السيسي يهنىء المصريين بعيد الأضحي المبارك    الآلاف يؤدون صلاة العيد بساحة مسجد ناصر الكبير بالفيوم (صور)    ميسي بديلا، الأرجنتين تهزم تشيلي في تصفيات مونديال 2026    أخبار مصر: المصريون يحتفلون بالعيد، ماسك يفتح الملف الأسود ل ترامب، زيزو يطير لأمريكا، الأرصاد تحذر من طقس أول أيام العيد    إقبال واسع على شواطئ ومنتزهات جنوب سيناء في العيد (صور)    آلاف يؤدون صلاة عيد الأضحى في 214 ساحة بسوهاج (فيديو وصور)    محافظ الجيزة يؤدي صلاة عيد الأضحى بساحة مسجد مصطفى محمود    تعرف على سعر الدولار فى البنوك المصرية اليوم الجمعه 6-6-2025    مجازر القاهرة تفتح أبوابها مجانا لذبح الأضاحي طوال أيام العيد    بالصور.. آلاف المصلين يؤدون صلاة العيد في المنصورة    محافظ الغربية يؤدي صلاة العيد بمسجد السيد البدوي.. صور    محافظ جنوب سيناء يؤدي صلاة العيد بشرم الشيخ ويوزع عيديات على الأطفال    فرحة العيد تملأ مسجد عمرو بن العاص.. تكبيرات وبهجة فى قلب القاهرة التاريخية    محافظ بورسعيد يتفقد مستشفى الحياة عقب صلاة العيد ويقدم التهنئة للمرضى والأطقم الطبية (صور )    فى أحضان الفراعنة ..آلاف المواطنين يؤدون صلاة العيد بساحة أبو الحجاج الأقصري    أهالي مطروح يؤدون صلاة عيد الأضحى بالمسجد الكبير    موظفون في البيت الأبيض سيجرون اتصالًا مع إيلون ماسك للتوسط في الخلاف مع ترامب    أوكرانيا تتعرض لهجوم بالصواريخ والمسيرات أسفر عن إصابة ثلاثة أشخاص    بعد صلاة العيد.. شاهد مظاهر الاحتفال بعيد الأضحى من محيط مسجد مصطفى محمود    10 صور ترصد أكبر تجمع للمصلين بالإسكندرية لأداء صلاة عيد الأضحى المبارك    إصابة 10 أشخاص في انقلاب سيارة أجرة بالبحر الأحمر    الرئيس السيسي يغادر مسجد مصر بالعاصمة بعد أداء صلاة عيد الأضحى المبارك    هبة مجدي: العيد يذكرني بفستان الطفولة.. وبتربى من أول وجديد مع أولادي    تدخل عاجل بمجمع الإسماعيلية الطبي ينقذ شابة من الوفاة    متحدث الأمين العام للأمم المتحدة: نحتاج إلى المحاسبة على كل الجرائم التي ارتكبت في غزة    «علي صوتك بالغنا».. مها الصغير تغني على الهواء (فيديو)    خليل الحية: حماس لم ترفض مقترح ستيف ويتكوف الأخير بل قدمنا تعديلات عليه    أسعار الخضروات والأسماك والدواجن اليوم 6 يونيو بسوق العبور للجملة    ناصر منسي: كنت على يقين بتسجيلي هدفاً في نهائي الكأس    محمد صبحي: بذلنا قصارى جهدنا لإسعاد جماهير الزمالك    محافظ سوهاج يتفقد الحدائق العامة والمتنزهات ليلة العيد    عيدالاضحى 2025 الآن.. الموعد الرسمي لصلاة العيد الكبير في جميع المحافظات (الساعة كام)    سنن وآداب صلاة عيد الأضحى المبارك للرجال والنساء في العيد (تعرف عليها)    خاص| الدبيكي: مصر تدعم بيئة العمل الآمنة وتعزز حماية العاملين من المخاطر    «محور المقاومة».. صحيفة أمريكية تكشف تحركات إيران لاستعادة قوتها بمعاونة الصين    