نشرت صحيفة الوطن القطرية الصادرة، الثلاثاء 4 سبتمبر، مقالا بعنوان "«نهضنة» تونس و«أخونة» مصر.. افتراء أم اجتراء؟" وجاء بداية المقال "تفضل واكتب كلمة «أخونة» على محرك البحث جوجل" ستحصل على عديد من الصفحات التي تشرح لك معناها بإجابات تتراوح ما بين القبول والرضا بها والرفض والاعتراض عليها، ثم قم بعدها واكتب كلمة «نهضنة»، ستجد أن جوجل لا يعطيك إجابة، لكني أظن أن التعبيرين واضحان «الأخونة» مصرية و«النهضنة» تونسية «الأخونة» شكوى متداولة بين قوى سياسية واجتماعية مصرية ترى أن ثورة 25 يناير سُرقت. وذكرت الصحيفة أنه سرقتها جماعة الإخوان التي ما زالت ترفض تسجيل نفسها رسمياً وفق قانون الجمعيات الأهلية حتى لا تُساءل عن أموالها ولكي تنفرد بإدارة بعض أعمالها كما اعتادت من تحت الأرض برغم أن الله فتح عليها بعد ثمانين سنة من التنكيل الأمني لتخرج إلى النور بل وليكون أول رئيس مصري منتخب واحداً من أعضائها. وأضافت أما «النهضنة» فتعبير اجتهدت في نحته ولا أعرف إن كان جرسه سيروق لأصدقائي الأعزاء من أهل تونس الكرام، لكني أعرف أن بينهم مثقفين وسياسيين يخشون من تغول حركة النهضة ونفاذها إلى مختلف مؤسسات الدولة، يتمنون ألا تفعل النهضة في تونس ما يسمعون أن الإخوان يفعلونه في مصر من هيمنة على مفاصل الدولة بما يقضي على التعددية ويقتل في المهد ثورة شعبية رائعة هبت لتضع تونس على خريطة الدول الديمقراطية الحرة، وقد استمعت أكثر من مرة إلى مثقفين تونسيين مبهرين خاضوا سجالات حادة حول الموضوع، بين من يقطع بأن الحركة ليست إلا حزباً شمولياً جديداً يخطط للاستحواذ على مؤسسات الدولة «لنهضنتها». ومن يدفع في المقابل بأن الحركة تريد أن تسترد لتونس نهضتها ولا تسعى «لنهضنتها». وأوضحت أن سجال من هذا النوع بين مثقفين وناشطين يعد طبيعياً، لكن حينما يدخل على خط السجال رئيس الجمهورية التونسية نفسه قبل أيام قليلة ليدلي برأيه في الموضوع فإن الأمر يصبح جللاً يستدعي وقفة لسببين على الأقل، الأول أن الرئيس التونسي مشهود له بالصدق مع نفسه إلى أبعد الحدود، لم يعتد وهو مثقف موسوعي قبل أن يكون رئيساً أن يبني استنتاجاته على أوهام وظنون وإنما دائماً يقيمها على أدلة وقرائن، وأشهد أني خبرت ذلك عن قرب بنفسي مرةً كما روى لي آخرون ما يؤكد تلك القناعة أكثر من مرة، ولهذا فإنه لما انتقد حركة النهضة مؤخراً في افتتاح المؤتمر العام الثاني لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية الذي يترأسه، لم يكن نقده مرسلاً وإنما كانت وراءه دلائل تعضده. وجاء بالصحيفة من بين ما أشار إليه مثلاً إصرار يراه القاصي والداني من قبل النهضة على تبني النظام البرلماني، والكل يعرف أن ذلك سيفيد الحركة وحدها دون غيرها مع أنه قد يفضي إلى العودة إلى بعض ممارسات العهد البائد، أما السبب الثاني فهو أن الرجل وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية شريك لحركة النهضة وللتكتل الديمقراطي فيما يعرف بالرئاسات الثلاث المطلوب منها مواصلة التعاون إلى أن تنتهي المرحلة الانتقالية في تونس على خير. وبالتالي فأي هجوم من واحدة من الرئاسات الثلاث على الأخرى في هذه المرحلة الحساسة قد يرتب لا قدر الله خلافات وتداعيات يمكن أن تعرقل مسيرة الانتقال في تونس. وقالت الصحيفة أنه على عكس الرئيس التونسي الذي عبر عن مخاوفه من «نهضنة» تونس، فإن الرئيس المصري تكلم أكثر من مرة بثقة كان آخرها في طهران على هامش قمة عدم الانحياز عن نجاح الثورة المصرية في بناء دولة مدنية نافياً بالتالي صحة ما يتردد عن «أخونة» الدولة المصرية، وهو ما تعترض عليه قوى سياسية ما زالت تواصل التحذير من «أخونة» مصر وتنبه إلى خطورة جمع الرئيس مرسي سلطتي التشريع والتنفيذ في يده وتتخوف من التكوين غير المتوازن للجمعية التأسيسية للدستور ولا تطمئن إلى التصريحات التي تطلقها قيادات إخوانية تحمل استعلاءً على باقي التيارات لعل آخرها ما قاله د.عصام العريان القائم بأعمال رئيس حزب الحرية والعدالة عن اليسار المصري. وتساءلت فهل نحن يا ترى في تونس ومصر أمام حالة افتراء على حركتي النهضة والإخوان أم أمام حالة اجتراء من الحركتين على غيرهما من القوى والتيارات؟ بمعنى آخر هل «النهضنة» و«الأخونة» حقيقة ومآل أم مبالغة وخيال؟. وأشارت إلي أن هناك افتراء وهناك اجتراء، افتراء من بعض الناقدين ممن انحرفوا بمستوى النقد إلى حد التفزيع من «النهضنة» و«الأخونة»، واجتراء في المقابل من قوى ورموز داخل الحركتين لم تستوعب بعد أن تونسالجديدة ومصر المختلفة لن تكون جديدة أو مختلفة إلا لو قبل الجميع بسياق سياسي تنافسي وعادل بين الجميع، ولهذا فإن السائرين في طريق الافتراء الرافعين لفزاعة «النهضنة» و«الأخونة» عليهم أن يراجعوا أنفسهم وأن يوقفوا الافتراء ويهتموا بدلاً من ذلك برص صفوفهم مع باقي القوى السياسية لكي ينافسوا بقوة وفقاً لقواعد الديمقراطية وأصولها. واختتمت كذلك فإن السائرين من الحركتين في طريق الاجتراء عليهم أن يراجعوا مواقفهم وأن يقبلوا بقواعد الديمقراطية وأصولها فلا يصلوا إلى الحكم عن طريقها ثم يغلقوا الباب من بعدهم.. الوطنان، تونس ومصر، يتشكلان من جديد ولن يساعدهما تيار الافتراء ولا تيار الاجتراء، البلدان في حاجة إلى تيار كبير من العقلاء.