◄| العلاقات تتطور بشكل إيجابي للغاية منذ تولي الرئيس السيسي ◄| حجم التبادل التجاري مع الهند بلغ ٥ مليارات دولار ◄| انعقاد اجتماع اللجنة المشتركة برئاسة وزيري الخارجية في نيودلهي هذا العام ◄| القاهرةونيودلهي تتشاركان في الجهود الهادفة لمحاربة أفكار التطرف اكتسبت العلاقات المصرية الهندية قوة دفع كبيرة خلال الفترة الماضية، خاصة بعد الزيارة الناجحة للرئيس عبد الفتاح السيسي إلي العاصمة الهنديةنيودلهي، للمشاركة في فعاليات قمة منتدى الهند إفريقيا الثالثة في أكتوبر الماضي.. ولا تقتصر العلاقات المصرية الهندية حاليا علي العلاقات التجارية والاستثمار فحسب وإنما تتضمن أيضا تبادلا للخبرات في عدد من المجالات العلمية والفنية، فالهند حققت تطورا كبيرا في مجالات متنوعة منها تكنولوجيا المعلومات والفضاء وصناعة الدواء والصناعات الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر وغيرها.. كما حققت اكتفاءً ذاتيا في عدد من المحاصيل الزراعية مثل القمح والأرز والسكر، وبعض المنتجات الغذائية.. سفيرنا في الهند حاتم تاج الدين، ألقى الضوء علي جوانب التعاون الثنائي المصري الهندي وآفاقه المستقبلية، وأكد أن إمكانات التكامل بين البلدين كبيرة، وأن لدي الهند خبرات واسعة واستعداد لنقل التكنولوجيا لمصر.. التفصيلات في الحوار التالي: بداية ما هو تقييمكم للعلاقات الحالية بين مصر والهند؟ العلاقات تتطور بشكل إيجابي للغاية منذ تولى الرئيس السيسي، ورئيس وزراء الهند مودى، القيادة في البلدين، في توقيت متقارب، حيث تشغلهم نفس الأولويات الخاصة بتحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة، ودفع النمو الاقتصادي، وتحقيق الاستقرار والأمن في المنطقة والعالم ومكافحة الإرهاب الدولي والتطرف. في خلال الفترة التي قضيتها في الهند، ما هي أبرز الخطوات والمبادرات التي لفتت انتباهكم في التجربة الهندية وتتمنون نقلها لمصر؟ أعلنت الحكومة الهندية خلال العامين الماضيين عن عدد من المبادرات التي تستهدف تعزيز معدلات النمو الاقتصادي، وجذب مزيد من الاستثمارات الوطنية والأجنبية، وأبرزها مبادرة "يصنع بالهند"، وقد نظمت الحكومة مؤتمرا دوليا في فبراير الماضي بمدينة مومباي للترويج لهذه المبادرة شاركت فيها مصر، وكذلك مبادرة "التحول الحضري وتحديث الريف"، والتي من خلالها يتم تحويل مجموعة من القرى إلي مراكز إنتاجية، تهدف إلي رفع مستوي معيشة سكانها، إضافة إلي مبادرات لتعزيز كفاءة العمالة الفنية، والحفاظ على نظافة الهند، وتحقيق التحول الرقمي لتوسيع رقعة استفادة المواطنين من التكنولوجيا الحديثة، وما تقدمه من خدمات، والسفارة في نيودلهي تعمل علي نقل ملامح تجربة الهند التنموية، ونقل ما يناسبنا من مبادرات وخبرات يمكن الاستفادة منها. لاحظنا اهتمام السفارة في نيودلهي بالمشاركة في العديد من المهرجانات والأحداث الثقافية بالهند .. لماذا التركيز على تعزيز العلاقات الثقافية بين البلدين؟ البعد الثقافي بات شديد الأهمية في العلاقات الدولية، وفى إطار حرصنا علي تعزيز العلاقات بين البلدين في شتي المجالات نعمل على المشاركة في مختلف الفعاليات للترويج للثقافة والسياحة المصرية وتعزيز الأواصر الثقافية والحضارية بين مصر والهند بوصفهما حضارتين عريقتين تمتد أواصر التواصل بينهما إلي آلاف السنين، وخلال الفترة الماضية شاركت فرقة رضا للفنون الشعبية في مهرجان ومعرض "سوراجكوند" إلى جانب مشاركة ٨ حرفيين من مصر في مجال أعمال الفخار والمشغولات الخشبية، وهو المعرض الأكبر للحرف اليدوية في الهند، حيث يتعدي عدد زواره المليون ونصف المليون