بعد الانسحاب الامريكي من أفغانستان ، بدأت عدة دول للبحث عن موطىء قدم ، وما يسميه علماء السياسة " البحث عن رقم " في المعادلة السياسية الجديدة التي تتحقق على أراضي الدولة التي استوطنها الاحتلال مرتين لما يقرب من ربع قرن، و تسعى تركيا لأن تصبح رقماً مهماً في المعادلة التي تجري على الأرض هناك ، وذهبت إلى هناك بحثاً عن دور مستقبلي في الأرض المحروقة التي تركتها الولاياتالمتحدة ، بحيث تطرح علامات استفهام كثيرة حول ذهابها الى هناك ، وعما اذا كانت ستشارك في تهديد جمهوريات ما بعد الاتحاد السوفيتي ، أو أنها ستكون داعمة لبعضها على حساب مصالح الآخرى ؟، فضلاً عن الدور الذي ربما تلعبه في صراعات متفجرة بين جمهوريات بعينها ، مع الأخذ بعين الاعتبار إعادة الصبغة الدينية لهذا الصراع واصباغ الموضوع بأكمله بمشروع أمريكي تركي كان مخططاً له في منطقة الشرق الأوسط خلال مشروع الربيع العربي ، وبعد فشله في ثورة 30 يونيو وسقوط أضلاع هذا المخطط على يد الجيش المصري ، يطرح المشروع نفسه مرة آخرى بنفس الدول الاقليمية التي تحالفت مع الولاياتالمتحدة منذ 2011 وحتى 2013 ، وتجهيز مسرح عمليات جديد بنفس الأدوات والأفكار والفاعلين ؟! اقرأ أيضاً |تقرير.. خروج آخر يهودى من أفغانستان قبل البداية ، وددت لو أني أترك بين يدي القارىء المسافات بين أفغانستان والدول التي تجاورها في الحدود ، وتقاربها في العلاقات ، وتتفق معها في مجريات التحول الذي جرى على أرضها ، لارتباطه بالتحليل الذي سنقدمه في طريقنا لفهم الأحداث ، وتبعات ما جرى ، وما يمكن أن تؤول اليه الأحداث على أرض هي مستقر لاحتلاليين متتاليين من قبل القوتين العظميين ، فضلاً عن طموح وأهداف الدول التي تبحث عن موضع قدم وتمركزات في هذه الدولة التي تشهد سيولة في الوضع ، وربما تتحول إلى مسرح مهم لأحداث داخلها ، وبجوارها ، وربما تصدرها للخارج . تقدر المسافة بين تركياوافغانستان 2.939 كم، والمسافة بين أفغانستان وأرمينيا 2.117 كم ، بينما بين أفغانستان وأذربيجان 1.909 كم ، من تقدمه هذه الأرقام التي تربط هذه الدول ببعضها سيتضح مسرح العمليات في المستقبل القريب وما سينتج عنه من تغييرات وتنوعات في المسألة الجيوسياسية والجيوعسكرية على هذه الأرض . وتعمل تركيا في اطار تنسيقي مع الولاياتالمتحدة لكسب هذه الارض المحروقة ، واعادة توطين نفسها وقواتها ومشروعاتها عبر شراكة مع حركة طالبان ، تمكنها من تحقيق عدة نتائج وفق حسابات أنقرة على أصعدة كثيرة، منها الاقتصادي والعسكري ، والسياسي في أرض أسيا الوسطى بالتحديد ، وهو المشروع المرتبط بالدين وعقيدة جماعة الاخوان التي كان يرعاها أردوغان في المنطقة العربية ، ولكن ثورة 30 يونيو 2013 في مصر قد ضربت مشروعه المتمركز حول تصعيد الأنظمة الاسلامية السنية في المنطقة العربية وحكمها واعادة انتاج ولاية عثمانية جديدة عفى غرار الباب العالي المتهالك ، هذا ما قاد تركيا للتفكير في نقل مشروعها بالاتفاق مع دول مرشحة لهذا المشروع أيضاً ، وهو أيضاً ما ستتبعه عدة تغييرات وانهيارات في عمق آسيا الوسطى والجمهوريات الاسلامية المنبثقة عن الاتحاد السوفيتي السابق وبعد العمل مع طالبان . وتتحرك تركيا في عدة مسارات ، لعلي أحصرها في