وزير الري لوفد أفريقي: مصر لجأت لإعادة استخدام مياه الصرف الزراعي لمواجهة فجوة الاحتياجات المائية    مصادر: القائمة الوطنية من أجل مصر تقدم أوراق ترشحها لخوض انتخابات مجلس الشيوخ    الضرائب: تمهد الطريق أمام المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر لتحقيق طفرة في النمو    «المشاط» تتابع مع البنك الأوروبي خطوات الاستفادة من برنامج خفض الانبعاثات بقطاع الصناعة    مبعوث ترامب للشرق الأوسط : نقاط الخلاف بين حماس وإسرائيل انخفضت إلى واحدة فقط    مرصد الأورومتوسطي: إسرائيل تخطط لاحتجاز سكان غزة قسرا في معسكر اعتقال فوق أنقاض رفح    رئيس الوزراء الصيني: نحرص على بذل الجهود للتعاون مع مصر في كافة المجالات    ليفربول يحدد شرطه لبيع دياز    عودة التواصل تدريجيا في الخدمات المرتبطة بالإنترنت والاتصالات في المنيا    ختام هادىء لامتحانات الثانوية الأزهرية بمطروح    «الداخلية»: ضبط 323 قضية مخدرات و196 قطعة سلاح وتنفيذ 83 ألف حكم قضائي خلال 24 ساعة    «حدوتة حب مصر».. قصور الثقافة تحتفي بمسيرة أحمد منيب بحضور أبنائه غدًا    ولي العهد السعودى يؤكد لوزير الخارجية الإيراني دعم المملكة لحوار تسوية الخلافات    انتظام العمل بالبنوك وتقديم الخدمات المصرفية حتى 5 مساء    عودة خدمات فوري إلى كفاءتها التشغيلية بعد حريق سنترال رمسيس    وزيرة التضامن الاجتماعي تترأس اجتماع اللجنة العليا للأسر البديلة الكافلة    لاول مرة مساعد رقمى يتنبأ بالخطر بالمحطات النووية قبل وقوعه ب30 دقيقة    الجدول الزمنى لإجراء لانتخابات الشيوخ مع بداية خامس أيام تلقى أوراق الترشح    دليل اختبارات القدرات لطلاب الثانوية العامة.. مكتب التنسيق يوضح كيفية التسجيل.. محظورات خلال أداء الامتحانات.. و7 خطوات لسداد الرسوم    علاء فاروق: صندوق التكافل ركيزة أساسية لدعم صغار المزارعين    وزير الإنتاج الحربي يستقبل محافظ جنوب سيناء لبحث تعزيز التعاون المشترك    مبيعات فيلم ريستارت تصل إلى 676 ألف تذكرة في 6 أسابيع    بالأسماء، تعيينات قيادات جديدة بكليات ومراكز جامعة القاهرة    كارثة داخل غرفة العمليات في المغرب، أطباء يرقصون على أنغام الشعبي أثناء عملية جراحية (فيديو)    طب قصر العيني تستضيف الامتحان الإكلينيكي للزمالة المصرية في تخصص الأنف والأذن والحنجرة    فيديو.. السفير حسام زكي: حزب الله ارتكب خطايا كبيرة ولا يمكن تناسي إساءاته    هربا من الحر للموت.. وفاة طالبين غرقًا داخل ترعة في قنا    إحباط ترويج ربع طن مخدرات ب34 مليون جنيه| صور    ارتياح بين طلاب الأزهر بالفيوم بعد امتحان التفسير: 'نهاية هادئة لماراثون صعب"    الاستماع لأقوال شهود عيان لكشف ملابسات مقتل سيدة على يد طليقها بأكتوبر    مصرع طفلة أسفل عجلات سيارة في الشرقية    سول تعيد 6 صياديين من كوريا الشمالية إلى بلادهم بعد إنقاذهم في البحر    ارتفاع في الطماطم.. أسعار الخضار اليوم الأربعاء في أسواق مرسى مطروح    انطلاق منافسات تتابع الناشئين والناشئات ببطولة العالم للتتابعات للخماسي الحديث    ما بين السينما والدراما.. نجوم في بلاتوهات التصوير    