ما بين مصدق ومكذب مرت ساعات الجمعة الموافق 21 ديسمبر 2012، وحتى تلك اللحظة بسلام، ذلك التاريخ الذي حبس الملايين من جميع أنحاء العالم أنفاسهم في انتظاره منذ شهور عديدة. وترقب العالم لما إذا كان سيشكل موعدا مع نهاية العالم، كما تنبأت به حضارة المايا أم لا. ترجع بداية هذه النبوءة إلى اكتشاف قطعة أثرية لحضارة المايا في غابات "جواتيمالا" في شهر يونيو الماضي ، تحمل نصا قديما يرجع تاريخه لأكثر من 5 آلاف عام يحمل جملة " نهاية التاريخ " والذي يتزامن مع نهاية تقويم شعب المايا. ومرور تاريخ نهاية العالم كما حددته حضارة المايا بسلام يؤكد أن ما كان يعنيه هذا النص هو نهاية تقويم شعوب المايا التي سكنت أمريكا اللاتينية لآلاف السنين، وبالرغم من اندثارها عقب الغزو الاسباني للأمريكتين إلا أن أبناء شعب المايا مازالوا يشكلون في الوقت الحالي الأكثرية لسكان جميع مناطق المايا السابقة محافظين على تقاليدهم المميزة ومعتقداتهم متحدثين بلغاتها. وهناك أسباب أربعة ساهمت في انتشار هوس نهاية العالم بين الملايين في مختلف أنحاء الكرة الأرضية، وعضدت من تلك الأسطورة، وهي انتشارها على مواقع التواصل الاجتماعي، وإنتاج هوليود فيلمها الشهير نهاية 2012، بالإضافة إلى كتاب عهد المايا للروائي الأمريكي ستيف الفين. فيما يرجع السبب الثالث إلى مشاطرة تلسكوب "ناسا" الذى يرصد الأجرام السماوية والأخطار المحيطة بكوكب الأرض، شعب المايا الرأي عندما أعلن عن ظهور كوكب يعادل حجم الشمس تقريبا وأطلق عليه أسم "النيبرو" وقد قامت الوكالة بدراسته واصفة إياه بالكوكب الغاضب ووجدته ذو قوة مغناطيسية هائلة تعادل ما تحمله الشمس وبالتالي وجدوا أن هناك مخاطر كثيرة لو أقترب من مسار الأرض ، وبعد اختبارات استمرت لاكثر من خمسة أعوام وجدت ناسا أن الكوكب سوف يمر بالقرب من الكرة الأرضية على مسافة تمكن سكان شرق آسيا من رؤيته بكل وضوح ، مشيرين إلى أن جميع سكان الأرض سيمكنهم رؤيته وكأنه شمسا أخري . وكوكب "النيبرو" الغاضب هو كوكب يدور حول الشمس في نفس مسار الكواكب الأخرى ولكن على مدي أبعد ويستغرق 4 آلاف ومائة سنة لإكمال دورة واحدة حول الشمس ، مما جعل العلماء يربطون بين اكتمال دورته السابقة قبل 4 آلاف ومائة سنة ، وانقراض الديناصورات والحيوانات العملاقة وانفصال القارات عن بعضها البعض . أما السبب الرابع والأخير فيرجع إلى الاستعدادات غير المسبوقة التي اتخذها المواطنون وجميع وكالات ومراكز البحوث الفضائية في أوروبا وأمريكا واليابان والصين وغيرها تحسبا لاصطدام كوكب "النيبرو" مع كوكب الأرض والذي توقعوا أن يكون صداما رهيبا يتسبب في فقد الأرض قوتها المغناطيسية واختلال توازنها في الكون وتفجر البراكين والزلازل والفيضانات. وفي الحقيقة أهمية نبوءة شعب المايا في نهاية العالم لا تنبع من صحتها أو عدمها بل ترجع إلى أن شعب المايا الذي يقطن أمريكا الوسطي "جواتيمالا وبليذ، وهندوراس، سلفادور"، أشتهر ببراعته في علوم الفلك والرياضيات ورصد الأحداث بنسبة خطأ بسيطة جدا، حيث وضعوا جداول رياضية تنبأت بدقة بالكوارث الجوية والأحداث الفلكية وهى جداول لا تعتمد على التنجيم أو الأساطير كما في أغلب الحضارات بل على استنتاجات رياضية وضعت بعد مراقبة طويلة، وتتضح براعتهم بوضع ما يعرف بتقويم المايا الذي استطاع التنبؤ بالفيضان والكسوف والخسوف بدقة فائقة. ولكن كل هذه المعطيات لا تكفي للتنبؤ بمصير العالم ، حيث أن نهاية العالم لا تعني بالضرورة يوم القيامة لانها تدل على بداية دورة زمنية جديدة لا علاقة لها "بالروزنامة" التي نعرفها أو التي نعيشها . والمايا قبائل هندية أسست حضارة مدنية بلغت أوج تألقها في القرن الثالث الميلادي وامتدت تلك الحضارة في جميع أنحاء الولايات الجنوبية في المكسيك ، وتعود أقدم آثار المايا لحوالي 2600 سنة قبل الميلاد.