ذهلت كما ذهل الكثيرون أيام فرز أصوات الرئاسة .. ولم استطع منع نفسي من البكاء. ذكريات وإرهاصات الثمانية عشر يوما والتي استعذبنا عزابها وتحملناها بصبر وأمل جميل .. هل كفر الناخبون بها ..أم أنهم كفرونا. شيء ما يشق صدري .. فلا يكفي البكاء. الحمد لله على كل شيء .. وصبر جميل. لن أبداء بأوجه القصور والأخطاء التي مررنا بها خلال الفترة الماضية والتي أوصلتنا لحاضرنا الكئيب .. ولن اتهم أحدا على الرغم مما يجيش به صدري من عتاب وما لدى من سهام يمكن أن أكون قد وجهتها في الماضي .. ولا تزال محتفظة بحدة سنونها. فطبيعة المرحلة والظرف الحالي افقدونا نعمة "حرية الاختلاف وطول النقاش". أمامنا- باختصار - خياران ... الإخوان أو النظام القديم .. ليس مرسي وشفيق..... وعلينا أن نختار. شخصيا لا أميل إلي أيا من الاثنين للأسباب التالية: الإخوان: على الرغم من أن الله قد أذن لهم أن يكونوا "من احد" أسباب نجاح هذه الثورة إلا أن النهج الذي انتهجوه بعد التنحي مباشره كلفهم الكثير من الخسائر الأدبية في المقام الأول.... بالإضافة إلى ذلك وارتكانا إلى الصورة المشكلة لهم من الأنظمة القديمة فقد خسروا من سمعتهم ورصيدهم السياسي ما كان يمكن أن يتجنبوا خسرانه.. بل أنهم أكدوا لدي الكثير على سلبيات اتهموا بها. فقد ساهم الإخوان بالنصيب الأكبر في تشكيل وبلورة فكرة الفزاعة الاخوانية لعموم الشعب المصري. وأزيد على القصيدة بيت .. فانا سر خلافي مع الإخوان .. رايتهم .... فغيرتي على ديني وعلى الشهادة التي تزين أرضية رايتهم الخضراء تجعلني أنكر على كل من يعمل في السياسة أن يرفع راية انه لا اله إلا الله ..فمادمنا لسنا على قلب رجل واحد فليست هذه الراية من حق احدنا.فالراية الأصيلة التي تحمل عنوان الإسلام .. لا يليق أن يرفعا مسلم في مواجهة آخرون .. مسلمون أيضا والراية كعنوان لصاحبها.. ستهان إذا ما أهين صاحبها .. فما الوضع فى حالة هذه الجماعة التي تتهم بالجشع تارة والخيانة تارة أخرى .. وفى الماضي كثيرا ما اتهمت بالاغتيالات وأنها مفرخة الإرهابيين "المسلمين". اتقوا الله على أية حال فقد باتوا احد الخيارات التي لا مفر منها. النظام السابق: لا يعدو شفيق إلا أن يكون ممثلا للنظام السابق ... شاء أم أبي .. أنكر أم اتفق....فهيهات ... كيف لنا أن نختار طواعية من ثرنا عليه!!!وكيف لنا أن نعيد النظام القديم؟؟
لن اختار أحدا منهما .. سأستخدم آلية المقاطعة .. سأبطل صوتي ... سأفعل أي شيء إلا أن اختار احد النظامين . فلم نقم بالثورة حتى يدخل الفريقين التصفيات .. نظام قديم فاسد .. وأقلية منظمة عليها الكثير من علامات الاستفهام. لن اختار ..