الثانية هذا العام.. محمد عساف يكسر صمته الغنائي في ليلة من أجل غزة بمهرجان قرطاج الدولي    9 يوليو 2025.. أسعار الحديد والأسمنت بالمصانع اليوم    أوكرانيا: روسيا أطلقت 728 طائرة مسيرة و13 صاروخا خلال الليل    تشغيل وحدة القسطرة القلبية بمستشفى طنطا العام وإجراء 12 عملية    وزير الصحة يبحث مع المدير الإقليمي للصحة العالمية التعاون في ملفات المبادرات والتحول الرقمي    مدرب الزمالك السابق يحذر الإدارة من التسرع في ضم نجم بيراميدز: "تحققوا من إصاباته أولًا"    تنسيق الدبلومات الفنية 2025.. مؤشرات كليات ومعاهد دبلوم سياحة وفنادق    60 فيلمًا و120 مسرحية.. ذكرى رحيل عبد المنعم مدبولى في كاريكاتير اليوم السابع    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 9-7-2025 في محافظة قنا    اغفروا لها هذا الخطأ.. «ليزا نيلسون» تقبل اعتذار مها الصغير    بعد تجديد رونالدو.. عرض من النصر السعودي لضم وسام أبو علي (تفاصيل)    دعاء الفجر| اللهم ارزقني الرضا وراحة البال    الاتحاد المنستيري يرفض استعادة الجفالي.. والزمالك يتحرك لإعارته وتوفير مكان للاعب أجنبي    البابا تواضروس الثاني يلتقي الدارسين وأعضاء هيئة تدريس الكلية الإكليريكية بالإسكندرية    الخارجية الإيرانية: تلقينا رسائل من واشنطن للعودة إلى المفاوضات    بعد ترميمهما.. وزير السياحة ومحافظ القاهرة يفتتحان قبتين نادرتين بالفسطاط    الفيفا يفتتح مكتبا داخل برج ترامب استعدادا لمونديال 2026    الرمادي يفجر مفاجأة بشأن طلب مشاركة زيزو في نهائي الكأس    مدرب الزمالك السابق: يجب أن نمنح جون إدوارد الثقة الكاملة    غالبًا ما تمر دون ملاحظتها.. 7 أعراض خفية لسرطان المعدة    أمين الفتوى يحذر من الزواج العرفي: خطر جسيم على المرأة    أمينة الفتوى: «النار عدو لكم فلا تتركوا وسائل التدفئة مشتعلة أثناء النوم»    ندوة بالجامع الأزهر تُبرز أثر المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار في ترسيخ الوَحدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بروفايل| الأديب سعيد نوح .. الموج الهادر من الإنتاج الروائي

سعيد محمد موسي أحمد نوح الشهير ب«سعيد نوح» روائى من طراز فريد، يتمتع بموهبة متميزة خاصة، من حيث قدرته على تركيز معان متعددة في جمل محدودة، مما ساهم في الثراء الكبير لأعماله الإبداعية، فهو كاتب موهوب حد النخاع، يدرك أسرار الفن الروائي، ويسيطر بحساسية وموهبة فطرية نادرة، وعقب الاعلان عن فوزه بتكريم وزيرة الثقافة ومؤسسة الشارقة للتكريم الثقافى، للشخصيات التى ساهمت بأعمالها الإبداعية فى خدمة الثقافة العربية المعاصرة والاحتفاء بإنجازاتهم الفكرية والأدبية .. «بوابة أخبار اليوم» ترصد من خلال أعماله التى تجازوت اثنا عشر رواية ومجموعة قصصية, للأديب الكبير «سعيد نوح» الروائى وكاتب القصة، وعضو اتحاد الكتاب المصرى، لنضع أمام القارئ صورة روائي مبدع له صوته الخاص، ونبرته المتفردة، فأعماله الإبداعية تتسم بالحرارة ذات الطابع الغنائي، كأهم ما يميز سعيد نوح وهي أعذب ما في كتابته وبفضلها يرتفع سعيد نوح عاليا كروائي مبدع .. لا يتكرر.