التصريح بدفن جثة شاب عثر عليها داخل سيارة ملاكي بأكتوبر    «زي النهارده» في 6 يونيو 1983.. وفاة الفنان محمود المليجى    «ظلمني وطلب مني هذا الطلب».. أفشة يفتح النار على كولر    عبارات تهنئة رومانسية لعيد الأضحى 2025.. قلها لحبيبك فى العيد    أبو الغيط: الخروقات الإسرائيلية لوقف إطلاق النار بلبنان تهدد بتجدد العنف    وفاة الإعلامية والكاتبة هدى العجيمي عن عمر 89 عاماً    الفرق بين صلاة عيد الأضحى والفطر .. أمين الفتوى يوضح    طرح البرومو الرسمي لفيلم the seven dogs    كيفية صلاة عيد الأضحى المبارك 2025 في البيت وعدد التكبيرات في كل ركعة    الأوقاف: صلاة الرجال بجوار النساء في صف واحد مخالفة صريحة للضوابط الشرعية    مسجد نمرة.. مشعر ديني تُقام فيه الصلاة مرة واحدة في العالم    بعد التتويج بالكأس.. الونش: الفوز بالكأس أبلغ رد على أي انتقادات    خلال حفل إطلاق خدمات الجيل الخامس.. «مدبولى»: معًا نبنى مُستقبلًا رقميًا واعدًا تكون فيه مصر مركزًا إقليميًا للبيانات والبرمجيات    كيرلي وقصات شعر جديدة.. زحام شديدة داخل صالونات الحلاقة في ليلة العيد    بعد طرحها.. "سوء اختيار" ل مسلم تتصدر تريند " يوتيوب" في مصر والسعودية    رسميا.. نهاية عقد زيزو مع الزمالك    سعر طن الحديد والاسمنت بسوق مواد البناء اليوم الجمعة 6 يونيو 2025    خطوات عمل باديكير منزلي لتحصلي على قدمين جميلتين في عيد الأضحى    محمد عبد الشافي يعتزل كرة القدم بعمر ال 39    صبحي يكشف سبب حزنه وقت الخروج وحقيقة سوء علاقته مع عواد    قطر تهزم إيران بهدف نظيف وتنعش آمالها في التأهل إلى مونديال 2026    جامعة كفر الشيخ ترفع درجة الاستعداد بمستشفى كفر الشيخ الجامعى خلال العيد    في وقفة العيد.. «جميعه» يفاجئ العاملين بمستشفى القنايات ويحيل 3 للتحقيق (تفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف نحيي ليلة العيد وما هي السنن المستحبة في عيد الفطر؟.. الإفتاء توضح
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 06 - 04 - 2024

الأعياد سُنَّةٌ فِطْرِيَّة جُبِلَ الناس على اتخاذها، فكانوا منذ القدم يخصِّصُون أيامًا للاحتفال والاجتماع وإظهار الفرح لإحياء ذكرى مُناسَباتٍ حصلت في مثل تلك الأيام، كأيام النصر وأيام الميلاد، وكان لِكُلِّ أمة أيامٌ معلومةٌ تُظهِر فيها زينتَها وتعلن سرورها وتُسرِّي عن نفسها ما يُصيبها من رَهَق الحياة وعَنَتِها، وعلى هذه السُّنَّة وَجَد النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم الأنصارَ في المدينة بعد هجرته إليها يلعبون في يومين، وَرِثُوا اتِّخاذَهُما عِيدًا عن الجاهليَّة، فلم يُنكِرْ أصْلَ الفكرة، وأباح اتخاذ العيد تحصيلًا لمزاياه القومية والاجتماعية والدينية، ولكنه استبدل بيومي الجاهلية يومين آخرين مرتبطين بشعيرتين من أعظم شعائر الإسلام، وهما يوما الفطر والأضحى، حسبما ذكرت دار الإفتاء المصرية.
