الباحث محمود عبدالله: وداعا للأسمدة الكيماوية.. وأهلا بالنانو تكنولوجي

اتجه العالم في السنوات الأخيرة إلى استخدام التقنيات الحديثة في مجال الزراعة خاصة إنتاج الأسمدة الذكية، التي تتميز بانخفاض أسعارها، وسهولة رشها، إلى جانب أثرها الصحي الآمن على النبات والإنسان والتربة مقارنة بالأسمدة الكيماوية المتداولة حاليا.
ومن أحدث التقنيات المستخدمة في مجال إنتاج الأسمدة ما يعرف ب«النانو تكنولوجي» الذي أثبت فعالية كبيرة في تحسين الإنتاجية وتوفير عوامل السلامة والأمان.
الباحث وطالب الدراسات العليا محمود عبد الله أجرى العديد من الأبحاث في هذا المجال.. التقيناه للحديث عن أبحاثه ودراساته فكان هذا الحوار.
في البداية حدثنا عن فكرة أبحاثك ولماذا اخترت مجال الأسمدة بالتحديد؟
شغلني دائما الثورة في العالم ضد استخدامات السماد الكيماوي بكميات كبيرة لما له من أضرار جسيمة على صحة الإنسان والحيوان والبيئة وعقب تخرجي من كلية الزراعة بدأت بإجراء العديد من الدراسات والأبحاث للوصول إلى حلول آمنة لزيادة وجودة المحاصيل الزراعية واخترت موضوع رسالة الماجستير عن «استخدام النانو تكنولوجى وأشعة الليزر كبديل للأسمدة الكيماوية « وبعد عمل وبحث مستمر لمدة 3 سنوات حصلت على درجة الماجستير ولقد تم نشر البحث في العديد من الدوريات العلمية المحلية والدولية. ولقد أجريت العديد من التجارب والأبحاث على النانو تكنولوجى فقط ثم على أشعة الليزر فقط ثم الاثنين معا وهنا اكتشفت أن استخدم التقنيتين معا يعطى أعلى كفاءة في المحاصيل الزراعية ولهذا مستمر في أبحاثي حتى الآن في هذا المجال.
ما الهدف من استخدام تقنية النانو تكنولوجى فى مجال الزراعة وما آلية عملها؟
الهدف هو تقليل استخدام الأسمدة الكيماوية ذات التكلفة العالية والإضرار الصحية، واستخدام الليزر تكنيك والنانو تكنولوجي في الوصول إلى أعلى إنتاجية دون استخدام الأسمدة.
وآلية عملها أنه في حالة تحويل المركب من الصورة العادية (الكبيرة) إلى صورة النانو (متناهية الصغر) فإن الخواص الكيميائية والفيزيائية تتغير وبالتالي تزداد مساحة سطح التفاعل فيزداد نشاط التفاعل لهذا المركب مما يزيد القدرة على الامتصاص ويوفر استخدام كميات كبيرة من هذا المركب في الحالة العادية وبالتالي يمكن الحصول على إنتاجية أعلى من المحاصيل الزراعية بدون استخدام الأسمدة الكيماوية.
الغذاء الآمن.
نود إلقاء الضوء على التطبيقات التي تدخل فيها تقنية النانو تكنولوجي في مجال الزراعة؟
تقنية النانو لها القدرة على تثوير القدرات الزراعية والغذائية بأدوات جديدة للكشف السريع على الأمراض، والمعالجة الجزيئية للأمراض، ومعالجة قدرات النبات على امتصاص الأغذية وغيرها. كما أن تقنيات النانو لها القدرة على تغيير الصناعات الغذائية برمتها فهي تعمل على تغيير الطريقة التي تنتج، وتغلف، وتنقل وتستهلك بها الأغذية ومن أهم هذه الاستخدامات: الزراعة الدقيقة و(Precision Farming ) الغرض من الزراعة الدقيقة هو زيادة المخرجات (غلة المحاصيل) وتقليل المدخلات (الأسمدة والمبيدات الحشرية والنباتية) من خلال مراقبة المتغيرات المناخية واتخاذ بعض الإجراءات المستهدفة وتستخدم فيها أجهزة الإحساس والمراقبة النانونية حيث توزع في الحقول الزراعية وتراقب حالات التربة، والأسمدة، والكيماويات، والآفات، والملوثات واستخدام المياه وتقيس حالة المناخ.
وكيف يمكن الاستفادة من تقنية النانو في تحسين استفادة الجسم من الغذاء؟
تقنية النانو لها تأثيرات كبيرة على تطوير الغذاء الوظيفي والتفاعلي الذي يستجيب لاحتياجات الجسم ويستطيع أن يوصل التغذية بشكل أكثر كفاءة. مجموعات بحث كثيرة تشتغل لتطوير طعام وقت الحاجة، الذي يبقى نائمًا في الجسم ويوصل التغذية عند الحاجة لها، وتطوير كبسولات نانونية موجودة في الغذاء لتوصيل التغذية وكذلك إضافة نوع من الجسيمات النانونية للطعام الحالي لزيادة امتصاص المغذيات، بعض الشركات تدرس توصيل المغذيات في شكل جسيمات نانونية إلى الخلايا مباشرة وأخرى تدرس الأغذية الذكية التي تطلق المغذيات للاستجابة لأوجه القصور المكتشفة من أجهزة الإحساس النانونية. كل هذه التطورات تسعى للحصول على كثير من المزايا مثل زيادة الطاقة، تحسين وظائف الإدراك، التمتع بمناعة أفضل، وإطالة العمر.
