لم تتخيل الطفلة «أمنية» أن تصبح واحدة من ضحايا «بيزنس الأكاديميات الرياضية» التى انتشرت بشكل كبير مؤخرًا، وباتت مواقع التواصل الاجتماعي وسيلة أصحاب هذه الأكاديميات لاصطياد زبائنهم، كما أنهم استغلوا موسم الصيف للترويج لها وبأسعار زهيدة لجذب أكبر عدد من المتدربين تحت شعار «بناء مدرب واعد صاعد»، سواء كان ذلك على مستوى الكرة، السباحة، الكاراتيه والكونج فو، فبعد أن كانت أمنية تستعد لتصبح بطلة من أبطال رياضة الجمباز، تحطمت أحلامها، وبدأت رحلة علاج مكثفة ربما تمتد لعدة أشهر، بسبب تعرضها لكسر بالحوض. ◄ مدربون غير مؤهلين يتسببون في إصابات بالغة للأطفال ◄ يجب أن تخضع للرقابة من وزارة الشباب والرياضة لم تكن أمنية الضحية الوحيدة لبيزنس الأكاديمات الرياضية، فهذا يوسف محمد (10 سنوات)، والذى يعشق كرة القدم، خاصة أن والديه يثقان بأن لديه مواهب تؤهله ليصبح لاعب كرة قدم مشهوراً، وهو ما دفع والده للتواصل مع إحدى أكاديميات كرة القدم الخاصة، حيث تضم مدربين رياضيين يحملون شهدات خبرة واسعة، بحسب رد موظفى الاستقبال فى الأكاديمية. يوسف لم يشعر بأى خوف أو قلق خلال الأسابيع الأولى من التدريب، وكان هناك ترحيب شديد من المدرب، الذى أكد له أنه مشروع لاعب واعد فى كرة القدم، وبناء عليه لم يهتم والد يوسف بسؤاله عن مؤهلة الدراسى أو شهادة المدرب التى تم إصدارها من الاتحاد العام لكرة القدم وتفيد بأنه يصلح أن يكون مدرب كرة قدم للأشبال، بالإضافة إلى ترخيص مزاولة المهنة للأكاديمية، ومع الأسف فقد اكتفى بالصور المعلقة على حوائط الأكاديمية، ومع الدخول إلى الساحات الخضراء التى تجهيزها لإقامة ملاعب لكرة القدم، لم يسأل أحد عن شهادات أو مؤهلات المدرب واكتفى الجميع بالعيش فى الأحلام الوردية. ◄ اقرأ أيضًا | وزير الرياضة يتفقد استعدادات التايكوندو ورفع الأثقال والجمباز لأولمبياد باريس ◄ رباط صليبي وبعد مرور شهر فى التدريب بدأ يوسف يشعر بألم شديد فى ركبته وتشنج عام فى قدمه، لكن المدرب طمأنه وأوصى بوضع كمادات مياه باردة عليها، وبعد أيام شعر يوسف بأنه لا يستطيع أن يثنى ركبته أو يقف على قدميه، وقال والده إنه عندما ذهب للطبيب بابنه أخبره أن ابنه يحتاج إلى عملية رباط صليبى، وأنه أخطأ عندما ترك ابنه فريسة لمدرب غير مؤهل. ولم يتخيل سيد أنه سيفقد ابنته المدللة «جنى» ذات السنوات السبع، عندما ذهب بها إلى إحدى الأكاديميات الخاصة لتعليم السباحة. يقول سيد: كانت جنى تحب السباحة فاشتركت لها فى إحدى أكاديميات السباحة، وعندما ذهبت إلى هناك وجدت الكثير من الآباء الذين يشتركون لأطفالهم، وبدأت ابنتى تذهب يومين فى الأسبوع، وذات يوم أثناء التدريب داخل حمّام السباحة اصطدم رأس جنى بحائط الحمّام وأصيبت بكسر فى الجمجمة، وعندما وصلت بها إلى أقرب مستشفى كانت قد فارقت الحياة، ولم يبق لدى الجميع سوى كلمات المواساة، ثم تركنى الجميع مع ألم فراق آخر العنقود، ومنذ ذلك اليوم وأنا أنصح أى شخص بالابتعاد عن الأكاديميات الرياضية الخاصة. ◄ 3 ساعات عمل فيما يقول الكابتن أحمد الصعيدى، صاحب «أكاديمة برشلونة»: فى الشهور الماضية انتشرت إعلانات الأكاديميات الرياضية الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعى، والتى تعتبر مصدر رزق لقطاع عريض من الناس، فعلى سبيل المثال يعمل فى الأكاديمية خمسة مدربين، يتقاضى الواحد منهم 1500 جنيه شهريًا، وهو مقابل مادى معقول، بالنظر إلى أن المدرب يعمل لمدة 3 ساعات فقط أسبوعيًا، ولديه فرص للعمل فى أكاديميات أخرى، وكلما زادت خبراته والرخص الحاصل عليها يرتفع راتبه. ويوضح: تتعدد أنواع الأكاديميات الرياضية فى مصر، فهناك أكاديميات تتبع أندية مشهورة مثل الأهلى والزمالك ووادى دجلة وغيرها، وهناك أكاديميات شعبية لا تحتاج سوى ملعب يمكن أن تمتلكه أو يتم تأجيره ومعدات تدريب من كرات وأقماع وغيرها من المستلزمات، وتتكلف فى السنة حوالى 50 ألف جنيه، وهى تكلفة زهيدة بالنسبة لأكاديميات الألعاب الأخرى مثل السباحة التى تحتاج إلى تأجير حمّام سباحة وتكلفة الأدوات والمدربين بخلاف المرافق، وصالات الكونج فو والكاراتيه والجمباز التى تحتاج إلى أدوات خاصة للتدريب، كما أن تكلفة الاشتراك فيها أعلى بكثير، ولذا يقبل الكثير من المواطنين على تدريب أبنائهم على كرة القدم. ويؤكد الصعيدى أن قيمة الاشتراك فى أكاديميات كرة القدم الشعبية أقل بكثير من الأندية المشهورة التى يصل سعر الاشتراك فيها إلى 1000 جنيه فى الشهر فى مقابل 200 جنيه للشعبى. ◄ إقبال كبير يتفق معه الكابتن أحمد يوسف، صاحب أكاديمية الأبطال للتدريب على الجمباز والكاراتيه والكونج فو، ويوصى بضرورة تقنين وضع الأكاديميات الرياضية والوقوف أمام ظاهرة سبوبة الأكاديميات العشوائية المنتشرة بشكل كبير فى كل أنحاء مصر، ويمكن أن يتم ذلك عن طريق الرقابة من وزارة الشباب والرياضة والمسئولين عن الألعاب الرياضية داخل كل اتحاد.