2012- ص 01:00:18 السبت 31 - مارس إيمان طعيمة "أراك تزداد تألقاً وأرانى أفخر بذلك لأننى جزء من ظاهرتك" هذا ما ردده الشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودى فى الذكرى ال 35 على وفاة العندليب، والذى كان لبوابة أخبار اليوم هذا الحوار معه... فى البداية متى كان أول لقاء لك مع العندليب ؟ تصادف أن اقترابى من عبد الحليم تم فيما قبل نكسة 67 أى أن الظروف ألقت بى وبه فى لحظة سياسية خالصة ولذلك بمجرد حصر ما كتبته من أغنيات أتضح أننى كتبت 15 أغنية وطنية ولم أكتب سوى ثلاث أغنيات عاطفية فقط هما (أحضان الحبايب – الهوا هوايا – أنا كل ما أقول التوبة ) وكان حليم دائماً يحلو له أن يردد أن الابنودى قد قدم لى ثلاث أغنيات مجرد رشوة لكى أظل أغنى له أغنيات وطنية. وإذا جئنا إلى الحقيقة فأن هذا ليس بعيداً عن الصدق فقد كانت هذه الفترة وطنية عارمة و لا كان باستطاعى أن أفكر فى أغنيات عاطفية ولكن أثناء حرب أكتوبر كنت متواجد فى لندن وبعد النصر أصر حليم على عودتى فى عام 1974 لكى اكتب له أغنية تحتفى بالنصر وقال لى " هل يعقل أن تكتب أغنيات للنكسة ولا تكتب أغنيات للنصر " فكتبت أخر أغنياتى له وهى صباح الخير يا سينا وكانت هذه أخر مرة أراه فيها بعد عناقه لى بعد تسجيلها . كيف كان الحس الوطنى لدى حليم فى فترة الهزيمة والنصر؟ لقد كان حليم مواطناً مصرياً مخلصاً بحق أى أن ارتباطه بالوطن لم يكن لمنافقة زعيم أو للتقرب من أهل الدولة وانما عاش مثلنا جميعاً محترقا بتراب وهموم الوطن . والدليل على ذلك أن كل الأغنيات الوطنية التى صنعناها سويا من أول أغينة أضرب و أحلف بسماها إلى عدا النهار و أغنيات كثيرة صنعناها خلال هذه الفترة المهمة جداً فى حياة الأمة لم نتقاضى عنها مليماً واحداً لا أنا ولا حليم ولا كمال الطويل ولا محمد الموجى ولا بليغ حمدى ، لقد كان الزمن " زمناً وطنياً" وكنا نحن جزءاً من المبشرين بمستقبل مختلف لهذا الوطن . كيف استطاع عبد الحليم أن يتغلب على مرضه وأن يقدم هذا الفن الرائع ؟ لاشك أنه عان طويلاً من هذا المرض فقد كان يقتاد العيش "البتاو" (الذى يشبه الرقاق ) بدون ملح وقدر ضئيل من الفول المهروس وبيضة غير كاملة النضج و أحياناً قطعة جبن قريش بينما كانت المائدة مكتملة لكل ضيوفه وعامرة بأصناف الطعام المختلفة القادمة من الشقة الاخرى ( شقة أخته الحاجة علية ). وكان أيضاً يشجعنا على الأكل بل ويضعه فى أفواهنا وكأنه يحس أننا نأكل له وكان هذا الاحساس يعذبنا كثيراً، وبالتالى فإن كل من حاول ينشر الضباب حول افتعال مرضه كان الهدف من ذلك هو الايذاء ليس أكثر. وعلى الرغم من ذلك فعند قيام حليم بالغناء كانت تتملكه طاقة عجيبة ويصبح فى قمة الصمود والسهر والصبر والنقاش فهو لم يكن مجرد مطرب وإنما له أراء سياسية فهو يعرف أحوال وطنه وما يدور فى العالم كله وإن معظم أغنياته العاطفية منتقاه كلام ولحناً ويشرف عليها بنفسه من أول كلمة لاخرها ، ولا أحد يستطيع أن يفرض عليه معنى لا يحب أن يغنيه ، فأن العمل معه كان مغايراً للعمل مع أى مطرب أخر . وماذا عن حياته العاطفية ؟ على الرغم من أننى كنت ملازم له ليلاً نهاراً فى فترة شائعة ارتباطه بسعاد حسنى إلا إننى لم أرى شىء من ذلك، ولكن كان مجدى العمروسى مدير أعماله يذكر أحياناً الفتاة الأولى التى أحبها حليم ، وفى النهاية أعتقد أن فنه هو الخالد و لاشىء أخر والقصص الشخصية دائما تذوب والابداع الحقيقى يدوم . وفى النهاية ماذا تقول للعندليب فى ذكراه ؟ أقول له أراك تزداد تألقاً وأرانى أفخر بذلك لأننى جزء من ظاهرتك ومساهم فيها مع شعراء الأغنية الكبار ( أحمد شفيق كامل – حسين السيد – مرسى جميل عزيز – صلاح جاهين – فتحى قوره ) وكل من وضع لبنة فى هذا البنيان العظيم المسمى عبد الحليم حافظ . وأنه أسعدنى كثيراً أيضاً أن أشارك فى محبتك الموسيقيين الكبار (كمال الطويل – محمد الموجى – بليغ حمدى ) وكل من أعطاك لحناً أحببته وشدوت به وكنت من الذين أثبتوا أن الزمن ليس عدواً للفن الجيد، و أنا فخور بأن أغنياتى سوف تدوم وأصبحت جزء من ضمير الفن لأمتنا.