الأديب سعيد نوح أستاذ في انتقاء اللحظات الفاصلة في حياة البشر، كما يجسد المواقف بحسية وبراعة في لقطات لا تنسى، ففي روايته الأولي المعنونة ب«كلما رأيت بنتا حلوة أقول لها يا سعاد»، وتظهر براعة ذلك الشاعر القاص الذي لطالما أدهشنا ونحن نستمع له في سنواته الأولي كشاعر فصحي، ويكفي فقط الإشارة إلي قصيدة «من طفل في الوطن العربي»، التي أحدثت في وقتها ردة فعل بين المثقفين، ثم هاجر من الفصحي، ليهيا لنا من أمرنا رشدا في شعر العامية، حتي صار ديوانه الأول «نول الوجع» يسمع من أصوات عدة، ثم انتقل إلي القصة ليذكرنا جميعا بلغة جديدة تشبه لغة الراحل العبقري «يحي الطاهر عبدالله»، وإن كانت اللغة يمكن الإقترب بها إلي لغة يحيي، إلا أن الأجواء كانت من الجدة والفردة جعلته موضع ترحيب من مجلة «أدب ونقد» حين قدمت له مجموعة أوارق العربة الجنوبية .. وغيرها من الإبداعات التى توالت من جعبة الروائى الكبير والأديب المميز «سعيد نوح».. والتى نستعرضها فى البروفايل التالى..
جراب سعيد نوح الإبداعى أخرج لنا طوفان من الأعمال الروائية والقصصية, التى أخذت مكانتها بين أهم الأعمال الروائية فى تاريخ الرواية المصرية, حيث صدرت له الأعمال الإبداعية، ديوان «نول الوجع» شعر طبعة خاصة 1988 , و«أوراق العربة الجنوبية» مجموعة قصصية طبعة خاصة عام 1990، و«كلما رأيت بنتا حلوة أقول يا سعاد» رواية طبعة أولى الهيئة العامة لقصور الثقافة ضمن سلسلة إبداعات 1995، و«كلما رأيت بنتا حلوة أقول يا سعاد» مكتبة الأسرة 2003، و«دائما ما أدعو الموتى» رواية مكتبة الأسرة 2002، و«تمثال صغير لشكوكو» متتالية قصصية عام 2004، و«61 شارع زين الدين» رواية عام 2007، و«ملاك الفرصة الأخيرة» رواية طبعة أولى عام 2008، و«أحزان الشماس» رواية عن إبداعات التفرغ المجلس الأعلى للثقافة عام 2010، و«الكاتب والمهرج والملاك الذي هناك» عن الهيئة العامة لقصور الثقافة سلسلة تجليات أدبية عام 2012، و«ملاك الفرصة الأخيرة» رواية طبعة ثانية عام 2012، و«حكايات صغيرة للشيطان» رواية عام 2016, و«كلما رأيت بنتا حلوة أقول يا سعاد» رواية طبعة ثالثة عام 2016، و«مختارات روائية» عن الهيئة العامة للكتاب (كلما رأيت بنتا حلوة 61 شارع زين الدين الكاتب والمهرج والملاك الذي هناك أنور هنصور ) عام 2017، و«كشك الأورام» مجموعة قصصية عام 2017، 16، و«أحوال مظلوم» رواية عام 2019.
