لم نكد نفرغ من أزمة تصريحات وزير العدل وما تبعها من استقالته، حتي أطلت علينا بوادر أزمة جديدة مع تصريحات وزيرة البيئة د. ليلي اسكندر التي أغضبت الصعايدة بما يهدد بأزمة أو فتنة اجتماعية جديدة حين أرجعت اليهم السبب في زيادة العشوائيات بالعاصمة حسب عنوان الخبر المنقول عنها. كنت في مقال سابق أشرت إلي جموح بعض الوزراء والمسئولين وخروج تصريحاتهم منافية لأصول الذوق العام، واحترام المواطن ومن ثم طالبت بتهذيبهم وتدريبهم علي انتقاء الألفاظ وصياغة التصريحات. وكثيراً ما انتقدت انا وغيري عدم استقالة الوزراء عند ارتكابهم أخطاء قاتلة أو وقوع حوادث كارثية في نطاق الأجهزة والمرافق التي تقع تحت مسؤوليتهم المباشرة إعمالاً لمبدأ المسئولية السياسية المتعارف عليه في كل البلدان المحترمة راسخة الديموقراطيات. لكن في الأزمة الراهنة وبصراحة لم تكن تصريحات وزير العدل من تلك الكوارث التي تستدعي الاستقالة، ومع انه اعترف لرئيس الوزراء - حسبما نقل عنه - بأنها كانت زلة لسان، لكنها لم تكن كما يبدو من زلات اللسان المعهودة التي يمكن ابتلاعها وتمريرها، فقد كشفت الغطاء عن المسكوت عنه من واقع مؤلم مطلوب عدم المجاهرة به أو الاقتراب منه. الرجل لم يكن وحده الذي جاهر بمبدأ العنصرية في اختيار اعضاء السلك القضائي، وسبقه في ذلك المستشار احمد الزند رئيس نادي القضاة واهتزت الدنيا ولم يتغير شيئ. وقبل ذلك بسنوات حاول أحد الشباب الانتحار لعدم قبوله في السلك الدبلوماسي بحجة انه غير لائق اجتماعياً، وأيضا تزلزلت الدنيا ولم يتغير شيئ. وتأتي اليوم تصريحات وزيرة البيئة التي لا تندرج بدورها تحت تصنيف زلات اللسان، انما هي تقرير واقع وكشف لمواضع الخلل كتدفق هجرة ابناء الجنوب إلي الشمال، وذلك من أجل البدء في العلاج. لهذا يبدو ان زلة وزيرة البيئة كانت أخف عند المسئولين من زلة وزير العدل، أو أنهم ارتأوا ضرورة لملمة الأمور وعدم المساهمة في توسيعها وإشعال غضب أهالي الصعيد. دعونا نعترف بأنها ليست أزمة محفوظ صابر ولا ليلي اسكندر لكنها ازمة ازدواجية مجتمع. ودعونا نواجه أنفسنا بأننا شعب يهوي الفرز والتصنيف والمفاضلة، يهتم بالشكليات والمظاهر أكثر من اهتمامه بالجوهر بدءا من وضع مقاييس الجمال ومحاولة الإجابة علي السؤال الأبدي هو السمار أحلي ولا البياض؟، مروراً بالمباهاة بالانتماء لأعراق أجنبية، والبحث في الأنساب، أو إطلاق النكات والانتقادات التي أصبحت مأثورة عن أهالي المحافظات المختلفة. دعونا نعترف أيضا بأن تلك الطبقية توغلت فينا منذ تدهور التعليم في بلادنا، وبات التعليم التجريبي الحكومي يشترط حصول اولياء الأمور علي مؤهلات دراسية لقبول أولادهم، وأصبح القادرون ينأون بأبنائهم عن التعليم العام أو المحلي وانتشر التعليم الأجنبي او الدولي من الحضانة للجامعة، فلم يعد ابن الزبال يجاور ابن المحافظ في مقعد الدراسة، ومنذ تحللت الطبقة المتوسطة التي كانت جسراً طبيعياً إنسانياً بين المراتب المختلفة بالمجتمع ولم تعد تجد لنفسها مكانا لائقاً في التصنيف الاجتماعي داخل الوطن.وتاه مصنف »اولاد الناس الطيبين». الآن اتسعت الفجوة الطبقية فانتشرت ظاهرة سكان القصور، وفي مقابلها انتشرت ظاهرة سكان القبور. هنا محميات سكانية من »الكومباوندز» محاطة بأسيجة وأسوار عالية حتي لا تتأذي عيون سكانها بمشاهد الخارج، وأيضاً حتي لا تتطلع عيون الفضوليين إلي ما يحدث خلف أسوارها.. وهناك عشوائيات وبؤر سكانية سرطانية. مشكلتنا ألا شيئ سيتغير في منهجية تعامل أصحاب الوظائف الراقية مع باقي أفراد المجتمع، ودائما ستقتصر الأولوية علي أبناء هؤلاء، حتي إن توارت المجاهرة بالرغبة في الحفاظ علي نقاء العنصر. التغيير لن يأتي من هؤلاء ولا من فوق.. لكن تركيبة قشطة المجتمع ستتغير مكوناتها من أسفل، حين يتسلل أحفاد »عبد الغفور البرعي » إلي المحميات السكانية ويصبحون من ملاكها.. ساعتها سنري حفيد الزبال وليس ابنه قاضيا ووزيراُ. لم