مع تغيرات المناخ، أصبح مصطلح «الإسكان الأخضر» أكثر تداولاً على مستوى العالم، باعتباره ضرورة ملحة تسهم فى حل أزمة تهدد كوكب الأرض. يراهن الخبراء على التأثير الإيجابى الذى قد يشهده الغلاف الجوى من مثل هذه الإجراءات، الأمر الذى سيعود بالنفع، ويعمل على تقليل أضرار وكوارث التغيرات المناخية. هذا ما أكده تشارلز ميلوبي، وزير الإسكان والبنية التحتية والتنمية الحضرية بزامبيا، ثم أشاد بتجربة مصر فى مجال الإسكان.. وشدد على أهمية التعاون المشترك بين البلدين للاستفادة من خبراتها، كما عبّر عن أهمية الرجوع إلى التاريخ لاستلهام أنماط معمارية ذات طابع إفريقي، تتسم به دول القارة.. وإلى تفاصيل الحوار: اقرأ أيضًا| أبحاثى تسهم فى تقليل استخدام المبيدات.. والمستقبل ل «المكافحة المتكاملة» لدى مصر خبرة فى مجال الإسكان وخاصة الاجتماعي، حظيت بإشادات دولية.. ما تقييمك لتجربتنا؟ تميز مصر فى هذا المجال واضح جدًا.. وباعتبارى وزيرًا للبنية التحتية والإسكان وتنمية المناطق الحضرية، أدرك تمامًا أهمية هذا التقدم والتميز خاصة فى الإسكان الاجتماعى والبنية التحتية.. ولهذا السبب، تحرص زامبيا على التعلم من تجربة بلادكم فى معالجة القضايا التى تواجهها مع الإسكان الاجتماعي.. خاصة أن مشكلة الهجرة من الريف إلى الحضر التى تواجهها زامبيا والعديد من البلدان الإفريقية، تسببت لنا فى الكثير من الضغط على الإسكان فى المناطق الحضرية.. وهو الأمر الذى أدى إلى عجز ضخم فى بلادنا الآن، يزيد على 1.5 مليون وحدة سكنية.. وسنستفيد من مصر فى وضع حلول ومعالجة هذه الأزمة.. خاصة فى توفير الإسكان الاجتماعى بأسعار معقولة وبالمعايير المناسبة، مع الأخذ فى الاعتبار قضايا تغير المناخ. هناك الكثير من أوجه التعاون الممكنة.. فما آليات تعزيز ذلك؟ هناك الكثير من إمكانيات التعاون المشترك بالفعل، وقد وقعنا مذكرة تفاهم مع وزارة الإسكان المصرية، لكى نتمكن من العمل معًا.. وعلى رأس المجالات التى نحتاج إلى العمل فيها معًا، يأتى تصميم المناطق الحضرية، وتنفيذ مناطق الإسكان التى نحتاجها. والتعاون مع الشركات المصرية المختصة بهذا المجال، وذلك من خلال الوزارة، ويمكن إبرام عقود معها للمساعدة فى معالجة بعض هذه القضايا.. مع جوانب كثيرة يمكننا التعاون فيها مع مصر. تحمل القارة السمراء إرثًا ثقافيًا يتسم بالخصوصية، إلى أى مدى يمكن الوصول إلى أنماط معمارية إفريقية تتميز بخصوصيتها مع الاحتفاظ بالتنوع الفريد لأقاليم القارة؟ هذه إحدى القضايا التى عالجها المنتدى الحضرى العالمى، فلا يمكننا دائماً نسخ العمارة من أوروبا، أمريكا، والصين.. وعلينا أن ندرك أن لإفريقيا خصائص مختلفة، بجانب ظروفها المناخية الفريدة، ويجب العودة إلى التاريخ فى تنفيذ هذه الأنماط.. وأعتقد أنه عندما تتحدث عن التاريخ، فإن مصر رائدة فى ذلك، حيث كان أسلافنا فى العصور الوسطى وما بعدها قادرين على بناء أماكن معيشة تأخذ فى الاعتبار الظروف المناخية لإفريقيا؛ كانوا يستخدمون مواد موجودة فى القارة، ولدينا القدرة على استخدامها، لذلك يجب على المهندسين المعماريين فى بلداننا أن يبدأوا الآن فى تصميم مبان تأخذ فى الاعتبار ظروفنا الخاصة، وتوافق إمكانياتنا، ولتنفيذها يمكننا استخدام المواد الموجودة فى القارة، وبهذه الطريقة، تكون فعالة من ناحية التكلفة، والمواد المناسبة لظروف أفريقيا. هل يمكنك تقديم لمحة عامة عن مبادرات الإسكان الأخضر الحالية فى زامبيا؟ أى مبانٍ جديدة سنقوم ببنائها يجب أن تأخذ فى الاعتبار تأثير الاحتباس الحرارى عند تنفيذها، حتى لا نلوث الغلاف الجوى بصورة أكبر، ولهذا السبب، تستخدم زامبيا الطاقة النظيفة بشكل حصرى تقريبًا، وهى الطاقة الكهرومائية؛ والآن نتجه نحو استخدام واسع النطاق للطاقة الشمسية.. وقد اتخذت الحكومة حاليا قرارًا سياسيًا يقضى بأنه يجب احتواء أسطح العديد من المنازل على ألواح شمسية، خاصةً تلك التى يستطيع أصحابها تحمل التكاليف.. وكذلك يجب أن تمتلك جميع المؤسسات فى زامبيا الطاقة الشمسية، بما فى ذلك المؤسسات التعليمية وغيرها. وفيما يتعلق ببناء العقارات السكنية، وما نريد تعلمه من مصر فى هذا المجال، هو الحرص على أن ينتشر اللون الأخضر بين الأبنية، وهو الأمر الذى لاحظته عندما زرت بعض المساكن الاجتماعية، وكذلك العاصمة الإدارية الجديدة، لأن الأشجار والنباتات قادرة على امتصاص ثانى أكسيد الكربون. لكن يجب علينا فى القارة التأكد من أننا نستخدم الطاقة الخضراء أيضًا.. لأننا فى معظم أنحاء إفريقيا ما زلنا نستخدم الحطب والفحم للطهى والتدفئة.. ونريد الابتعاد عن ذلك حتى نستخدم الطاقة الخضراء لامتصاص ملوثات الغلاف الجوي. ما هو النفع المباشر الذى يعود على أفريقيا من تبنى هذا التوجه؟ مبدئيًا سوف يكون مفيدًا فى تقليل انبعاثات الكربون، ورغم أن الانبعاثات الصادرة عن القارة تمثل القليل جدا. لكن علينا أن نفعل ما فى وسعنا لضمان الحد منها.. فعلى سبيل المثال ما زالت أجزاء معينة من القارة تستخدم الفحم والحطب كما سبق أن ذكرت، وهو الأمر الذى يقضى على مساحات شاسعة من الغابات؛ وبالتالى عندما نتبنى سياسة استخدام الطاقة الخضراء، سنجد أنفسنا قادرين على الحفاظ على تلك الأشجار؛ ويمكننا أيضًا الاستفادة من تجارة الكربون.. وهى تجارة مربحة، ويشارك فيها العديد من زعماء القرى الريفية فى زامبيا. هل واجهت الوزارة تحديات فى الترويج للإسكان الأخضر وكيف يتم التعامل معها؟ أكبر تحدٍ نواجهه هو نقص التمويل فى أى مشروع، سواء أكان إسكانًا أخضر أم مبانى خضراء، لأنه يجب أن يكون لدينا التمويل قبل تنفيذ أى شيء. ولم تأخذ معظم المبانى التى تم تشييدها سابقًا فى الاعتبار ظاهرة الإسكان الأخضر.. وللأسف تعانى أفريقيا من أزمة أن الاقتراض يكون بأسعار فائدة أعلى بكثير، لذا عندما نكون قادرين على حل ذلك، وتوفير التمويل، فإن ذلك سيساعد فى معالجة بعض هذه التحديات.. هذا بجانب توافر المواد، حيث نحاول استخدام المواد المحلية بكثرة فى بناء هذه المنازل، والتحدى الثالث هو الخبرة، ولهذا السبب سيكون التعامل مع مصر مثمرا، خاصة أن الشركات المصرية، لديها خبرة كبيرة، نريد الاستفادة منها.