فقد جعل الله يوم الفطر عيدًا للمسلمين، فيه يتبادلون التهاني والتزاور، وفيه يتعاطفون ويتراحمون، وفيه يتجمَّلون ويتزيَّنون، وفيه يتمتَّعون بطيِّبات ما رزق الله، وفيه يُوَثِّقون بينهم عرى المحبة والإخاء، وحتى يَتِمَّ كُلُّ هذا باسم الله وفي ظِلِّ رحمته جعل افتتاح هذا اليوم السعيد اجتماعًا عامًّا للمسلمين يؤدون فيه جميعًا -على اختلاف طبقاتهم وفي صعيدٍ واحد- صلاةَ العِيد، يُكَبِّرُون فيها ويُهَلِّلُون ويشكرون الله على ما هداهم، ويعطِفون على إخوانهم الفقراء والمساكين وأرباب الحاجات؛ ليستغنوا عن السؤال في هذا اليوم، ويُلقوا عِبْءَ الحياة خلف ظهورهم قليلًا بمشاركتهم إخوانَهم في الصلاة ومبادلتِهم التَّحيةَ والمحبة، والتَّهنِئةَ والمودَّة، فيكون المسلم قد جَمَعَ في هذا اليوم بين اتصاله بربه عن طريق العبادة، والاتصال بالناس عن طريق التعاون والتراحم والإخاء.
ولِيوم الفطر إيحاءاتٌ بنعم الله عز وجل؛ منها: أنه أول يوم بعد رمضان حيث تعود فيه إلى المؤمن حريته الشخصية في مأكله ومشربه، بعد أن كان قد سلَّمَها إلى مولاه عزَّ وجلَّ خلال رمضان طائعًا مختارًا، إيذانًا بأنه لا يضحي بها إلا في سبيل ما هو أعز منها وهو رضوان الله ومغفرته، أما فيما عدا ذلك فدون سَلِّها خَرْطُ القَتَادِ، ومنها أن المسلم يشعر فيه بفرحتين عظيمتين لهما أكبر الأثر في حياته وقوته: فرحة القيام بالواجب، واجبِ الطاعة والامتثال لأمر الله، وفرحة الثقة بحسن الجزاء من الله، وهو ما يشير إليه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بقوله: «لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ» أخرجه البخاري ومسلم.
إحياء ليلة العيد:
يسن إحياء ليلة العيد بالعبادة من ذكر أو صلاة أو غير ذلك من العبادات، لا سيما صلاة التسابيح لفضلها؛ لحديث: «مَنْ قَامَ لَيْلَتَيِ الْعِيدَيْنِ مُحْتَسِبًا للهِ لَمْ يَمُتْ قَلْبُهُ يَوْمَ تَمُوتُ الْقُلُوبُ» أخرجه ابن ماجه واللفظ له، والطبراني في "الأوسط" والبيهقي، والمراد بموت القلوب شغفها بحب الدنيا، وقيل الكفر، وقيل الفزع يوم القيامة، ويحصل الإحياء بمعظم الليل كالمبيت بمنًى، وقيل بساعة منه، وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما بصلاة العشاء جماعة والعزم على صلاة الصبح جماعة، والدعاء فيهما.
تكبير العيد:
التكبير في العيدين سُنَّة عند جمهور الفقهاء، قال الله تعالى بعد آيات الصيام: ﴿وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ﴾ [البقرة: 185]، وحُمِل التكبير في الآية على تكبير عيد الفطر، وقال سبحانه في آيات الحج: ﴿وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ﴾ [البقرة: 203]، وقال أيضًا: ﴿لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ﴾ [الحج: 28]، وقال تعالى: ﴿كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ﴾ [الحج: 37]، وحُمِل الذكر والتكبير في الآيات السابقة على ما يكون في عيد الأضحى.
