عود إلى يحيى!

صدى الصوت

أحسنوا حين اختاروه علمًا مرفرفًا لموسمهم الخصب، ورمزًا لعيدهم السنوى هذا العام، وقد بدا فى الأفق المحتشد بالوجوه والأفكار كالدليل المؤتم به فى الأسفار، ولأنه الوجه الأكثر تأثيرًا فى تاريخنا الأدبي، ومشهدنا الإبداعي، تطلعت إلى أن يجئ اختياره كشخصية لمعرض القاهرة الدولى للكتاب منذ سنوات، فهو الأجدر -هو وشمس الرواية العربية أديبنا العالمى نجيب محفوظ- بالاحتفاء، وعطاء كل منهما فى مسيرتنا الفكرية، ورحلتنا الإبداعية لا يضاهى، فيحيى حقى صاحب الشعلة التى سار على ضوئها أجيال من المبدعين، واهتدى على نورها آلاف المفكرين، وقبس من جذوتها حشود الأدباء والساردين، لذلك اندهشت حين تأخر الاحتفاء به عبر تقليد شخصية معرض الكتاب،
وامتعض كثيرون من إهمال اختياره منذ انطلق هذا التقليد الممدوح، ولكن أن تأتى متأخرًا أفضل بالتأكيد من ألا تأتى أبدًا، ومع أن الاحتفاء بحقى فى النسخة الثالثة والخمسين لمعرض القاهرة الدولى للكتاب -التى اختتمت أنشطتها منذ أيام- اجتهد فى تعريف الأجيال به إلا أن الكثير من الأفكار المبدعة كان بإمكانها أن تجتذب الأجيال إلى التعرف على سيرته، ومسيرته، والتفاعل مع إبداعاته وأعماله، مما يضاعف أثر الاحتفاء به فى ميدان صياغة الوعي، وغرس قيم الانتماء، وفضائل الولاء وإضاءة أذهان الأجيال الصاعدة بالنماذج الراقية،
والوجوه المُشرقة، وإثراء وجدان الناشئة بمنجز مثل هذه الشخصيات الفذة المشرفة المنتمية لوطنها، وقد كان بإمكاننا عبر الإعداد المثابر، والجهد المضنى فى التحضير، أن نخرج بنتائج أفضل بالتأكيد، ونجنى أثرًا أكثر عمقًا ورسوخًا، -وهذا للأسف- لم يحدث كما كنا نرجو ونأمل، على اعتبار أن هذا التقليد فى المعرض أحد منطلقات الوصول إلى عقول الملايين وقلوبهم، وقد خرجت الفعاليات والأنشطة المحتفية بيحيى حقى جيدة، ولكنها ليست مؤثرة ولافارقة أو لافتة، فهى ندوات مفيدة وعروض لابأس بها، ولكن الأمر أعمق بكثير حين نحاول ربط الأجيال بنبض حضارتها، وغرس اليقين فى نفوسهم بتفوق بلادهم، هنا الأمر يحتاج إلى أفكار مبتكرة وحشد إمكانيات على أصعدة متعددة لتخدم الهدف الواحد، ونرجو أن نلتفت إلى ذلك فى الدورات المقبلة، ودعونا نؤكد لكم أن وطنًا أنجب يحيى حقى ونجيب محفوظ ويوسف إدريس فى أفق القص والرواية، من حقه أن يتباهى بهم بين الأمم.