كل فريق فى الأزمة الأوكرانية يحشد قواته ويستخدم أوراقه أو يلوح باستخدامها.. والنتيجة أن محاولات «تبريد الأزمة» لم تنجح حتى الآن فى وقف التصعيد. وفى الوقت الذى يتوالى التحذير من خطر الحرب، نجد التحركات على الأرض تسير فى اتجاه آخر. مناورات استراتيجية يشرف عليها بوتين بنفسه فى مقابل استنفار لقوات التدخل السريع فى حلف «الناتو» بينما تبدأ المناوشات العسكرية داخل أقاليم أوكرانيا نفسها بين الحكومة والانفصاليين وتعود الاشتباكات التى كانت قد توقفت قبل أقل من عامين بعد حرب داخلية سقط فيها 14 ألف أوكرانى. ومع ذلك مازال الرهان على الدبلوماسية قائما. الرئيس الفرنسى ماكرون يتحدث اليوم مع الرئيس الروسى لتجنب الأسوأ كما أكدت الرئاسة الفرنسية. والاتصالات بين الأطراف الأساسية فى الأزمة لا تتوقف من أجل التهدئة قبل لقاء قد يكون حاسما بين وزيرى الخارجية الأمريكى بلينكن والروسى لافروف يوم الأربعاء. وكان لافتا الاعلان عن سفر الرئيس الأوكرانى زيلنسكى لحضور مؤتمر الأمن الأوربى المنعقد فى ميونيخ رغم «نصائح» أمريكية بعدم السفر وترك بلاده فى هذه الظروف، ووصف الرئيس الأمريكى بايدن الأمر بأنه «قد لا يكون حكيما»!! ولا شك أن موقف الرئيس الأوكرانى هو استمرار لتوجهه -منذ بداية الأزمة- لعدم التصعيد وتأكيده بأن الحديث المستمر عن الغزو يثير المخاوف لدى الأوكرانيين ويضر بالأوضاع الاقتصادية، ويضع العوائق أمام الحل الدبلوماسى الذى لا بديل عنه إلا الحرب الكارثية. «تبريد الأزمة» ضرورى وبدون تأخير. استمرار التصعيد يجعل انفجار الأوضاع ممكنا فى أى لحظة وبأى خطأ فى الحسابات من هنا أو هناك. الصراع الحقيقى بين روسيا وأمريكا والصين بالطبع سيستمر طويلا، وسيحتاج لجهود طويلة حتى توضع قواعد لإدارته. المهم الآن أن يتوقف التصعيد من كل الأطراف حول أزمة أوكرانيا. المهمة ليست سهلة فى ظل غياب الثقة المتبادلة. لكن الآثار الكارثية لأى صدام لن تقتصر على أوكرانيا أو أوربا، بل ستشمل العالم كله، وهى -بالتأكيد- كافية لأن تدفع الجميع نحو التفاوض الجاد والتنازلات المتبادلة. إما «تبريد الأزمة» بسرعة.. وإما الاستعداد للأسوأ الذى لا يريده أحد!!