والتَّكبير هو التَّعظيم، والمراد به في تكبيرات العيد تعظيم الله عز وجل على وجه العموم، وإثبات الأعظمية لله في كلمة "الله أكبر" كناية عن وحدانيته بالإلهية؛ لأن التفضيل يستلزم نقصان من عداه، والناقص غير مستحق للإلهية؛ لأن حقيقة الإلهية لا تلاقي شيئًا من النقص، ولذلك شُرع التكبير في الصلاة؛ لإبطال السجود لغير الله، وشُرع التكبير عند نحر البُدْن في الحج؛ لإبطال ما كانوا يتقربون به إلى أصنامهم، وكذلك شرع التكبير عند انتهاء الصيام؛ إشارة إلى أن الله يعبد بالصوم وأنه متنزه عن ضراوة الأصنام بالآية السابقة، ومن أجل ذلك مضت السنة بأن يكبِّر المسلمون عند الخروج إلى صلاة العيد ويكبِّر الإمام في خطبة العيد.
ويُندب التكبير بغروب الشمس ليلتي العيد في المنازل والطرق والمساجد والأسواق برفع الصوت للرجل؛ إظهارًا لشعار العيد، والأظهر إدامته حتى يحرم الإمام بصلاة العيد، أما من لم يصلِّ مع الإمام فيكبِّر حتى يفرغ الإمام من صلاة العيد ومن الخطبتين.
ولم يرد في صيغة التكبير شيء بخصوصه في السنة المطهرة، ولكن درج بعض الصحابة منهم سلمان الفارسي رضي الله عنه على التكبير بصيغة: "الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد" والأمر فيه على السَّعة؛ لأن النص الوارد في ذلك مطلق، وهو قوله تعالى: ﴿وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ﴾ [البقرة: 185]، والْمُطْلَق يُؤْخَذُ على إطلاقه حتى يأتي ما يقيده في الشَّرع، ودرج المصريُّون من قديم الزمان على الصيغة المشهورة وهي: "الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد، الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرة وأصيلًا، لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إيَّاهُ، مُخْلِصِين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم صلِّ على سيدنا محمد، وعلى آل سيدنا محمد، وعلى أصحاب سيدنا محمد، وعلى أنصار سيدنا محمد، وعلى أزواج سيدنا محمد، وعلى ذرية سيدنا محمد وسلم تسليمًا كثيرًا"، وهي صيغة مشروعة صحيحة استحبها كثير من العلماء ونصوا عليها في كتبهم، وقال عنها الإمام الشافعي رحمه الله تعالى في كتابه "الأم" (1/ 276): [وإن كَبَّر على ما يكبر عليه الناس اليوم فحسن، وإن زاد تكبيرًا فحسن، وما زاد مع هذا من ذكر الله أحببتُه] اه بتصرف.
وزيادة الصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وأصحابه وأنصاره وأزواجه وذريته في ختام التكبير أمر مشروع؛ فإنَّ أفضل الذكر ما اجتمع فيه ذكر الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، كما أن الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وآله وسلم تَفْتَحُ للعمل بَابَ القَبُول فإنها مَقْبُولَةٌ أَبَدًا حتى من المنافق، كما نص على ذلك أهل العلم؛ لأنها مُتَعَلِّقَةٌ بالجناب الأجلِّ صلى الله عليه وآله وسلم.
ما يسن فعله قبل صلاة العيد:
ويستحب الغسل والطيب للعيدين، من خرج للصلاة ومن لم يخرج لها، ويستحب لبس الحسن من الثياب للقاعد والخارج؛ ففي حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: "كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم يَغْتَسِلُ يَوْمَ الْفِطْرِ وَيَوْمَ الأَضْحَى" أخرجه ابن ماجه والبيهقي، ولما رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ بن عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُما قَالَ: "أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم أَنْ نَلْبَسَ أَجْوَدَ مَا نَجِدُ، وَأَنْ نَتَطَيَّبَ بِأَجْوَدِ مَا نَجِدُ" أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"، والحاكم.