لن أشارك في هذه المسرحية .. لن أقنن وضع احدهما . كان هذا موقفي في ظل المعطيات الحالية .. ولكن .. بعد التفكير صعب أن اكفر بما سعيت إلية.. ولا مجال أن أتنازل عن حلمنا بمصرنا الجميلة .. القوية .. العتيدة. صعب علي أن أتخلى عن قلب الإسلام النابض .. عن بلد الأزهر والألف مآذنه . صعب علي أن ارتكن إلى ضعفي ولامبالاتي في هذا الظرف.. صعب أن اسلم للعجز حتى وإن تنصلت من مسئوليتي السياسية فلا مهرب من الأحلام التي –لا ريب- ستتحول إلى كوابيس... فمازلت اشتم رائحة الغازات ..اسمع أصوات المصابين وهدير النداء يزلزلان كياني ...والاهم .. دم الشهيد أمام عني يفض مضجعي. ضميري لم يسمح بألا أبالي . الضمير الذي عرفه مصطفي محمود بأنة النور الذي يزرعه الله في قلوبنا وأنه الآلية التي تميز الصواب عن الخطاء والمجرم عن البريء. الضمير الذي عرفة البابا شنودة في كتاب عشرة مفاهيم بأنة المغني عن العثرة. فأعود وأقول من جديد. لا يمكن أن اسمح للنظام القديم أن يتجدد ويتلون .... وان أعيد تخليده بنفسي . يقول الكتاب المقدس "مبرئ المذنب ومذنب البريء ، كلاهما مكرهة للرب".. لن أكون ممن يبرئون نظاما طغى ثلاثون عاما. فانا إن أعطيت صوتي للنظام سيكون صوتي مبرئا له من كل جرائمه. قال تعالي:{ولا تكتموا الشهادة}[البقرة: 283] ولن أكون ممن يكتمون الشهادة على جرم النظام السابق. فانا إن امتنعت عن التصويت ضد النظام السابق سأكون ككاتم الشهادة من وجهه نظري. ما العمل إن لم يتبقى إلا الإخوان؟؟؟. ليس الإخوان بالرغم من خلافاتنا معهم ورغم كل سلبيتهم بدرجه سوء النظام القديم .. قد يتفق معي البعض وقد يختلف آخرون ولكن هذه هي قناعتي. فقد كانت خيمتهم احد مواضع نومي أثناء الثورة بجانب خيام 6ابريل وكفاية .. تاريخهم على الرغم من سقطاته العديدة إلا أن دأبهم على الكفاح يشفع لهم .. طبعهم المخادع يمكن أن أقبله لو نظرت إليهم كجماعة سياسية .. طمعهم في السلطة يمكن أن أتفهمه لو خلعت عنهم الثوب الديني. باختصار شديد وتلخيص موجز .. يمكن أن اقبل بالإخوان إذا ما أعدت التفكير فيهم "كتنظيم سياسي بحت" خلعت عنهم "ثوبهم الديني" ووضعت عليهم علامة "ممن صنعوا التحرير". فإلى أن نجد طريقا آخر ومخرج آمن مما نحن فيه ..سأعطي تنظيم الإخوان صوتي غير عابئ بمن ينتقدني .. فهذه قناعتي بعد أسبوع كئيب من قلة النوم وعدم التركيز. أما من يعطي النظام صوته.. فأقول له ربما تكون على صواب من وجهه نظرك .. ربما تكون صاحب مصلحة .. ربما يكون احمد شفيق من بلدك .. ربما تكون طامعا أو طامحا أو موعودا بخير كثير .. ولكن .. أنت مساهم في تبرئة ساحة نظام ثرنا علية من اجل مصر وشعبها .. أنت مبرئ نظام استشهد في سبيل خلعه من استشهد.... ولك حرية الاختيار. أما عني لن امتنع عن التصويت .. لن أكون شيطان اخرس. صوتي لمرسي إلى أن نهدم نظام طغى واستبد. صوتي لمرسي ليس حبا في الإخوان .. ليس ثقتنا في نواياهم .. ليس غفرانا عن أخطائهم.. لكن .. استكمالا لحلم ووفاء لشهيد. صوتي لمرسي .. حتى لا يتحقق فينا " يا أمة ضحكت من جهلها الأمم".