نكد نفرغ من أزمة تصريحات وزير العدل وما تبعها من استقالته، حتي أطلت علينا بوادر أزمة جديدة مع تصريحات وزيرة البيئة د. ليلي اسكندر التي أغضبت الصعايدة بما يهدد بأزمة أو فتنة اجتماعية جديدة حين أرجعت اليهم السبب في زيادة العشوائيات بالعاصمة حسب عنوان الخبر المنقول عنها. كنت في مقال سابق أشرت إلي جموح بعض الوزراء والمسئولين وخروج تصريحاتهم منافية لأصول الذوق العام، واحترام المواطن ومن ثم طالبت بتهذيبهم وتدريبهم علي انتقاء الألفاظ وصياغة التصريحات. وكثيراً ما انتقدت انا وغيري عدم استقالة الوزراء عند ارتكابهم أخطاء قاتلة أو وقوع حوادث كارثية في نطاق الأجهزة والمرافق التي تقع تحت مسؤوليتهم المباشرة إعمالاً لمبدأ المسئولية السياسية المتعارف عليه في كل البلدان المحترمة راسخة الديموقراطيات. لكن في الأزمة الراهنة وبصراحة لم تكن تصريحات وزير العدل من تلك الكوارث التي تستدعي الاستقالة، ومع انه اعترف لرئيس الوزراء - حسبما نقل عنه - بأنها كانت زلة لسان، لكنها لم تكن كما يبدو من زلات اللسان المعهودة التي يمكن ابتلاعها وتمريرها، فقد كشفت الغطاء عن المسكوت عنه من واقع مؤلم مطلوب عدم المجاهرة به أو الاقتراب منه. الرجل لم يكن وحده الذي جاهر بمبدأ العنصرية في اختيار اعضاء السلك القضائي، وسبقه في ذلك المستشار احمد الزند رئيس نادي القضاة واهتزت الدنيا ولم يتغير شيئ. وقبل ذلك بسنوات حاول أحد الشباب الانتحار لعدم قبوله في السلك الدبلوماسي بحجة انه غير لائق اجتماعياً، وأيضا تزلزلت الدنيا ولم يتغير شيئ. وتأتي اليوم تصريحات وزيرة البيئة التي لا تندرج بدورها تحت تصنيف زلات اللسان، انما هي تقرير واقع وكشف لمواضع الخلل كتدفق هجرة ابناء الجنوب إلي الشمال، وذلك من أجل البدء في العلاج. لهذا يبدو ان زلة وزيرة البيئة كانت أخف عند المسئولين من زلة وزير العدل، أو أنهم ارتأوا ضرورة لملمة الأمور وعدم المساهمة في توسيعها وإشعال غضب أهالي الصعيد. دعونا نعترف بأنها ليست أزمة محفوظ صابر ولا ليلي اسكندر لكنها ازمة ازدواجية مجتمع. ودعونا نواجه أنفسنا بأننا شعب يهوي الفرز والتصنيف والمفاضلة، يهتم بالشكليات والمظاهر أكثر من اهتمامه بالجوهر بدءا من وضع مقاييس الجمال ومحاولة الإجابة علي السؤال الأبدي هو السمار أحلي ولا البياض؟، مروراً بالمباهاة بالانتماء لأعراق أجنبية، والبحث في الأنساب، أو إطلاق النكات والانتقادات التي أصبحت مأثورة عن أهالي المحافظات المختلفة. دعونا نعترف أيضا بأن تلك الطبقية توغلت فينا منذ تدهور التعليم في بلادنا، وبات التعليم التجريبي الحكومي يشترط حصول اولياء الأمور علي مؤهلات دراسية لقبول أولادهم، وأصبح القادرون ينأون بأبنائهم عن التعليم العام أو المحلي وانتشر التعليم الأجنبي او الدولي من الحضانة للجامعة، فلم يعد ابن الزبال يجاور ابن المحافظ في مقعد الدراسة، ومنذ تحللت الطبقة المتوسطة التي كانت جسراً طبيعياً إنسانياً بين المراتب المختلفة بالمجتمع ولم تعد تجد لنفسها مكانا لائقاً في التصنيف الاجتماعي داخل الوطن.وتاه مصنف »اولاد الناس الطيبين». الآن اتسعت الفجوة الطبقية فانتشرت ظاهرة سكان القصور، وفي مقابلها انتشرت ظاهرة سكان القبور. هنا محميات سكانية من »الكومباوندز» محاطة بأسيجة وأسوار عالية حتي لا تتأذي عيون سكانها بمشاهد الخارج، وأيضاً حتي لا تتطلع عيون الفضوليين إلي ما يحدث خلف أسوارها.. وهناك عشوائيات وبؤر سكانية سرطانية. مشكلتنا ألا شيئ سيتغير في منهجية تعامل أصحاب الوظائف الراقية مع باقي أفراد المجتمع، ودائما ستقتصر الأولوية علي أبناء هؤلاء، حتي إن توارت المجاهرة بالرغبة في الحفاظ علي نقاء العنصر. التغيير لن يأتي من هؤلاء ولا من فوق.. لكن تركيبة قشطة المجتمع ستتغير مكوناتها من أسفل، حين يتسلل أحفاد »عبد الغفور البرعي » إلي المحميات السكانية ويصبحون من ملاكها.. ساعتها سنري حفيد الزبال وليس ابنه قاضيا ووزيراُ.