زائر سنوياً. ووزيرة الخارجية الهندية، أشادت في كلمتها في ختام المهرجان بالمشاركة المصرية والعلاقات التاريخية والحضارية التي جمعت البلدين، ودعت إلى أن يكون الجناح المصري في العام القادم على شكل هرم حتى يتعرف الهنود على ثراء الحضارة المصرية، وهو الأمر الذي يعكس أهمية المكون الثقافي في العلاقات وإمكانية استثماره لتعزيز علاقات التعاون في المجالات الأخرى. وتعمل السفارة حالياً علي بحث إمكانية مشاركة مصر بمعرض "سوراجكوند" في نسخته العام المقبل كدولة شريك بالمعرض والمهرجان، وذلك لتعزيز التواجد الثقافي المصري في الهند. كما تبحث السفارة إمكانية إقامة مهرجان مصري في الهند علي غرار مهرجان "الهند علي ضفاف النيل " والذي يعقد بالقاهرة سنوياً وذلك بهدف الترويج للسياحة المصرية. بالنسبة للملف التجاري والاستثماري.. بداية ما هي الخطوات التي يجري اتخاذها لدعم التعاون بين القطاع الخاص المصري والهندي؟ تولى السفارة والمكتب التجاري أولوية للترويج للمشروعات الجاري تنفيذها في مصر بين اتحادات وتنظيمات رجال الأعمال والصناعة الهندية، سواء في العاصمة أو الولاياتالهندية المختلفة. كما نعمل على دعم الشركات المصرية الراغبة في التواجد في السوق الهندي لتصنيع وترويج منتجاتها في هذا السوق الضخم، بل وتجاوزه لأسواق جنوب وجنوب شرق آسيا. ما هو حجم التبادل التجاري بين البلدين؟ يبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين نحو 5 مليارات دولار، حيث تتنوع الواردات المصرية من الهند ما بين البتروكيماويات واللحوم والمنسوجات والتوابل وقطع غيار وإطارات السيارات، بينما تصدر مصر الفوسفات الصخري والمواد الخام التي تدخل في صناعة الأسمدة والقطن والجلود المدبوغة والرخام وبعض المحاصيل الزراعية أهمها البرتقال والبصل وبعض الأعشاب والبويات، إلى جانب البترول والغاز. ماذا عن الاستثمارات الهندية في مصر حاليا.. ما حجمها وعدد الشركات الهندية بمصر؟ وصلت الاستثمارات الهندية في مصر إلى حوالي ٣ مليارات دولار، حيث تتواجد في مصر 52 شركة تعمل في قطاعات متنوعة أهمها شركات عاملة في مجال البتروكيماويات، والتي تبلغ استثماراتها في مدينة بورسعيد 1,2مليار دولار والتي تسعي حاليا لتنفيذ توسعات بمصنعها بضخ استثمارات جديدة قيمتها ٣٠٠مليون دولار، إلي جانب مصنع لشركة هندية في مدينة السادس من أكتوبر تعمل في مجال التغليف والتعبئة الغذائية وتصدر منتجاتها إلي ٤٢ دولة، حيث تقدر استثماراتها بنحو ١٨٠مليون دولار ومخطط زيادتها إلي ٢٥٠مليون دولار خلال الفترة القادمة، الأمر الذي يعكس ثقة المستثمر الهندي في السوق المصري، علاوة علي مساهمة الاستثمارات الهندية في توفير فرص عمل للشباب المصري، حيث يبلغ عدد العاملين المصريين بالشركات الهندية ٣٥ ألف عامل. هل هذه الاستثمارات بوابة لدخول عمالة هندية إلي مصر؟ القانون المصري ينظم عملية استعانة الاستثمارات الخارجية بعمالة أجنبية في مصر للحفاظ علي سوق العمل المصري، وفى ذات الوقت السماح بنقل الخبرات الفنية الأجنبية للعامل المصري. ونلاحظ من متابعة تجربة الاستثمارات الهندية في مصر أن تلك الشركات تستعين ببعض الخبرات الفنية ومسئولين وبعض خبرات الإدارة العليا لتلك الشركات، الأمر الذي يصب في صالح العمالة المصرية لما يوفره من تدريب عملي يستفيد من خلاله العامل باكتساب الخبرات الفنية في مجالات التصنيع المختلفة، فضلاً عن تطوير العمل الإداري. بالنسبة للتعاون المصري الهندي في مجال الدواء ..إلي أين وصل؟ وما هي أهم القطاعات الواعدة به؟ هناك تعاون جيد ومتنامي في قطاع الصناعات الدوائية بين مصر والهند، وخاصة في مجال إنتاج دواء مرض الكبد الوبائي "فيروس سي"، حيث تم إنشاء مصنع باستثمارات مصرية هندية مشتركة في هذا المجال بمدينة السادات، وهناك اهتمام متبادل بتعزيز هذا التعاون حيث تبحث الجهات المعنية على الجانبين أفضل سبل لتحقيق ذلك. هل من المتوقع عقد أعمال للجنة المشتركة المصرية الهندية، قريبا؟ يعمل الجانبان حالياً للإعداد لعقد اللجنة المشتركة برئاسة وزيري خارجية البلدين خلال العام الجاري. وستكون اللجنة فرصة لإبرام عدد من الاتفاقات ومذكرات التفاهم الجاري مناقشتها حاليا، ومناقشة سبل تعزيز التعاون في المجالات التي تمثل أولوية للطرفين. كما ستتيح المجال لمناقشة رؤى البلدين للعديد من القضايا الإقليمية والدولية، خاصة وأن للبلدين تاريخ طويل في التعاون في المحافل متعددة الأطراف. إلي أين وصل التعاون المشترك في مجال الفضاء؟ حققت الهند تقدما ملموسا في هذا المجال ويتم إطلاق العديد من الأقمار الصناعية من الأراضي الهندية، وتوجت جهودها العام الماضي بإطلاق رحلة ناجحة إلي كوكب المريخ بتكلفة تقدر بنسبة 10% فقط من تكلفة الرحلة المماثلة لوكالة "ناسا " الأمريكية، وتحرص مصر على الاستفادة من الخبرات التي حققتها الهند في هذا المجال، حيث تم إبرام مذكرة التفاهم بين الهيئة المصرية للاستشعار عن بعد ووكالة الفضاء الهندية، ويعمل الطرفان على ترجمتها إلي مشروعات تعاون فني لتبادل الخبرات. وأود الإشارة هنا إلى أنني قمت العام الماضي بزيارة لمقر وكالة الفضاء الهندية بمدينة بنجالور والتقيت بالمسئولين بها، ولمست مدى انفتاحهم وحرصهم على تعزيز التعاون مع الجانب المصري. لننتقل إلي ملف العلاقات السياسية مع الهند.. إلي أي حد هناك تطابق في وجهات النظر إزاء القضايا الإقليمية؟ هناك تنسيق بين مصر والهند في المنظمات والوكالات الدولية المتخصصة، حيث تتقارب المواقف المصرية والهندية في عدد كبير من القضايا التي تحظي باهتمام الدول النامية، وكذلك هناك دور هام للبلدين في الدعوة لتعزيز تعاون الجنوب-جنوب، علاوة علي تطابق شواغلهم في قضايا مكافحة الإرهاب، كما تقدر مصر مساعدة الهند في إجلاء المصريين من اليمن على سفن هندية، ونقل الهند مساعداتنا إلي ضحايا الزلزال الذي ضرب نيبال في أبريل الماضي ضمن القطارات التي نقلت المساعدات الهندية إلى هذه الدولة الأسيوية الجارة، في حين تقدر الهند مساعدة مصر في ترحيل الجالية الهندية من ليبيا خلال الأحداث التي شهدتها عام 2011. لنتحدث بشكل أكثر تفصيلا عن التعاون في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف خاصة وأن للهند نفس الشواغل في هذا الصدد؟ لدى كل من مصر والهند نفس الشواغل إزاء تصاعد موجة الإرهاب الدولي وممارسات الجماعات الإرهابية على اختلاف مسمياتها في بعض الدول العربية وفى منطقة جنوب آسيا، كما عانى البلدان من تلك الجماعات الإرهابية. ويتشاركان في الجهود الهادفة لمحاربة أفكار التطرف والتشدد، وفي التنسيق حول كيفية تبادل المعلومات والخبرات والتعاون في مواجهة هذه الجماعات والتصدي لها وتجفيف مصادر تمويلها. يبقي أن نشير إلي أن السفير حاتم تاج الدين يعد أيضا سفيرا غير مقيم لدي مملكة بوتان، وهي مملكة تقع بين الهند والصين يبلغ عدد سكانها ٧٠٠ ألف نسمة، حيث يقوم السفير المصري في نيودلهي بزيارتها بشكل دوري لمتابعة مجالات التعاون الثنائي وحثها علي تأييد مصر في المحافل الدولية، حيث كانت ضمن الدول المؤيدة لانتخاب مصر كعضو غير دائم بمجلس الأمن للفترة 2016/2017. ولقراءة الحوار كاملا برجاء اقتناء عدد أخبار اليوم الصادر غدا السبت الموافق 26 مارس..