ويستحب أن يتزين الرجل ويتنظف ويحلق شعره، ويستحب أن يَسْتَاك، ويَطْعَم شيئًا؛ لما روي عن أنسٍ رضي الله عنه أنه قال: "كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لَا يَغْدُو يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ"، وفي رواية: "وَيَأْكُلُهُنَّ وِتْرًا" أخرجه البخاري؛ ولكون اليوم يوم فطر بعد أيام الصيام، ويخرج فِطرته -زكاة الفطر- قبل أن يخرج؛ لما روي عن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: "مِنَ السُّنَّةِ أَنْ لا تَخْرُجَ يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى تُخْرِجَ الصَّدَقَةَ، وَتَطْعَمَ شَيْئًا قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ" أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"؛ ولأنه مسارعة إلى أداء الواجب فكان مندوبًا إليه.
صلاة العيد:
صلاة العيد سُنَّةٌ مؤكدة واظب عليها النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأمر الرجال والنساء -حتى الحُيَّض منهن- أن يخرجوا لها.
ووقتُ صلاة العيد عند الشافعية ما بين طلوع الشمس وزوالها، ودليلهم على أن وقتها يبدأ بطلوع الشمس أنها صلاةٌ ذات سبب فلا تُراعَى فيها الأوقات التي لا تجوز فيها الصلاة، أما عند الجمهور فوقتها يَبتدِئ عند ارتفاع الشمس قدر رمح بحسب رؤية العين المجردة -وهو الوقت الذي تحلُّ فيه النافلة- ويمتدُّ وقتُها إلى ابتداء الزوال.
والأفضل في مكان أدائها محلُّ خلافٍ بين العلماء: منهم مَنْ فَضَّل الخلاء والْمُصَلَّى خارج المسجد؛ استنانًا بظاهر فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ومنهم من رأى المسجد أفضل إذا اتَّسَع للمُصَلِّين –وهم الشافعية-، وقالوا: إن المسجد أفضل لشرفه، وردوا على دليل مَنْ فَضَّل المصلَّى بأن علة صلاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيه عدمُ سعَةِ مسجده الشريف لأعداد المصلين الذين يأتون لصلاة العيد، وعليه فإذا اتَّسَع المسجد لأعداد المصلين زالت العِلَّة وعادت الأفضلية للمسجد على الأصل؛ لأن "العلة تدور مع المعلول وجودًا وعدمًا".
وصلاة العيد ركعتان تجزئ إقامتهما كصفة سائر الصلوات وسننها وهيئاتها-كغيرها من الصلوات- وينوي بها صلاة العيد، هذا أقلها، وأما الأكمل في صفتها: فأن يكبر في الأولى سبع تكبيرات سوى تكبيرة الإحرام وتكبيرة الركوع، وفي الثانية خمسًا سوى تكبيرةِ القيام والركوع، والتكبيراتُ قبل القراءة؛ لما روي "أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم كَبَّرَ فِي الْعِيدَيْنِ يَوْمَ الْفِطْرِ وَيَوْمَ الأَضْحَى سَبْعًا وَخَمْسًا، فِي الأُولَى سَبْعًا، وَفِي الآخِرَةِ خَمْسًا، سِوَى تَكْبِيرَةِ الصَّلاةِ" أخرجه الدارقطني، والبيهقي، ولما روى كثير بن عبد الله عن أبيه عن جده: "أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم كَبَّرَ فِي الْعِيدَيْنِ فِي الأُولَى سَبْعًا قَبْلَ الْقِرَاءَةِ، وَفِي الآخِرَةِ خَمْسًا قَبْلَ الْقِرَاءَةِ" أخرجه الترمذي واللفظ له وابن ماجه.