حصل الأديب الكبير سعيد نوح على العديد من الجوائز والتكريمات, وآخرها تكريم حاكم الشارقة عن مجمل أعماله الإبداعية, كما حصل على جائزة ساويرس فرع كبار الأدباء، عن مجموعة "كشك الأورام" عام 2018
كما تم إختيار رواية «كلما رأيت بنتا حلوة أقول يا سعاد» كافضل عمل أدبي لعام 1996بمجلة آخر الدنيا، وجريدة المساء وصحيفة أخبار الأدب واختارها كل من : ابراهيم اصلان. محمد مستجاب، وجمال الغيطاني ومحمد البساطي وسعيد الكفرواي واعتدال عثمان .
وللأديب الكبير سعيد نوح عدد من الأعمال الروائية والقصصية تحت الطبع منها: «أم مليحة» و«ربيع الحب» و«بنت حنفي» و«لوعة الحب» و«لم يكن يجب على الملائكة»
وعن حياة الأديب والروائى سعيد نوح تبارى كبار الكتاب والنقاد فى تناول أعماله بالدراسة، الذيم أكدوا أن بصمة سعيد نوح مؤثرة فى مسيرة الرواية المصرية والعربية, وأنه طوفان هادر من الأعمال الإبداعية ..
فقال عنه الناقد أحمد الخميسي، «سعيد نوح» أضع أمام القارئ صورة روائي مبدع له صوته الخاص، ونبرته المتفردة، وإن هذه الحرارة ذات الطابع الغنائي أهم ما يميز سعيد نوح وهي أعذب ما في كتابته وبفضلها يرتفع سعيد نوح عاليا كروائي مبدع لا يتكرر .. حيث يتقاسم سعيد نوح (مواليد 1964) مع كتاب الرواية الجدد المنهج الفني العام, أي مجموعة الوسائل وطرق التعبير الشائعة بدءا من الحفر في الزمن بالعمق والعرض، والتخفف من عبء الوصف والحبكة وإنتهاء بالإستفادة من التقنية السينمائية، وفي ذلك المجال ليس لدي سعيد نوح جديد، إلا أن سعيد يثب إلي الأمام مسافة واسعة بفضل أسلوبه، أي طريقته الخاصة التي يتحقق بها المنهج العام، وأهم ما يميزه في هذا المجال ككاتب هو حرارة موقفه من شخصياته وموضوعه، الحرارة التي تصبح بوتقة ينصهر فيها موضوع الرواية وأفكار ومشاعر الكاتب، ليصبح كل ذلك وحدة واحدة. و«سعيد نوح» لا يعرف ما تم التعارف عليه سابقا بشأن الطابع الصارم الخارجي للعمل، أو اختفاء الكاتب، أو جبل الجليد الذي لا يظهر سوى سطحه، وعلى العكس من ذلك يبادر سعيد نوح في روايته مثل «كلما رأيت بنتا»، وفي رواية «دائما ما أدعو الموتى» إلي إطلاق سراح طوفان من المشاعر النبيلة تجاه الشخصيات والعالم والحدث، ويبدو في ذلك أقرب إلي المغني الشعبي، الذي لا ينكر تعاطفه مع أبطاله، وبكائه عليهم، وحثهم صراحة على الوقوف ثانية على أقدامهم لمواجهة العالم، ويواصل لنا تقديم صور رائعة عن هذا الوئام الشعبى الذى فقدناه.
ويقول الناقد الشاعر محسن الخياط، مما لا شك فيه أن سعيد نوح يتمتع بموهبة متميزة خاصة من حيث قدرته على تركيز معان متعددة في جمل محدودة وهو ما ساهم في الثراء الكبير الذي تتضمنه أعماله.
