكون ذلك فى كافة مراحل التعليم للتأثير فى النمو المتكامل لشخصية الطفل. وذهبت إلى أن المشكلة تتمثل فى غياب التمهيد لاتخاذ القرارات وأن الحديث عن طرح المقترح للحوار الوطنى لا يضمن النقاش العلمى المستفيض حوله لأنه لن يكون هناك تمثيل لكافة الكفاءات التربوية. واتفق معها الدكتور عبدالعاطي الصياد، أستاذ منهجيات البحث والإحصاء والقياس والتقويم وتحليل النظم، الذى أشار إلى أن إدخال تعديلات على منظومة الثانوية العامة بشكل مفاجئ أمر سلبى ولا يتماشى مع منهجيات البحث العلمى، مشدداً على أن الوزارة كان يمكن أن تنتظر لحين تشكيل المجلس الوطنى للتعليم للنقاش بشكل أكبر حول التطوير. وأكد أن إدخال مادة الدين ضمن المجموع هو ضرب لمعايير جودة الامتحان لأن فى هذه الحالة تتم إضافة ثابت لا يراعى الفروق الموجودة فى المنهجين ويمكن جعل «الدين» مادة نجاح ورسوب أو تحديد نسبة النجاح فيها ب70% دون إضافتها للمجموع وتكون شرطًا لاجتياز الشهادة الثانوية. ◄ أبرز ملامح نظام الثانوية الجديد بحسب ما جاء في المقترح الذي تقدمت به وزارة التربية والتعليم فإن الفلسفة الأساسية لشهادة البكالوريا المصرية تقوم على تعزيز مهارات التفكير النقدى والتحليلى لدى الطلاب بدلاً من الاعتماد على الحفظ والتلقين، ويعتمد النظام الجديد على دمج المواد العلمية والأدبية والفنية ضمن إطار تعليمى شامل يتضمن التقييم المستمر. ويتكون نظام البكالوريا من مرحلتين: المرحلة التمهيدية (الصف الأول الثانوى)، والمرحلة الرئيسية (الصفين الثانى والثالث الثانوى) والرئيسية يتم على أساسها احتساب المجموع النهائى للطالب مع توفير فرص امتحانية مرتين سنوياً، مما يتيح للطلاب مزيداً من الخيارات والمرونة. وتعتمد البكالوريا المصرية المقرر تطبيقها العام المقبل على طلاب الصف الأول الثانوى العام على تدريس 14 مادة بشكل إجمالى؛ منها 7 مواد بالصف الأول الثانوى العام، و7 مواد بالصفين الثانى والثالث الثانوى العام. ويدرس الطالب في الصف الأول الثانوى مواد: (التربية الدينية - اللغة العربية - التاريخ المصرى - الرياضيات - العلوم المتكاملة «تضم الكيمياء والفيزياء والأحياء» - الفلسفة والمنطق - اللغة الأجنبية الأولى) وهى مواد أساسية تضاف إلى المجموع، بالإضافة إلى مادتين خارج المجموع وهما اللغة الأجنبية الثانية والبرمجة وعلوم الحاسب. وفى الصف الثاني الثانوي يتضمن عدد المواد المضافة للمجموع أربع مواد بينها ثلاث مواد عامة يدرسها جميع الطلاب وهى (اللغة العربية - التاريخ المصرى - اللغة الأجنبية الأولى) بالإضافة لمادة تخصص، يختار الطالب مادة واحدة من بين أربعة مسارات، ففى حال اختار مسار الطب وعلوم الحياة يختار الطالب ما بين مادتى الرياضيات أو الفيزياء، وفى مسار الهندسة وعلوم الحاسب يختار الطالب ما بين الكيمياء والبرمجة، أما فى مسار الأعمال فيختار الطالب ما بين المحاسبة أو إدارة الأعمال، وفى مسار الآداب والفنون يختار ما بين علم النفس أو اللغة الأجنبية الثانية. ويدرس الطالب في الصف الثالث الثانوى ثلاث مواد حيث تعتبر التربية الدينية مادة أساسية بالإضافة إلى المواد التخصصية وهى الطب وعلوم الحياة تشمل الأحياء مستوى رفيع والكيمياء مستوى رفيع، والهندسة وعلوم الحاسب تشمل الرياضيات مستوى رفيع والفيزياء مستوى رفيع، والأعمال تشمل الاقتصاد مستوى رفيع والرياضيات والآداب والفنون تشمل الجغرافيا مستوى رفيع وإحصاء. وقال مصدر مطلع بوزارة التربية والتعليم إن النظام الجديد يتيح إمكانية اختيار أكثر من مسار لكن بشرط أن ينتهى الطالب من دراسة المسار الأساسى الذى اختاره على أن يختار المادتين المقررتين لمسار آخر فى الصف الثالث الثانوى، وأن طالب مسار الطب وعلوم الحياة مثلا بإمكانه اختيار مسار الهندسة وعلوم الحساب لكن عقب الانتهاء من دراسة المسار الأساسى بأكمله، وبالتالى يمكن أن يمتحن فى مادتى الفيزياء المستوى الرفيع والرياضيات المستوى الرفيع فى عام دراسي منفصل.