السياقات التالية ، معتمدة على شراكة مع الولاياتالمتحدة ، وعبر خطوتين رئيسيتين: الخطوة الأولى : تقوم تركيا بإدارة مفاوضات مع الولاياتالمتحدةالأمريكية تمكنها من الابقاء على القوات التركية - الموجودة بالفعل في أفغانستان - منذ عام 2014 ضمن مهمة بعثة "الدعم الحازم" بقيادة حلف الناتو ، وتتبدى مهمتها الأساسية في تأمين مطار " كابول الدولي "، وعدد من المؤسسات الحكومية، في مواجهة تمدد حركة طالبان والتنظيمات الإرهابية الأخرى ، وهذا يبعث برسالتين للولايات المتحدة هنا : الرسالة الأولى : طمأنتها بأن الحليف التركي سوف يملأ الفراغ العسكري الذي ستتركه الولاياتالمتحدة بعذ خروج قواتها ، وأنها ستحقق المصالح الأمريكية بالوكالة على الأرض كما لو كانت القوات الأمريكية موجودة ، وبتركيا من ذلك أهداف تسعى اليها وتحاول تحقيقها . الرسالة الثانية : أن تركيا - وهي الحليف الاستراتيجي لأمريكا - ستواصل عمل الولاياتالمتحدة في حفظ التوازن في أفغانستان، وضمان تدفق المصالح الامريكية كما لو كانت موجودة تماما ب، في ظل وجود حارس موالي لأمريكا . أما الخطوة الثانية التي تحاول من خلالها تركيا التمركز في أفغانستان ، فتبدو في محاولتها التوصل إلى تفاهمات مع قادة الفصائل والميليشيات المُتطرفة في سوريا من أجل نقل عناصر وميليشيات مسلحة من إدلب إلى أفغانستان، بهدف المشاركة في مهام التامين التي تنفذها تركيا في قطاعات ومؤسسات أشرنا اديها سابقاً ، ومنها مطار العاصمة ، وتبدو اللعبة الخطيرة هنا التي تمارسها تركيا في اعادة انتاج شراكة سياسية عسكرية بينها وبين افغانستان ودول آخرى عبر مقربة من مربع الصفر بالنسبة لها أو قاع الانطلاق ، وذلك لخلق توترات جديدة بهذه المنطقة ، عبر فتح بؤر جديدة لصراعات دينية واثنية على غرار الصراع الذي دعمته في اقليم " ناجورني قره باغ " الذي لا يزال الصراع فيه مفتوحاً ولم يحسم بين أذربيجانوأرمينيا . وفي هذا الاطار تسعى تركيا لنقل مرتزقة الى افغانستان مثل" صقور الشام "، و" فيلق المجد " ،و " فرقة حمزة " أو " السلطان مراد "، حيث تنوي تركيا ارسال 2000 عنصر ارهابي الى اراضي افغانستان براتب يبلغ 3 ألاف دولار في الشهر للمقاتل . وقد جاءت هذه التحركات التركية بتعليمات مباشرة من الرئيس "رحب طيب أردوغان " الذي أدار اجتماعاً أسفر عن هذا القرار . وترمي تركيا من تحركاتها هذه إلى استرضاء الولاياتالمتحدة وكسب ودها ، بعد فتور في العلاقات وحالات من الشد والجذب ، لكن تبقى لعبة المصالح هي ما تحكم تحركات وتفاعلات تركياوالولاياتالمتحدة ، ويبدو للمتابع أن تركيا تهدف من وراء وجودها في أفغانستان لحصد جملة من المكاسب أهمها : المكسب الأول : تحسين العلاقات مع الغرب ، ومع الولاياتالمتحدة الغاضبة من امتلاك روسيا لمنظومة S400 للدفاع الصاروخي ، وهي الصفقة التي لا زالت أمريكا غير راضية عنها . المكسب الثاني : رفع مظاهر الحصار السياسي والاقتصادي الذي تفرضه الولاياتالمتحدة على تركيا بسبب سياساتها في المنطقة العربية ، وتحركاتها في ملف أكراد سوريا، وغاز المتوسط ، وبالتالي تحاول تركيا ارسال رسالة للولايات المتحدة أنها ذراعها التي تتحرك في المنطقة . المكسب الثالث : الذي تحاول تركيا أن تحققه