وقال عنه الناقد الدكتور صبري حافظ، أن مصر ولادة، كثيرا ما تفقد هذه العبارة الجميلة معناها من كثرة تكرارها، بل وابتذالها في بعض الاحيان، ولكن بين الحين والآخر، ترد لها بعض الأعمال الأدبية الجميلة المعني، وتعيد للواقع الأدبي ثقته في نفسه، وفي قدرته علي مواصلة الرحلة الطويلة الصعبة التي بدأها الرواد في مطلع هذا القرن، ويقع عبء استمرارها علي أحدث الأجيال الوافدة من شباب الكتاب، وروايات سعيد نوح ومنها (كلما رأيت بنتا حلوة أقول يا سعاد) تعيد لنا الثقة في طاقة مصر الإبداعية، وفي مستقبل الرواية العربية في مصر، والتي تعيش الآن مرحلة من أزهي سنواتها بفضل أمثال سعيد نوح، وتؤسس رواية نوح جدتها ومفرادتها بين أحدث كتاب القصة والرواة في مصر منذ العنوان المختلف (كلما رأيت بنتا حلوة أقول ياسعاد)، كما تؤكد هذه الرواية أننا أمام كاتب موهوب حد النخاع، يدرك أسرار الفن الروائي، ويسيطر بحساسية وموهبة فطرية نادرة، وتنبئ عن قدر كبير من النضج والموهبة، وتتسم بنيتها الشيقة بحساسية سردية فائقة قل توافرها إلا لدا عميد الرواية العربية نجيب محفوظ، فهي تعي أن شعرية السرد الروائي تكمن في التركيز والتكثيف والخبرة الحميمية بالموضوع الذي تتناوله.
وقال عنه الناقد الدكتور مجدي توفيق في كتابه «الذاكرة الجديدة», كل شيء حولي يسأل عن الذاكرة، ويعيش عليها, وتمثل رواية سعيد نوح «كلما رأيت بنتا حلوة أقول يا سعاد» احتفاء كبير بالذاكرة، ولا إستنكف أن أقول أنها خير ما تمثله الذاكرة الجديد كما تأكد لي بعد الإنتهاء من ذلك الخط الصغير الذي أضيفه إلي ملايين الصفحات التي خطت في النظرية العربية، التي لم يتم جمعها حتي الان، هناك فتاه رقيقة، تشبه رقتها رقة الملائكة، جديرة بالحب، أسمها سعاد، قد توفيت، والرواية تبحث عنها بحثا حميما، أو محموما، مما يعني أننا أمام ذاكرة واقعية حية، يتعمد صاحبها أن يستجيب لها سرد ومناجاة، بل أقول إننا أمام ذاكرة مضاعفة، ذلك ان لعبة تغير الأصوات الساردة هي محاولة لجلب الذكريات من ذاكرات شتي لأشخاص مختلفين، يجمع بينهم أساسا أنهم زوايا نظر مصوبة إلي إنسانة واحدة هي سعاد، وكل منهم يحمل ذكريات تخصه مع الراحلة، وتصب ذكرياتهم كلها في مجري الرواية، فتصير الرواية ملتقي أنهر الذاكرات المتلاقية، أو تصير ذاكرة كبيرة مضاعفة، بؤرتها سعاد، وفي خلفيتها بيئة ومجتمع، وتاريخ اجتماعي وساسي، لهذا لا تمثل الرواية محاولة هروب من الذاكرة، بأية حال من الأحوال، بل تمثل تشبثا بها، وإلحاحا عليها، وتمجيدا لها، وترسيخا للصور التي تحملها، ترسيخا للصور التي تحملها، ترسيخا يسعي إلي مقاومة النسيان، ودحض الفناء.
