سيل من الانتقادات اللاذعة نالها النائب توفيق عكاشة، خلال الأسبوع الماضي، على خلفية استقباله للسفير الإسرائيلي في القاهرة بمنزله، بل وصل البعض لأن يصف الأمر ب «الفضيحة»، ما دعا مجلس النواب إلى التصويت على إسقاط العضوية عنه، وهو ما تم بالفعل اليوم. وتنص المادة 110 من الدستور على أنه «لا يجوز إسقاط عضوية أحد الأعضاء إلا إذا فقد الثقة والاعتبار، أو فقد أحد شروط العضوية، التي انتخب على أساسها، أو أخل بواجباتها.. ويجب أن يصدر قرار إسقاط العضوية من مجلس النواب بأغلبية ثلثي الأعضاء». «بوابة أخبار اليوم»، حاولت البحث عن تبعات قرار إسقاط العضوية، والإجراءات التي يمكن أن يلجأ إليها «عكاشة» لمراجعة القرار، واختلفت آراء خبراء القانون، حول الحالة التي نحن بصددها، فمنهم من أكد أنه لا يحق لأي جهة نظر قرار مجلس النواب، بينما أكد أخر، أنه يحق ل «عكاشة» الطعن أمام محكمة النقض. الفصل بين السلطات أستاذ القانون الدستوري، وعضو السابق للجنة الخمسين لصياغة الدستور، د.صلاح فوزي، أكد أن عملية إسقاط العضوية عن توفيق عكاشة، القرار فيها عمل من أعمال البرلمان، ولا يختص القضاء سواء الإداري أو العادي، بنظرها، مشددا أن ذلك يأتي حرصا على نظرية الفصل بين السلطات. لا يحق لجهة نظر القرار وقال فوزي، إن إسقاط العضوية عن أعضاء البرلمان، لا يوجد جهة تختص بنظرها نهائيا، مشيرا إلى أنه يترتب على الإسقاط، أثر المنع من الترشح خلال الفصل التشريعي، والذي تقدر مدته ب 5 سنوات، مبينا في ذات الوقت، إنه في حال حل البرلمان، قبل المدة، فإنه يحق ل «عكاشة» الترشح. وأشار أستاذ القانون الدستوري، إلى أنه في حالة إسقاط العضوية بسبب فقدان الثقة والاعتبار، لا يحق له الترشح خلال مدة الفصل التشريعي، أما في حالة إسقاط العضوية لأي سبب أخر، فإنه يحق له التقدم بطلب لرئيس المجلس لإلغاء أثر المنع من الترشح، وفي هذه الحالة فإن المجلس يملك أن يوافق أو يرفض. مُهلة 60 يوما وأوضح، العضو السابق للجنة الخمسين، أنه بعد إسقاط العضوية عن توفيق عكاشة، لابد أن يتم فتح باب الترشح في الدائرة محل العضو، على أن يشغل أحد المرشحين المقعد في حد أقصى 60 يوما، منذ لإصدار قرار إسقاط العضوية عن «عكاشة». يحق له الطعن د.أحمد مهران، أستاذ القانون العام ومدير مركز القاهرة للدراسات السياسية والقانونية، اختلف مع الرأي السابق، مؤكدًا أن إسقاط العضوية عن توفيق عكاشة، بإجماع آراء أعضاء مجلس النواب قرار إداري وتنظيمي، يخضع لرقابة القضاء فيما يتعلق بالطعن، لافتا إلى أنه يشترط فيه أن يكون مبنيا على أسباب قانونية ودستورية، ومن ثم يجوز ل «عكاشة» أن يطعن أمام محكمة النقض على صحة قرار الأعضاء العضوية. وقال مهران، إنه إلى أن يتم الفصل في هذا الطعن إن تقدم به عكاشة فإن النائب فقد صفة العضوية، وفقد الحصانة القانونية والدستورية، ولا يجوز له التعامل بصفته عضو مجلس نواب، ولا يجوز له دخول مقر مجلس النواب مرة أخرى، بالإضافة إلى أنه لا يجوز له إجراء لقاءات سياسية أو دبلوماسية على الصعيد الدولي بوصفه ممثل عن البرلمان. وأضاف مهران، أن ما تردد من أخبار من أنه دُعي لإلقاء خطابي داخل الكنيست هي دعوة شخصية، وليس بصفته نائب برلماني، وذلك لكونه فقد الآن هذه الصفة. إسقاط الجنسية تخاريف وعن ما تردد عن مطالبة البعض بإسقاط الجنسية عن «عكاشة»، قال إن إسقاط الجنسية عقوبة تبعية توقعها الدولة بأحكام القضاء، وذلك على من يثبت في حقه مس الأمن القومي أو هدد السلم العام، أو ارتكب جرائم من شأنها الإضرار بالمصالح العليا للبلاد. وتساءل أستاذ القانون، هل مقابلة توفيق عكاشة للسفير الإسرائيلي، أثرت على العلاقات المصرية الإسرائيلية أو هددت أمن مصر؟ هل أدلى بمعلومات سرية عن مصر؟، مبينا أنه لم يفعل ذلك، وأن كل دعوات إسقاط الجنسية «تخاريف». وذكر أن اللقاء الذي جمع توفيق عكاشة بالسفير الإسرائيلي، جاء من باب المنظرة والشهرة ولفت الأنظار، لافتا إلى أنه على الرغم من عدم رضاءنا نفسيا واجتماعيا وتاريخيا عن هذا اللقاء، إلا أن هذا اللقاء لم يشكل أي خطر ولا يمس العلاقات المصرية الإسرائيلية ولا يهدد اتفاقية السلام، بل إن هذا اللقاء أوضح أن الفكر الإسرائيلي لا يبعد عن الفكر «العكشوي»، مؤكدا أن موافقتهم على مقابلة «عكاشة» يعكس مدى رداءة الفكر الإسرائيلي. وأوضح مهران، أن توفيق شخص ذو تفكير محدود، وترحيب إسرائيل به يؤكد أن «الطيور على أشكالها تقع»، مشيرا إلى أن ذلك نوع من الفراغ الإسرائيلي وشو إعلامي، وأنهم يريدون أنهم يلتقون بمسؤولين مصريين من أعضاء البرلمان، وأن العلاقات مع مصر «زي السمن على العسل»، مؤكدا أن إسرائيل استفادت من الحدث، وأنهم استغلوا سذاجة توفيق عكاشة. ربما لم تنتهي جدلية «توفيق عكاشة» حتى الآن، رغم إسقاط عضويته بالبرلمان، وربما يظل «عكاشة» متصدرا للمشهد، بحكم أنه أحد الشخصيات التي طالما أثارت الجدل تارة، أو السخرية تارة أخرى، وقد تشهد الأيام القليلة المقبلة مزيدا من حالة الجدل بسبب «عكاشة».