في الذكري المئوية لميلاد الكاتب الكبير أحمد علي باكثير احتفلت الأوساط الثقافية بالشاعر والكاتب الراحل، بافتتاح ركن خاص بمتحف كبار الأدباء والمبدعين داخل مقر اتحاد الكتاب بالقلعة ، ويضم مجموعة متحفية من الوثائق الخطية غير المنشورة لباكثير، جنبًا إلي جنب مع مجموعات توفيق الحكيم ونجيب محفوظ ويحيي حقي وعبد الرحمن الشرقاوي ويوسف إدريس ويوسف السباعي وسعد الدين وهبة لقد آن الأوان لنرفع الظلم عن هذا الكاتب الإسلامي الكبير الذي ترك لنا 6 روايات و6 مسرحيات شعرية وحوالي 45 مسرحية نثرية بالإضافة إلي العديد من القصائد الشعرية التي لم يصدرها في حياته في ديوان. من أشهر رواياته (وإسلاماه) و(الثائر الأحمر) ومن أشهر أعماله المسرحية الشعرية مسرحية (إخناتون ونفرتيتي) التي تعد أول ما كتب بالشعر الحر في اللغة العربية ومن أشهر مسرحياته النثرية (ملحمة عمر) التي تروي سيرة عمر بن الخطاب رضي الله عنه في قالب مسرحي وتتكون من 19 جزءاً لقد أصدرت مكتبة مصر كما يؤكد لي الحاج أمير جودة السحار عدة كتب للكاتب علي أحمد باكثير تضم عددًا من مسرحياته النادرة التي لم تنشر من قبل من بينها اخترت مسرحية بعنوان" أصحاب الغار" وهي تصنف من المسرحيات الإسلامية في عالم الكاتب الكبير الذي اشتهر بالمسرحيات التاريخية والسياسية وقد قام بجمع وتحقيق هذه المسرحيات الدينية الدكتور محمد ابو بكر حميد ، وهذه بعض مقتطفات منها: الجزء الأول :" رعد قاصف ومطر " يوسف : هلم يا هارون دعنا نسرع السير. هارون : لكن متّي متخلف عنا. يوسف : إن متّي لا يريد أن يلحق بنا .. إنه يتعمد البطء في السير. هارون : ما يكون لنا أن نترك رفيقنا يا يوسف (ينادي) متّي! متّي!. متّي : (صوته من بعيد) هارون!. هارون : ماذا تصنع هناك؟ أسرع والحق بنا!. متّي: انتظر قليلا!. يوسف: ننتظر! أننتظر حتي يدركنا السيل ونحن في هذا الوادي فنهلك؟ هارون : هاهو ذاقد أقبل إلينا. .. متيّ : من رأيي يا صاحبيّ أن نقف هنا عن السير. يوسف : لكي يطوينا السيل إذا جاء؟ أتريد أن تهلكنا يا رجل؟ متّي : بل أنت الذي تريد أن تهلكنا برأيك السقيم. ليس في وسعنا أن نسبق السيل إذا أقبل، ولكن في وسعنا أن نتقيه. يوسف : وكيف نتقيه؟ متّي : نلجأ إلي ذلك الغار في سفح الجبل. (يسمع هدير السيل من بعيد). هارون : وَيْ! سمعا.. هذا السيل قد أقبل! هذا هديره! متي : هيّابنا. أسرعا. يوسف : لكن. لكن هذه الصخرة المتقلقة علي فم الغار. متّي : ما بالها؟ يوسف : ألا تخشيان أن تقع فتنطبق علينا فيه؟! متّي : هذه الصخرة ظلت واقفة هكذا منذ دهور... أفلا تسقط إلا يومنا هذا؟ يوسف : من يدري؟ متي : أوه. إذن نموت جميعاً ونستريح من صحبتك! هارون : رويدكما.. لا وقت عندنا للملاحاة.. إلي الغار وليفعل الله ما يشاء الجزء الثاني: داخل الغار متي : انظر يا يوسف.. لو لم ندخل هذا الغار لجرفنا هذا السيل الهائل. يوسف : وإذا انطبقت هذه الصخرة علينا؟ متي : (يقهقه ساخرا) حينئذ أعترف بصواب رأيك!. هارون : ويلكما.. أليس خيراً من هذه المجادلة أن نذكر الله سبحانه وتعالي وندعوه أن يحسن عاقبتنا؟ تسمع قرقعة هارون : وَي! ما هذا؟ يوسف : هذه الصخرة تتحرك!. متي : فأل الله ولا فألك! يوسف : هاهي ذي انطبقت!. هارون : لا حول ولا قوة إلا بالله!. يوسف : ألم أقل لكما أنها غير ثابتة وتوشك أن تقع؟ دبر لنا الآن مخرجاً متي! متي : لو بقينا في بطن الوادي لكان هلاكنا محققاً! يوسف : وهلاكنا الآن غير محقق؟!. هارون : كفي مراء ومجادلة! ما أظن هذا الذي أصابنا إلا عقوبة لكما من الله علي هذا الجدال واللدد. يوسف : لا حق لك يا هارون أن توجه اللوم إليّ. غيري هو الملوم. هارون : بالله عليك يا يوسف دعنا من هذا الآن. ماذا تصنع هناك يا متي؟ يوسف : إنه يحاول أن يزحزح الصخرة!. متي : لا تسخر مني يا يوسف. يوسف : أنا أسخر ولكن هذه قطعة جبل لا يقدر أن يزحزها ولا مائة رجل. هارون : تعال يا متي اجلس قريباً مني. إننا لا محالة هالكون إلا أن يتداركنا الله بلطفه. اقترب مني أنت أيضاً يا يوسف... هات يدك. يوسف : هاك يدي. هارون : تصافياً أولاً وتسامحاً، فإن الله لن ينظر إلينا وبيننا هذه القطيعة. يوسف : سامحني يا متي. متي : سامحتك. وأنت سامحني يا يوسف. يوسف : سامحتك. هارون : والآن اصغيا إليَّ. لقد سمعت من بعض علمائنا العارفين أن أحسن ما يدعو به المرء ربه أن يتوسل إليه بصالح أعماله؛ فليذكر كل واحد منا أصلح عمل عمله في حياته فليدع الله به.