وقال الناقد الدكتور صلاح السروي عن الروائى «سعيد نوح» أنه أستاذ في انتقاء اللحظات الفاصلة في حياة البشر كما يجسد المواقف بحسية وبراعة في لقطات لا تنسى، في روايته الاولي المعنونة ب«كلما رأيت بنتا حلوة أقول لها ياسعاد» تظهر براعة ذلك الشاعر القاص الذي لطالما ادهشنا ونحن نستمع له في سنواته الاولي كشاعر فصحي، ويكفي فقط الاشارة إلي قصيدة «من طفل في الوطن العربي» التي احدثت في وقتها ردة فعل بين المثقفين، ثم هاجر من الفصحي ليهيء لنا من أمرنا رشدا في شعر العامية، حتي صار ديوانه الأول «نول الوجع» يسمع من أصوات عدة، ثم انتقل إلي القصة ليذكرنا جميعا بلغة جديدة تشبه لغة الراحل العبقري «يحي الطاهر عبدالله»، وإن كانت اللغة يمكن الاقترب بها إلي لغة يحيي إلا أن الأجواء كانت من الجدة والفردة جعلته موضع ترحيب من مجلة إدب ونقد، حين قدمت له مجموعة أوارق العربة الجنوبية، ثم أخيرا نأتي إلي رائعته التي وإن أبكتنا إلا انها أكدت لنا أن الأبداع في ذلك الوطن هو أجمل ما فيه.
وقال عنه الناقد الدكتور رمضان بسطويسي، إننا أمام ذاكرة حكائية، تسجيلية، هدفها أن تصور لنا عالما بعيدا عن أضواء العاصمة، كما لدى الكبير نجيب محفوظ أو ريف مصر، الذي صنع بأحكام عند عبد الحكيم قاسم، ذلك العالم المختفي عن الانظار.. نسميه عالم هامشي، لكنه في الحقيقة هو العالم الجديد علي السرد العربي، منذ أن كتب «قنطرة الذي كفر» وهناك طريق غير مأهول بالمارة فيه، غير مهيء للعبور خاصة بعد أن أبدع مشرفة رائعة ، لكن ذلك الطريق أخيرا وجد ضالته في «كلما رأيت بنتا حلوة أقول ياسعاد» للكاتب سعيد نوح.
وقال عنه دكتور حسين كشك، سعيد نوح كاتب متجول داخل حرفة الأدب، فبعد قصائد فصحي رسخت في الذاكرة، أخص بالذكر منها قصيدة «من طفل في الوطن العربي»، تحول إلي شاعر عامية وظهر ايضا تميز جعل «نول الوجع» تمر من فم لفم حتي غدت ظاهره لشعر العامية الجديدة. لا انسى تلك الصيحة التي فاجأتنا جميعا حين قال سعيد: لساك يارب في السما، وأنا والوطن مستنين تنزل لنا .. يا تقول لنا نطلع منين .. لم يستمر كعادته رغم تميزه في الشعر ، ذهب إلي القصة وخرج لنا بأوارق العربة الجنوبية، لنكتشف تمكنه من لغته الخاصة المتفردة عن كل الاصوات القصصية المطروحة علي الساحة، ربما جاء ليكمل مسيرة عظيمة انتهت وهي في عز العطاء واعني الكاتب العبقري يحيي الطاهر عبدالله، ورغم الاحتفاء الكبير الذي لاقاه سعيد بتلك المجموعة إلا أنه انتقل سريعا إلي الرواية صناعة المستقبل الثقيلة. وظهرت تلك الرواية التي استطاعت بحق ان تكون افضل عمل ادبي في منتصف التسعينات، حتي انها خرجت بمصطلح جيل التسعينات والكتابة الجديدة الذي صنع علي إثره زمن الرواية، انتظرنا كثيرين حتي تأكد لنا عدم مغادرة ابن نوح لميدانه الجديد. وحدث ذلك حين خرج علينا بروايته السابقة دائما ما ادعو الموتي التي تم تناولها من اقلام النقاد وحصلت علي جائزة احسن عمل في معرض القاهرة الدولي للكتاب ،ولا انسى أبدا جلستنا مع الكاتب الكبير محمد البساطي، وكيف أنه إستقبل صاحب رواية «دائما ما أدعو الموتي» بأنه كان سيتصل به الأسبوع الماضي وهو يشاهد فيلم غزل البنات لسأله عن انور هنصور بطل روايته واين هو من بين الكورس الذي يرد علي عبد الوهاب وهو يغني ليه ليه .لحظة ذاك رد سعيد علي الاستاذ أن تلك الشخصية هي وان كان قد رسخ لها ككمبارس في العديد من افلام البيض والاسود الهامة إلا أنها من الخيال المحض.حين ذاك وقف الكاتب الكبير وحضن الشبل في حضنه وقال كل الاصوات الجديدة خرجت من عباية شحاتة العريان إلا انت ياسعيد. وضحكن جميعا.