باسترضاء الولاياتالمتحدة والغرب بوجه عام ، عبر ارسال رسالة أنها لا تزال تخضع للناتو وتنفذ سياساته في المنطقة ، وأن مكسبها الحقيقي في بقاء العلاقات مع العرب في طور الثقة . المكسب الرابع: تحاول تركيا أن تغازل الولاياتالمتحدة والغرب بأن تقدم نفسها كبديل لروسيا في منطقة أسيا الوسطى ، وتبدو مظاهر هذا الطرح في تحركات تركيا على الأرض مع الشريك الجيواستراتيجي لها ، وهي أذربيجان ، وتهدف تركيا من وجودها في افغانستان الى تعزيز نفوذها في منطقة آسيا الوسطى ، وتقدم نفسها كبديل لروسيا الشريك السياسي والاقتصادي لدول أسيا الوسطى . المكسب الخامس : الذي تسعى تركيا لتحقيقه ، هو الاستفادة من منطقة آسيا الوسطى والدول الواقعة بها اقتصادياً ، وذلك لما تحتويه هذه المنطقة من ثروات اقتصادية ضخمة تتمثل في النفط والغاز الطبيعي واحتياطات المعادن والفحم، والموارد المائية العذبة والجوفية ، وما تعول عليه تركيا في خدمة هذا الهدف هو التقارب والتداخل بين حدود هذه الدول وأفغانستان ، وأقعد دول آسيا الوسطى المتمايزة دينيًا ولغويًا وتاريخيًا ما يعزز لدى أنقرة فكرة المرحب على أساس الدين كون هذه الدول جميعها تدين بالاسلام ، وهو ما ينقل مشروع الخلافة الى هذه المنطقة كما أشرت سابقاً . سادس المكاسب التي تسعى تركيا لتحقيقها على الأرض ، هو المساومة السياسية التي تمارسها مع الاتحاد الأوروبي ، والتلويح بورقة اغراقه باللاجئين السوريين ، كأحد أهم الأوراق التي تستخدمها - على فترات - لتهديد وابتزاز أوروبا - فقد سبق وأن لوحت تركيا بهذه الورقة أكثر من مرة مضت . ولكن هذه المرة تختلف عن ذي قبل ، وربما تجني تركيا فيها ثماراً لطالما انتظرتها ، لكن هذا يتوقف على رد الفعل المضاد من جانب الاتحاد الاوروبي ، والذي أقصده هنا أن تركيا ، ومن خلال سيطرتها على مطار "كابول " تضيف لنفسها ميزة نسبية هامة في نقل معادلة التفاعل السياسي إلى ناحيتها بما لهذا المطار من أهمية استراتيجية للولايات المتحدةالأمريكية وحلف الناتو ، حيث تسيطر على المطار بحجة تأمينه ، وبالتالي تضيف إلى مصادر ابتزازها السياسي وأوراق ضغطها هذا البعد الهام . ولا يقتصر طموح تركيا من خلال السيطرة على المطار ، والتلويح بورقة اللاجئين على ابتزاز الاتحاد الأوروبي فحسب ، بل إن طموحها السياسي ينقلها لادارة الصراع أيضاً في هذه النقطة إلى الولاياتالمتحدة نفسها ، وذلك لتسوية بعض القضايا الخلافية معها ، فضلاً عن ارسال رسائل طمأنة إليها أن أنقرة تدخل حظيرتها وتعمل في اطار سياساتها وتحقيق مصالحها العليا . المكسب السابع : تسعى تركيا لاقناع الولاياتالمتحدة بوقف دعمها لقوات سوريا الديمقراطية " قسد " وحزب الاتحاد السوري ، ومما تجدر الإشارة إليه في هذه الجزئية ، أن كلمة السر في عملية إدارة تركيا لوجودها في أفغانستان بهذا الشكل هو منظومة الصواريخ الروسية إس 400 ، وهي الصفقة التي ترفضها الولاياتالمتحدة تماماً ، فضلاً عن محاولتها أخذ اعتراف رسمي وصريح من الولاياتالمتحدة بالعودة إلى برنامج طائرات إف 35 . وهنا تلعب تركيا وفق سياسة " ملء الفراغ " ، واتباع سياسة القفز بذكاء ، المكسب الثامن : الذي تسعى أنقرة إلى تحقيقه ، يبدو في جملة مكاسب اقتصادية