والسُّنَّةُ أن تُصلى جماعة؛ وهي الصفة التي نَقَلها الخَلَفُ عن السلف، فإن حضر وقد سبقه الإمام بالتكبيرات أو ببعضها لم يقض؛ لأنه ذِكْرٌ مسنون فات محلُّه، فلم يقضه كدعاء الاستفتاح، والسُّنَّةُ أن يرفع يديه مع كل تكبيرة؛ لما روي عن عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: "أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ مَعَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ فِي الْجَنَازَةِ وَالْعِيدَيْنِ" أخرجه البيهقي، ويُسْتَحَبُّ أن يقف بين كل تكبيرتين بقدر آية يذكر الله تعالى؛ لما رُوِيَ أن ابْنَ مَسْعُودٍ وَأَبَا مُوسَى وَحُذَيْفَةَ رضي الله عنهم خَرَجَ إِلَيْهِمُ الْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ رضي الله عنه قَبْلَ الْعِيدِ فَقَالَ لَهُمْ: إِنَّ هَذَا الْعِيدَ قَدْ دَنَا فَكَيْفَ التَّكْبِيرُ فِيهِ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللهِ رضي الله عنه: تَبْدَأُ فَتُكَبِّرُ تَكْبِيرَةً تَفْتَتِحُ بِهَا الصَّلاةَ وَتَحْمَدُ رَبَّكَ وَتُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ تَدْعُو وَتُكَبِّرُ وَتَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ تُكَبِّرُ وَتَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ تُكَبِّرُ وَتَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ تُكَبِّرُ وَتَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِكَ... الحديث أخرجه البيهقي، وفي رواية أخرى: فقال الأشعري وحذيفة رضي الله عنهما: "صَدَقَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ" أخرجه الطحاوي في "شرح معانى الآثار".
قال الإمام النووي في "المجموع": [قال الشافعي وأصحابنا: يُستَحَبُّ أن يقف بين كل تكبيرتين من الزوائد قدر قراءة آية لا طويلة ولا قصيرة؛ يهلل الله تعالى ويكبره ويحمده ويمجده، هذا لفظ الشافعي في "الأم" و"مختصر المزني" ، لكن ليس في "الأم" (ويمجده)، قال جمهور الأصحاب: يقول: "سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولو زاد عليه جاز".
والسُّنَّةُ أن يقرأ بعد الفاتحة ب"الأعلى" في الأولى و"الغاشية" في الثانية، أو ب"ق" في الأولى و"اقتربت" في الثانية؛ كما كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على ما ثبت في "صحيح" مسلم، والسُّنَّةُ أن يجهر فيهما بالقراءة لنقل الخلف عن السلف.
والسُّنَّةُ إذا فرغ من الصلاة أن يخطب على المنبر خطبتين، يَفْصِل بينهما بجَلْسة، والمستحب أن يستفتح الخطبة الأولى بتسع تكبيرات، والثانية بسبعٍ، ويذكرَ اللهَ تعالى فيهما، ويذكرَ رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، ويوصي الناس بتقوى الله تعالى وقراءة القرآن، ويعلِّمهم صدقة الفطر، ويُسْتَحَبُّ للناس استماعُ الخطبة؛ لما روي عن أبي مسعود رضي الله عنه أنه قال يوم عيد: "أول ما يبدأ به أو يقضى في عهدنا هذه الصلاة، ثم الخطبة، ثم لا يبرح أحد حتى يخطب" أخرجه ابن المنذر في "الأوسط"، فإن دخل رجل والإمام يخطب، فإن كان في المصلَّى-لا المسجد، وهو المخصص لصلاة العيد فقط دون بقية الصلوات- استمع الخطبة ولا يشتغل بصلاة العيد؛ لأن الخطبة من سنن العيد ويخشى فواتها، والصلاة لا يخشى فواتها فكان الاشتغال بالخطبة أولى، وإن كان في المسجد ففيه وجهان: أن يصلي تحية المسجد ولا يصلي صلاة العيد؛ لأن الإمام لم يفرغ من سنة العيد فلا يشتغل بالقضاء، والوجه الآخر: أن يصلي العيد، وهو أولى؛ لأنها أهم من تحية المسجد وآكد، وإذا صلاها سقط بها التحية فكان الاشتغال بها أولى كما لو حضر وعليه مكتوبة] اه بتصرف.