وقال عنه الكاتب عمار علي حسن, الروائى سعيد نوح بدأ مسيرته الأدبية شاعر عامية، ولكننا فوجئنا بأول رواية له «كلما رأيت بنتاً حلوة أقول يا سعاد» والتى لاقت اهتماماً مناسباً وقت صدورها لارتباطها بأمور إنسانية عميقة، ولبنائها المختلف وعفويتها، وبمرور الأيام أخذ النثر سعيد نوح من الشعر، لتصدر له روايات: «دائماً ما أدعو الموتى» و«61 شارع زين الدين» و«أحزان الشماس» و«ملاك الفرصة الأخيرة» و«الكاتب والمهرج والملاك الذى هناك» ومتتالية قصصية بعنوان «تمثال صغير لشكوكو»، بينما تبقى له أعمال أخرى حبيسة الأدراج أو على قائمة الانتظار فى دور نشر وسلاسل أدبية حكومية وهى روايات أخذت عناوين: «ما لم يقله المقدس فرج» و«كالماء أصله البحر» و«أم مليحة» فضلاً عن مجموعتين قصصيتين عنوانهما: «لم يكن يجب على الملائكة» و«كما كان يجب على الملائكة»، وعدة سيناريوهات لمسلسلات وأفلام لم تجد طريقها إلى التنفيذ حتى الآن، ولعل عناوين أعمال نوح دالة على عالمه الذى يراوح بين واقعية فجة قاتمة وكابوسية، وخيال مجنح وغرائبية لا تحدها قيود ولا تمنعها سدود، وفى الحالتين فهو لا يضع عينه أو يسخّر قلمه لخدمة السائد والرائج والمطلوب، إنما يكتب ما يروق له، معولاً على أن الأيام وحدها ستنتصر له، حين يأتى من يتفاعل بإيجابية مع نصوصه، ويسبر أغوارها، ويفهم أعماقها، ويعطى صاحبها مكانه اللائق بين الساردين.
وهناك ثلاث سمات بارزة فى المنتج الروائى لنوح، بشكل عام، أولها الكتابة العفوية المتدفقة التى تجعل قلمه فى كثير من الأحيان مأخوذاً برغبة جارفة فى كتابة ما يعنُّ على الذهن ويفيض به الوجدان. وثانيها العمق الصوفى الواضح فى النظر إلى الطبيعة البشرية، وعلاقة الخالق بالمخلوق، والخير بالشر. والثالثة هى الرغبة فى الاختلاف من خلال الدخول إلى مساحات غير مأهولة بطريقة جديدة فى المعالجة وإن كان قد استفادت من المنتج الروائى الغرائبى العربى والأجنبى من دون أن تقلده أو تنقل عنه أو تقلده.
فى «الكاتب والمهرج والملاك الذى هناك» نحن أمام ملائكة بوسعهم أن يشاطروا الناس كثيراً من أفراحهم وأتراحهم، وأحلامهم وآمالهم، ومخاوفهم ووساوسهم، ويقفون شهوداً على المفارقات والتناقضات والفواجع التى وصمت سلوك البشر وتدابيرهم فى مصر على مدار ثلاثين عاماً من حكم مبارك، وتتابع هروبهم من واقعهم المؤلم إلى عالم المخدرات لتغييب الذهن أو البحث عن سلوى خادعة.