ولوجيستية في نفس الوقت ، وهو ما أكده "أردوغان " خلال المباحثات التي أجراها مع نظيره الأمريكي جو بايدن على هامش قمة "الناتو" يوم 14 يونيو 2021، حيث أكد له أن وجود القوات التركية لتأمين مطار " كابول " سيكون مدفوع الأجر من قبل الولاياتالمتحدة وحلف الناتو ، ومن جهة ثانية تضع تركيا كل طموحاتها وآمالها في مبادرة "الحزام والطريق" لكي تفلت من القيود والعقوبات الاقتصادية والتجارية المفروضة عليها، وبالتزامن مع هذه الخطة تسعى أنقرة لاستبدال طرق التجارة المارة من روسيا وإيران بممر الوسط ، والذي يعد أحد أهم الممرات الاقتصادية ضمن المبادرة ، و يصل بينها وبين الصين مروراً بعدة دول من وسط آسيا منها أفغانستان، حيث يعتبر الممر منخفضاً في التكلفة مقارنة بممر الشمال، وسيؤدي لاتصال تركي بشكل أقوى وأسرع مع دول آسيا الوسطى خاصة تركمانستان، وكازاخستان وأذربيجان ، وهو ما بعد بعداً آخراً تحاول تركيا اضافته لسلة مكاسبها في أفغانستان . المكسب التاسع : هو خطوة في طريق الحل السياسي المستقبلي في سوريا ، وذلك بنقل الميليشيات المسلحة التابعة لتركيا في " إدلب " إلى أفغانستان ، وبالتالي خلق قاعدة تمركز جديدة . ماهي أدوات تركيا عندما ذهبت لأفغانستان ؟ ذهبت تركيا لأفغانستان - كما أشرت - لملء الفراغ - الأمريكي - والبحث عن رقم في المعادلة الجديدة الناشئة في هذه الأرض الموعودة بالصراع وملتقى الارهاب والجماعات المسلحة حول العالم ، التي تستخدم في تصفية واشعال حسابات وصراعات في مناطق كثيرة . وتتصور تركيا أن لديها بعض الأدوات التي تمكنها من القيام بدورها اتحصد الثمار ، وتحقق مكاسبها التي تطمح فيها هناك في أفغانستان ، وهي الأدوات التي نرصدها على نحو مبسط في : أ - تدريب الموظفين الأفغان في الادارات والقطاعات الحكومية الناشئة ، وتقديم الخبرات والدعم الفني لهذه المؤسسات التي ستخلق تباعاً وفق منظومة وتحديث كفائتها . ب : إنشاء المدارس التركية في أفغانستان ، وهذا هو الاتجاه الذي تلعب من خلاله تركيا على تعزيز وجودها في بلدان كثيرة ، لعل منها أيضاً ما هو أوربي مثل ألمانيا وفرنسا ، إذ يتيح وجود هذه المدارس فرصة لدولة تركيا لخلق ولاءات لدى النشء من الاطفال ، والدارسين لعلوم القران والعلوم الشرعية ، ما يخلق لها أرضية دينية مؤثرة تقود لاحداث تغييرات في هذه البلدان ، ومنها أفغانستان . ج- تقديم منح دراسية للطلاب الأفغان ، وذلك لخلق جيل تابع للسياسة والثقافة التركية على خط تماس مع الإسلام السني الموجود في أفغانستان ، وهي لعبة قديمة تمارسها تركيا ، حتى في عملية تبييض الارهاب للمجاهدين والارهابيين الذي انخرطوا في صفوف داعش بسوريا تمنحهم تركيا هذه الشهادات والدراسات ، ما يقول انها تستخدم أسلوب المنح في كسب الولاءات والتابعين . د- تدريب الجنود وقوات الأمن ، وذلك في اطار العلاقات مع حركة طالبان ، الموجودة قديماً ، والتي تجددت جديثاً ، لرفع كفاءة القوات الافغانية في اطار الرعاية الامريكية وسياسة " ترك المجال " لتركيا الحليف الاستراتيجي لها لكي يلعب دوراً في أفغانستان ربما يجني من ورائه بعض المكاسب . ه- إجراء مفاوضات مع قطر وباكستان مستمرة في ظل العلاقات بينهم ، وذلك لمساعدة وتعزيز تموضع تركيا