ويشرع قضاء صلاة العيد لمن فاتته متى شاء في باقي اليوم أو في الغد وما بعده أو متى اتفق كسائر الرواتب، وإن شاء صلاها على صفة صلاة العيد بتكبير، وإلى ذلك ذهب الإمامان: مالك والشافعي رضي الله عنهما لما رُوِيَ عن أنسٍ رضي الله عنه أنه كان إذا لم يشهد العيد مع الإمام بالبصرة جمع أهله ومواليه، ثم قام عبد الله بن أبي عتبة مولاه فيصلي بهم ركعتين، يُكَبِّرُ فيهما؛ ولأنه قضاء صلاة فكان على صفتها كسائر الصلوات، وهو مُخَيَّرٌ إن شاء صلاها وحدَهُ، وإن شاء في جماعة، وإن شاء مضى إلى الْمُصَلَّى وإن شاء حيثُ شاء.
ويجوزُ لمن فاتَتْهُ صلاةُ العيد أن يصلِّيَ أربعَ ركعاتٍ، كصلاة التطوع، وإن أحب فصلَ بسلامٍ بَيْنَ كُلِّ ركعتين، وذلك لما رُوِي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: "مَنْ فَاتَهُ الْعِيدُ فَلْيُصَلِّ أَرْبَعًا" أخرجه الطبراني، ورُوِيَ عن عَلِيِّ بن أبي طالِبٍ رضي الله عنه: "أنه أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يُصَلِّيَ بِضَعَفَةِ النَّاسِ فِي الْمَسْجِدِ يَوْمَ فِطْرٍ أَوْ يَوْمَ أَضْحًى، وَأَمَرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعًا" أخرجه البيهقي؛ ولأنه قضاء صلاةِ عيد، فكان أربعًا كصلاة الجمعة، وإن شاء أن يصلي ركعتين كصلاة التطوع فلا بأس؛ لأن ذلك تطوُّع.
وإن أدرك الإمام في التشهد جلس معه، فإذا سَلَّم الإمام قام فصلَّى ركعتين، يأتي فيهما بالتكبير؛ لأنه أدرك بعض الصلاة التي ليست مُبدلَةً من أربع، فقضاها على صفتها كسائر الصلوات.
السنن المستحبة في العيد:
تُسَنُّ التَّوْسِعةُ في العيد على الأهل بأيِّ شيءٍ كانَ من المأكول؛ إذْ لم يَرِد الشرعُ فيه بشيءٍ معلوم، فمن وسَّع على أهله فيه فقد امتثل السُّنَّة، ويجوز أن يُتَّخَذَ فيه طعامٌ معلوم؛ إذ هو من المباح، لكن بشرط عدم التكلف فيه، وبشرط أن لا يُجعَل ذلك سُنَّةً يُستَنُّ بها فيُعَدُّ مَنْ خالف ذلك كأنه مُرتكبٌ لكبيرة، وإذا وصل الأمر إلى هذا الحدِّ ففِعْلُ ذلك بدعة؛ إذ أنه بسبب ذلك ينسَبُ إلى السُّنة ما ليس منها.
وإظهار السرور في العيدين مندوب، فذلك من الشريعة التي شرعها الله لعباده؛ إذ في إبدال عيد الجاهليَّة بالعيدين المذكورين دلالةٌ على أنه يُفعَل في العيدين المشروعين ما تفعلُه الجاهليَّة في أعيادها مِمَّا ليس بمحظورٍ ولا شاغلٍ عن طاعة، وإنما خالفهم في تعيين الوقتين، وأما التوسعة على العيال في الأعياد بما حصل لهم من ترويح البدن وبسط النفس من كلف العبادة فهو مشروع.
اقرأ أيضا | العيد قرب.. اعرف أول وآخر معاد لذبح الأضحية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.