وفى رواية «ملاك الفرصة الأخيرة» يقفز سعيد نوح قفزة غاية فى الجرأة حين يعيد صياغة قصة الخلق بطريقة مختلفة عن تلك السائدة فى الكتب السماوية أو فى الأساطير البابلية والفرعونية التى حوتها «الجيبتانا»، ويصنع مغامرة سردية فى اتجاهين أحدهما فانتازى يهز الكثير من الثابت والراسخ والوثوقى ويفتح الجدل حول البدايات والمسلمات بلا حذر ولا تحسُّب، والثانى واقعى يدور حول فلسطين بوصفها قضية العرب المركزية، ولا يجد الكاتب أى عناء أو غرابة فى التوليف أو المقاربة بين هذين الأمرين المتباعدين، لا سيما أن روايته نابعة من خيال واسع.
ويقوم سعيد نوح فى روايته الموسومة ب«61 شارع زين الدين» بتجريب مغاير, حيث تتعدد الأصوات وتتنوع مستويات السرد، رغم أن الحكاية تغرف من الواقع وترصد جانباً من حياة المهمشين، فالنص يسرده راوٍ عليم، هو الكاتب نفسه، الذى لا يجد غضاضة فى الدخول إلى ثنايا النص ومتنه، والإمساك بمصائر الشخصيات، أو دفعها إلى التمرد فى بعض المواقف، وفى رواية «كلما رأيت بنتاً حلوة أقول يا سعاد» يستفيد «نوح» من تقنيات السينما، ولا يتقيد بالشكل التقليدى السائد للرواية، دون أن يفقد العلاقة الحميمة بشخصيات أعماله، لا سيما أن هذه الرواية هى تجربة خاصة له، حيث يعرض الارتباط العاطفى والإنسانى النبيل والنازع إلى الصوفية بين أخ بسيط وأخت كانت محاطة بحب الجميع واحترامهم، لطهرها وصدقها وحدبها على كل من حولها. والأخ هنا هو المؤلف ذاته، والأخت فى الرواية كانت أخته فى الواقع التى انتقلت إلى رحمة ربها وهى فى ميعة الصبا، ولهذا مارس «سعيد» طريقته التى حفلت بها رواياته اللاحقة بتدخله فى النص وذكر شخصيات حقيقية، والانتقال العفوى بين تسجيل الواقع والتخييل.
وهكذا تمضى المسيرة الروائية لسعيد نوح نابعة من تجربته الذاتية أو خبرته الشخصية المباشرة والصريحة، والتى ينقل عنها من دون مواربة، وكذلك حصيلة تأملاته الوجدانية التى يحلو له هو أن يتحدث عنها طويلاً واصفاً إياها ب«الميول الصوفية الجلية»، وأيضاً قراءاته المتتابعة للآداب العربية والعالمية، وهى قراءة متأنية وعميقة إلى درجة أنه يضع خطوطاً تحت عبارات تعجبه أو صور جمالية تروق له وتدهشه، وقد ينقلها فى أوراقه الخاصة ليتدبرها قبل أن يقدم على عمل جديد أو أثناء كتابته، ليتناص معها أو يشاكسها.
وقال الشاعر الناقد شعبان يوسف، ضمن المشروع الروائى لسعيد نوح وتربطه يجب الاعتراف إن ظاهرة غريبة تميز كتابة نوحٍ، وهى أنه يكتب وكأنه يرى كل تفاصيل عمله، مما يشى ببعض التعاطف بينه وبين شخصياته، وقد يؤدى ذلك إلى غياب الوعى البنائى إلى حدٍ ما، لكنه حين يخرج في صورة كتاب يدقق ويتلافا تلك المعضلة التي تقف للكاتب منا ،كما أن السمة الأخرى التى تميز كتابته،هى الطابع العرفانى الذى يعتمد على الكشف الصوفى أو اللدنى،الذى يميز تقريبا أغلب شخصياته،التى تبدو دائما أقرب للملائكة أو على الأقل القديسين .
كما انعقدت العشرات من الندوات حول أعماله الابداعية، فى الملتقيات الثقافية ومعرض القاهرة الدولى للكتاب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.