تأثير الليزر
وماذا عن استخدام أشعة الليزر فى مجال الأبحاث الزراعية؟
أشعة الليزر استخدمت قديماً وحتى الآن في تسوية الأرض لإعدادها للزراعة. وقد وجد من الأبحاث أن لها تأثيرا على الخلية النباتية. حيث يختلف تأثير الليزر باختلاف الجرعة المستخدمة، وزمن التعريض، ونوعية الليزر ونوعية النسيج النباتي المستخدم (بذور- شتلة- أنسجة نباتية). فوجد أن الضوء الأحمر له علاقة بحثّ أو تنبيه أو تنشيط الأنزيمات الخاصة بتكوين GA3 الذي يؤثر بدوره في نمو واستطالة الخلايا وتكوين الجذور. أما الضوء الأزرق فيشجع أو ينبه إنزيمات تخليق هرمون السيتوكنين الذي يؤثر بدوره في الأنسجة النباتية وفى انقسام الخلايا. كما أن شعاع الليزر يمكن أن يؤثر على العديد من الوظائف النباتية مثل تنشيط أو تثبيط أو تدمير الأحماض النووية بواسطة الفوتونات الضوئية الخارجة من شعاع الليزر Photo Destruction of Nucleic Acid. وقد يحدث ضررا في النظام الأيضى أو الحيوي Metabolic System بإحداث تدمير لهرمون Auxin داخل النبات بالامتصاص المباشر للأشعة، وقد يحدث زيادة في تخليق مركبات معينة مثل تخليق البروتين عند التعرض للأشعة الحمراء مثلاً أو تحفيز مركبات معينة نتيجة لتحرير الإشعاع للجبريلين من بعض الروابط.
وفى أي مراحل عملية الزراعة يتم استخدام أشعة الليزر؟
يتم استخدامه أثناء عملية تعقيم داخل معمل زراعة الأنسجة. وأثناء دفع النبات للنمو والتزهير المبكر. وايضا يتم استخدامه للحصول على جودة عالية من النمو والتزهير. وفى دفع البذور للإنبات السريع والخروج من طور الراحة. وفى النقل الجينى وFinger printing. وقد لوحظ نشاط بعض الأنزيمات مثل إنزيمات الأكسدة مع زيادة الجرعة الإشعاعية المستخدمة وترتبط زيادة نشاط مثل هذه الإنزيمات مع زيادة إنتاج H2o2، وقد فسر زيادة نشاط الجرعات المنخفضة بتحطيم الإشعاع لمثبطات الإنزيم في الخلية، اكتساب الإنزيم طاقة تجعله أكثر نشاطاً، وتكوين شقوق حرة تعتبر مادة للتفاعل مثل H2o2. كما يؤدى استخدام الإشعاع إلى تكوين شقوق حرة من الليبيدات المحتوية على بيروكسيدات والتي تعتبر مادة تفاعل نشط لمثل هذه الإنزيمات. ولقد قمنا بتشعيع بذور البازلاء باستخدام الليزر الهليوم نيون بتوقيتات مختلفة (0- 2- 5 - 10 دقائق) ولقد قمنا باستخدام جسيمات النانو للاكاسيد المعدنية (الحديد والزنك) بتركيزات مختلفة (0 -100 - 300 – 500 جزء في المليون) عن طريق الرش على المجموع الخضري بمفرده. ثم قمنا بزراعة البذور المشعة بالليزر الهليوم نيون مع استخدام جسيمات النانو للاكاسيد المعدنية (الحديد والزنك).
غير مكلفة
ما مزايا هذا البحث والنتائج التي توصلت إليها من هذه الأبحاث؟
مزايا عديدة أهمها إن استخدام أشعة الليزر مع تقنية النانو تكنولوجى يساعدان على الوصول إلى زيادة وجودة الإنتاجية للمحاصيل الزراعية واستخدامهما كبديل للأسمدة والمخصبات الزراعية آمن جدا مع العلم أن هذه التقنيات غير مكلفة. وبالتالي زيادة كمية المحاصيل التي يتم تصديرها وتقليل سعر المعروض من المحاصيل الزراعية في السوق المحلى.
ومن النتائج التي توصلت إليها أنه عند استخدام أشعة الليزر موضع الدراسة على زيادة النمو والمحصول أعطى الهليوم- نيون عند 10 دقائق أعلى معدلات للنمو الخضري وكذلك المحصول مقارنة بغير المعاملة. وعند استخدام جسيمات نانو أكسيد الحديد عند تركيز ( ppm300) أعطى أعلى معدلات النمو الخضري وكذلك المحصول النهائي. وعند استخدام جسيمات نانو أكسيد الزنك عند تركيز (100 ppm) أعطى أعلى معدلات النمو الخضرى وكذلك المحصول النهائى وقد أظهرت النتائج أن أفضل وقت للتعرض لأشعة الليزر هي 10 دقائق مع (ppm300) لجسيمات نانو أكسيد الحديد وعند تركيز (100 ppm لجسيمات نانو أكسيد الزنك).