في أفغانستان ، وهو ما ينقلنا إلى هدف وأداة ، أو ورقة تلعب بها لكسب ود أمريكا وتعتبرها من أدوات تواجدها ، وهي التصدي لكل من روسياوالصين وايران ، عبر استراتيجيات مدروسة ومعدة مسبقاً للقيام بهذا الدور الجديد . و - البعد الديني والمذهبي في التقارب ، وهو ما تعتبره تركيا مؤهلاً - فوق المتوسط - لوجود عادي ومكاسب غير عادية في أفغانستان ، إذ تلعب بورقة الإسلام السني مع طالبان ، وعدد من دول الجوار ، لاستقرار الاوضاع كما ارجو هي وحليفتها الولاياتالمتحدة ، ومغازلة دول اسيا الوسطى التي تدين بالاسلام السني لتنفيذ مشروعها - الحلم - واعادة طرح فكرة الخلافة مرة آخرى . هل ستحقق تركيا ما تريد في أفغانستان ؟ عملياً ، وعلى أرض الواقع تواجه تركيا جملة من التحديات والمعوقات التي تقف حائلاً أمام تحقيق مهمتها في أفغانستان ، حيث يبدو المشهد معقداً - ليس كما تصورت - في بداية الأمر أنها ستحقق مكاسبها بسهولة على الأرض الأفغانية ، وأنها ستجني ثمار الأرض المحروقة التي خلفها الأمريكان من ورائهم ، وأن اتباعها سياسة ملء الفراغ - خدمة للمصالح الأمريكية - سيجعلها المتفرد بالسيطرة وجني الثمار هناك في هذه البقعة المتوترة منذ ما يقارب ربع قرن ، ويستطيع الباحث رصد هذه المعوقات التي قد تطيح بأحلام أنقرة على النحو التالي : أولاً : العائق المالي ، إذ أن تكلفة وجود قولت تركية في أفغانستان مكلفة ، فضلاً عن وجود عوائق لوجستية واقتصادية ، فلم توافق الولاياتالمتحدة - حتى الآن - ولا حلف الناتو على الشروط التركية ، مع تحفظ الناتو على وجود تنسيق تركي باكستاني حيث لجأت تركيا لاستحضار المشاركة الباكستانية في عملية التأمين على أرض أفغانستان . ثانياً : دخول تركيا في عدد من الصراعات ، في عدة دول ، منها ليبيا، سوريا ، آسيا الوسطى، ومؤخراً في الصراع بين أرمينياوأذربيجان ، وتدخلاتها السياسية في عدة دول بالمنطقة ، منها تونس ، ومحاولات الدخول في تجاذبات سياسية وعسكرية مع مصر ، ما يؤهل تركيا لأن تسقط ولا تستطيع أن تمضي في البؤرة الجديدة التي فتحتها وذهبت اليها ظناً في جني المكاسب . ثالثاً : الخلاف السياسي الداخلي في تركيا ، ووجود معارضة لسياسيات اردوغان في ارسال جنود أتراك الى افغانستان ، للقتال مع الفصائل المسلحة خدمة للمصالح الأمريكية ، وهذه المعارضة صعدت من خطابها الرافض للدور التركي خشية حدوث مواجهات بسن الجنود الاتراك وأياً من الفصائل الارهابية . وهذا ما قد يتصاعد خلال الأيام القادمة ، ويضرب شعبية " اردوغان " . أخيراً : يبقى أن نعرف ما هو مستقبل الوجود التركي في أفغانستان ؟ أمام هذا الطموح التركي المدعوم من الولاياتالمتحدة ، توكد المعطيات أن هناك فاعلين دوليين ليس من مصلحتها أن تعزز تركيا وجودها في هذه المنطقة، إذ أنها ستشكل خطراً وتهديداً لمصالحها ، وتحدياً لواقع موجود ، وبالتالي فإن وجود تركيا في هذه الأرض محدود بأبا تتجاوز مصالح هذه القوى الكثيرة صاحبة الحسابات التي لا تتوافق مع الطموح التركي ، وتشير التوقعات إلى أن أنقرة ورجالها ربما يواجهون بخط أحمر على غرار ما جرى في سرت والحفرة ، وفي البحر المتوسط ، إذ أن اشتعال منطقة آسيا الوسطى سيجد قوى مهمة تقف للحيلولة دونه مستقبلاً .