في السنوات من عام 2011 وحتى بداية 2014، عانت مصر من غياب الحفلات الغنائية الكبرى بنفس الكثافة التي كانت موجودة لعقود طويلة في المدن المصرية سواء في القاهرة أو الإسكندرية أو المدن السياحية بسبب الوضع الأمني. لكن يبدو أن شم النسيم أعاد الروح إلى الحالة الغنائية في مصر بعشرات من الحفلات لكبار المطربين في كافة المحافظات، لتكون ليلة من ألف ليلة وليلة مليئة بالسعادة والفرح ويمكن أن تحكي عنها "شهرزاد" قائلة: "ولما كانت ليلة شم النسيم..". كثافة الحفلات في شم النسيم أعاد إلى الأذهان الحالة الغنائية والمنافسة القوية لكبار المطربين على تقديم حفلات في أعياد الربيع والتي أحتكرها فريد الأطرش لأعوام خاصة مع نجاح أغنيته الشهيرة "الربيع" التي قدمها في فيلم "عفريتة هانم" سنة 1949، والغريب في الأمر أن الأغنية لحانها فريد الأطرش ليقدمها إلى أم كلثوم لأن من أمنياته – والتي لم تتحقق- أن يلحن أغنية لكوكب الشرق، لكن أم كلثوم رفضت قائلة أن ألحان فريد لا تناسب أحدا غيره. فريد أصبح أيقونة كل حفلات الربيع بعد هذه الأغنية، وكان يقدم حفلاته على مسرح "ديانا" بوسط القاهرة ولم يقطع حفلاته تلك سوى قراره بالسفر إلى بيروت في منتصف الستينيات وقتها أصبح العندليب عبد الحليم حافظ هو نجم تلك الحفلات وكان يقدمها على مسرح جامعة القاهرة، وعندما عاد فريد من بيروت وكلف بعمل حفلة في أعياد الربيع على المسرح الذي يحمل اسمه والذي يحمل الآن اسم "مسرح الفن – جلال الشرقاوي"، حدثت المشكلة الشهيرة بينه وبين عبد الحليم، وأصبحت الإذاعة في حيرة حول كيفية نقل الحفلتين، ومن سيذاع حفله أولا، لكنها تداركت الأمر وحددت تفاصيل كل حفل وتمت إذاعة الحفلين. حليم والأطرش شهدت حفلات عيد الربيع بين فريد وعبد الحليم منافسة ساخنة ودارت حروب في كواليسها وفوق مسارحها لدرجة وصلت لحد الرشوة، فقد ذهب الموسيقار بليغ حمدي وطلب من المطرب محمد رشدي ألا يشارك في حفل شم النسيم مع فريد الأطرش عارضا عليه لحن أغنية "ردوا السلام" كرشوة، ولم يكن رشدي يعرف خلفية الصراع ما بين فريد وحليم وبليغ فغنى في الحفل أغنيتين من ألحان بليغ وهما "مغرم صبابة" و"عرباوي" دون أن يتدخل فريد في تحديد فقرة رشدي الغنائية. برغم حالة التنافس بين فريد وحليم إلا أن الأخير لم يستطع أن ينكر إعجابه الشديد بأغنية فريد "الربيع" والتي كانت رمزاً للربيع، وكان يؤكد أنها من أفضل الأغاني التي صنعت للربيع أن لم تكن أفضلها على الإطلاق، وعندما سأله المذيع طارق حبيب في برنامج "أوتوغراف" سنة 1976 – قبل وفاة عبد الحليم بعام واحد- تحب تغني إيه؟، رد حليم قائلا: "أحب أغني الربيع لفريد الأطرش". حليم قدم أيضا أغنيات شهيرة للربيع وأن لما تحقق نفس شهرة أغنية فريد، مثل "هل الربيع"، "جمال الورد" و"نسيم الفجرية". الأب الروحي يعد الإذاعي الكبير جلال معوض هو الأب الروحي لحفلات الربيع في مصر، حيث كانت فكرته أن يجمع في يوم شم النسيم كبار المطربين مع الأصوات الشابة مع نجوم فن المنولوج والنكتة مع كبار نجوم السينما، وبالفعل شهدت فترة الخمسينيات والستينيات مشاركة من كبار نجوم السينما في تقديم تلك الحفلات مثل ماجدة وسعاد حسني ونادية لطفي التي تملك قصة طريفة حينما كانت مشاركة في تقديم إحدى فقرات حفلات عيد الربيع في نادي الزمالك لكنها صدمت جمهور النادي عندما ظهرت بفستان لونه أحمر وأمسكت منديلا لونه أحمر وقالت للجماهير: "أنا أهلاوية ومقدرش أخبي عليكم انتمائي". دعم هاني بعد 6 سنوات من التوقف عادت مرة أخرى "ليالي التليفزيون"، وهي الحفلات الغنائية التي يرعاها التليفزيون المصري، إلى الجمهور مرة أخرى لتكون المرة الأولى التي تنظم تلك الحفلات في أعياد الربيع كما تعد المرة الأولى التي تنظم تلك الحفلات في مدينة شرم الشيخ حيث كان المعتاد تنظيمها في القاهرة. حفل "ليالي التليفزيون" ضم أثنان من كبار نجوم الطرب في العالم العربي هما هاني شاكر والتونسية لطيفة، لكن ودعما منهما للتليفزيون المصري ولحفلات "ليالي التليفزيون" اكتفى النجمان بالحصول على ربع الأجر عن مشاركتهما في الحفل، كما أثبتوا اهتماما كبيرا من خلال تنظيم عدة بروفات في مبنى "ماسبيرو" قبل أيام من الحفل، كما دعم هاني شاكر الصوت الصاعد ياسمينا التي شاركت أيضا في الحفل من خلال التواجد في البروفات الخاصة بها لمنحها المزيد من خبرته ونصائح في التعامل مع الجمهور. ياسمينا تم اختيارها للمشاركة في إحياء الحفل بعد إعلان رئيس اتحاد الإذاعة والتلفزيون عصام الأمير تبني موهبتها الغنائية، وقامت ياسمينا - التي تألقت مؤخرا في برنامج "آراب جوت تالنت"- بتقديم 3 أغنيات في فقرتها الغنائية هي "حيرت قلبي" لأم كلثوم، و"أما براوة" لنجاة الصغيرة، و"بلدي يا بلدي" التي قدمتها بمشاركة هاني شاكر. الحفل شهد أيضا بداية قوية أيضا مع المطرب الشاب محمد رشاد الذي أشتهر من خلال الموسم الأخير من برنامج "آراب أيدول"، وقدم رشاد في البداية عدد من الأغاني التي تنتمي إلى اللون الشعبي، كما دار بين وبين الجمهور حوار مرح خلال فقرته التي امتدت ما يقرب الساعة. جاري نشر باقي التفاصيل في العدد القادم من مجلة أخبار النجوم...